مر شهران على زواج خالد ولمار ، الأوضاع مستقرة وكل الأمور تسير حسب التخطيط .
كانت لمار تجلس على مكتبها وتعمل بجد حول المواضيع التي ستقدمها لرئيس التحرير حتى يوافق على نشرها في العدد القادم لمجلة الوطن ، وصديقتها آية أيضا التي كانت تجلس على المكتب المجاور لها كانت منهمكة في عملها .
دخل رجل قوي البنية الغرفة على الفتاتين ، لقد كان زميلهم محمد في العمل لكن الفتاتان نظرتا إليه نظرة استحقار وبادرت لمار بالحديث قائلة :
نعم في حاجة .
رد محمد :
رئيس التحرير عايز المقالات بتاعتكم على مكتبه النهار دة .
ردت لمار في غضب :
طيب حاجة تانية .
رد محمد بسخرية :
لأ يا عسل لما أعوز حاجة هجيلك .
وغمز لها بطرف عينه وغادر وهو يبتسم إبتسامة شيطانية .
بعدما غادر تمتمت آية :
إمتى بقة نمشي من المكان دة ونرتاح من الإنسان المقرف دة .
ردت لمار :
قريب أوي ، آه صحيح يا آية انا هقدم طلب أجازة عشان اليومين الجايين دول هخلص شوية ورق .
قالت آية :
ماشي يا ستي ربنا معاكي إبقي طمنيني .
تقمصت لمار دور الأم الناصحة وهي تقول :
خلي بالك محمد دة مش هيسيبك في حالك طول ما انتِ قدام عينيه.
سرحت آية قليلا قم قالت :
متخافيش أنا قولت ليوسف أخويا على كل حاجة .
ابتسمت لمار إبتسامة شائبة ثم عقّبت :
يا ريت لو كان عندي أخ ، كان أكيد هيقف معايا في الظروف دي .
حاولت آية ان تهدأ لمار فقالت مازحة :
خلاص يا ستي إعتبريني أختك وأخوكي .
ضحكت الفتاتان ثم عادت كل منهن للعمل .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
انتهى هذا اليوم الشاق عادت لمار للمنزل متأخرة وكان خالد بإنتظارها ، حيّته وكادت تتوجه لغرفتها لولا انه اوقفها وقال :
رايحة فين انا هموت من الجوع يلا ناكل انا حضرت العشا .
ردت هي بأسف:
معلش مش هقدر .
قال هو في مرح :
لا مش بمزاجك ، يعني مش كفاية إني راجع من الشغل بدري وعملت فيها أم رجب الطباخة وعملت اكل متعرفيش تعمليه.
ردت هي بدورها :
خلاص ماشي يا أم رجب مش هكسفك المرة دي .
ضحك الإثنين وسارا نحو طاولة الطعام ، جلست لمار في مكانها وبدأ خالد بالكشف عن اطباقه قائلا :
عندنا الليلة عشاء خمس نجوم (بيض مقلي - فول - طعمية - وجبنة بالطماطم ).
قالت لمار :
"جبنة بالطماطم " هو دة عشاء الخمس نجوم يا أم رجب أمال لو نجمة واحدة كنت عملت إي .
ضحك الإثنين وشرعوا في تناول الطعام وتبادلوا أحاديث بسيطة في مواضيع شتى .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
إنتهى العشاء توجه خالد نحو غرفة المعيشة كالعادة ، اما لمار فقد توجهت نحو غرفتها لتأخذ حماماً وتبدل ملابسها ، بعدها توجهت إلى حيث يجلس خالد ظلت واقفة أمامه في إرتباك ، حتى لاحظ إرتباكها فبادر قائلا :
شكلك عايزة تقولي حاجة .
لمار :
بصراحة آه .
خالد :
خير ؟
لمار :
عايزاك تكون معايا .
خالد :
هه!!!
قالت لمار مصححة :
اقصد معايا في الشغل .
خالد :
طب إقعدي وفهميني عشان مش فاهم .
تابعت لمار بعدما جلست :
انا طول عمري نفسي أكون صاحبة مجلة ودة حلم من احلامي وهو دة الوقت المناسب علشان أبدأ المشروع وما لقيتش حد أحسن منك عشان أستأمنه على فلوسي وأفكاري .
أحس خالد بعواصف رعدية إجتاحت قبله عندما سمع كلام لمار ترى هل تقصد كل كلمة مما قالتها ، صمت لبرهة ثم قال :
وانا هكون عند حسن ظنك ، بس الوقت متأخر لازم أنام عشان عندي شغل بكرة ، تصبحي على خير .
ردت عليه قائلة :
وإنت من أهله .
كانت تتمنى ان تقول له وانت من أهلي ، كانت تحس نحوه شعورا غريبا لا تعرف معناه لأنها المرة الأولى التي تجتاحها مثل هذه العواطف ولكنها أقنعت نفسها بأنها كانت تتمنى أخا مثله في ماضيها ، وربما كان هذا حاضرها ومستقبلها .
أما خالد فقد توجه لغرفته وقد ألقى بجسده على السرير ظل يتقلب يمينا وشمالا كلماتها الأخيرة تدور في عقله ، ولكنه لوهلة أوقف كل الأفكار و هرول نحو المرآة ينظر إليها ويخاطب نفسه :
عادي يعني انت شاغل نفسك بيها لي ، هي أكيد فكرتك بمريم أختك ، وبعدين انت مستحيل تكون بتحبها او حتى معجب بيها ، انت نسيت رنا ونسيت وعدك ليها
ثبطت هذه الكلمات فكره وعاطفته وجعلته يهرب منها واقعا ليجدها في أحلامه .