الفصلُ الرابِع عَشر | مَحمَلِ الحُبِّ

120 7 10
                                    

أراكَ عَليَّ أَقسى الناس قَلبًا
ولي حالٌ تَرِقُّ لهُ القُلوبُ
حبيبٌ أنتَ قُل لي أم عَدُوٌّ
فَفِعلُك لَيسَ يَفعلُهُ حبيبُ

_ بهاء الدين زهير _

•••

الاعتيادُ عَلى مَا نكره مُرعِب كثيرًا، مَع الزمن تشعرُ بِعاديَّـة الشَّاذ، وَحلاوة العلقم، وَجمال البشاعة، وَأحقِّية الباطل.

تجبركَ الحياة عَلى الابتسام لتلتقط لكَ صورةً تذكارية، لِتتعلم الدرس القاسي، الدرس الَّذي ينصُّ على عَدم الاستهزاء بِشيء أو بِشخص، وَعدم قول لن أفعل هٰذا أبدًا. تكمن المشكِلة الأكبر فِي كلمة أبدًا، أنتَ لا تعرف الأبد، لا تعرف مَاذا سيحدث لكَ وَلِمُحيطك، الدنيا تتقلَّب سريعًا، قد ترى نفسكَ يومًا مَا بِنفس شَخصيَّـة من كنتَ تكره الأكثر.

لا تـستغرب، فهٰذا الحال ينطبقُ عَلى الجميع.

•••

تلاشت مَلامِحها، وَتسارعت وَتيرة خَفقان قلبِها، وَسمِعت نبضات عروقِها، وَأحسَّت بِحرارة ترتفع حتَّى وَصلت وجهها فأمسى مُصطبغًا بِحُمرة كحُمرة شَفتيها. لم تتوقَّـع سؤالًا صريحًا مِنه، استطرد ينظر بِأعين ذابِلة:

- أعرف أنَّـكِ تعلمين بِمشاعري، لن يَغيب شيء كهٰذا عَن نَاظريكِ، كما لم يَغِب إعجاب المدعو آرمان بـكِ عَنهما.

اتَّسعت عيناها بِغير تَصديق، لا تدري ماذا عساها تُخبره، يُريدها أن تكون صريحةً معه، لٰكنها ليست صَريحة مَع نفسها فِي هٰذا الموضوع، فهي تلعب الغميضة مَع مشاعرها، خفقت رموشها عِدَّة مَرَّات وسألتَ بِصوت خَفيض:

- هل حقًّـا تودُّ مَـعرفة الجواب؟

أومأ لها بِقلَّة حِيلة، يريدُ أن يعرف مَوضعه، هل عليه أن يتراجع وَيبتر قلبه، وَيكظم مَشاعِره أم عليه التَّقرب مِنها أكثر وَالظفر بِها لهُ هُو فَحسب؟

- مَشاعري تِجاه آرمان هِي مشاعر صَداقة وَزمالة فَقط لا غير، أحِبُّـه كصديق أتشارك مَعه الأحاديث.

تكلَّمت بِصدق وهِي تنظر لعينيه. انفرجت أساريره، وَشعر بِقلبه يرقصُ فرحًا، ابتسم ابتسامة دُون وعي مِنه، كما لمعت عَيناه بِبريق مُميز. أردفت هِي بِنفس الدرجة مِن الصِّدق وَالهدوء:

- لا رجُـل فِي حَياتي وَلا فِي قَلبي.

لقد فتحت قفص الأفراح حقًّا بِكلماتها، كان يُرسل إليها نظرات عَاشِقة وَهائمة، يشعرُ الآن بأنَّ مشاعِره حَقيقيَّة أكثر مِن السَّابق، يشعرُ أنَّه يسلك الطَّريق الصَّحيح، الطَّريق الذي يُمهَّدُ مِن أجله، الطَّريقُ إلى قَلبها سيكون مِن نصيبه هُـو فَحسب.

- تُريد مِني الصَّراحة، حسنًا. أنا لا أرغب بِدخول عِلاقة، حياتي كُلّها لعملي، لا وقت لديَّ للحب.

ثيميسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن