الفصل الثامن: حتى يفجعنا الواقع بمرارته

91 5 0
                                    

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

- هو أنا ممكن أسألك سؤال؟
لم تُجب فانطلق يفرد أسئلته و اتهاماته بغصة:
- ليه ما اخترتينيش أنا؟ أنا حبيتك أكثر منه و كان عندي استعداد أضحي بكل حاجة عشانك و أنتِ كنتي عارفة.
تسمَّر كل جزء بجسدها مكانه من الصدمة دون إجابة فتابع هو بلوعة لم يخفِها:
- و ليه اخترتيه هو؟ حتى لو كنتي مش هتختاريني، ليه دونًا عن كل الناس اخترتي تتجوزي أخويا الي كنت فاكر إنك هتعوضيني عن جرحي منه؟ ليه يا "هدى"؟
أخيرًا استطاعت تحريك لسانها فقالت مصدومة:
- أنت ازاي تقول كده؟!
ازدادت نبرتها حدةً و عصبيةً أثناء قولها ما قضى على آخر جزء في قلبه:
- أنا مراة أخوك فوق!
آخر شيء قالته كان:
- فات أوانه من زمان الكلام ده
ثم انصرفت تاركةً "إسماعيل" بين تحسراته.

مرَّت هذه الذكرى بـ"هدى"، دار هذا الحوار منذ أشهر. تستعجب حقًا من اطمئنان "إبراهيم" لأخيه رغم كم المشاكل و المشاحنات التي كانت بينهما قديمًا، يمنعهما "إسماعيل" من دخول بيتهما و "إبراهيم" لا يعترض! كلما فاتحته بشأن قلقها منه لم تجد منه إلا استنكارًا و تعجبًا.

رغم المشاحنات التي كانت بينه و أخيه قديمًا، يأمن له الآن و بشدة، كان "إبراهيم" الطرف الظالم كل مرة، يعلم ذلك. ما أعجبه حقًا و جعله لا يسمح لذرة من الشك بالدخول لقلبه هو موقف "إسماعيل" تجاهه و زوجته حين سُجِنا، فأصبح لا يحمل له كرهًا بل يحمل طيب النفس لِما رأى منه من مساندة.
هذا ما رآه "إبراهيم".
         
                               ∆∆∆∆∆∆∆∆∆∆

- عارف أسوأ حاجة في كل ده ايه؟
كان ذلك قول "علي" المتحسر لـ"عمر" الذي كان في نفس حالته، قال "عمر":
- ايه؟
- إني قعدت أبني في أحلام و خيالات عشان آخر ده كله أقع على وشي.
ثم ابتسم ابتسامةً ساخرة يتمرد بها على حاله، قال "عمر" مجاريًا سخريته:
- ادي آخرة الي بيحلم و يبص لفوق كثير.
ثم قال بحزنٍ على ما وصل له:
- طب أنا ماحلمتش ولا بصيت لفوق، أنا كان أقصى طموحي إني أشوف أهلي و أنا نايم، أو إني ما أتضربش أو أتحبس الليلة ديه، تروح كل حاجة في الدنيا تديني الأمل إنهم عايشين، أغرتني أدور عشان في الآخر يطلع كل ده أي كلام!

استمرّا هكذا يندبان حظهما و يسخران من حالهما كأنهما بهذا يهوِّنان على بعضهما، حتى دخلت عليهما والدة "علي" تقول غاضبة:
- بقولك ايه سيب قعدة الندب الجماعي الي أنت عاملها أنت و صاحبك ديه و تعالى لي هنا.
استغرب "علي" غضبها فسأل عن سببه فقالت متجاهلةً سؤاله:
- "علي" أنت سبت خطيبتك؟
أدرك حينها سبب غضبها، ارتبك في البداية فلم يُجب، فقالت والدته:
- رد علَيَّ!
- أيوة
- كده من غير ما تقول لحد؟!
أجابها بصوتٍ خافتٍ باهت:
- ماهو الموضوع جه فجأة فمعلش مالحقتش أقول لك.
- طب ممكن تتفضل عليّ و تقول لي السبب؟

يحاول جاهدًا ألا يظهر عليه شيء، لكن كيف و مشهد رؤيتها مع الشاب يُعاد أمامه و لا يستطيع هو إيقافه أو محوَه؟ توقفْ أيها المشهد الأليم أرجوك. قال أخيرًا بصوتٍ لم يُفلح في نزع الأسى منه:
- عادي ما اتفقناش.

هل بعد الفراق يا أمّي لقاء؟Where stories live. Discover now