عند الساعة السادسة مساء غادرت لمار المزرعة وأوصلها خالد إلى شقتها لم ينطق أي منهما بكلمة في الطريق .
بعد ان أوصل خالد لمار وهو في طريق عودته للمنزل تلقى مكالمة هاتفية من من مريم أخته :
ألو السلام عليكم .
خالد :
وعليكم السلام .
مريم :
إنت فين يا خالد أنا روحتلك الشغل قالولي مشيت من بدري .
خالد :
كنت في مشوار مهم ، انتِ عايزة حاجة ؟
مريم :
ماما عازمانا على العشاء الليلة .
خالد :
ماشي هروح أغير هدومي وآجي ، مع السلامة .
أغلق خالد المكالمة وزاد من سرعة السيارة حتى وصل لمنزله أخذ حماما ساخنا وغير ملابسه ثم غادر .
وصل خالد لمنزل العائلة وإستقبلته والدته بالأحضان ثم قالت مازحة :
كل دة تأخير .
إعتذر منها خالد ثم سار نحو غرفة الطعام ، إندهش خالد عند رؤيته لمار ووالديها يجلسان على طاولة الطعام ، أشارت له والدته على مقعد بجانب لمار وطلبت منه الجلوس .
إنصاع لأمر والدته ، ألقى التحية على الجميع وذهب للجلوس ، أخرج بعدها هاتفه وكتب رسالة واتس أب للمار لانه لا يستطيع ان يحدثها أمام الجالسين :
إي الحكاية ؟
ردت لمار برسالة :
معرفش .
رأى خالد الرسالة وعرف بعدها أن الأمر كله من تخطيط والدته ومريم اخته .
بدأ الجميع يتحدثون أثناء تناول الطعام ما عدا لمار وخالد .
وجهت والدة خالد الحديث له قائلة :
مش ناوي ترد مراتك يا خالد أنا عايزة أفرح بعيالك قبل ما أموت .
رد خالد :
بعد الشر عليكِ ، بس ...
قاطعته والدته :
هي لمار معترضة ولا إي ؟
قالت لمار مدافعة :
الحكاية مش كدة يا طنط بس الأمور متتاخدش كدة .
لم تعقب والدة خالد واكمل الجميع تناول الطعام ، وبعد إنتهائهم غسلوا أيديهم وتوجهوا نحو غرفة المعيشة وتناولوا بعض الحلويات .
أرسلت لمار رسالة واتس أب لخالد تقول فيها :
لو سمحت يا خالد حاول تنهي الموقف دة .
قرأ خالد الرسالة ، ثم غمز لمريم أخته ثم قال :
بعد إذنكم يا جماعة أنا ومريم هنعمل شاي .
سار الإثنين بإتجاه المطبخ خاطبها خالد قائلا :
مريم اكيد انتِ كنتِ عارفة ، إزاي تحطيني في موقف زي دة ؟
مريم :
أنا كنت بحاول أساعدك .
خالد :
المساعدة انك تخلصي الليلة دي دلوقتي .
مريم :
يعني أعمل إي ؟
خالد :
إطلعي قولي ان وراكي شغل انت وجوزك بكرة ولازم تمشي .
مريم :
حاضر .
غادرت مريم المطبخ وتركت خالد يحضر اكواب الشاي ، وعندما خرج بأكواب الشاي وجلس قالت مريم :
معلش يا جماعة أنا وعلي هنمشي دلوقتي عشان ورانا شغل بكرة .
عقبت لمار :
أنا كمان عندي شغل ولازم أمشي .
غادر الجميع دون الوصول لأي حل أما خالد فقرر البقاء في المنزل هذه الليلة ذهبت والدته لغرفتها وبقي هو جالس مع والده ، ليفتح والده الحوار قائلا :
وبعدين ؟
خالد :
وبعدين اي يابابا ، مش فاهم .
والده :
يا إبني حرام عليك أنا وأمك نفسنا نشوف عيالك قبل ما نموت .
خالد :
وهو بمزاجي يعني يا بابا .
والده :
انا مستغرب إزاي أربع شهور ومحصلش حمل .
خالد :
عادي يا بابا بتحصل بعدين انت نسيت اني طلقتها ؟
والده :
ما إنت هتردها يا إبني ، وبعدين تروحوا عند دكتور تشوفوا موضوع الخلفة دة .
خالد :
حاضر يا بابا ، بعد إذنك عايز ألحق ماما قبل ما تنام في حاجة مهمة عايز أقولهالها .
والده :
إذنك معاك يا إبني .
نهض خالد بعد ان تهرب من حديث والده وتوجه نحو غرفة النوم ، طرق الباب بضع طرقات حتى أذنت له والدته بالدخول:
إتفضل .
خالد :
آسف لو أزعجتك في الوقت دة بس عايزك في حاجة .
والدته :
أنا إللي عايزاك في حاجة .
خالد :
إتفضلي يا ماما .
والدته :
شوف يا إبني يا حبيبي أنا عارفة إن حياتك متلخبطة بسببي أنا إللي جوزتك البنت دي وانت ما كنتش عايزها ، بس ما رضيتش تزعلني ، وهي دي أخرة الجوازة طلاق بعد أربع شهور بس و بنحاول نصلح بينكم ، أنا اسفة يا إبني .
خالد :
أسفة على إي يا ماما انت مغلطتيش في إختيارك دي مشاكل بتحصل في كل بيت ، بكرة نتصالح ، بس انا مش عارف أصالحها إزاي أصل انا زعلتها أوي .
والدته :
يبقى تراضيها زي ما زعلتها .
فتحت ذراعيها وقبلت إبنها وعانقته عناقا شديدا فقال خالد :
ياه وحشني حضنك يا أمي .
بدأ التأثر يظهر على عينه وعين والدته فحاول التهرب من هذا الموقف قائلا :
بعد إذنك يا ما ما ، تصبحي على خير .
والدته :
وإنت من اهله يا حبيبي .
غادر خالد غرفة والدته وتوجه نحو غرفته ، دخل الغرفة وأضاء المصابيح وبدأ يتذكر لحظاته التي عاشها هنا لقد ترك هذا المنزل وهذه الغرفة منذ ثلاثة أعوام وعاش وحيدا بعد ان إستلم إدارة إحدى شركات والده ، يا لها من أيام .
تمدد على سريره وفتح حقيبة الحاسب الألي المحمول (لابتوب) وأخرج منها كتابا ، ذلك الكتاب الذي أصبح سلاحه الوحيد ليعيد لمار إليه ، بدأ يقلب صفحاته عشوائيا حتى وصل لإحدى الصفحات التي كتب فيها :
سألني رجل ذات يوم ، كيف أجعلك تقعين في حبي ؟
فأجبته : عليك ان تكون أبي حتى تشعرني بطفولتي ، وعليك ان تكون أخي حتى تشعرني بالأمان ، وعليك ان تكون زوجي حتى تشعرني بأنوثتي .
فسألني :
وكيف أجعلك تشعرين بكل هذا ؟
فأجبت : عليك ان تضع نفسك مكان كل واحد فيهم وترى كيف تفعل ذلك .
أنهى خالد قراءة هذا المقطع وبدأ يفكر قليلا ثم غط في نوم عميق .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
اليوم السابع عشر .
إستيقظت لمار في الساعة الثامنة والنصف على صوت جرس الباب نهضت وهرولت سريعا نحو الباب ، فتحته ولم تجد سوى صندوق أبيض وعلقت عليه بالونات حمراء من الأعلى ، حملته ودخلت الشقة وأغلقت الباب .
جلست الأرض وفتحت الصندوق لتجد فيه دمية كبيرة والكثير من الشوكولاتة أفرغت الصندوق حتى وجدت ظرف صغير في قاع الصندوق ، فتحته لتجد فيه :
رغم أنك إمرأة بالغة إلا ان هذا لا يمنعك من إقتناء دمية جميلة .
ورغم ان قوامك ممشوق فهذا لا يعني ألا تأكلي بعض الشيكولاتة .
أتمنى لك يوما جميلا سيدتي .
خالد.
إنتهت لمار من قراءة الورقة ثم احضرت هاتفها وكتبت له رسالة واتس أب :
أرى انك بدأت تتقدم لا بد وأنك درست كثيرا حتى تصل لهذه المرحلة .
شكرا على هديتك ، لقد أسعدتني هذا الصباح .
قرأ خالد هذه الرسالة وهو يجلس على مكتبه ، وضع هاتفه جانبا وأنهى بعض أعماله ، ثم خرج متوجها بسيارته نحو إحدى محلات الورود جلب باقة من الورود الملونة ثم ذهب بها إلى لمار في العمل .
خالد :
أنسة لمار موجودة ؟
السكرتيرة :
أنسة ؟
خالد :
أقصد مدام لمار موجودة ؟
السكرتيرة :
اه ، حضرتك عندك ميعاد ؟
خالد :
لا ، بس انا مش محتاج ميعاد .
توجه خالد نحو باب مكتبها وتجاهل السكرتيرة ، فتح الباب ودخل ليجدها تجلس على المكتب ممسكة ببعض الأوراق وجهها للحائط وظهرها له .
ظل واقفا ينتظر ردة فعلها حتى تحدثت قائلة :
هبة أنا كنت عايزاكي ....
بترت جملتها ، ثم قالت بدهشة :
خالد !!
نهضت من مكانها وإلتفتت ببطء لتجده واقفا يبتسم وممسكاً بباقة الورد .
تقدم نحوها ثم وضع باقة الورد على المكتب وقال :
عرفتيني إزاي ؟ حسيتي بيا ؟
لمار بسخرية :
لأ بس ريحة البرفان بتاعتك مميزة .
خالد :
طيب ، أنا ماشي سلام .
لمار :
كنت جاي لي أصلا ؟
خالد :
لقيت نفسي فاضي قولت أجيبلك بوكيه ورد وأقولك صباح الورد .
لمار :
بس أنا مش بحب الورد .
نظر إليها خالد في صمت ثم غادر .
أمسك هي باقة الورد وسحبت منها البطاقة الموجودة وقرأت ما كتب فيها :
أعرف يا سيدتي أن كبريائك سيمنعك من إظهار الإعجاب بهذا الورد أمامي ، ولكنني أراهن الأن أنك سعيدة جدا به ، أتمنى ان ترضي هذه الباقة من الورود شغف الأنثى بداخلك .
خالد .
أنهت لمار قراءتها ثم ضمت باقة الورود وقبلتها .
توجهت لمار نحو هاتفها وفتحت الواتس أب لتجد رسالة منه تقول :
أعرف أن قلبك كاد يتوقف من الفرح عند رؤيتي ، ولكن يا سيدتي غرورك يمنعك من البوح بكلمة تدل على هذا الشوق .
ومع ذلك هنيئاً لعينيك لأنها فضحت مشاعرك .
ردت لمار :
هل أنت مجنون يا عزيزي ؟
رد هو :
نعم بكل تأكيد ، ألم تسمعي كاظم الساهر عندما قال :
زيديني عشقاً يا أحلى نوبات جنوني .
أراهن أنه غنى هذه الأغنية لك ِوعبر عما في داخلي .
لك كل الشكر يا قيصر ، لأنك غنيت لحبيبتي .
ردت :
حبيبتك ؟ وهل سمحت لك بأن تناديني بهذا اللقب .
خالد :
حبي لكي شيئا لا إراديا .
لمار :
ولكن تعبيرك عنه إراديا .
خالد :
صدقيني لم اعد اتحكم بأي مشاعر وتصرفات تخصك .
قرأت لمار الرسالة ولكنها لم تجد إجابة مناسبة فأغلقت هاتفها وجلست على الكرسي ووضعت رأسها على المكتب وبدأت تفكر .