الجزء الثاني عشر "جميل، لكن ممزوج بالحزن!"

200 21 26
                                    


بسم الله الرحمن الرحيم.
—————————

ومرت أيام استعادت فيهم سارة عافيتها ببطء ورأت ابنتها، واستمدت قوتها الخائرة من ذلك الكائن الصغير، أول ما جال بخاطرها حين رأت ابنتها، هو كيف لها أن تتركها؟ هل ستتخلى عنها حقًا؟ لقد تعلقت بابنتها كثيرًا، وقاسمتها كل شيء حتى مرضها، لقد كانت صديقة كفاح، هي من كانت تقوى بها عند ضعفها، كيف لها أن تترك قطعة من روحها؟ كيف؟

وعلمت سارة أيضًا بالمعجزة التي يتحدث بها كل المشفى، ودلف غرفتها كل طاقم الأطباء والممرضين؛ كي يروا تلك التي أفاقت بعد فقدان الأمل...

يبدو أنها كانت تظن أن حياتها انتهت واستسلمت، ولكن لا تزال حياتها في بداية الطريق، هكذا قالتها لها طبيبة عجوز، وأخبرتها أيضًا أنها على اقتناع تام، أن الإنسان حين يكون في مرحلة بين الحياة والموت كالتي مرت بها سارة، يكون هو المسؤول الأول والوحيد في استمرار حياته أو الاستسلام "كنتي مستسلمة، ورجعتي لأنك لقيتي إن حياتك لسة فيها اللي هيتعاش" ختمت السيدة العجوز حديثها مع سارة بتلك الجملة وذهبت، وسارة كانت متعجبة مما حدث لها، ولكن أكثر تعجبها هو حديث تلك الطبيبة، فهل ما قالته حقًا!

وباليوم الخامس تحدثت الطبيبة مع سارة ومروان، قائلة:

-    هنبدأ العلاج من أول بكره يا سارة، مش هنبدأ بالكيماوي على طول...

وتابعت في أسى:

-    هتضري تتخلي عن رضاعة بنتك، بسبب الأدوية...

-    مفيش مشكلة يا دكتورة، أنا هجيب أحسن حاجة لحبيبة، المهم سارة...

ولكن سارة قالت للطبيبة برجاء:

-    ممكن أرضعها قبل أي حاجه؟

نظرت لها الطبيبة في إشفاق، قائلة:

-    حاضر يا سارة هنحاول...

واستطاعت سارة أن ترضع ابنتها، وشعرت بشعور لم تشعره من قبل، شعور لا تستطيع أن تصفه، شعور جميل، ولكنه ممزوج بالحزن...

وأرضعتها إلى أن نامت، وكانت مستعدة أن تبقى بتلك اللحظة العمر كله، وأخذت الطبيبة حبيبة منها، وتمسكت بها سارة، وكأن روحها تُسحب معها، وذلك جعل أمر فراقها لابنتها المحتوم مستحيل بالنسبة إليها.

وفي الليلة السابقة لبداية خطة العلاج، كان مروان يبيت ليله معها، لاحظت سارة نومه العميق؛ فاستجمعت قواها وقررت إتمام ما ينهش عقلها منذ أيام، قررت الرحيل، هذه هي فرصتها الوحيدة...

الفرصة الرابعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن