الفصل الثاني(عيد الأضحى)

782 41 24
                                    

انتشرت تكبيرات الحَجّ في أنحاء المنطقة بأكملها،فكلما تمر علي بيت أو محل أو مقهي أو غير ذلك لاتسمع سوا صوت التكبيرات العزبة لهؤلاء الحجاج علي جبل عرفات؛ولم يكن بيت عائلة عمران يختلف عن بيوت المنطقة،فكلما صعدت طابق من طوابقه لاتسمع سوا صوت هذه التكبيرات تصدر من تلفاز أو راديو أو خلاف ذلك،أي كان مصدرها فالأهم أنها لاتبعث سوا السعادة والبهجة في نفوس من يسمعها،وهو يتخيل نفسه يوم من الأيام يقف علي ذلك الجبل المبارك،ويكون ممن كُتب لهم زيارة بيت الله الحرام.

كان النساء تعمل علي قدم وساق كل من هن في شقتها تُعدُ مالذ وطاب من الطعام لأهل بيتها،بعدما قررن وقسمّن الأطعمة المطلوب إعدادها فيما بينهن،حتي تجتمع العائلة بأكملها علي طاولة كبير العائلة في الطابق الثاني لتناول الإفطار معاً.

بينما هو فكان مستغرقا في النوم في غرفته،لايشعر بما يدور حوله في العالم،فقط يتمدد علي الفراش بهيئة غريبة،غير مبالي بما يحدث حوله..،ولكن فجأة فُتح بابا غرفته من قبل والدته التي دلفت للغرفة وهي تردد اسمه بصوت بدأ بالإرتفاع تدريجياً:

"موسى..موسى...واد ياموسى"

استيقظ علي إثر نبرتها العالية الأخيرة،وفتح عينه بصعوبة وبمجرد أن رأها تقف أمامه سألها بكسل:

"عايزه ايه ياعبير؟؟"

ربتت علي ظهره ببطء مرددة بهدوء:
"عايزاك بخير ياحبيب أمك..،يلا اقوم"

أغمض عينه مرة أخري ليعود النوم مرددا بالنبرة ذاتها:
"لا مش عايز أقوم..سيبيني انام"

"ماأنت طول اليوم نايم..،يدوبك بتروح تصلي وتيجي تنام..،كفاية بقي نوم ويلا قوم"

"هي الساعة كام أصلا؟؟"

"فاضل ساعة ونص علي المغرب"

فتح عينه بصدمة وانتفض من علي السرير وهمَّ جالسا مما جعلها تتراجع أثر الفزعة،لتجده يضع يده علي صدره بحركة شعبية ويلومها قائلا:

"يانهار أبيض..،أنت ماقوماني من دلوقتي ولسه فاضل ساعة ونص بحالهم علي المغرب!"

تنفست الصعداء ثم أجابته بهدوء بعدما استطاعت كبت غضبها منه:
"انت كنت عايزني أقومك امتي؟؟"

"لما المغرب يأذن..،أول مايقول (الله أكبر) كنت هاصحي لوحدي أساساً"

"مافرقتش ياعين أمك..،ده هما ساعة ونص اللي فاضلين"

"الساعة ونص دول بيبقول أطول ساعة ونص في اليوم كله،مش بيعدّوا..،كل دقيقة فيهم بمقام سنة ضوئية كاملة..،أضيعهم أنا في ايه دلوقتي؟؟"

موسىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن