الفصل الثاني عشر: سهامٌ متلاحقات

69 4 0
                                    

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

- اهوه يا ستي، كده كل ما صباعك ييجي على تطبيق التليفون هينطق اسمه فتبقي عارفة أنتِ فين، جربي كده.
كانت الكلمات تخرج من "عمر" لشقيقته "إسراء"، كان يعلِّمها كيف تستعمل الهاتف و تضبط الإعدادات اللازمة لكي يسهل عليها إستعماله.
قضى بضع دقائق يعلّمها ماذا تفعل كي تستطيع إستعمال الهاتف دون أي عوائق.

نظر "عمر" حيث الإشعارات بالصدفة ليجد خمسمئة مكالمة فائتة من "آية"، صعق من الرقم و شخصت عيناه فعلّق على هذا دهِشًا، ثم سأل "إسراء" إن كانت قد سمعته يرنُّ قبل ذلك. أجابت مترددة:
- يعني.... اه ..... ساعات.
سأل "عمر":
- هي مش ديه الي كانت معاكِ يوم ما حصل الي حصل و هي الي ردت عليّ؟
- أيوة هي أنا ما أعرفش غيرها أساسًا.
سألها مستغربًا:
- و مارديتيش عليها ليه يا "إسراء"؟ ديه شكلها طيبة و بتحبك، ده أنتِ ماشفتيش كانت عاملة ازاي من زعلها عليكِ يومها، شكلها جدعة ما تضيعيهاش من ايدك.
صمتت "إسراء"، لم ترد أن تبوح بسبب عدم إجابتها على اتصالات صديقتها، لم ترد أن تبوح له بأنها لا تريد لأحدٍ أن يراها على تلك الحال، لا تريد لمن رأتها مبتهجةً مليئةً بالحيوية أن تراها منطفئة خالية من الحياة.

قال "عمر" مستنكرًا صمتها:
- ما تردي يا "إسراء" مالك؟

- عايزني أرد أقول لك ايه؟

نزلت منها دمعة رثاءً لحالها، نظر لها "عمر" بحزن، كان يعلم ما بها و يعلم كيف تفكر، كيف لا؟ و هي شقيقته و ابنته التي شاركها أحلى و أتعس سنوات عمره.
قال بصوتٍ حاول جعله دافئًا حنونًا قدر الإمكان:
- هتفضلي دافنة نفسك لحد امتى كده يا "إسراء"؟ ايه المشكلة اما تكلميها يا حبيبتي؟ ارجعي كده و كلمي صحابك و كل الي تعرفيهم.
ردّت بصوتٍ متحشرج بسبب عبراتها التي انهمرت:
- مش عايزة أكلم حد.
عاد "عمر" يقنعها و يخبرها بفائدة أن يكون الناس الناس حولها، انفجرت هي كما العتاد قائلة:
- يوه بقى ما قلت لك مش عايزة أكلم حد! مش عايزة حد يعطف عليّ بوقته! مش عايزة حد ييجي يقعد مع "إسراء" الغلبانة الي ما بتعرفش تمشي خطوتين على بعض من غير ما تتخبط في حاجة.
سبقت شهقتان منها قولها:
- كفاية إني عديت لك "عالية" ديه، كنت سيبني لوحدي أحسن، هو أنت فاكر إني مابحسش إحساس الإهانة ده ولا عشان ما بشوفش أبقى مابحسش بالشفقة و العطف المقرف الي طالع، و للأسف ده هيفضل لازق لي.
كان كلامها يخترق قلب "عمر" كسهامٍ متلاحقات.

تذكر "عمر" نادمًا محاولة جعلها تخرج، كانت محاولةً فاشلة في مقهى حين تعثرت كثيرًا و كانت محطّ الأنظار، و لم تسلم بالطبع من كلمات الشفقة المزعجة و من كلمات المستنكرين لخروج من في وضعها لأمرٍ غير ضروري.

بعد وقتٍ كان قد أقنعها بأن تكلم "آية" على أمل أن يجعلها الجلوس مع صديقتها أفضل. قالت أخيرًا مسلِّمة:
- خلاص ماشي هبقى أكلمها.
سعِد "عمر" بذلك فقال و هو يصفق:
- عين العقل يا "سوسو"
انكمشت ملامح "إسراء" من الاسم الذي ناداها به فقالت باشمئزاز:
- "سوسو" مين يا "عمر"؟! أرجوك بلاش الاسم ده عشان ده ممكن يعمل فيّ أكثر من الي العمى عامله.
ضحك من قولها ثم قام خارجًا من الغرفة، و حين كان عند الباب نادته "إسراء" فالتفت مجيبًا نداءها فقالت:
- أنا بحبك اوي يا "عمر" على فكرة.

هل بعد الفراق يا أمّي لقاء؟Where stories live. Discover now