الفصل الثالث: و له في كل موضع ذكرى

145 10 17
                                    

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

- هو في ايه؟
أجابه "علي" ضاحكًا بشدة:
- في إن أنا ضحكت عليك

لم يستوعب عقل "عمر" ما فعله صاحبه فظلّ يحدق في "علي" بفيه مفتوح و عينين غير مصدقتين، لبث كذلك لبضع دقائق ثم استوعب المقلب السخيف الذي لم يكن وقته صحيحًا على الإطلاق فركض يطارد "علي" و"علي" يهرب منه في المقهى كالقط و الفأر مما أثار دهشة الزبائن و غضب بعضهم و هو يتوعده:
- اه يا كلب، و الله لأعمل منك سندوتش شاورما عشان تبقى تستظرف وتخضني ثاني.

خرج "علي" من المقهى عندما لاحظ تذمر الزبائن أثناء هربه من "عمر" الغاضب الذي خلع حذاءه ليقذفه على "علي". سقط "علي" على الأرض عندما تعثر في حجر أثناء ركضه فرفع نظارته للأعلى كي لا يصيبها مكروه قائلًا:
- كله إلا النظارة.
انتبه لهاتفه الذي سقط من جيبه فأضاءت شاشته لتُظهر إشعارًا حمل رسالة من خطيبته تقول فيها:
- ينفع أرن عليك؟
استقام جالسًا ثم واقفًا وهو يرمق الهاتف ببلاهة وابتسامة واسعة يكاد عرضها يصل إلى عرض السماء، ثم فتح الهاتفة وهو يكتب لها:
- أكيد

تأمل المحادثة منتظرًا إتصالها، كانت خالية من أي رسائل باستثناء البعض اللاتي كنّ منه يسأل عن حالها و لم ترد هي عليها، وسرعان ما أطربت نغمة هاتفه أذنه وأنار الاسم الذي سجلها به الشاشة و الذي كان: "من سرقت قلبي وفرّت به بعيدًا"، أجاب بسرعة متلهفًا تحت نظرات "عمر" المغتاظة والذي كان يمنع نفسه عن ضربه بصعوبة، رفع الهاتف ثم بدأ المحادثة هاتفًا:
- عاملة ايه؟
أتاه الرد منخفضًا لكنه يثير الصخب داخل قلبه:
- كويسة الحمدلله، و أنت؟
اتسعت ابتسامته التي شعر بتنميل في وجهه أثرها وهو يرد:
- أنا كويس.... كويس اوي.... كويس جدًا
ثم أضاف بعد هنيهة كاسرًا حاجز الصمت:
- بس احنا اتطورنا جامد على فكرة.
استطرد بلطف تشوبه لهجة مزاح:
- وصلت لينفع أتصل بيك، يعني لسة في أمل الحمدلله، مش هضطر أعمل عمل لجلب الحبيب.

فلتت منها ضحكة قصيرة كتمتها فورًا، لا يكاد صوتها يصل إليه لكنه أحسّ بها فاقشعر جسده، علا صوت "عمر" يصرخ متوعدًا يأمره بإغلاق المكالمة، سمعت "مي" صوته سمعًا مشوشًا فسألته:
- ايه الدوشة الي جنبك ديه؟
أجابها "علي" و هو يكظم حنقه من أفعال صديقه:
- أبدًا ديه خناقة في الشارع، أصل قلالاة الأدب كثروا اليومين دول.
سمعه "عمر" فقال منفعلًا:
- أنا قليل الأدب يا عديم الرباية يا عديم الأخلاق يا مهزأ يا ملزق؟!! طب اقفل ياض و أنا أوريك.
لم يُعطِ "علي" "عمر" إهتمامًا بل تابع محادثته مع "مي" يسألها:
- المهم كنتي عايزاني في ايه؟
أصابت "مي" الحيرة، هي لا تعلم لمَ اتصلت به، بل لم تكن المتصلة من الأساس، والدتها هي من دفعتها لتهاتفه، نظرت لوالدتها علها تستشف منها ما تقوله، ثم قالت ما أملته عليها أمها هامسةً:
- كنت عايزة أكلمك في حاجة، فممكن تيجي مع أهلك نتغدى مع بعض و بعد كده نتكلم.
- تمام.

هل بعد الفراق يا أمّي لقاء؟Where stories live. Discover now