3- الصفعة

49.2K 1.6K 541
                                    

تنفست ليلى الصعداء بعد زيارة الحاج سالم لمنزلهم بالأمس ، كان بصحبته عدداً من الرجال من بينهم ولده ممدوح الذى لم تره حتى هذه اللحظة ، أنها الزيارة التى انتظرتها منذ ما يقرب الثلاثة أشهر ، كادت فيها أن تجن وهى ترى نظرات الريبة والشك فى عيون زملائها وتعليقاتهم اللاذعة أحياناً . وإن كانوا جميعاً وبينهم فؤاد قد أجمعوا على أن الله أنقذها من هذه الزيجة ، إلا أنها شعرت بإحباط شديد واستنكار لم تشعر به من قبل

كيف يرفضها رجل حتى وإن لم يرها ، يا لها من مهانة لن يعادلها أى مكسب آخر ! فهى ليلى التى اعتادت أن يسقط أعتى الرجال وأقساهم تحت أقدامها متيمون ، أيعقل أن يرفضها منحل مثله !!

راحت تترقب التاسع من مارس بصبر نافذ ، أنه اليوم الذى حددوه موعداً لزفافها وهذا الوغد ، أولى أيام تجربتها العظيمة ، وانتصارها الكبير ، سيركع هذا الممدوح تحت قدميها ما أن يراها ، هذا الذى تحدثوا عنه وكأنه الرجل الأوحد ، هذا الذى جعلوا منه أسطورة وحذروها طويلاً كى لا تقترب منها ، ستريهم جميعاً من هى ليلى فاضل ....

الوحيد الذى تشعر بالأسى من أجله هو فؤاد ، فؤاد الذى اضطر للموافقة على هذه الزيجة مرغماً . لم ترغمه الأعمال الكبيرة التى هو بصددها مع الحاج سالم ، ولم يرغمه ضغط كبار البلدة وزعمائها ، بل هى التى أرغمته على الموافقة ، أرغمته عندما أبلغته فى وقاحة بأنها فى حال رفضه ، ستذهب بنفسها إلى منزل الحاج سالم لتخبره بموافقتها على الزواج من ولده ، لقد جن جنونه وصفعها للمرة الأولى فى حياته وفى حياتها هى أيضاً ، لكنه فى النهاية وأمام إصرارها العجيب ، الذى لم يستطع تفسيره ، لم يجد بداً من الاستسلام خوفاً عليها من الفضيحة ، وافق وهو يغمغم فى ألم :

ـ كنت أتمنى أن أقتلك يا ليلى ، ولكن يكفيك عقاباً ما سترينه على يد هذا الوغد

*****

جلست ليلى بثوبها الأبيض وعلى شفتيها ابتسامة رائعة تخفى بها ما يعتمل فى أعماقها من قلق لا حد له ،ها هى اللحظة التى انتظرتها طويلاً قد حانت الآن ، أنها بالفعل ليلة العمر التى ستضع فيها الحروف الأولى لرسالتها ومستقبلها اللامع بإذن الله ، لا يهمها هذه الطريقة البدائية التى تزوجت بها ، ولا هذا العريس الذى لم تره أو يحاول رؤيتها حتى الآن ، ولا كل هؤلاء النساء اللواتى يحدقن فيها بلا توقف منذ جلست على هذه الأريكة ، ظلت الابتسامة على شفتيها ولكل الوجوه ، الحاسدة والشامتة وحتى تلك التى تعض شفتيها حسرة على شبابها وجمالها الذى لن يصونه هذا الفاسق أبداً

تعالت الزغاريد فجأة لتزف العروس إلى عريسها ، رعشة عنيفة بدأت تسرى فى جسدها بلا توقف ، فابتسمت نادية التى تحتضن كفها قائلة :

- هل أنت خائفة ؟

ـ ليس بالضبط

ـ يا إلهى ألا تعترفين بضعفك ولو مرة واحدة !!!

وحدك حبيبتي  (كاملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن