مقدمة ||00||

234 88 24
                                    

.............

رواق المستشفى الطويل يحمل معاناة أناس لا حصر لهم. رغم بياضه الناصع، يحمل خلف جدرانه قصصًا سوداء.
مشت توليب إلى غرفة ولدها الذي تجرع من الألم أطنانًا تكفي لتزحزح إيمانه بالبقاء على قيد الحياة.
حاولت السيطرة على مرارة الألم الناتج عن اغتصاب التوتر والخوف لروحها البريئة الطيبة.
جلست بجانب والدها الشاحب بعد أن قبلت جبينه المتعرق.
قالت بصوت ثابت يحمل خلفه رعشة الحزن: "كيف حال بطلي اليوم؟"
رد الأب بصوت منهك ومجامل: "في أفضل حال يا ملاكي."

نظرت توليب حولها تبحث عن زهرية لتضع باقة الأزهار التي قطفتها ولدتها خصيصًا لزوجها المريض من حديقة منزلهم المتواضع.

وجدت جسمًا غريبًا مغطى على السرير الموجود في زاوية الغرفة مقابل الشباك المطل على حديقة اللعب. تحرّك الجسم وخرج من أسفل اللحاف. فتاة صغيرة ضعيفة الجسد بعيون زرقاء لامعة بعد أن احمرّ وجهها وانتفخت عينيها من شدة الحسرة والبكاء.

جلست توليب مقابل الفتاة ثم قالت بصوت أم حنون: "من ازعج هذا الوجه الجميل؟"

قالت فيدرا بصوت طفولي ناعم اخفضته بسبب شدة حيائها: "أنا لا أتكلم مع الغرباء!"

ابتسمت توليب ونزعت وردة من الزهرية ووضعتها خلف إذن فيدرا بحنو: "ربما هذه الغريبة تستطيع إفراج همك."

قالت فيدرا بعتاب طفولي: "لم يأتِ من أجلي!"

اندهشت توليب من جواب الطفلة فقالت بلهجة مخففة: "والدك؟"

قالت فيدرا بصوت حزين: "أخي نوال."

اقتحم هدوء الغرفة سعال ثقيل لصوت خشن شديد العمق قال بلهجة غير مراعية: "من أنتِ؟"

اندفعت فيدرا إلى حضن أخيها. جثا نوال على ركبه وعانق اخته بعاطفة أبوية ثم قال بصوت حنون: "أنا آسف على التأخير."

نسيت فيدرا عتابها الذي خزنته ليومين فور وصولها إلى الحضن الدافئ لهذا الرجل القوي والبارد. قالت بصوت واهن: "أريد الذهاب إلى المنزل مع أخي."

استقام نوال واحتضن يد أخته برفق ليقول بصوت حاد دون النظر إلى من يراقبه بعيون مشككة
: "لا تتحدثي مع الغرباء مرة أخرى فيدرا، لقد حذرتك." ثم نزع الزهرة المعلقة على أذن فيدرا ورماها أرضًا بلا مبالاة.

خرجوا من الغرفة وابتعدت أصوات ضحكات هذه الطفلة التي أعادت للمستشفى بعض الألوان الزاهية.

عقدت توليب حاجبيها بشيء من عدم الفهم والتشكيك بموقفها تجاه ذلك الفتى مجهول الهوية.
.....

see you again 💗

الانستغرام:l_mwriter

Among the tulips. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن