بعد أن إلتقى خالد برنا وأخبرها بكل مايجول في عقله أحس براحة شديدة وكأنه تخلص من إحدى الهموم التي تشغله .
عاد خالد إلى منزل صديقه عمر وحكى له كل ماحدث أثناء مقابلة رنا ، بات خالد هذه الليلة في منزل عمر ، أصابه الأرق وأخذ يتقلب يمينا ويسارا ، أخيرا أخذ قراره بالنهوض سار بإتجاه المطبخ وصنع كوبا من الشاي وجلس في الصالة على إحدى المقاعد ، فتح التلفاز وبدأ يقلب حتى وجد فيلما جعل قلبه ينتفض إنه الفيلم الذي كان يشاهده مع لمار في أول أيامهما في تايلند ، أغلق التلفاز وحاول نسيان الموضوع فتح هاتفه وبدأ يتصفح الأخبار ومواقع التواصل الإجتماعي حتى وجد نفسه يتصل بلمار ، وضع الهاتف على أذنه وتاه في ذكريات الشهور الماضية تلك الذكريات التي جمعته بآخر النساء التي لم يتوقع أن يحبها يوما ، لم يفق من ذكرياته إلا حين سمع صوتها يخترق قلبه قبل أذنه كان صوت لمار :
كويس انك إتصلت انا كنت عايزة آخد حجاتي من البيت فاضي بكرة ، عشان آجي .
تلعثم لسانه وهو يحاول تجميع حروفه حين قال :
فاضي !
سمعت لمار إجابته وأغلقت دون ان تعقب ، إستغرب من صلابتها في الحديث كيف تغلق الهاتف هكذا في وجه رجل أحبها وأحبته ، يا لها من أنثى قوية ، كان هذا تفكير خالد الذي يناقض الواقع ، فقد أنهت لمار المكالمة لأنها لم ترغب أن يسمع صوت بكائها المكتوم فحاولت بقدر إستطاعتها ان تظهر الصلابة .
بدأت لمار تسترجع أحداث هذا اليوم منذ بضعة أشهر كانت تحسب بالأيام والدقائق لليوم الذي ستتخلص فيه من هذا الرجل واليوم تبكي بعد أن طلقها ، كيف إستطاع ان يقولها حتى لو كانت هي من طلب ذلك لماذا وافق بهذه السهولة .
لاح ضوء الشمس في صباح اليوم السادس من فبراير ، استيقظ خالد باكرا وذهب للفيلا كي ينتظر لمار ، اما هي فقد طلبت من صديقتها أية ان تحضر لها ملابسا وبعض مستحضرات التجميل وتأتي بها إلى غرفتها في إحدى فنادق القاهرة .
وصلت لمار للفيلا في الساعة الثامنة صباحا ، إندهش خالد عند رؤيته لها ، كانت ترتدي بنطالا أحمر و T-shirt ابيض عليه رسمة صغيرة لقوس الرحمن ، وحذاءً رياضياً وشعرها مرفوع للأعلى على شكل ذيل حصان ووجهها يلمع وكأنها في غاية النشاط .
لم تتحدث معه وصعدت لغرفتها وبدأت تلملم حاجياتها، اقترب هو من غرفتها ثم تنحنح وطرق الباب ودخل وقف وأسند ظهره على الحائط ثم قال :
في حجات كتيرة لازم نتكلم فيها .
ردت لمار دون ان تلتفت إليه :
إتكلم .
غضب خالد من طريقتها فقال بصوت عال :
لمار لو سمحتى بصي علي وانا بكلمك مينفعش الطريقة دي .
لم تعقب لمار ولم تلتفت إليه وأكملت ترتيب حاجياتها في الحقائب .
غضب هو اكثر فتقدم اليها ووقف ورائها كاد يسحبها من يدها حتى تنظر إليه ولكنه قال مرة اخرى بنبرة غاضبة :
لمار بصيلي وانا بكلمك .
إلتفتت إليه هذه المرة لقد عرف لماذا لا تريد ان ينظر إليها هي لا تريده ان يرى قطرات الدموع سجينة عينيها كانت تقاوم ولكنها ما إن نظرت إليه حتى بدأت بالبكاء لا إراديا ، حاول هو ان يهرب من دموعها ، فخرج من الغرفة بحجة إحضار المناديل ، توجه نحو غرفته واحضر علبة مناديل ثم عاد إليها ، ليجدها قد حزمت حقائبها وهمت بالخروج .
لمااار .
كان هذا صوته وهو يناديها فإلتفتت إليه وقالت :
نعم .
رد هو :
لازم نتكلم .
هي :
اتفضل .
هو :
طب تعالي نقعد في المكتب عشان نتفاهم .
أومأت برأسها علامة الإيجاب ثم سارت معه بإتجاه المكتب
جلس الإثنين على الكرسيين الموضوعين أمام المكتب ، بادر خالد الحديث قائلا :
لمار انت لسة مصرة على موقفك .
هي :
أيوة .
هو :
لمار أنا قولتلك ان مكنش قصدي إللي انت فهمتيه .
هي :
مش هتفرق كتير .
هو :
لمار أنا لسة بحب...
قاطعته لمار :
لو عندك كلام مهم يا ريت بسرعة عشان مش فاضية .
خالد :
حد عرف ان احنا إطلقنا .
لمار :
آية صاحبتي بس .
خالد :
هنقولهم إطلقنا ليه .
لمار :
هنقول ان انا مش بخلف وانت عايز اولاد .
خالد :
بس كدة ممكن متتجوزيش تاني .
لمار :
مش مهم .
خالد :
كدة كدة مش هيصدقوا .
لمار :
مش مشكلة هنقول اتخانقنا ومش متفاهمين والكلام دة كله .
خالد :
اممم طيب .
نظرت لمار للساعة ثم قالت :
أنا همشي وهبعت ناس ياخدوا الشنط بالليل.
خالد :
انا ممكن أجبهوملك .
لمار :
شكرا انا هتصرف ، يا ريت محدش يعرف خبر الطلاق من العيلتين دلوقتي لحد ما أظبط أموري .
قالت لمار هذه الجملة ثم غادرت كانت الساعة العاشرة صباحا اتصلت بصديقتها أية وسألتها :
ايوة يا آية لقيتي إللي قولتلك عليه .
آية :
اه لقيت واحدة حلوة وقريبة من الشغل والفلوس مش كتير .
لمار :
طب انت فين انا جاية .
وصفت آية المكان للمار حتى حضرت ،
أعجبت لمار بالشقة التي إختارتها آية لها ، لقد قررت ان تقيم فيها بعد ان تعلن خبر الطلاق .
رتبت لمار أمور الشقة الجديدة واحضرت لها كل ما تلزم .
إنها الساعة السابعة مساء ، تصل لمار للفيلا حتى تأخذ باقي حاجيتها كان خالد في إنتظارها ، وصلت لمار و إستقبلها خالد على البوابة لم تكن بفردها لقد كانت بصحبة شاب يبدو عليه ان في سن خالد تقريبا ، كان هذا الشاب من يقود السيارة ، نزل الإثنين من السيارة شاب جميل أنيق يبتسم ويتحدث مع لمار بشكل طبيعي ، لا يبدو عليه سائق كما ظن خالد للوهلة الأولى .
اقبلت لمار على خالد وهي تبتسم وتقول :
مساء الخير ، احب أعرفك على يوسف .
مد يوسف يده وسلم على خالد ، لكن خالد لم يعر هذا اليوسف انتباها ووجه كلامه نحو لمار قائلا :
يوسف مين !!
لمار :
يوسف أخو صاحبتي أية .
إبتسم خالد بسخرية وقال في عقله :
هي كانت ناقصاك انت كمان يا أستاذ يوسف شكلك كدة هتقرفني .