الفصل الرابع "أملٌ حزين"

242 24 19
                                    

وخير ما نبدأ به هو
بسم الله الرحمن الرحيم
——————————

ومر يومان كانت سارة فيهم تلازم الصمت، وتتعجب من راحتها الغريبة لذلك الموضوع الذي رفضته في البداية، حتى أنها أخبرت والدها في اليوم الثاني أنها موافقة، لم يصدق والدها ذلك، وازداد حماسه لدرجة أنه اتصل بهم على الفور ليسألهم المقابلة للاتفاق الأخير، وتحديد موعد الزفاف...

وهكذا رضيت سارة بقدرها المحتوم، وتخلت عن حلمها...

وتم تحديد موعد الزفاف والذي كان بعد يوم ميلادها بأسبوع، وكانت سارة رغم تخليها عن حلمها، لم تستطع أن تنساه أو أن تتوقف عن التفكير فيه كل يوم، ومرت الأيام واقترب يوم القران، وفي وسط التجهيزات التي وجدت نفسها بداخلها عنوة ظهرت نتائج الاختبارات، وإن تساءلتم عن نتيجة اختباراتها، فقد كان الفضول ينهش بداخلها، ولكنها تعلم أن ذلك لن يزيدها إلا حزن وخيبة، فإن أتت بمجموع كبير فقد ذهب هباءً، وإن لم تأتِ به فلا يهمها، فلم تفتحه، ولم يكن لديها متسع من الوقت في الأساس.

وأتى موعد القران، وكان حفل صغير جدًا، وحدث في منزلهم المتواضع، ولم يحضر سوى الأقارب، حضرت عمتها وكانت أشد الحاضرين فرحًا، ليس لحبها لسارة، بل لتخلصها منها؛ فدائمًا كانت ما ترى نظرات الإعجاب من ابنها البكر لسارة، وهكذا تظن أن عبئًا كبير قد أُزيح، وحضر عمها الوحيد، الذي ظهر عليه عدم الإعجاب بما يحدث وبوضع سارة، هذا العم الذي كان مختلفًا كليًا عن أخيه وأبيه، الوحيد في العائلة الذي تمسك بالعلم وتعلم حتى تخرج معلمًا للطلاب، ويحرص كل الحرص على تعليم أبنائه، أما من ناحية والدتها فلم يأتي الكثير من الأقارب، وعن سارة فلم تدعو أحدًا، رغم وجود أصدقاء وإن كانوا غير مقربين لها كثيرًا، ولكنها خجلت من نفسها وودت لو لم يعلم أي شخص عما هي مقبلة عليه، فسارة الحالمة المجتهدة، هل تكون تلك نهايتها الغير متوقعة!

وها هي سارة قد وقَّعت على قدرها الذي لم تختره، بل فُرض عليها وحاولت تقبله، وحين حان موعد مغادرتها من منزلها بردائها الأبيض البسيط ودعتها والدتها بكلمات هي الأقسى على الإطلاق قائلة:

- أخيرًا هتمشي وتريحينا.

- كلها سنة وهتلاقيني عندك تاني.

قالت الأم مبتسمة، تظهر من بعيد كمن يودع ابنته في فرح، ولكنها كانت تتحدث بنبرة من سخرية، قائلة:

- مين قالك إنك هترجعي تاني؟ اللي بيطلع من البيت دا ما بيرجعلهوش أبدًا...

أجفلت سارة من حديث والدتها، فها هي للمرة الثانية تخبرها ذات الحديث، وأصبحت لا تعلم هل هذا كان مجرد تهديد أم ما تقصده حقيقي، فتساءلت في حيرة، وتود حقًا أن تعرف إجابة سؤالها:

الفرصة الرابعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن