الفصل الثالث والعشرون والأخير: الحكاية القديمة

107 4 4
                                    

أعتذر على التأخير كنت مسافرة وافتكرت إني هقدر أخلص الفصل وأنشره.
أسيبكم تودعوا الرواية

جاءته "شيرين" بالسكّين تشهرها في وجهه ممّا جعله يرتبك ويرجع إلى الخلف، لكنّه تظاهر بالثبات قائلًا:
- مش هتخوفيني بالبتاعة الهبلة الي أنتِ ماسكاها ديه.
تجاهلت عبارته فقالت لاهثة وقد كاد فرط الخوف يقتلها:
- اخفى من قدامي يا "إسماعيل" بدل ما أشرّحك
توقفت لبرهة ثم تابعت:
- ثم أنت ايه الي جابك ورايا؟ ماتروح تشوف أخوك ومراته وابنه الي أكيد مش هيسيبوك في حالك بعد ما اكتشفوا كل الي عملته فيهم.
ابتسم ابتسامةً ماكرةً وهو يجيب:
- مين قال لك إني ماشفتهمش؟ شفتهم طبعًا، وابنهم كمان شفته، شفته في عزا...
رفع إصبعي السبّابة والوسطى وهو يردف:
- أمه وأبوه مع بعض.
نظر "إسماعيل" نظرةً خاطفةً إلى السكّين بيد "شيرين"  سرعان ما أخفاها كي لا يبيّن خوفه منها وهو يتابع متهكمًا:
- عشان أنتِ غبية وكنتي فاكرة إنك حايشاني عنهم، وأنا عملت نفسي متقيد بيكِ، ونزلتي بعد ما مشيوا على طول ما استنيتيش، فاتصرفت وشفتهم.
لاحظ "إسماعيل" أن "شيرين" أرخت يدها الممسكة بالسكّين فجذبها بسرعة هامًّا بالخروج من الغرفة لكنّها سرعان ما استعادت توازنها وطعنته في بطنه بالسكّين لتجحظ عيناه وتتدفق دماؤه لخارج جسده. لم تكتفِ "شيرين" بذلك بل طعنته عدة طعناتٍ أخرى في أماكنٍ متفرقةٍ من جسده، مرةً في بطنه وأخرى في صدره.

                                ∆∆∆∆∆∆∆∆∆

في الأيام التاليات عمل "نجيب" على تقديم ملفٍّ للمدير المسؤول عن أعمال التوظيف الذي احتفظ ببعض الودّ معه، تناول في الملفِّ بضعة نقاط، أولاها هي أهمية وفضل تمكين ذوي الإحتياجات الخاصّة وكونها خدمةٌ مجمتمعيةٌ عظيمة.
ثانيها كيفية تمكينهم والأجهزة التي قد يحتاجونها.
ثالثها هو استفادة الشركة من هذا المشروع حيث سيصبح لديهم عقولٌ جديدة بتجاربٍ مختلفة بالإضافة إلى أنّ الإعلان عن فرص العمل ستمثل دعايةً للشركة.
ثم وضعَ خطةً مبدئية وهي السعي في توفير أبسط المطلوب لبيئة عملهم، فإنشاء قسمٍ خاصٍّ لهم حتى يستقرّ الأمر ثمّ دمجهم بين بقية الموظفين.
درس الأمر والمشكلات واردة الظهور، ثم أرسل له الملفّ ليقدّم اقتراحه بطريقةٍ احترافية.

وبالفعل، بعد أيامٍ أخرى من دراسة الشركة للأمر، نزل الإعلان عن فرص العمل لذوي الإعاقة

                                  ∆∆∆∆∆∆∆∆

داخل سجن السيّدات وتحديدًا في غرفة الزيارة حيث اقتادتاها سيدتان إلى تلك الغرفة وهي تنظر إلى الزائر الذي كان "عمر". كان عليها أن تتوقع زيارته، فهو لا يعرف أي شيء، ولا أحد قد يخبره سواها بعدما مات أبوه وماتت أمّه ومات عمّه "إسماعيل" بطعنةٍ منها في الفندق.

