الفصل التاسع: توقف الزمن

77 5 0
                                    

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

جالسةٌ و الدمع رفيقها، لا تفعل شيئًا سوى البكاء، و معاودة الاتصال، تعود لبالها الآن كل اللحظات الحلوة، أو التي ظنّت أنها حلوة.
كان مثاليًا في أول لقاء، و كان يُشعرها أنها أغلى كنوز الأرض، كانت عينيها تلمع عند رؤيته، كان أول شخض يشعرها بأن لها قيمة.
تتذكر "منى" كلامه و ابتسامه، تستدرك الآن كم هي مغفلة، صدقته و هامت بعشقه، ها هي الآن تتمنى منه نظرة و لو شفقة.
تواصل ملاحقته، و البكاء عنده، و الاتصال به، لكنه لا يجيب، ترك كل شيء فجأة و صار غير موجود، كم كانت حمقاء حين صدقت بأنه يحبها و يريد الزواج بها، فهذا الشخص لا يمكن له أن يحب، هو فقط يأخذ منها و من مشابهاتها نظرة الإعجاب التي تملؤه زهوًا بنفسه يداري بها نقصه، نظرة الإعجاب الحمقاء التي منحته إياها بكل بساطة و حماقة!

                                   ∆∆∆∆∆∆∆∆∆

على الطرف الآخر كان "مروان" يغلق هاتفه متأففًا من تلك الساذجة المزعجة، وقف حيث التقى بصديقيه "فارس" و "صادق"، ألقى عليهما التحية ثم سأله "فارس" عن هاتفه الذي يرن دون أن يرد، أخبره بأنها "منى" فتناقلا بعض عبارات السخرية و الشتم مما جعل "صادق" يشمئز منهما.

قال "مروان" قلِقًا:
- سيبكم من "منى" دلوقتي أنا عندي مصيبة أهم.
سأله "صادق" ساخرًا:
- عملت ايه؟
أجاب:
- فاكرين البت "إسراء" الطويلة ديه؟
أجابه "فارس" متهكمًا متضاحكًا:
- مش ديه البت الي هزأتك قدام الجامعة كلها؟
قال "مروان" مغتاظًا من تهكم صديقه:
- بعيدًا عن ظرافتك، أنا كنت واقف معاها امبارح و كلمة منها على كلمة مني اتغظت و زقيتها، وقعت من على سلم.
هنا ذُهل "صادق" فهتف:
- نهارك أسود، اتعديت على البت؟!
- اتعديت ايه ماعملتش حاجة ماتلبسنيش.
ازداد غضب "صادق" فقال:
- ماعملتش حاجة ايه؟! أنت وقعتها من على السلم؟! و بعدين أنت عايز منها ايه ماتسيبها في حالها، قلت لك ديه واحدة محترمة مالهاش في الشغل القذر بتاعكم ده.

علم "مروان" أن "صادق" لن يفيده سوى بكلامه هذا فقال لاجئًا لـ"فارس":
- طب ايه يا "فارس" ماعندكش أي حاجة تطلعني بيها مجرم أنت كمان؟
سأل "فارس":
- هي جرالها حاجة؟
أجابه "مروان":
- ماعرفش أنا أول ما وقعت لقيت الناس بتتلم فجريت.
صُدم "فارس" من جملته فقال:
- هو في ناس شافوك؟!
قال "مروان" مستغربًا صدمته:
- احنا كنا بالنهار في الشارع فطبيعي أتشاف.
قال "فارس" غاضبًا قلِقًا:
- يا سلام على ذكائك، خلاص يا بابا كلهم شافوك و البت لو جرالها حاجة هتتجاب و هتتحبس.
ثم علَّق متهكمًا:
- قعدت تقول بتتقل، هتيجي، لو استنيت شوية هتلين، اهي مش بعيد تكون اتكسرت بسببك.
قال "مروان" بعد أن استفزه صديقاه كثيرًا:
- ماهو كله بسبب البتاع الي أنت جبتهولنا امبارح، و قال ايه نوع جديد و هيروقك.
فور أن تلفظ "مروان" بجملته وضع "فارس" سبّابته على شفتي "مروان" قائلًا:
- بس يا عم ايه ال أنت بتقوله ده!  "صادق" لو عرف هيفضحنا في كل حتة.
و بالفعل كان توقعه إذ صرخ "صادق" مذهولًا:
- بتاع ايه؟! أنتم بتاخدوا مخدرات ولا بتسفوا أدوية ولا بتعملوا ايه؟!
ردَّ "فارس" مغتاظًا:
- اسكت يا "صادق" ايه الفضايح ديه! و بعدين مالكش دعوة، ماتخليك في حالك يا مثالي أنت عاملنا صداع من الصبح ليه؟!

هل بعد الفراق يا أمّي لقاء؟Where stories live. Discover now