تنفست ليلى الصعداء بعد زيارة الحاج سالم لمنزلهم بالأمس ، كان بصحبته عدداً من الرجال من بينهم ولده ممدوح الذى لم تره حتى هذه اللحظة ، أنها الزيارة التى انتظرتها منذ ما يقرب الثلاثة أشهر ، كادت فيها أن تجن وهى ترى نظرات الريبة والشك فى عيون زملائها وتعليقاتهم اللاذعة أحياناً . وإن كانوا جميعاً وبينهم فؤاد قد أجمعوا على أن الله أنقذها من هذه الزيجة ، إلا أنها شعرت بإحباط شديد واستنكار لم تشعر به من قبل
كيف يرفضها رجل حتى وإن لم يرها ، يا لها من مهانة لن يعادلها أى مكسب آخر ! فهى ليلى التى اعتادت أن يسقط أعتى الرجال وأقساهم تحت أقدامها متيمون ، أيعقل أن يرفضها منحل مثله !!
راحت تترقب التاسع من مارس بصبر نافذ ، أنه اليوم الذى حددوه موعداً لزفافها وهذا الوغد ، أولى أيام تجربتها العظيمة ، وانتصارها الكبير ، سيركع هذا الممدوح تحت قدميها ما أن يراها ، هذا الذى تحدثوا عنه وكأنه الرجل الأوحد ، هذا الذى جعلوا منه أسطورة وحذروها طويلاً كى لا تقترب منها ، ستريهم جميعاً من هى ليلى فاضل ....
الوحيد الذى تشعر بالأسى من أجله هو فؤاد ، فؤاد الذى اضطر للموافقة على هذه الزيجة مرغماً . لم ترغمه الأعمال الكبيرة التى هو بصددها مع الحاج سالم ، ولم يرغمه ضغط كبار البلدة وزعمائها ، بل هى التى أرغمته على الموافقة ، أرغمته عندما أبلغته فى وقاحة بأنها فى حال رفضه ، ستذهب بنفسها إلى منزل الحاج سالم لتخبره بموافقتها على الزواج من ولده ، لقد جن جنونه وصفعها للمرة الأولى فى حياته وفى حياتها هى أيضاً ، لكنه فى النهاية وأمام إصرارها العجيب ، الذى لم يستطع تفسيره ، لم يجد بداً من الاستسلام خوفاً عليها من الفضيحة ، وافق وهو يغمغم فى ألم :
ـ كنت أتمنى أن أقتلك يا ليلى ، ولكن يكفيك عقاباً ما سترينه على يد هذا الوغد
*****
جلست ليلى بثوبها الأبيض وعلى شفتيها ابتسامة رائعة تخفى بها ما يعتمل فى أعماقها من قلق لا حد له ،ها هى اللحظة التى انتظرتها طويلاً قد حانت الآن ، أنها بالفعل ليلة العمر التى ستضع فيها الحروف الأولى لرسالتها ومستقبلها اللامع بإذن الله ، لا يهمها هذه الطريقة البدائية التى تزوجت بها ، ولا هذا العريس الذى لم تره أو يحاول رؤيتها حتى الآن ، ولا كل هؤلاء النساء اللواتى يحدقن فيها بلا توقف منذ جلست على هذه الأريكة ، ظلت الابتسامة على شفتيها ولكل الوجوه ، الحاسدة والشامتة وحتى تلك التى تعض شفتيها حسرة على شبابها وجمالها الذى لن يصونه هذا الفاسق أبداً
تعالت الزغاريد فجأة لتزف العروس إلى عريسها ، رعشة عنيفة بدأت تسرى فى جسدها بلا توقف ، فابتسمت نادية التى تحتضن كفها قائلة :
- هل أنت خائفة ؟
ـ ليس بالضبط
ـ يا إلهى ألا تعترفين بضعفك ولو مرة واحدة !!!
أنت تقرأ
وحدك حبيبتي (كاملة )
Romanceعندما يتحول الجمال من نعمة إلى نقمة .. والسحر الناعم يتبدل لعنة .. عندما تحملني هفوتي إلى ذنبِ لا غفران له إلا الموتُ عشقًا .. فعذرًا .. لن أكتفي بأن أكون أقربهن إلى قلبك .. لا مفر من أن أصبح إلهتك وإن بات قتلي أولى طقوسك .. فاركع سيدي وقلها علان...