" أنتَ جميل .. تستحق كل ما هو مِثلكَ"
متنسوش الڤوت.
_____________________________________
وقعت كلمات الطبيب على مسامعهم كالصاعقة ، انهارت رغد تمامًا وسقطت أرضًا غير قادرة على الوقوف ، ووالدتها ذُهلت لم تنطق بشئ ولا تبكي من الأساس ، صرخت رغد باكية بالطبيب:
_يـعـنـي إيـه البـقـاء لله إزاي يـعـنـي ، بـابـا مـمـاتـش يا دكتور قول إنك بتـهـزر ، قــول!ذم شفتيه بأسفٍ وقال محاولًا أن يُواسيها:
_أستغفر الله يا آنسة البقاء والدوام لله وحده متقوليش كده ، اللي أعرفه إن الحاج عنده الضغط والسُكر وكان عامل عملية قلب مفتوح فـ الإجهاد والحركة الكتير صعبة جدًا عليه ، وللأسف أكيد ضغط وأجهد نفسه وجسمه وقلبه مستحملوش ، ربنا يرحمه ويجعل مرضه في ميزان حسناته.حديثهُ كان صحيحًا مئة في المئة ولا يشوبه شائبة ، ظلَّت تهز رأسها بهستيرة وكأنها تُحاول نفي وتكذيب حديثه ، فقال الطبيب مُشفقًا:
_الأستاذ رامي أكيد في شغله ، فكلمه عشان تبدأوا في إجراء الدفن.أنهى حديثه وذهب يُهاتف رامي يُخبره بالفاجعة الكُبرى ، استقامت رغد من واتجهت نحو الفراش المُمدد عليه والدها ساكن بلا حِراك ، بشرته مائلة للإصفرار ، يُغمض عينيه وكأنه نائم في ثُباتٍ عميق ، أمسكت كفهِ البارد كاثلجِ بيديها المُرتعشين ، وقربته من شفتيها المُرتجفتين وطبعت قُبله عميقة عليهما وعباراتها تهطل حُزنًا عليهِ ، ثم مرّرت يدها على خصلاتهِ الرمادية الناعمة وعانقته بعنفٍ وهي تشهق شهقاتٍ متقطعة أثناء بكائها ، وقالت بصوتٍ مرتجفٍ باكٍ:
_ بـابـا .. سيبتني ليه يا بـابـا؟! ، ها هعمل إيه من غيرك؟ .. يعني مش هتمسك إيدي وتسلمني لعريسي زي ما كنت دايمًا تقولي؟ ، كنت دايمًا تقولي نفسي ومُنى عيني يا رغد يا بنتي أعيش وأشوفك عروسة لابسة الفُستان الأبيض وأسلمك بإيدي لعريسِك وأشوفك مرتاحة البال في بيتك ، وكنت أقولك وعد يا بابا هتسلمني بإيدك تقولي وعد يا عيون بابا ، بس أنتَ خلفت وعدك وسيبتني تايهه في نص الطريق من غيرك يا بابا ، قولي هعمل إيه من غيرك؟ ، مش هعرف أعيش والله يا بابا ، عشان خاطري قوم متهزرش بقى!ظلت تهذى بحديثها الغير مُرتب وهي تنكز والدها في كتفهِ كأنها تُقظهُ من نومهِ ، ووالدتها تجلس جوار والدها على الفراش جاحظة العينين شاحبة الوجه جسدها بأكملهِ يرتجف من الصدمة والحزن ولا تقوى على الحديث ، بينما رغد قامت بمُناداة والدها من بين شهقاتها المُتقطعة ، ثم وقعت مغشيًا عليها ، هرول إليها شقيقها الواقف على باب الغرفة يبكي بألمٍ ينظر لهيئة والده ووالدته ويستمع لحديثِ شقيقته بعدما أتى عندما هاتفه جارهم الطبيب ، حملها ووضعها على الفراش مُحاولًا إفاقتها ، لكن لا جدوى ، مسح على وجنتيها بحزنٍ ثم تركها حتى تفيق وإتجه نحو والدته ، جثى على ركبتيه أمامها وقال بصوتٍ مُحشرج:
_ماما!
أنت تقرأ
لِقاءٌ فيهِ النَجاة
General Fiction"الحياة تُشبه الصّندوق الأسود ، لا نَعرِف ما تكِنهُ لنا ، كل يومٍ نكتشف ما هو جديد إما نعيش حياتنا في سلامٍ ، أو تنقلب حياتنا رأسًا على عقبٍ "