الفصل 29: النهاية

35 5 2
                                    

مرّت عدّة أيّام منذ اعتقال فاضل الذّهبي. لم تتمّ محاكمته بعد، لكنّه اعترف بكلّ شيء وأمام وسائل الإعلام، إلّا أنّه لم يذكر أيّ شيء عن التّعويذة وترك سبب القتل مجهولا.

الذّهاب إلى الثانوية والعودة منها صار أشبه بعذاب يومي بالنّسبة لي. أحيانا لا أرغب بالذّهاب إليها، لكنّني في نفس الوقت لا أستطيع لأنّني لا أزال أملك بصيص أمل بأن يظهر نجم ثانية.

اقترب موعد الإمتحانات، وقد طلب منّي أمجد أن أبقى أنا وحنين معه للدّراسة في المكتبة. هو يعرف بأنّني لا أدرس بشكل جيّد، ولهذا يريد أن يساعدني. والغريب أنّه لم يستخدم معي لهجة التّهديد كعادته إنّما طلب ذلك بلطف شديد، وكأنّه هو من يحتاج لمساعدتي!

جلس ثلاثتنا معا والصّمت يخيّم علينا. لم نعد نتحدّث كثيرا كما كنّا، كلّ منّا يخفي حزنه وقلقه ولا أحد منّا قادر على فتح الموضع ومعالجته!

أمجد صار أكثر هدوءا، مجرّد النّظر إليه يُشعرني بالأمان. يبدو لي أحيانا بأنّه يهتمّ بنا أنا وحنين!

خلال الدّراسة، داهمني الشّرود كعادتي ولم أنتبه إلّا حين قرّب أمجد القلم من يدي. حين نظرتُ إليه قال مبتسما "حاولي أن تركّزي قليلا"

فجأة شعرتُ بصداع غريب منعني من الردّ عليه. وضعتُ يدي على رأسي وشعرتُ بأنّ الصّورة أمامي لم تعد واضحة. لوهلة خلتُ بأنّني سأفقد الوعي، وإذ بي أسمع همسا يقول "توجّهوا إلى السّاحة الخلفية!"

-"إنّه نجم!"

نظر إليّ الإثنان باستغراب، ثمّ قالت حنين وهي تمسك بكلتا يديّ "أسيل ما الّذي حدث لك؟"

أخذتُ نفسا عميقا لأتمالك نفسي ثمّ قلت "سمعتُ نداءه، هو ينتظرنا في السّاحة الخلفية"

وقف الإثنان وعلامات الدّهشة بادية عليهما، ثمّ قال أمجد بكلمات متردّدة "لا بأس، لنتأكّد"

توجّهنا إلى السّاحة الخلفية والأفكار تتخبّط في رأسي، أكان هو حقّا من ناداني أم أنّني أتوهّم؟! لستُ قادرة على منع قلبي من الخفقان بشدّة!

بمجرّد أن وصلنا إلى المكان المعتاد للقائنا وجدناه هناك، إنّه نجم!

حين وقفنا أمامه اندفع إليه أمجد وقال "أين كنت؟"

-"فضّلتُ أن أختفي إلى أن يحين موعد رحيلي"

ثمّ سمعتُ حنين قالت بصوت مخنوق "لمَ فعلت بنا هذا؟"

-"أنا آسف"

قالها نجم بهدوء وهو يحدّق بحنين ثمّ اقترب منّي وقال "طلبتِ منّي أن أمنحك الألم مرّة واحدة فقط، لو رافقتُك كلّ هذا الوقت وأنتِ تعلمين بأنّني سأودّعكِ قريبا لكان الألم مضاعفا"

أين هي الكلمات؟ لمَ لا تسعفني حين أحتاجها؟ تردّدتُ كثيرا ثمّ قلتُ بارتباك "إذن... أنت هنا لتودّعنا؟!"

ثانوية الأشباححيث تعيش القصص. اكتشف الآن