الفصل السابع عشر

43 4 0
                                    

بعد مرور عدة اسابيع كان الجميع كما هو بنفس الروتين اليومي ، فروزالين يوصلها نديم وأحياناً يكن معهما عمر وأحياناً أخرى يذهب مع ليلى ، علاقتهما قد أصبحت أكثر مرونة وراحة ، فأصبحا يتحدثان بشتى الأمور ، وقد عرف نديم عنها بعض المعلومات ، كأصدقائها المقربين وصفاتهم ، وعرف أنها ليست مقربة من والديها فهم مشغولون دائماً بالعمل هذا مااستنتجه من حديثها ، أيضاً أخيها لم تكن مقربة منه أبدا ، انها لا يتصل بها أحدا ولا يسأل عنها أحدا سوى هذه الصديقة التي تدعى كلارا ، لا يعلم هل يحدثها والديها عندما تعود إلى منزلها أم لا ولكنها لا تذكرهم كثيراً ، علاقتهم تبدو معقدة ، أو لأنه لم يعتد على ذلك يشعر بالغرابة ، فوالديه دائماً ما أحطاه بالحب والحنان والرعاية ، انه يشعر بالضيق من أجلها  لتلك الساعات التي تقضيها بمفردها بعدما يعودون من جامعتهم ، ويتمنى لو انه يستطيع البقاء معها طوال الوقت حتى لا تشعر بالوحدة ، كما انه يشعر بالسعادة عندما تذهب إلى نادين بالمنزل ، ويشعر بسعادة أكبر عندما يرى ابتسامتها وضحكاتها التي تزيدها جمالا ، نعم فقد وقع أسيراً لضحكتها تلك ووقع أسيراً لكل تفاصيلها .

أما روزالين فقد كانت لا تشعر بالاطمئنان سوى بجواره ، تلك الأوقات التي كانت ينتابها بها الخوف والقلق والتوتر لم تعد كما السابق ، ونوبات البكاء التي كانت تسبب لها الألم لم تعد كما كانت ، فأصبحت نادرا ما تذكرت ماحدث لها ، وكلما شعرت أن تفكيرها سيقودها لهذا الأمر كانت تخرج لشرفتها حتى تلقاه ، وإذا لم تجده كانت تطرق الحائط الفاصل بينهما كما أخبرها فيخرج لها هو مسرعاً ، انها تشعر بسعادة من نوع آخر ، سعادة لم تشعر بها قط من قبل ولا حتى من قبل حادثها ، فتلك العائلة التي تحيطها بالاهتمام والحنان وتجعلها تشعر بدفء العائلة جعلتها تشعر بعاطفة جديدة لم تختبرها من قبل ، فنادين تشعر بأنها أختها التي تخاف عليها بل وتتشاجر مع الآخرين من أجلها ، لقد ذهبت إلى جامعتها وقامت بالتشاجر مع الفتيات اللائي كن يضايقنها دائماً ، بل وأرادت ضربهن ولكن روزالين توسلت إليها ألا تفعل ، أما نديم فقد كان سعيداً بأخته التي أبعدت عن روزالين شر كلمات هؤلاء الفتيات ، والسيدة نادية التي تسأل عنها دوماً اذا ماذهبت إليهم بل وتحادثها لتخبرها أن تأتي إلى منزلهم كي لا تبقى وحدها ، انها تهتم بطعامها هل تناولته أم لا ، تعانقها دوماً كلما رأتها ، وتعامله كأنها ابنة لها ، ان والدتها لم تفعل معها هذا يوماً ، لم تهتم بها ولم تسألها يوماً هل تناولت طعامها أم لا ، لم تشعر بحزنها أبدا ، أما السيدة نادية فتفعل ، ووالد نديم ذلك الأب الحنون العطوف الحكيم ، الذي دائماً ماينصحها ويسألها عن دراستها ، ونديم ذلك الشاب الذي ظهر فجأة بالشرفة المجاورة لها والذي أصبح أهم مابحياتها ، انه الأخ والصديق ، يساعدها دون مقابل ، لا ينتظر منها شيئاً ، يعاملها كأنها هشة قابلة للكسر ، دائماً ماكان بجوارها يساعدها على تخطي خوفها ، لولاه لكانت قد اعتزلت العالم بغرفتها ، لولاه لما أكلمت سنتها الأخيرة بالجامعه ، فهو من يطمئنها ويهون عليها الامر دائماً ، حتى أنها تخلصت من ذلك الخوف ، وأصدقائها حسام وعمر تشعر أنهم اخوانها حقا ، فهم يخافون عليها أيضاً ويعاملونها كأخت لهم ، ولا يسمحون لأحد بالاقتراب منها ، انها تمشي بجوار ثلاثتهم والابتسامة تشق وجهها ، فهؤلاء هم أمانها وحمايتها وعائلتها التي حصلت عليها بتدبير القدر ،وتتمنى أن يبقوا معها دائماً.

روزالينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن