السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جالسةٌ و الدمع رفيقها، لا تفعل شيئًا سوى البكاء، و معاودة الاتصال، تعود لبالها الآن كل اللحظات الحلوة، أو التي ظنّت أنها حلوة.
كان مثاليًا في أول لقاء، و كان يُشعرها أنها أغلى كنوز الأرض، كانت عينيها تلمع عند رؤيته، كان أول شخض يشعرها بأن لها قيمة.
تتذكر "منى" كلامه و ابتسامه، تستدرك الآن كم هي مغفلة، صدقته و هامت بعشقه، ها هي الآن تتمنى منه نظرة و لو شفقة.
تواصل ملاحقته، و البكاء عنده، و الاتصال به، لكنه لا يجيب، ترك كل شيء فجأة و صار غير موجود، كم كانت حمقاء حين صدقت بأنه يحبها و يريد الزواج بها، فهذا الشخص لا يمكن له أن يحب، هو فقط يأخذ منها و من مشابهاتها نظرة الإعجاب التي تملؤه زهوًا بنفسه يداري بها نقصه، نظرة الإعجاب الحمقاء التي منحته إياها بكل بساطة و حماقة!∆∆∆∆∆∆∆∆∆
على الطرف الآخر كان "مروان" يغلق هاتفه متأففًا من تلك الساذجة المزعجة، وقف حيث التقى بصديقيه "فارس" و "صادق"، ألقى عليهما التحية ثم سأله "فارس" عن هاتفه الذي يرن دون أن يرد، أخبره بأنها "منى" فتناقلا بعض عبارات السخرية و الشتم مما جعل "صادق" يشمئز منهما.
قال "مروان" قلِقًا:
- سيبكم من "منى" دلوقتي أنا عندي مصيبة أهم.
سأله "صادق" ساخرًا:
- عملت ايه؟
أجاب:
- فاكرين البت "إسراء" الطويلة ديه؟
أجابه "فارس" متهكمًا متضاحكًا:
- مش ديه البت الي هزأتك قدام الجامعة كلها؟
قال "مروان" مغتاظًا من تهكم صديقه:
- بعيدًا عن ظرافتك، أنا كنت واقف معاها امبارح و كلمة منها على كلمة مني اتغظت و زقيتها، وقعت من على سلم.
هنا ذُهل "صادق" فهتف:
- نهارك أسود، اتعديت على البت؟!
- اتعديت ايه ماعملتش حاجة ماتلبسنيش.
ازداد غضب "صادق" فقال:
- ماعملتش حاجة ايه؟! أنت وقعتها من على السلم؟! و بعدين أنت عايز منها ايه ماتسيبها في حالها، قلت لك ديه واحدة محترمة مالهاش في الشغل القذر بتاعكم ده.علم "مروان" أن "صادق" لن يفيده سوى بكلامه هذا فقال لاجئًا لـ"فارس":
- طب ايه يا "فارس" ماعندكش أي حاجة تطلعني بيها مجرم أنت كمان؟
سأل "فارس":
- هي جرالها حاجة؟
أجابه "مروان":
- ماعرفش أنا أول ما وقعت لقيت الناس بتتلم فجريت.
صُدم "فارس" من جملته فقال:
- هو في ناس شافوك؟!
قال "مروان" مستغربًا صدمته:
- احنا كنا بالنهار في الشارع فطبيعي أتشاف.
قال "فارس" غاضبًا قلِقًا:
- يا سلام على ذكائك، خلاص يا بابا كلهم شافوك و البت لو جرالها حاجة هتتجاب و هتتحبس.
ثم علَّق متهكمًا:
- قعدت تقول بتتقل، هتيجي، لو استنيت شوية هتلين، اهي مش بعيد تكون اتكسرت بسببك.
قال "مروان" بعد أن استفزه صديقاه كثيرًا:
- ماهو كله بسبب البتاع الي أنت جبتهولنا امبارح، و قال ايه نوع جديد و هيروقك.
فور أن تلفظ "مروان" بجملته وضع "فارس" سبّابته على شفتي "مروان" قائلًا:
- بس يا عم ايه ال أنت بتقوله ده! "صادق" لو عرف هيفضحنا في كل حتة.
و بالفعل كان توقعه إذ صرخ "صادق" مذهولًا:
- بتاع ايه؟! أنتم بتاخدوا مخدرات ولا بتسفوا أدوية ولا بتعملوا ايه؟!
ردَّ "فارس" مغتاظًا:
- اسكت يا "صادق" ايه الفضايح ديه! و بعدين مالكش دعوة، ماتخليك في حالك يا مثالي أنت عاملنا صداع من الصبح ليه؟!
YOU ARE READING
هل بعد الفراق يا أمّي لقاء؟
Non-Fictionنزل من وسيلة المواصلات التي ركبها و قد أصبح يفصله شارعان يعبرهما فقط ثم يصل إلى تلك الشقة مجددًا، يبدو ساكنًا من الخارج و بداخله امواج عاتية تكاد تُغرق كل شيء، و ذهنه يردد: هل بعد الفراق يا أمي لقاء؟ و قبل أن يخطو خطوته الأولى رآه....