الفصل الخامس "دموع مقهورة"

241 23 31
                                    

توكلنا على الله...
بسم الله الرحمن الرحيم.
—————————

تلك الزيارة جعلتها سعيدة حقًا رغم ما تحمله الزيارة من سبب أحزنها كثيرًا وجعلها تتساءل في نفسها لماذا؟ وقبل أن تطرح الكثير من الأسئلة التي ليس لها أي معنى بالوقت الحاضر، منعت دموعها المقهورة من الهبوط، وتوضأت وخرت ساجدة، صابرة محتسبة عند الله حالها، شاكية له، وهنا بكت...

هذا ما جعلها تهدأ من روعها، وتضع شهادتها جانبًا الآن، فهذا ليس وقتها حقًا، فقد مضى كل شيء، ولن تجلس تبكي على اللبن المسكوب، خبأتها في درجها الخاص بجوار السرير، وتناستها...

كانت سارة كل بضعة أيام تتحدث مع والدتها عبر الهاتف، لم تتصل عليها والدتها يومًا، وكل محاولات الاتصال كانت من سارة، وحين تجاوبها والدتها كانت إجاباتها مقتضبة سريعة، تشعر كأنها تفعل ذنب ما لاتصالها على والدتها، وتنتهي المكالمة سريعًا، ولكنها حقًا كانت تحتاجها في وقت كهذا وتواصلت معها على أمل أن تجبر بخاطرها ولو بكلمة، ولكنه كان أمل شبيه بالمستحيل! وكان ما تُصبِّر نفسها به هو أنها تطمئن على عائلتها، وإن كانت بكلمات مقتضبة...

ومرة أخرى مرت الأيام على شاكلتها دون أي جديد، إلى أن قررت أن تستجمع شجاعتها وتستأذن من زوجها لزيارة عائلتها، نعم، لقد اشتاقت لهم كثيرًا رغم الظلم الذي عاشته ورغم الحياة التي قاستها إلا أنها اشتاقت لهم، وحتى إلى طلباتهم، إلى خلافاتهم، فهم _مهما حدث ويحدث وسيحدث_ عائلتها، وهي تحبهم رغم تكبدها الآلام والحزن بسببهم...

وأعلم أنك الآن تتساءل لماذا كانت خجولة من طلبها شيء كهذا من البداية من زوجها؟ فهو حقها! الحقيقة أن والدها كان قاسي مع والدتها، ولم يكن يسمح لها بالذهاب إلى أهلها إلا بعد إلحاح طويل وساعات محددة، لذلك حين طلبت من زوجها ذلك الطلب ووافق عليه فورًا طارت فرحًا، ورغم عمله الصغير كبُر في نظرها كثيرًا، واحترمته، لقد ظنت أن كل الرجال كأبيها!

"كنت أحسب كل الرجال كأبي في ظلمه، ولكن اتضح أن ظلم أبي ليس ككل الرجال"

لقد قبِل ذهابها، وبياتها لديهم أيضًا، وذهبت على الفور وقد قررت أن تفعل كل أعمال المنزل كالسابق، ولن تجعل والدتها تمس شيء، تريد أن تسترجع حياتها وما اعتدته، فقط كي تجد حجة لتجلس وسط أهلها...

وهنا يتضح أن الشيء أو الشخص الذي إعتدت عليه، وابتعدت عنه، حتمًا ولا بد ستفتقده، وإن كان ذو أثر سيء عليك...

قرر زوجها أن تذهب إلى أهلها معه، ثم يذهب إلى زوجته الأولى، كانت هذه هي المرة الأولى لها لترى الشارع منذ يوم دلوفها المنزل الجديد، وكانت متحمسة للذهاب إلى والديها كطفل صغير يذهب إلى الملاهي، وها هي قد وصلت أخيرًا.

الفرصة الرابعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن