وصل خالد ولمار للمطار واقلعت الطائرة المتوجهة الى تايلند في تمام الساعة الواحدة ظهرا ، الرحلة كانت صامتة بين الطرفين ، فقد انشغلت لمار بقراءة كتاب اما خالد فكان يتفقد الأحوال السياسية و الاقتصادية لمصر من خلال الجرائد .
بعدما انتهت الرحلة ووصلت الطائرة لوجهتها ، توجه خالد و لمار للفندق حيث كان هناك حجز مسبق بإسم خالد عماد مكّاوي.
غرفة النوم كانت كبيرة بها خزانة للملابس و سرير مريح اما خارج الغرفة كانت هناك شاشة تليفزيون ومقعد ثلاثي كبير ، اتفق خالد ولمار ان واحدا منهم سينام على السرير والأخر على المقعد بالتناوب خلال الليالي القادمة .
طلب خالد بعض المأكولات البحرية وتناولها هو و لمار أثناء مشاهدتهما للتلفاز .
وقفت لمار عند احدى لقطات الفيلم وتوجهت نحو غرفة النوم و أحضرت بضع أوراق و قلم وعادت ، وبدأت بالكتابة .
سألها خالد في دهشة :
بتعملي اي ؟!
ردت لمار :
بكتب مقال انت متعرفش اني صحفية وشغالة في مجلة .
رد خالد:
لأ عارف ، بس بتكتبي اي دلوقتي ؟!
قالت لمار بكل ثقة :
بكتب مقال تحت عنوان "لمجرد انني انثى".
سأل خالد في تعجب :
طب متسمعيني عشان اقولك رأيي.
قالت لمار:
لما أخلص .
وأكملت لمار كتابة مقالتها التي لم تستغرق بضع دقائق وأنهتها ، طلب خالد من لمار ان تلقيها عليه حتى يبدي رأيه فبدأت:
" لمجرد انني أنثى "
هناك سؤال دائما يتردد على مخيلتي ، هل لبضع كلمات تخرج من خاطري إلى بضع اوراق بالية ، ان تمحو او حتى تخفف عني ذلك الحمل؟؟!!
حمل ثقيل أودعته الحياة على عاتقي ، لمجرد انني انثى .
هل فقد المجتمع عقله ؟!!
ام نحن معشر الإناث من فقدنا عقولنا ، حين حلمنا بالعدل وطالبنا بالكرامة الضائعة ، من هذا المجتمع الذي يظننا عبء ثقيلاً .
في زمن الجاهلية ، كانت تدفن الإناث حية ، اما في زمننا هذا ، تطورت سبل وأد البنات وتنوعت أشكالها .
بعضهم يحرمون من التعليم ، وبعضهم تُسلب احلامهم ، وبعضهم يتزوجون رغما عنهم ، وبعضهم ينتقص من قدرهم ويُسخر منهم ومن احلامهم ، مثلي تماما .
أنا الصحافية لمار محمود الجيزاوي ، التي شَهِدت من وأد البنات ألوانا ولكنني مازلت واقفة بشجاعة في ميدان ، المعركة ، حتى انتصر او أقع شهيدة في سبيل إحياء إناث أخريات .
سألت لمار بعدها :
إي رأيك .
رد خالد وقد بدت على وجهه علامات الإنبهار:
هايل ، انتي بتفكريني بمريم أختي .
قالت لمار :
انا سمعت عنها لكن مشفتهاش غير يوم الفرح ، معرفش تفاصيل كتيرة عنها .
قال خالد:
مريم أكبر مني بسنتين ، خريجة ألسن ، بتشتغل ومتجوزة وعندها بنت إسمها لينا .
سألت لمار :
هي مش مقيمة في القاهرة .
رد خالد:
لا مقيمة في القاهرة وفي المعادي كمان ، بس أحيانا بتضطر تسافر محافظات تانية عشان الشغل .
ثم أضاف خالد وهو يتأمل السقف :
كانت دايما بتتكلم عن البنات وعن انهم مش واخدين حقهم ، مع ان ماما وبابا كانو بيعاملوها زيي بالظبط بس اصحابها كانوا مأثرين فيها .
تساءلت فريدة :
ما لهم أصحابها ؟!!
رد خالد في حزن :
كنت كل يوم بشوفها زعلانة ، في ثانوي كانت هي ولينا صاحبتها مخططين انهم يدخلوا جامعة واحدة ويفضلوا مع بعض علطول ، بس مريم اختي هي اللي كملت وصاحبتها مكملتش .
من ساعتها وهي بتتكلم عن البنات وحقوقهم لحد ما إتجوزت وجابت لينا على إسم صاحبتها .
ردت لمار :
انا كمان نفسي يكون عندي بنت وأعوضها عن كل اللي شوفته.
سرحت لمار بعدها ، وظل خالد يتأملها وهو يبتسم لأنه بدأ يعرف جوانب شخصيتها وجزء من احلامها ، رغم أنها شخصية متحفظة لا تبوح بكل شيء.
قطع خالد تأملات لمار قائلا :
تصبحي على خير.
ردت لمار :
وانت من اهله.