الفصلُ السَّادِس وَالعشرون | مَنطِقُ أنثى أم جُنون رَجل؟

87 6 62
                                    

الألـم الذي يبدأ مِن العائلة لا ينتهـي أبدًا.

_ فيودور دوستويفسكي _

•••

يَحدث أن ينقلِب كُلّ شيء فوقك عَلى حِين غِرَّة، أن تشعرَ بِأنَّ مَا يحدث مَعك مَا هُو إلَّا محض كـابوس متأمِّلًا أن تستيقظ مِنـه وَتعود إلـى حَياتك الطَّبيعية.

ذٰلك الأمـل الَّذي تتمسك بِـه خطيرٌ للغاية، فَـبِدايةً، تَستأنس بِأحلامِك الَّتي تصنعها، تخبرُ ذاتـك أنَّ هٰذا الوقت سَيمضي سَريعًا وَستخرج مِن هٰذه الأزمـة بِسهولة، تأخذ شَهيقًا وَتطلقُ زفيرًا عَلى أمـل أن يكون القادِم مُحمَّلًا بِالبهجة وَالهناء.

أنتَ الغـريق الَّذي يتمسَّك بِقشة للنجاة... مُتناسِيًا وَمُتجاهِلًا حقيقة أنَّ تِلك القشة لـن تنفعكَ بِشيء، هِي مُجرَّد أمل زائِف وَبهجة مُؤقَّتة.

ثـمَّ وَمع مُرور الوقت، سَتيأس، لماذا؟!
لأنَّ شيئًا مَا لَم يحدث، لأنَّـكَ بقيت فِـي ذات النُّقطة، لأنَّـكَ لا ترى تغيُّرًا جيدًا، لأنَّـكَ تعبت مِن انتظار شيء لا تعلم مَا هُو، أنتَ فَقط تريدُ الخلاص.

بَعد ذٰلك الأمل سَتأتي الخيبة؛ لأنَّ بَعد كُلّ أمـل هُناك خَيبة.

سَتذبل مَلامِحك بِطريقة تجعل مِن كلِّ بني آدم يُلاحِظون ذٰلك الذبول، ستلازمكَ غصَّة مُؤلِـمة ليلًا وَنهارًا، سترغبُ بِالبكاء طوال الوقت، لن يقدر جَسدك عَلى تَحمّلك، حتمًا سَتشعر بِآلام فِـي كلِّ طَرف، سَتكبر سِنين وَسنين فِـي أيـــام مَعدودات، قَد يشتعل رأسك شَيـبًا أو تَشتعل رُوحك تعبًا، فِـي كِلتا الحالتين سَـتحترِق.

تُـحاول أن تَـصرخ بِأعلى صَوت لٰـكـن صَوتك مَقموع، تُـحاول أن تَجِد كبش فِداء لإلقاء اللوم عَليه لٰـكـن لا تَجِد مَلوم.

وَالسلامُ لقلبِكم.

•••

كـان يبحثُ عَن الحقيقة فِـي كُلِّ مَكان مُتوقَّع حتَّى جاءت الضربة القاضِية مِن مَكان غير مُتوقَّع، كـان هَدفًا فِي الدقيقة الأخيرة، فهُو قَد بدأ بِتقبّل أنَّ ذٰلك الحادث كان مُجرَّد حادِثًا عَاديًا، كان قَد سلَّم أمرهُ للقدر إلى أن صَفعهُ القدر صَفعةً لن يزول أثرها.

اِنقشع الضَّباب وَبانت مَلامِح مِن الحقيقة...

وَكما تدمَّـر كـارل فِي تلك الليلة، تدمَّـر آرلو فِي هٰذه الليلة.

يجلِسُ مُستلقيًا عَلى الأريكة الَّتي تُشابِهُ سَماء الليلة فِي سَوادها الدَّامِس، رأسهُ المُثخَّن بِالألم فوق حجر ألينا الَّتي ما اِنفكَّت تمسد شَعره بِحنانٍ وَعطف.

ثيميسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن