الفصل 01
「عزيزتي الآنسة هيلين أتويل.
لقد مضى وقت طويل منذُ تركتُ مدفأتي بلا أستخدام، حتى تجمعت عليها طبقة من الغبار، وها أنا اليوم أكتب لكِ، آملًا أن تجد هذه الرسالة طريقها إليكِ بسلام. إذا كنتِ تقرئين كلماتي، فهذا يعني أن المدفأة، قد أدت وظيفتها بنجاح.
لقد قضيتُ ساعات طويلة في تحسين خطي، عازمًا على ترك إنطباع جميل لديكِ. ماذا تعتقدين؟ لم أستطع أن أكتب لكِ برسالة عادية، بل كان يجب أن تكون الكلمات مكتوبة بعناية، تعكس مشاعري.
ترددتُ كثيرًا بشأن نوع الورق والحبر الذي سأختاره. هل تفضلين ورقًا ذا ملمس خشن وسميك، يُشعر بالدفء عند لمسه، أم ورقًا ناصع البياض ومسطحًا، يبرز جمال الحروف؟ هل يُمكنكِ تخيل كيفَ كنتُ وأنا أتردد بين الخيارات؟
لو رأتني الغربان في الحي، لربما انتقدتني بعبارة 'يا له من مجنون!'، لكن من منا لا يسعى ليظهر بأفضل صورة أمام شخص جديد؟ كلنا نرغب في أن نكون في أبهى حالاتنا خلال اللقاء الأول أو في مقابلات العمل، أليسَ كذلك؟ لذا، لا بدَّ من الخروج من المنزل بأفضل زي لدينا، فكل تفصيل يساهم في ترك إنطباع جيد.
الآن، ربما يتسلل إليكِ فضول لمعرفة من أنا، أليسَ كذلك؟ أرجو أن تكون إجابتكِ نعم. فالتحدث عن نفسي لشخص لا يهتم يعتبر أمرًا محرجًا، خاصةً مع أحتمال أن تصل هذه الرسالة إلى شخص آخر بسبب عطل في المدفأة.
إذا أرسلتِ ليّ ردًا يطمئنني بوصول رسالتي إلى المكان الصحيح، فسأكون حينها قادرًا على إخباركِ بمن أكون!
سأنتظر ردكِ الكريم، في هذه الليلة التي تتلألأ تحت حراسة ملكة القمر.
مع خالص التقدير، شخص يرغب في التحدث مع الآنسة هيلين.」
「إلى الآنسة هيلين، التي ربما تطير في السماء الآن.
على الرغم من قدم مدفأتي، إلا أنها لم تكذب! فقد أكدت بدقة أنها أوصلت رسالتي إليكِ، وأنا صدقتُ ما قالته. فهي تعرف، أكثر من أي شخص آخر، إلى أين ذهبت رسالتي.
مع ذلك، فقد انتظرتُ يومين أو ثلاثة دون أن أستلم أي رد. كان عليّ أن أعيش أيامًا من القلق، في أنتظار علامة تُطمئنني بأن الرسالة وصلت. رغم أن الأمل لا يزال يتسلل إلى قلبي، إلا أنني لم أرى أي مؤشر على ذلك.
لقد خطر ببالي أنكِ مشغولة جدًا لدرجة تمنعكِ من الرد. أنا أتفهم ذلك تمامًا، فأنتِ من نفس فصيلة البشر، ومن المؤكد أن الحياة تأخذكِ في دوامات. عندما رأيتكِ تحلقين في السماء الفضية، تحت نور نجوم مجرة درب التبانة في تلك الليلة الهادئة، شعرتُ برغبة قوية في الإشادة بكِ!
سمعتُ أن عالمكِ يخلو من السحر، لذا شعرتُ بدهشة عميقة عندما رأيتُ شخصًا يركب مكنسة! ساحرة تظهر فجأةً في أرض خالية من السحر! أعتقد أن هذا هو أفضل وصف يُمكنني تخيله عنكِ، فقد كان تحليقكِ حقًا يشبه المذنب، مُشعًا وجذابًا.