الفصل الخامس عشر: لص

47 4 0
                                    

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعتذر جدًا على التأخير مانتبهتش إن النهارده الجمعة

في السابعة صباحًا كانت "إيناس" تباشر عملها بالمستشفى، لكنها و قبل أن ترحل لم تنسَ أن تمرَّ على الممرضة "فرحة"، ودّت أن تعرف أي شيء عن "عمر"، الممرض صاحب الطلب الغريب، و علمت أن "فرحة" هي من ستفيدها، ذهبت إليها و سألتها:
- بقولك يا "فرحة"، كان في ممرض معانا هنا شاب و اسمه "عمر"، ماتعرفيش عنه أي حاجة؟
سألتها "فرحة" التي كان وجهها دائريًا جميلًا يوحي باسمها:
- "عمر عبد الرحمن" ولا "عمر عبد الوهاب"؟
- مش فاكرة، "عمر" الي كان واخد أجازة أول ما جيت.
- اه يبقى ده "عمر عبدالوهاب"، ده طول عمره ساكت ماحدش بيسمع له حس.
ثم أردفت:
- عايش لوحده هو أخته، عشان أهله متوفيين من و هو صغير، بيقولوا إنه أخته عملت حادثة عشان كده أخد أجازة مفتوحة عشان يقعد معاها، بس لأجل الأمانة أنا مش متأكدة، اديني بقولك اهو عشان ماتقوليش إني ماعنديش دقة في معلوماتي.
تبسمت "إيناس" ضاحكةً من جملتها الأخيرة ثم قالت:
- ماشي يا "فرحة" تسلمي، كان نفسي أقول لك زي كل مرة، إنك تخليكِ في حالك و تركزي في شغلك أحسن لك بس للأسف أنا استفدت منك.
قالت "فرحة" ممازحة:
- عشان تعرفي قيمتي بس يا دكتورة.

انصرفت "إيناس" بعدما ازدادت رغبتها في قبول طلب "عمر"، ربما كانت نيته خيرًا بالفعل لكنه احتاج منها و من ابنة عمّتها المساعدة.
دخلت بيتها و تحدثت إلى "أروى" فحسمتا قرارهما.

∆∆∆∆∆∆∆∆∆

قضى "علي" ليلته يفكر بتلك القنبلة المفاجئة التي تفجرت ليلة أمس، و قد قرر الذهاب لإخبار "عمر" أولًا لكنه لم يجِب على هاتفه طوال الليل ولا في الصباح.

صباحًا ذهب لمكان عمله حيث كان ملتصقًا بمحلِّ البقالة الذي لقيهما فيه، حاول الاتصال بـ"عمر" لكنه لا يجيب.
لم يكن هناك أحدٌ بالمستوصف، و الملل ينهشه، و قد ملّ كذلك من الاتصال بـ"عمر" الذي لا يجيب.

قفزت إلى باله كلمات الأغنية التي غنّاها "عبدالرحمن محمد" فجأةً:
« بروحي فتاةٌ بالعفاف تجمّلت
و في خدّها حبٌّ كن المسك قد نبت
و قد ضاع عقلي
و قد ضاع رشدي مذ أقبلت
و لمّا طلبتُ الوصل منها تمّنعت»

لم يبتسم كالسابق، لم يدندنها، بل تذكر سذاجته، كان يحبُّ تلك الأغنية، كان يغنّيها في السابق حين أحبّ "مي"، غنّاها و هو يبتسم و يتخيلها كثيرًا، و يشعر لو أنّ المقطع كُتِب من أجلها، و من أجله كذلك، لقد ضاع عقله فعلًا و لم يعلم أنها لم تحببه يومًا.
مازالت الأغنية كما هي، و لكنه لم يعُد كما هو.

و بينما هو شاردٌ في ذكرياته التي تقهره، لمحه من الزجاج الخاصّ بالمستوصف، مرّ من الطريق ثم دخل مبنىً سكنيًا قريبًا، استنتج أنه حيث يسكنا، أو ربما بيتٌ لصديقٍ أو قريب، لكن الاحتمال الأول بدا أقرب، وإلا لم يكن تواجدهما في البقالة أمس.

هل بعد الفراق يا أمّي لقاء؟Where stories live. Discover now