جلست "شيرين" أمامه فسألت مباشرةً:
- عايز ايه؟
- عايز أفهم القصة الي بقالي شهور بحاول أفهمها.
- عايز تعرف الي خلاك فاكر أن أهلك ميتين طول حياتك؟
ابتسم متهكمًا فقال:
- عليكِ نور
- أبوك وعمك طول عمرهم بيكرهوا بعض بسبب تفرقة جدك، وأبوك زور وصيته وحرم عمك من الورث فقاطعوا بعض، لحد ما اتقابلوا ثاني وأمك ظهرت في الصورة، الاثنين حبوها،
أردفت متهكمة:
- وماشاء الله مابتقولش لا، مشيت معاهم الاثنين واتجوزت أبوك في الآخر عشان أغنى.
استنكر حكايتها قائلًا:
- أنتِ بتقولي أي كلام
تجاهلت "شيرين" عبارته مردفة:
- المهم إنه بعد ما سنين عدت وأبوك وأمك خلفوك وفتحوا معرض عربيّات سوا، وعمك اتجوز وخلّف
نظر لها "عمر" حينها مستغربًا، لم يعرف أنّ عمّه له ابن! تساءل في عقله: أين هو ياتُرى؟ قبل أن يجيب ساخرًا - في عقله أيضًا- بالتأكيد معدمُ الحال ينتظر من أبيه الاعتراف به، قبل أن تكمل "شيرين":
- لحد ما القدر جمعهم ثاني، "إسماعيل" كان يعرف صاحب المعرض المنافس لأبوك وكان بيروحله، وأبوك بوظ العربيات الي عنده وشال منها الفرامل عشان الناس تشتري من عنده هو وسمعة منافسه تنزل في الأرض، ولما زبون حب يجرب العربية، ابن عمك راح ضحية، وعمك ماقدرش يخلف غيره بعد كده، في الأول سكت زي كل مرة، بس صاحب المعرض المنافس أقنعه ينتقم بعد ما عرف علاقته بأبوك، وخلاه يسوق عربية من عندهم وجواها جثث بني آدمين ويوقفها في الشارع ويمشي من غير ما حد يشوفه، في الفترة ديه قابلني
صمتت لدقيقة وهي تجترّ ذكرى خيبتها ثم تنهدت فقالت:
- بعدما عرفت حكايته تعاطفت معاه وقلت هغيره وكلام البدايات ده، رغم أسلوبه وبهدلته وقلت معلش أصل ظروفه وحشة، الهبل ركبني بقى، ماكنتش أعرف إنه اتجوزني عشان فلوس أبويا وعشان يشتغل معاه.
قاطعها "عمر" متذمرًا:
- مش مهتم خالص بمعاناتك ديه أنا مش دكتورك النفسي أنا عايز أعرف ايه الي حصل لأمي وأبويا اختصري.
اغتاظت من قوله لكنها تابعت:
- بعدما عمك رشا المحامي أمك وأبوك اتسجنوا سنين طويلة وعمك فهمهم إنه سامحهم وإنه عايز يفتح صفحة جديدة وفهّمهم إنك أنت وأختك متتم، وأظن الباقي أنت عارفه.
شرد "عمر" أمامه دون أن ينطق قبل أن يستعيد تركيزه ويسألها:
- ايه الي خلاكِ تقرري فجأة كده تكشفي كل حاجة؟
استطرد ساخرًا:
- صحوة ضمير؟
أجابته متجاهلةً سخريته برغبتها في الانتقام من زوجها وظهوره أمامها كفرصة.
قالت "شيرين" أخيرًا:
- أكيد بتفكر إنك ملكش ذنب في أي حاجة بس اتاخدت في الرجلين، كل ذنبك إنك ابن "إبراهيم عبدالوهاب" أخو "إسماعيل عبدالوهاب".

هل بعد الفراق يا أمّي لقاء؟Where stories live. Discover now