الفصل الرابع والعشرون

59 5 5
                                    

كانت كلما تقدمت خطوة تراجعت أخرى وهي تنظر للأعين التي تتابعها ، كانت تشعر بالارتباك والتوتر من تلك النظرات التي تلاحقها ، حاولت ألا تنظر إليهم لكن دون جدوى ، لقد كانت تتأمل الجميع وهم ينظرون إليها وكأنها كائن فضائي ، لمَ دائماً ماينظرون إليها هكذا ، لمَ يجعلونها تشعر بعدم الراحة ، ظلت تتراجع بخطواتها وقد لاحظ نديم ذلك ، لذا اتجه إليها وقد وقف من خلفها ، لقد شعر بتوترها وارتباكها ، كان عليه أن يهدأها كي لاتهرب من المكان في الحال ، عندما اقتربت منه أصدر صوتاً كي لا يفزعها وقال : امال نادين راحت فين هي وساندي .

وكأن صوته كان طوق النجاة ، وكأنها عندما سمعته قد عادت للعالم الواقعي وقد استفاقت من الكوابيس التي تلاحقها بمنامها ويقظتها ، لقد جعلها تشعر بما حولها ، تذكرت أنها بحفل زفاف ، وتذكرت نادين التي لم تنتبه إليها عندما ذهبت ، وكان هو يراقب ردات فعلها وهو يعلم أنها قد كانت بعالم آخر ، لا يدري لمَ دائماً تسبح بتفكيرها ، لمَ تستشعر الريبة والخوف من كل ماهو جديد ، انها لغز كبير لا يستطيع حله ، أحجية قد عجز عن الوصول إلى حل لها ، مالذي حدث لها هذا مايريد معرفته.

انتبهت أنها لم تجبه عن سؤاله ، لذا قالت : أنا مش عارفه هما راحوا فين ، كانوا جمبي هنا ، بس اختفوا فجأة .

قال نديم: طيب خلاص خليكي معايا على مايظهروا تاني .

وقفا بجانب بعضهما البعض ، كانت هي تنظر للعروس بابتسامة احتلت وجهها ، أما هو فكان ينظر إليها هي ، قالت بعد فترة : العروسة جميلة اوي ، شكلهم حلو اوي لايقين لبعض .

قال وهو ينظر إليها: عقبالك .

قالت: لا مش عايزة ، عقبالك انت .

قال : ليه مش عايزة ، في بنت ف الدنيا مش نفسها تتجوز وتكون أسرة ويكون عندها حد يبقى معاها ف كل حالاتها ، حد تتسند عليه ويطبطب عليها وقت زعلها .

تنهدت ثم قالت : في حاجات لازم تقدمها ف المقابل عشان يبقى الطرف التاني كمان مبسوط ، وأنا مش هعرف أقدم حاجه للطرف التاني تخليه سعيد أو تخليني أحس اني استاهل اللي بيعمله عشاني .

قال باستفهام: حاجات زي ايه ؟!

قالت كي تهرب من الإجابة : ماتشغلش بالك ، بقولك هو عمر فين وحسام .

نظر من حوله ثم قال : مش عارف .

صمتا مجدداً ، وأثناء تأملهما للحفل ، كان طفل صغير يجري بجوارها فضرب بها دون قصده ، مما أدى إلى اختلال توازنها وسقوطها ، لكنها لم تسقط أرضاً ، لقد سقطت بأحضانه عندما حاول أن يمسكها كي يمنع سقوطها ، حاوط خصرها بيديه وهو يتأملها ، لكنها لم تنظر إليه ، لقد شغلت بهذا الطفل الذي كان يعتذر منها ، استفاق لنفسه بسرعه وتذكر موقفها عندما كان يحاول أخذ الطبق منها بمنزلها وخوفها منه بعد اقترابه منها لذا أبعد يديه عنها ، وابتعد بكامل جسده قبل أن تنتبه إليه ، لكنه لم يستطع منع نفسه من قوله : انتي جميلة اوي ياروز .

روزالينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن