رجعت لمار للمنزل وغيرت ملابسها وإرتدت فستانا
فيروزيّ اللون يكشف عن ساقين ذوات إنحناءات أنثوية طاغية ، وتركت شعرها على سجيته منسابا ً على كتفيها .
أما خالد فقد إرتدى بدلة سوداء وحرر عنقه فلم يضع حوله ربطة عنق وإنتظرها تحت منزلها ، أطلق صوتاً من بوق سيارته فعلمت بوجوده فنزلت بضعة سلالم في مدخل المبنى .
كانت تشبه الأميرة في مشيتها الواثقة ، تلاعب الهواء مع خصلات شعرها مكوناً لحناً أنثوياً وصل إلى قلب خالد جعله ينزل من عربته ويتجه نحوها ليمسك بأناملها الناعمة ويساعدها في السير حتى سيارته .
تقدم قليلا فتح الباب الأمامي للسيارة إنحنى وكأنه يقدم فروض الولاء والطاعة ، لتركب هي بدورها في مكانها ويغلق هو الباب .
ركب في مكانه وقاد بسرعة جنونية حتى وصل لوجهته .
طلب منها ان تغلق عينيها ولا تسترق النظر ، بالفعل أغلقت عينيها وأمسكت بيديه وسارت على خطاه .
قال لها بصوت حنون :
دلوقتي تقدري تفتحي عينك .
فتحت عينيها لتجد نافورة ماء يحيطها سور من الأضواء والإنارات الحمراء ويتوسط المكان طاولة دائرية عليها شمعدان كبير مليء بالشموع الحمراء هذا بالإضافة لفرقة موسيقية بدأت تعزف ألحانا موسيقية بعد أن فتحت عينيها .
طلب منها الجلوس وبقي هو واقفاً قال لها :
في حاجة كدة كتبتهالك ، انا عمري ما حاولت أكتب ، بس حبيت أعمل حاجة إنتي بحبيها .
إبتسمت لمار ثم قالت :
إتفضل .
إقترب منها وهو يمسك بعلبة قرمزية اللون فتحها وأخرج منها سلسة فضية كتب عليها Lamar ثم إرتداها امام ناظريها ، أخرج بعدها من نفس العلبة عقداً ذهبياً كتب عليه khalid وقال :
هل تسمحين لهذا العقد البسيط أن يسكن ويستقر على قلبك كما سكن صاحبه في داخل قلبك .
أومأت لمار برأسها علامة الإيجاب ، فوقف خلفها ورفع خصلات شعرها للأعلى ثم أحاط عنقها بالعقد وقبل أن يغلقه إقترب من أذنها وبدأ يهمس بتلك الكلمات التي كتبها لها :
إليك يا كل أنحائي
يا من تبعثين الحب في كل أرجائي
أعيشك وأعتبرك كل أحلامي
وأؤمن بقلبك رسولاً للحب في زماني
وبعينيك بدر يضيء كل أوصالي
أحبك ، ولم أجد غيرها صدقاً بين كلماتي .
أغلق بعدها قفل العقد ثم جلس أمامها على مقعده ليجدها تحاول مقاومة الدموع التي تلألأت تحت جفنيها من الفرح، قامت بعدها بكل عفوية أمسكت بكلتا يديه وقالت :
تسمحلي بالرقصة دي .
ضحك قليلا ثم قال :
أكيد طبعاً.
نهض معها وإبتعدا قليلا عن الطاولة بدأ يرقصان معاً هذه المرة تختلف تماما عن المرة الأولى التي رقصا فيها ليلة عيد ميلادها .
كانت حركاتهما إنسيابية بدون قيود تحدثا في أمورٍ شتى وأولها تجهيزات الزفاف الجديد .
عادت لمار للمنزل الساعة الثانية عشر في منتصف الليل ، بينما ذهب خالد لمنزل عمر صديقه بعد أن أوصل لمار .
إستجوب عمر صديقه خالد عما حدث ، فأخبره خالد ونبرة السعادة تغطي جمله ، أما لمار فقد غيرت ملابسها وإتصلت بآية لتحكي لها وتشركها فرحتها ، قالت لمار :
كان نفسي أنا وإنتِ نتجوز في يوم واحد .
آية :
مش مشكلة نتجوز في يوم واحد .
لمار :
إزاي ؟
آية :
في عريس إتقدملي النهاردة وانا وافقت .
لمار بدهشة :
مين ؟!
آية :
عمر .
لمار :
عمر مين ؟؟
آية :
صاحب خالد .
لمار :
بجد ولا بتهزري .
آية :
وهي الحاجات دي فيها هزار .
لمار :
خالد مقالش لي ؟
آية :
هو ميعرفش زيك بالظبط .
لمار :
وعرفتوا بعض إزاي !؟
آية :
شوفته أكتر من مرة عند خالد في الشركة .
لمار :
دة انتِ محتاجالك قعدة ، بكرة تيجي الشغل بدري عشان تحكيلي على كل حاجة .
ضحكت آية ثم أغلقت المكالمة .
في هذه الأثناء كان خالد يعاتب صديقه عمر قائلا :
كدة تخبي علي حاجة زي دي .
عمر :
انا كنت هقولك بس شوفتك مشغول بموضوعك انت ولمار وقولت أستنى لما الأمور تهدى .
خالد :
طب إحكي إحكي .
سرد عمر كل مالديه من حكايات لخالد منذ أول مرة إلتقى فيها بآية في شركة خالد عندما كانت تحاول الإصلاح بينه وبين لمار وحتى هذه اللحظة ، خلد الإثنين للنوم عند الساعة الثالثة قبل فجر اليوم التالي .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
صباح اليوم التاسع عشر من فبراير .
إستيقظت لمار عند الساعة الثامنة ومزيجا من النشاط والسعادة يملآنها ، تناولت فطورها وإرتدت ملابسها وذهبت للعمل .
أنجزت بعض الأعمال ثم وفرت ساعة كاملة تحدثت فيها مع آية ، قطع حديث الفتاتين إتصال طارئ ، ردت لمار :
إيه ، وحصل إمتى وفين ..... أنا جاية حالا .
أنهت لمار المكالمة ونهضت على عجلة وهي تقول :
أنا لازم أسافر أسوان دلوقتي .
آية :
اسوان ، لي .
لمار :
معلومة مهمة عن القضية إللي بكتب عنها .
آية :
طب ما تخلي حد تاني من الصحفيين إللي شغالين هنا يروحوا .
لمار :
مينفعش القضية دي قضيتي .
اية :
هتروحي لوحدك ؟
لمار :
أيوة .
سافرت لمار لأسوان بسيارتها في تمام الساعة الحادية عشر ظهرا .
وعادت في تمام الساعة الخامسة عصراً وذهبت للعمل ، عقدت إجتماع طارئ مع بعض الموظفين وتناقشت معهم حول المواضيع التي سيتم نشرها في العدد القادم من مجلة الحرية الأسبوعية .
إنتهى الإجتماع في تمام الساعة السابعة مساءً كان هاتفها مغلقاً ، فتحته لتجد العديد من المكالمات والرسائل بعضها كان لخالد إتصلت به :
ألو خالد !
خالد :
لمار إنتِ رجعتي من أسوان .
لمار :
ايوة ، عرفت ٱزاي !
خالد :
لما إتصلت بيكي ولقيت جوالك مقفول قلقت وإتصلت بآية .
لمار :
ماشي يا خالد هكلمك لما أروح البيت ، سلام .
أكملت لمار تفحص باقي الأرقام والرسائل لتجدها كلها لرقم واحد لا تعرفه ، بدأت تعصر ذاكرتها ولكنها لم تصل لشيء فاجأها هذا الرقم بإتصال أخر فردت فوراً :
ألو ، مين ؟!
جاء صوتا غريباً :
انا واحد إبن حلال عايزة أحذرك وأقولك إن رقبتك الحلوة ممكن تطير لو مسبتيش القضية إللي إنتِ بتكتبي فيها دي مش عايز العدد الجاي يكون في أي مقالة تخصها .
ردت لمار بتحدي :
أعلى ما في خيلك إركبه ، أنا مش بخاف .
أغلقت لمار الهاتف ولم تبالي فقد واجهت الكثير من هذه التهديدات من قبل في عملها ، غادرت لمنزلها وتناولت وجبة بسيطة وأخذت حماماً ساخناً ثم خلدت للنوم .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
اليوم العشرين من فبراير .
