هل فكرت يوماً أن تذهب بعيداً وألا تعود أبداً؟ أن تهرب وتضل الطريق، أن تذهب لمكان بعيد جداً، وتبدأ الحياة من جديد، حياة جديدة تماماً، خاصة بك أنت فقط، تستمتع فيها بكونك على قيد الحياة حقاً.
............
مسح على شعرها المموج القصير في محاولة. كانت شاشة الهاتف تضيء المكان الخافت بنورها الباهت. تنهد بإرهاق شديد، فقد مضى كل شيء، لكن فيدرا لم تخرج من ذاكرتها. ذلك اليوم كان محفورًا في ذهنه. كانت تصحو أحيانًا في منتصف الليل، تلهث وتعاني من صعوبة في التنفس بسبب نوبات الربو التي تهاجمها. تكرر هذا كل فترة في الشهر، فتعيش أيامًا تستطيع فيها السيطرة على الوضع، وأيامًا أخرى تجد نفسها عاجزة.
رفع خصلات شعرها المتساقطة بأهمال على عيناها، واقترب بوجهه ليطبع قبلة على جبينها.
قاطعه صوت قرع الباب بشكل حاد، كأنه ينبئ بما هو قادم من خلفه. كانت حاجباه مرتخيتين ونظره يتجه نحو الساعة الموجودة على الجدار، حيث لم يتجاوز الوقت منتصف الليل. ابعد فيدرا عن صدره واتجهت نحو الصالة بخطوات متثاقلة،
أمسك بمقبض الباب بحذر ، وفتحه بهدوء متنبهًا لكل تفصيلة. نظر نحو وجه الطارق، تجمد في مكانه عندما لاحظ من تقف أمامه، بنظراتها الزرقاء الممتلئة بالدموع التي تعكس وجهها المتألم.
وضعت يديها الرقيقتان على كتفيه، وفاجأته بالاقتراب السريع والحضن الدافئ الذي أغرقته به. شعر بالدفء يتسلل بين أضلاعه، لكنه لم يستطع إلا أن يبقى باردًا كالصخر، متجمدًا في مكانه بينما تطبع قبلاتها المتفرقة على كتفه. كانت تحاول ببساطة أن تمحو سنوات الفراق بأفعالها البسيطة.
أبعدها بهدوء، ولكنها لم تتركه بسهولة، فأمسكت بوجهه بحنان محبة وقالت بنبرة باكية تخترق أعماقه: "أنا... آسفة."
رمق عيناها الزرقاوان المترجيتان المليئتان بالدموع ترجوه المغفرة، وفي عقله تكاثرت
كلمات الأغنية التي كانت ترن في ذهنه قبل النوم
: "I Bet on Losing Dogs."ابتلع ريقه محاولاً استعادة هدوء حلقه المشتعل بالأسى. أبعد يديها برفق، وكان لا يزال تحت تأثير الصدمة.
بصوت مترجي، قالت: "أرجوك، أجبني نوال... هل يمكنك سماعي ولو للحظات؟"
تراجع إلى الوراء، والذكريات تغمر رأسه مثل موجة عاتية. توسعت حدقتاه حاجب وجهه بين كفيه، وانزلق جسده على الأرض بحالة من اليأس والحزن. قرع كعبها بقوة على الأرضية بسبب تقدمها السريع نحون، وجثت على ركبتيها، تحتضنه مجدداً وتعالت شهقاتها المتقطعة. غمرت أنفها بين خصلات شعره لتستنشق رائحته، ابتسمت بهدوء محاولة مضايقة دموعها التي تنهمر بدون توقف.تجمدت عند ضرب رأسه بقوة على الحائط، محاولاً بطريقة يائسة إيقاف الذكريات القاسية التي اجتاحته فجأة.
أنت تقرأ
Among the tulips.
Romanceفي عالم مليء بالتحديات والصراعات، تجد توليب نفسها محاصرة بين الشهرة والمال. رمقت توليب ذلك الرجل عازف الجيتار باهتمام. جلس بجانبها رجل يرتدي بدلة فاخرة: "هل ستظلين تنظرين له فقط؟" دائماً ما تسألت توليب، لماذا هناك جو خانق بين الأخوة؟ هل هناك شيء لا...