كانت الساعة السابعة مساء و لمار تجلس على مكتبها وتتابع العمل وصلت لها رسالة واتس آب فتحت هاتفها فوجدت رسالة من (Khalid).
فتحتها وبدأت تقرأ ، ومع كل كلمة فيها تزداد نبضات قلبها انتهت من قراءتها ومسحت دموعها ثم بدأت تكتب له :
الحب يا عزيزي ليس بضع كلمات ترتب على هيئة جمل وتكون نصا متناغما .
إنه أفعال وتضحيات.
الحب، ان تقف بجانب من تحب حين يحتاجك لا أن تكون قاسيا عليه .
إياك وان تقسو على من تحب بقول او فعل ، انتشرت مقولة تقول (لا تقسُ على من تحب إلا عند إحتضانه )
وأنا أقول( لا تقسُ على من تحب إلا عند إحتضانه وعتابه ).
وصلت الرسالة إلى خالد فرد :
وهل أعتبر هذا عتابا ؟
لترد عليه لمار :
عليك ان تفرق بين العتاب والعقاب .
يرد خالد :
ومتى يتنهي هذا العقاب ؟
لمار :
عند موتي .
خالد :
هذا ان لم امت قبلك .
وصلت هذه الرسالة للمار قرأتها وتجاهلت الرد عليها رجعت إلى المنزل وأخذت حماما ساخنا وذهبت للنوم .
أما خالد فمازال في العمل جالسا على الكرسي وممدا قديمه على المكتب ويضع السماعة في أذنيه وعينيه مغمضة .
دخل عليه عمر صديقه فلم ينتبه له ، فقال عمر :
خالد انت مش هتروح .....يا خاالد .
سار عمر بإتجاه خالد ونزع السماعة من اذنيه ، فزع خالد وفتح عينيه ليجد عمر أمامه فوبخه قائلا :
اي يا إبني الطريقة دي .
عمر :
انا بقالي ساعة بنادي عليك وانت في عالم تاني ، انت بتسمع إي .
خالد :
(حاول تفتكرني ) لعبد الحليم حافظ .
لو مريت في طريق مشينا مرة فيه
او عديت في مكان كان لينا ذكرى فيه
إبقى إفتكرني
حاول تفتكرني
دي الليالي عشناها
أبدا مش هنساها
على بالي يا حبيبي
ليل ونهار وأنت على بالي
عمر :
يا سيدي يا سيدي .
خالد :
إنجز عايز اي .
عمر :
ما روحتش لي لحد دلوقتي .
خالد :
مليش مزاج ، انا هنام هنا .
عمر :
وانا كمان هنام هنا .
خالد :
انت حر .
وعاد خالد إلى ما كان عليه قبل دخول عمر ، اما عمر فقد تمدد على إحدى المقاعد الموجودة .
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في صباح اليوم التالي الموافق السادس عشر من فبراير .
إستيقظ خالد عند الساعة الخامسة لآداء صلاة الفجر قام وتوضأ وصلى ثم أيقظ صديقه عمر وعاد كلا منهم لمنزله .
في تمام الساعة التاسعة عاد خالد مرة أخرى للعمل ، وجد آية تنتظره .
خالد :
صباح الخير يا آنسة أية .
آية :
صباح الخير يا خالد بيه ، قرأت الكتاب .
خالد :
آه .
آية :
طب وهتعمل إي .
خالد :
والله ما أعرف لسة بفكر .
آية :
لو إحتاجت مساعدة مني قولي ماشي ، على فكرة لمار طالعة في برنامج بعد بكرة الساعة ٧ مساء على القناة الأولى .
قالت آية هذه الجملة ثم غادرت ،جلس خالد على مكتبه يفكر فأخرج هاتفه وأرسل رسالة واتس أب للمار ، كان محتواها :
صباح الخير سيدتي العزيزة .
يقول شكسبير :
كلما زادت مشاكلك مع حبيبتك
فإعلم أن حبكم وصل لحد الجنون .
فهل هذا صحيح سيدتي ؟؟
أرسلها خالد ، ثم فتح الكتاب وبدأ يقرأ فيه سريعا حتى وصل لإحدى الصفحات وبدأ يقرأها بصوت عال :
دائما كنت أحب الخيل أجد فيها من السحر والجمال ما لم أجده في غيرها من المخلوقات ، في فترة المراهقة كنت أحلم دائما بأن فارس أحلامي سيأتي ويأخذني على حصانه الأبيض .
أنهى خالد القراءة ثم بدأ يتأمل ، قطعت تأملاته صوت رسالة واتس أب من لمار تقول فيها :
نعم يا سيدي ما يقوله شكسبير صحيح.
فرد خالد فورا :
وهل هذا ينطبق علينا سيدتي ؟
لترد لمار :
بالطبع لا فهو يقول كلما زادت المشاكل
ولم يقل كلما كبرت إحدى المشاكل وأحدثت فوهة بينك وبينها .
قرأ خالد هذه الرسالة وهو يبتسم ، ثم رد عليها :
لا أعرف كيف يمكنكِ هزيمتي كل مرة ، ولكن صدقيني أنا تلميذ مجتهد ، وعاشق متيم ، وسوف أستذكر دروسي جيدا وأحفظ قواعد العشق كيلا تغلبيني مرة أخرى .
قرأت لمار الرسالة وتجاهلت الرد عليها ، في هذا الأثناء كان خالد يتصل بآية ويتفق معها على شيء ما .
عاد خالد لعمله ، وبدأ يعمل كثيرا حتى ينتهي مبكرا هذا اليوم.
أما لمار فكانت تحكي لآية كل ماحدث ، وحين أنهت كلامها وجدت آية شاردة تماما فسألتها قائلة :
مين إللي واخد عقلك يتهنى بي يا آية .
ضحكت أية ثم قالت :
مفيش مفيش.
قالت لمار :
لا في ، بس مش هسألك انا هعرف بطريقتي .
ضحكت الفتاتان ثم عادت كل منهن للعمل .
في تمام الساعة الواحدة ظهرا .
طلبت آية من لمار ان تأتي معها لمكان مهم ولم تذكر ما هو هذا المكان ، عارضت لمار في البداية ولكنها واقفقت .
قادت آية السيارة في حين كانت لمار تجلس بجانبها وبذهنها ألف سؤال .
عندما وصلت آية للمكان المطلوب قامت بلف شريط أبيض على عيني لمار ثم حثتها على النزول ، سارت لمار وهي ممسكة يد آية ، ثم طلبت اية منها ان تقف ، وقفت لمار ثابتة مكانها ، في حين كان هناك من يقف وراءها وينزع الشريط عن عينيها .
فتحت لمار عينيها لتجد نفسها في منطقة خضراء و أمامها حصان أبيض إلتفتت لمار للوراء حتى تسأل أية عن هذا المكان فوجدت خالد يقف وراءها .
قالت لمار :
خالد انت بتعمل اي هنا ؟
خالد :
دهب .
لمار :
إيه ؟
تقدم خالد بضع خطوات نحو الحصان ثم قال :
إسمه دهب .
ثم أمسك يدي لمار التي مازالت منبهرة وقال :
يلا عشان تجربيه .
أنا الفرسة بتاعتي هناك إي رأيك نتسابق .
لمار :
أسفة مضطرة أمشي .
قال خالد بخبث :
أراك تهربين من المواجهة هل تخافين الخسارة يا سيدتي ؟
ردت لمار بخبث أكثر :
وهل يليق بسيدتك أن تخاف مواجهة إحدى تلاميذها ؟
خالد :
حسنا لنرى .
إمتطت لمار حصانها وركب خالد على الفرس وقبل ان يبدأ السباق سألت لمار :
إسمها إي .
وأشارت إلى الفرس .
رد خالد :
إسمها ماسة .
لمار :
ولي سميتهم دهب وماسة ؟
خالد :
على إسمك ، هو مش لمار معناه بريق الدهب والماس ؟
إبتسمت لمار ثم قالت :
شكلك بتذاكر كويس .
بدأ السباق وإنتهى بفوز خالد الذي قال مازحا :
مش هتباركيلي على الفوز ؟
لمار :
مبروك .
خالد :
مش طالعة من قلبك بس همشيها ، يلا نرجهم الإسطبل هو قريب على فكرة المزرعة دي بتاعت العيلة لما تحتاجي تشوفي حصانك تعالي في أي وقت .
لمار :
انت بتعمل كدة لي ؟
خالد :
لو مش هنتجوز يبقى مفيش مانع نكون أصحاب ، صح ؟
إبتسمت لمار ولم تعقب على كلامه .
جلس الإثنين على العشب الأخضر ، قال خالد :
بعشق الخضرة .
ردت لمار :
يمكن عشان شبهك .
خالد :
الخضرة شبهي ، إزاي ؟!
لمار :
شبهك في النقاء والصفاء والجاذبية وفي حجات كتير اوي .
نظر خالد إلى لمار ثم قال :
وإنتِ شبه البحر .
لمار :
في إيه ؟
خالد :
في الجمال والعمق والتحرر
حتى زعلك الواحد مش بيعرف يتفاداه بيبقى عامل زي المد والجزر بالظبط .
لمار إنت ليه سميتي كتابك قيود ؟
لمار :
الكاتب دايما بيعبر عن حالته النفسية بالكتابة وأنا كنت بعبر عن حالتي النفسية .
خالد :
وإي هي القيود إللي في حياتك .
لمار :
كل حاجة وأولهم العادات والتقاليد إللي مبتعملش للمرأة حساب .
خالد :
تؤتؤتؤ ، انتِ اهم قيد في حياتك هو الخوف .
لمار :
الخوف !!
خالد :
انتِ إللي يشوفك من برة يقول إنك قوية وصلبة ومفيش حاجة بتكسرك ، بس من جواكي الخوف مسيطر عليكي ، إنت بتخافي من كل حاجة بتخافي من إمبارح ومن بكرة ومن النهاردة بتخافي من البيع والشراء بتخافي من الربح والخسارة ومن كل حاجة .
لمار :
إنت عايز اي ؟
خالد :
عايز أكسر سلسلة الخوف اللي جواكي .
لمار :
أنا لازم أمشي الوقت إتأخر .
خالد :
شوفتي إنك خايفة ، انتِ خايفة تكسبيني او حتى تخسريني .