إستيقظت لمار باكراً إرتدت ملابسها وإتصلت بخالد :
صباح الخير .
خالد :
صباح النور .
لمار :
أنا صحيتك من النوم ؟
خالد :
لأ ، أنا صاحي ، عايزة حاجة مهمة ؟
لمار :
اه ، انت فين .
خالد :
انا عند عمر هنزل دلوقتي أروح الشغل .
لمار :
طب عدي علي في البيت .
خالد :
ماشي .
أمضى خالد خمسة عشر دقيقة حتى وصل ، كانت لمار تنتظره في مدخل العمارة وكانت تتناقش مع البواب في بعض الأمور لوح لها خالد بيده ، فإنبهت له وسارت نحوه ، ركبت على مقعدها وقالت :
وديني فيلا محمود الجيزاوي والدي .
لم يفه خالد بكلمة واحدة وسار مسرعاً نحو الفيلا ، وصل للمكان المطلوب بعد نصف ساعة في الطريق ، نزلت لمار من السيارة مع خالد بعد ان طلبت منه مرافقتها للداخل .
فتح لهم البواب وتوجها نحو الباب الداخلي طرقت لمار الباب فتحت لها العاملة الباب ، وتوجهت لمار نحو الصالون وجلست هي وخالد ، نظر إليها خالد وفهم ما تنويه لمار .
السلام عليكم إزيك يا خالد ، إزيك يا بنتي .
كان هذا صوت والد لمار حياهم وتبعته والدة لمار ، بدأت لمار في الحديث قائلة :
أنا وخالد قررنا نعمل حفلة يوم ٢٥ عشان قررنا نتجوز .
قال خالد مؤيداً :
وإحنا جايين نعزمكم .
والد لمار :
تعزمونا على حفلة إي انا مش فاهم حاجة .
أكدت على حديثه والدة لمار قائلة :
ولا أنا .
نظر لمار وخالد لبعضهما قليلا ثم قالت لمار :
أنا وخالد ...... إحنا .
لم تجرؤ على إتمام جملتها فنظرت لخالد طالبة منه الدعم فتابع خالد ما أنهته قائلاً :
إحنا جوازنا لسة عالورق .
والد لمار :
إزاي !! كل الفترة دي .
لمار :
تقدر تقول كدة يابابا إن إحنا كنا بنعرف بعض كويس ، عشان ناخد قرارنا كويس .
ظلت والدة لمار صامتة ولم تحاول الحديث ، همت لمار وخالد بالإنصراف ولكن والد لمار أوقفهما قائلاً :
رايحين فين ؟
خالد :
ماشيين إحنا قولنا إللي كنا جايين عشانه .
والد لمار :
لا يا حبيبي إنت بس إللي هتمشي .
خالد :
قصدك إي .
والد لمار بعصبية :
قصدي إن إنت مش هتتجوز بنتي ، إنت اصلا إللي خليتها توصل للحالة دي طول عمرها في حالها ومبنسمعلهاش صوت بعد ما إتجوزتك وهي إتغيرت عايشة لوحدها بتروح وتيجي لوحدها وبتعارض وبقى ليها صوت .
خالد :
انت زعلان عشان بنتك بقت عايشة حياتها من غير قيود ؟
صمت والد لمار في حين تحدثت لمار :
يلا يا خالد .
نادى عليها والدها بغضب وكاد يضربها لولا أن خالد أبعدها وقال لوالدها :
هتضربها قدامي .
والد لمار :
دي بنتي وأنا حر .
خالد بغضب :
ودلوقتي هي مراتي .
أمسك خالد يد لمار و سار للخارج .
ركب الإثنين السيارة قال خالد وهو يركز على الطريق :
دلوقتي دوري لازم اهلي يعرفوا ، على فكرة أنا فخور بيكي انتِ واجهتيهم من غير اي خوف و حسيت كمان ان مامتك فخورة بيكي .
لمار :
أنا ما خوفتش عشان انت كنت معايا .
صمت خالد وإكتفى بأن يمسك يديها ، وأكملا الطريق بصمت .