الفصل الثالث عشر(حقيقة محتومة )

155 7 0
                                    

أنهت لمار عملها هذا اليوم سريعا بسبب التعب والإرهاق الذي أصابها فجأة ، رتبت الأوراق والملفات واخذت حقيبتها وباقة الورد وغادرت .
كان خالد يقف متكئا على سيارته التي قام بإيقافها إلى جانب سيارتها وما إن رآها تخرج من المبنى وتقترب من سيارتها حتى قال :
كل دة تأخير ، دة أنا اخدت ضربة شمس .
لمار :
إنت واقف هنا ليه ، وتأخير على إي ؟
خالد :
نتكلم بجد شوية بقة ، أنا الصراحة عايز أتكلم معاكِ في حاجة مهمة .
لمار :
إتفضل .
خالد :
أكيد مش هنتكلم في الشارع .
لمار :
أمال فين ؟
خالد :
في أي مكان انتِ عايزاه ، ولا أقولك انا عارف فين .
ركب سيارته وحثها على الركوب ، سار سريعا حتى وصل لإحدى المطاعم المطلة على النيل .
لمار :
يلا إتفضل قول إللي انتَ عايزه .
خالد :
حاضر مش هتشربي حاجة طيب .
لمار :
لا ، شكرا إتفضل اتكلم .
خالد :
لمار إحنا لازم نوصل لحل إحنا هنفضل كدة علطول ، إحنا مش محصلين لا جواز ولا طلاق ولا صحوبية ولا حتى أخوة ، لازم نحط النقط على الحروف .
لمار :
النقط هتتحط على الحروف لما ورقة طلاقي توصلي .
خالد :
إنت ِ لسة بتكابري .
لمار :
مش بكابر .
خالد :
لا بتكابري ، لمار أنا مش عارف إي كمية الخوف إللي جواكي دي خايفة تاخدي قرار بإنك تكملي أو متكمليش ، انا مستغرب إزاي الإنسانة إللي قدامي دلوقتي هي هي الصحفية إللي مبيهمهاش حد وهي بتدور على الحقيقة .
لمار بصوت عال  :ٍ
شغلي حاجة وحياتي الشخصية حاجة تانية ، إنت عايز اي يا خالد انا نفسيتي تعبت .
خالد بعصبية :
دة على أساس إني مش بحس أنا كمان نفسيتي تعبت
لمار أنا عايز أساعدك إنت مينفعش تفضلي خايفة كدة .
لمار :
أنا مش عايزة مساعدة من حد ، أنا مطلبتش منك تساعدني .
خالد بعصبية أكثر :
مش بمزاجك انتِ لما بتلاقي حد بيغرق بتستني لما يطلب منك تساعديه ولا بتساعديه بسرعة من غير ما يطلب .
ردت لمار وهي تقاوم الدموع :
وأنا بقولك عايزة أغرق ما تساعدنيش ، إنت ليه مش راضي تفهم .
خالد بصوت عال  :
وإنتِ لي مش راضية تفهمي إني بحبك يا شيخة .
إنهمرت دموعها ونهضت من مكانها مسرعة ، جرى وراءها ولكنها دفعته وأكملت مسيرتها .
عادت لمار لشقتها ، دخلت غرفة النوم وبدأت تنظر لنفسها في المرآة وتقول :
أنا لي كدة ، إزاي خليت الخوف يتمكن مني كدة لدرجة ان الناس بقت شايفاه في عيني ، عندي خمسة وعشرين سنة ومش عارفة آخد أي قرار يخص حياتي الشخصية ، خالد عنده حق كلهم عندهم حق أنا جبانة ، جبانة .
بدأت تبكي أكثر فأكثر ثم أمسكت زجاجة عطر ورمتها على المرآة وكُسرت .
خرّت قواها ووقعت أرضا ، في هذه الأثناء كان خالد يقود سيارته متجها لشقتها وبجانبه آية صديقتها .
أوقف سيارته أمام مدخل العمارة وتوجه نحو البواب وسأله :
آنسة لمار محمود إللي ساكنة في الدور التاني رجعت من الشغل .
البواب :
أيوة يا بيه لسة راجعة من حوالي عشر دقايق وشكلها ما يطمنش ولما سألتها في إي يا هانم مردتش .
لم يعقب خالد على كلام الرجل ، وهرول مسرعا ، وصعد السلالم قفزا  ً حتى وقف أمام شقتها وبدأ يطرق الباب ، ولكن دون إستجابة زاد قلقه فحاولت أية وطرقت الباب وهي
تقول :
لمار إفتحي طمنينا عليكي او حتى ردي بس عشان نطمن .
حاول خالد الإتصال بها ولكن دون جدوى .
أبعد أية عن الباب ثم ضربه بجسده ثلاث مرات حتى كسر القفل وتمكن من دخول الشقة ، بدأ يبحث هو وآية حتى دخل غرفة النوم ووجدها ملقاة على الأرض ، بدأت آية بالصراخ وتجمع الجيران ودخل البواب الشقة متسائلا عما يحدث .
لم يعرهم خالد إهتماما وحمل لمار على كلتا يديه وطلب من أية الإنتظار في الشقة .
وضعها خالد على المقاعد الخلفية للسيارة وبدأ بقيادة السيارة متجها نحو أقرب المستشفيات ، وإتصل بصديقه عمر :
عمر انا عايزك تروح شقة لمار دلوقتي وتشوف واحد يصلح قفل الباب .
عمر :
مش فاهم حاجة .
خالد :
آية هناك هتفهمك كل حاجة ، إعمل إللي قولتلك عليه بس .
عمر :
حاضر ، حاضر إديني العنوان .
أعطاه خالد العنوان ، ثم بدأ يزيد من سرعة السيارة حتى توقف أمام إحدى المستشفيات ، نزل من السيارة ثم حملها وتوجه نحو غرفة الطوارئ .
تركها بالداخل مع إحدى الأطباء وإنتظر هو خارجا ، في توتر شديد .
أخيرا خرج الطبيب ليسأله خالد في توتر :
طمني يا دكتور .
الطبيب :
إنهيار عصبي ، إديتها حقنة مهدئة شوية وتصحى ، حضرتك تبقى جوزها ؟
خالد :
اه .
الطبيب :
طيب إي اللي حصل ؟
خالد :
شوية خلافات بسيطة .
الطبيب :
لو بسيطة مش هتوصلها للحالة دي .
خالد :
هي نفسيتها تعبانة من الأول والخلافات دي زودت التعب مش أكتر .
الطبيب :
عالعموم هي لما تصحى هتكلم معاها .
وغادر الطبيب وترك خالد يضرب كفه الأيمن بكفه الأيسر ويقول :
ما كانش لازم أتعصب كدة ، يا رب يا رب .
بعد مرور ربع ساعة وخالد يجلس في قاعة الإنتظار إتصلت به أية :
خالد إنت في أي مستشفى ولمار حصل معاها إي .
خالد :
لمار كويسة الحمد لله ، الباب إتصلح ؟
أية :
اه .
اعطاها خالد عنوان المستشفى ، ثم طلب من الطبيب رؤية لمار لم يوافق الطبيب في البداية ولكن مع إصرار خالد وافق بشرط ان لا يطيل المكوث .
دخل خالد الغرفة وقرب إحدى المقاعد وجلس بجانب سريرها في البداية بدأ ينظر إليها بصمت ثم أمسك يدها وبدأ يتحدث بصوت منخفض :
ما كانش لازم أتعصب عليكي أنا عارف إني غلطان بس أنا كنت بساعدك زي ما إنت ِ ساعدتيني ، يمكن إنت ِمش عارفة ساعدتيني في اي بس انا عارف كويس ، إنت ِ غيرتيني في حجات كتير خلتيني احس بطعم العيلة إللي سبتها من تلات سنين وعشت لوحدي ، خلتيني أغير نظرتي للبنت ، خلتيني اعيط لأول مرة من سنين وانا كنت اصلا بخاف أعيط قدام نفسي ، أيوة بخاف كلنا بنخاف وبنخاف أوي كمان ، انا بخاف من الضعف بس بعد ما عيطت قدامك أول مرة عرفت ان دة مش ضعف ، دي قوة انتي إديتيهالي ، لمار أنا آسف .
بدأت لمار تحاول فتح جفونها ، لاحظ خالد ذلك فبدأ يمسح دموعه خفية ، ثم قال :
لمار .
ردت :
انا في المستشفى ؟
خالد :
اه .
لمار :
أنا عايزة أخرج من هنا .
خالد :
حاضر .
إنتبهت لمار أن خالد يمسك يدها للتو ، فشدت على يديه بقوة وقالت :
أنا مش ضعيفة يا خالد ، الخوف دة حاجة مليش إيد فيها .
دخل الطبيب الغرفة ولم يتمكن خالد من الرد عليها ، فترك يدها ونهض من مكانه وأفسح المجال للطبيب ، سألها الطبيب عما تشعر به ثم طلب من خالد المغادرة حتى يتحدث معها على إنفراد ، غادر خالد الغرفة ليجد آية وصديقه عمر ينتظران في الخارج ، أسرعت آية وسألته :
لمار فاقت .
رد خالد :
الحمدلله فاقت .
ردت آية :
الحمد لله .
ثم جلست على إحدى المقاعد ، أما عمر فتقدم نحو خالد وإستفسر منه عن حالة لمار ، ثم طلب منه الجلوس وقال :
مش هتتصل بوالدتها أو والدها يا خالد .
خالد :
هي بس تبقى كويسة الأول و لما الدكتور يطلع من عندها هسألها .
في هذه الأثناء كان الطبيب يتحدث مع لمار :
ها ، مش هتقولي إي إللي مزعلك أوي كدة .
لمار :
مفيش يا دكتور شوية مشاكل .
الطبيب :
خلاص لو مش عايزة ت تتكلمي دلوقتي أنا مش هضغط عليكي بس لازم تتابعي حالتك عند دكتور نفسي عشان ميحصلش كدة تاني .
لمار :
إن شاء الله .
خرج الطبيب من الغرفة وقال لخالد :
حالتها دلوقتي مستقرة ، هي عايزة تخرج من هنا .
خالد :
هي لو خرجت دلوقني مفيش ضرر عليها .
الطبيب :
لا ، بس محدش يخليها تنفعل .
خالد :
حاضر .
ذهب خالد ليكمل الإجراءات ، ودخلت آية عند لمار وتحدثت معها حتى أنهى خالد الإجراءات وغادر الجميع .
ركبت لمار وأية  مع خالد في سيارته ، أما عمر فسار خلفهما بسيارته .
وصل الجميع للمنزل ، و أوصلها خالد حتى باب شقتها ثم غادر هو وعمر وتركها مع أية .
بات خالد مع صديقه عمر هذه الليلة وحكى له كل ما حدث وقبل أن يخلد للنوم إتصل بلمار ليطمئن عليها :
بقيتي أحسن .
لمار :
الحمد لله .
خالد :
طيب تصبحي على خير .
لمار :
وإنت من أهله .
وقبل أن يغلق خالد قالت لمار :
خالد ، شكرا على إللي إنت عملته .
ثم أغلقت قبل أن تسمع رده .
سأل عمر :
أنا أول مرة أشوفك مهتم بحد كدة ، حتى رنا ما كنتش بتهتم بيها كدة .
خالد :
رنا إي بس ، دي حاجة ودي حاجة تانية إنت مش فاهم .
عمر  :
طب فيهمني إنت .
خالد :
رنا دي أنا عمري ما حبيتها إللي كان عاجبني فيها بس شكلها ، وكنت خايف العمر يعدي من غير ما أتجوز ، فقلت خلاص مفيش حاجة إسمها حب خليني أرتبط برنا وخلاص ، بس لمار غيرت كل حاجة .
عمر :
بس إنت بينك وبين لمار مسافة كبيرة أوي .
خالد :
المسافات بتقصر .
عمر :
والمشكلة إللي بينكم ، والطلاق .
خالد :
المشكلة دي خلتني أعرفها أكتر من الأول ، وأحبها أكتر من الأول .
عمر :
يا سلام بتقول حكم .
خالد بمرح :
نام يا عمر ، إتخمد يا أخي جبتلي صداع أنا كنت نمت في بيتي أحسن .
عمر :
تصبح على خير .
خالد :
وإنت من أهله .

قيودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن