الفصل السادس

58 2 0
                                    

نديم

عندما رأيت الهلع البادي عليها وعينيها المتسعة من الخوف وتراجعها إلى نهاية الشرفة ، حاولت أن أتحدث كي أهدأ من روعها ولكنني وجدتها تتجه لباب الشرفة ،يبدو أنها تريد الهرب ، لذا قلت لها مسرعاً بكلمات متلعثمة غير مرتبة : استني ، أنا ... أنا ماكنتش أقصد أخوفك .

وعندما رأيت توقفها وهي تنظر أرضا ، أردفت قائلاً: أنا بس عشان مش متعود حد يبقى ف البلكونة دي من سنين اتفاجئت بس ، كان رد فعل تلقائي اني قربت منك أشوف انتي حقيقة ولا لا ، ماكانش أبدا قصدي انك تخافي كده .

لن أعتذر فأنا بالفعل لم أقصد ذلك ، هل يجب علي الاعتذار ، أظن لا ، وقبل أن أتحدث مجدداً ، قالت بصوت بدا مرتعبا ومهزوزا :  it's ok  ( لا بأس ).

كادت أن تتحرك مجدداً ولكنني قلت ولا أعلم لمَ أردت مماطلة الحديث : أنا نديم جارك هنا ، ماما كانت جات لك هي وطنط هند وطنط ميادة عشان يتعرفوا عليكي من فترة .

أخيراً رفعت عينيها ونظرت لي ، ولكنها أخفضتها مجدداً عندما رأتني أنظر إليها ، تحركت إلى باب الشرفة ، فشعرت أنني أبدو كالغبي ، لم يكن علي التحدث معها ، أشعر أنني كالمتطفل ، ويبدو أنها لا تطيق الوقوف أو التحدث معي ، وقبل أن أوبخ نفسي أكثر من ذلك جائني صوتها وهي تقول: وأنا روزالين جارتك هنا .

ثم دلفت من باب شرفتها وأغلقته بإحكام ، لقد سمعت صوت الأقفال التي قامت بقفلها ، حسنا يبدو أنها خائفة ، معها الحق فهي لا تعرفني ، ولكن ما ذلك الاسم ، لم تذكر والدتي اسمها أمامي ، روزالين اسم يبدو غريباً كحالتها ، لم أفكر كثيرا وانطلقت لأجهز نفسي لأخرج مع أصدقائي لمشاهدة المباراة .

روزالين

عندما دلفت إلى غرفتي وضعت يدي على صدري بخوف وتوتر ، لقد كاد قلبي أن يتوقف عندما فتحت عيني ورأيت تلك الأعين الزرقاء التي تتأملني ، يا إلهي لقد شعرت بالهلع ، لذلك لم أستطع التحدث ، أشعر أنني كنت فظة للغاية ، ولكن هذا ليس بيدي ، فأنا لم أعد أستطيع التعامل بسهولة مع الجنس الآخر ، أحاول التغلب على ذلك ، ولكن تلك العقاقير التي قد وصفها لي الطبيب لا تجدي نفعاً ، لا أشعر بأي تحسن ، بل يزداد خوفي منهم كلما اعتكفت بمنزلي أكثر ، لقد أخبرني الطبيب أن أحاول الخروج والتعامل مع الرجال وسأعود مثلما كنت ،ولكنني لا أقوى على ذلك ، رؤيتهم تثير خوفي وريبتي ، أشعر بأنني أكاد أفقد وعيي كلما اضطررت للتحدث أو التعامل مع أحدهم ، ولكن ماذا عن الجامعة ، كيف سأتعامل مع هذا الكم الهائل من الرجال الموجودين بالجامعة ، سأضطر مؤكدا للتحدث معهم ، ماذا ان كان أستاذ المادة رجلاً ، يجب أن أحاول التأقلم مجدداً فليس كل البشر سواء ، أليس كذلك ؟! كما أنني لن أضيع كل هذا المجهود الذي بذلته في السنوات السابقة ، انها سنتي الأخيرة ويجب أن أجتهد بها حتى أحقق حلمي بالعمل بمجالي ، ويكفي أنني تركت جامعتي وسأحصل على شهادتي من جامعة أخرى ببلد آخر ، لكن لا يهم ، كل ما يهمني أن أنقذ نفسي من هذا البئر السحيق الذي وقعت به رغماً عني ، سأتبع تعليمات الطبيب وسأحاول الخروج ، كي يذهب عني الخوف الذي صار ينتابني كلما التقيت بشاب  .

روزالينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن