كان وجه مي يونغ شاحبا و كانت تظهر و تكاد تختفي بسبب نفاذ قوتها ، مما زاد من رعب جيهوب بعدما رآه و استوعب أنها هي من كان وراء ذلك ، طغى كل ذلك على تفكيره و على ذكرياته الجميلة معها ، كل ما كان عقله يردده أنها شبح فتاة ميتة منذ ثلاث سنوات و أنها قادرة على القيام بأشياء لا يتستطيع العقل البشري استيعابه ..
حاولت مي يونغ الاقتراب من جيهوب و هي تكافح ذبول قوتها و تقول محاولة التوضيح :
- أوبا .. أنا آسفة .. حاولت مرات عدة إخبارك ..
لكن جيهوب تراجع خطوات إلى الوراء و قال بشفتاه المرتعشتان :
- أرجوك .. لا تقتربي أكثر ..
توقفت مي يونغ مكانها تتطلع بنظراتها لجيهوب الذي كان يرمقها بنظرات خاطفة ، ثم تراجعت و قالت بصوت شبه هامس و الدموع تسيل من عينيها :
- لهذا السبب لم أستطع إخبارك ..
تبادل الاثنان النظرات لثوان و أصبح الصمت سيد المكان ، إلى أن أحس بيد تلمس كتفه مما جعله يقفز من مكانه و هو يرتعش ، نزع جيمين الغطاء عن وجهه و قال محاولا تهدئته :
- هيونغ .. هذا أنا .. جيمين .. ما هذه الكدمات على وجهك ؟ هل قام أحد بإيذائك هيونغ ؟
أمسك جيهوب بكلتا يدي جيمين و هو يرتعد الخوف و قال :
- جيمين-آآه! ..لقد أخبروني أنها ميتة ! لكن لما هي واقفة هناك ؟ ! .. انظر إنها ..
التفت جيهوب ليجد مي يونغ قد اختفت مرة أخرى ، ابتعد عن جيمين و هو يدور في مكانه و يتحدث لنفسه :
- أين ذهبت ؟ .. لقد .. لقد ظهرت قبل قليل ..
- هيونغ .. لا بأس لنعد إلى البيت ..
- .. و قد قامت بجعل كل شيء يطير في الهواء ..
كانت عينا جيمين ممتلئان عن آخرهما بالدموع فلم يستطع قلبه المرهف تحمل رؤية جيهوب على تلك الحال ، اقترب منه و أمسك بدراعه و دموعه تسيل و صرخ :
- هيونغ ! أرجوك توقف ! ..
توقف جيهوب عن الحراك و التزم الصمت و هو ينظر إلى دموع جيمين الغزيرة فشعر فجأة بحماقة ما كان يفعله ، شعر أنه تائه بين الواقع و الخيال ، لا يستطيع بعد استيعاب إن كان كل ما رآه حقيقة أم أنه حقا يعاني من اضطراب نفسي ..
ثم التفت يمشي و كأنه شبه ميت قبل أن يسرع جيمين و بلحق به و يمد له قناع الوجه خاصته دون قول كلمة ، أخذه جيهوب و قام بارتدائه و تابع طريقه ..
كان يمشي في الشارع الشبه خالي و هو لا يعلم إلى أين عليه الذهاب لولا جيمين الذي يسير قربه يقوم بإرشاده بين الفينة و الأخرى إلى أن وصلا إلى المسكن ، دخل جيمين ليقف الجميع يسألونه عن جيهوب بقلق ، ثم دخل جيهوب .. أو ما تبقى منه يمشي كالميت الحي و اتجه مباشرة إلى غرفته فلم يكن يريد سماع أي أسئلة أو رؤية نظراتهم المريبة إليه ، خصوصا الآن بعد أن أيقنوا أن الفتاة التي كان يتحدث عنها ميتة منذ سنين ..
التفت جين إلى جيمين و قال :
- أين نامجون ؟ ألم تخرجا معا ؟
- لقد افترقنا كي يبحث كل منا في جهة .. اتصلت به قبل قليل أخبرته أني وجدته ..
فجأة دخل رابمونستر بعد أن دفع الباب بقوة و قال و هو يلوح بقبعته و قناعه بعيدا :
- أين هو ؟ هل هو بخير ؟
حينها انفجر جيمين باكيا رغم محاولته التماسك أمام باقي الأعضاء و جلس على الأريكة يحاول إخفاء ملامحه الباكية و قال :
- وجدته في زقاق خال .. أظنه تشاجر مع أحدهم .. لقد كان بحالة يرثى لها .. كان يتصرف بغرابة .. علينا أن نفعل شيئا حيال هيونغ ..
التزم الجميع الصمت لا يعلمون كيف عليهم التصرف حيال الوضع ، لم يجدوا سوى منح جيهوب الوقت للاختلاء بنفسه حتى يتخطى صدمته ..
أمضى جيهوب ما تبقى من يومه منكمشا تحت غطائه في سريره يبكي بحرقة و هو يحاول إيقاف الألم الذي كان يشعر به يقطع جسده ، حتى حين دخل شوقا لم يتفوه بكلمة ..
مر أسبوعان و جيهوب يتجنب الحديث مع الأعضاء و كل ما يفعله هو الانعزال تارة في غرفته و تارة في العلية حيث توجد الأغراض القديمة التي تركها الأعضاء هناك ، سأل عنه بيدينيم مرات عديدة لكن رابمونستر كان يتدخل و يخبره أنه يعاني من نزلة برد و قد رفض الذهاب إلى المستشفى لكنه يتناول دوائه و يرتاح ، و هذا ما أقنعوا به لقاء افتتاح المسلسل الذي نضم دون حضور جيهوب فيه ، و من العجيب كيف نجح المسلسل و تلقى جيهوب تعليقات إيجابية حول تمثيله من طرف النقاد ، لكنه كان منعزلا عن أي شيء يخص العالم الخارجي أو العالم الحقيقي كما أصبح يسميه ، فقد أصبح مقتنعا كليا أن به نوعا من الجنون أو الاضطراب و أن خروجه للعالم الحقيقي قد يسبب مشاكل للفرقة بسبب تهيئاته المستمرة ..
كان الأعضاء يشاهدونه كل يوم على ذلك المنوال و هم عاجزون عن فعل شيء ، ففي كل مرة يحاول أحدهم فتح حوار معه يتسلل إلى العلية و يقفل الباب على نفسه ..
لم يتبقى على موعد الجولة سوى أربعة أيام لكن جيهوب لا يزال على حاله المزري الذي لا يزداد سوى سوءا مما أرهق تفكير رابمونستر فقرر التدخل لحل الموضوع بصفته قائدا ، فقرر الاستعانة برأي جين بما أنه الأكبر :
- إذن أخبرني ماذا هنا ؟
- في الحقيقة .. أرى أنه لا يمكننا الاستمرار في مشاهدة هوسوك على تلك الحال و نبقى ساكنين .. علينا أن نفعل شيئا ..
تنهد جين بقوة و قال :
- أنا أيضا يؤرقني موضوعه .. ظننت أنه ربما يتخطى الأمر بعد أيام لكن ، لا يزداد سوى سوءا .. لا أستطيع التصديق أنه نفسه هوبي الذي كنا نعرفه ..
- هذا ما أقصده .. أرى أن نتحدث إليه و نجعله يوافق على تلقي المساعدة ..
- ما الذي تقصده بتلقي المساعدة ؟
- أقصد .. أن نأخذه للعلاج النفسي
صمت جين للحظات ثم قال :
- إذا كان ذلك سيساعده .. لما لا..
مد رابمون يده لجين و قال:
- إذن هل ستساعدني على إقناعه ؟
ضرب جين كفه بكف رابمون و قال :
- بالطبع ! أنت تعلم أني دائما معك
اتجه الاثنان إلى العلية عازمان على إقناع جيهوب لتلقي العلاج ، فالتقيا بجيمين خارجا من غرفته و جونغكوك و تاي من قاعة التدريب فقال لهما جيمين :
- إلى أين أنتما ذاهبان ؟
تبادل الاثنان النظرات فقال جين بحزم :
- سنتحدث إلى جيهوب .. حان الوقت لنخرجه من حالته هاته ..
- لكن ..
تابع كل من رابمونستر و جين طريقهما يصعدان السلالم فتبعهما الماكنيز ، فتح رابمون الباب ليرى جيهوب منكمشا في إحدى زواياها كعادته يراقب السماء بتعابير شاحبة قرب النافذة الصغيرة ، التفت لينظر إليهم متجمعين أمام الباب بنظرات غير مكترثة ، ثم تابع مشاهدة السماء و قال بصوت شبه هامس :
- أرجوكم غادروا .. أريد أن أبقى وحدي ..
أمسك جيمين بدراع رابمونستر و قال :
- هيونغ .. من الأفضل ألا نزعجه ..
لكن رابمون انتفض من يد جيمين و قال بتعابير جادة :
- لا .. بل علينا أن نتحدث إليه ..
اقترب منه و قال محاولا حمله على الحديث :
- هوبي-اه .. أنت تعلم .. لم يبقى سوى أيام قليلة على جولتنا .. و علينا أن نستعد فالأرميز في الانتظار ..
ظلت تعابير جيهوب جامدة و قال :
- قوموا بها بدوني .. كل ما سأفعله أنني سأفسد لكم كل شيء .. أنا .. لا يمكنني أن أميز بين ما هو حقيقي و بين ما ليس كذلك .. عليكم أن تستمروا بدوني ..
تنهد تايهيونغ بقوة ثم قال بتذمر :
- ما الذي تقصده هيونغ بستفسد كل شيء ؟ تعلم أننا لسنا شيئا بدونك !
ظل جونغكوك فارغ التعبير عاجزا عن فعل شيء لقلة حيلته ، رغم أنه كان يشعر بالعبء لأنه يرى الهيونغز يعانون و لا يستطيع المساعدة و لو بخطاب جيد ..
التفت جين إلى تاي يشير له بالهدوء كي يتمكنوا من مواصلة الحديث مع جيهوب ، ثم تابع رابمونستر :
- لهذا بالضبط عليك أن تتلقى المساعدة هوسوك-ااه .. لما لا نذهب لرؤية طبيب نفسي سيساعدك على تخطي مشكلتك ؟ سيبقى الأمر سرا بيننا .. ها؟ ما رأيك ؟
التفت إليه جيهوب بنظرات حادة و قال :
- هل لا زلت مقتنعا أني مجنون ؟
- بالطبع أنا لا أقصد ذلك ..
حينها تدخل جيمين و أمسك بدراع رابمونستر مرة أخرى ليقول :
- هيونغ ! أخبرتك أنه من الأفضل أن نمنحه مزيدا من الوقت .. لما تصر على إزعاجه ؟
- إزعاجه ؟ جولتنا لم يبقى عليها سوى أربعة أيام و بيدينيم لا يعلم شيئا عن الموضوع الكل يتوقع أنه سيكون في الجولة .. ما الذي علينا فعله حيال ذلك ؟
ابتسم جيمين ابتسامة خيبة أمل و قال بنبرة جافة :
- هيونغ لم أتوقع أنك بهذه الأنانية ! كيف تهتم لأمر الجولة بينما هوبي هيونغ على هذه الحالة ؟
تدخل جين صارخا على جيمين :
- يااا ! أين احترامك للهيونغز ؟
تدخل تايهيونغ هو الآخر قائلا :
- آسف هيونغ لكن أظن أن جيمين محق .. هوبي هيونغ لا يزال يحتاج للراحة .. إجباره على مراجعة طبيب نفسي لن يزيد سوى من أزمته ..
نظر رابمونستر بحدة إلى تاي و قال :
- هل تقول الآن أنني أزيد من سوء حالته ؟
تلألأت عيون جونغكوك المليئة بالدموع الذي ظل ملتزما الصمت لرؤية نقاش "إخوته" يتحول شيئا فشيئا إلى شجار ، قبل أن يهز الغرفة صوت قوي قائلا :
- اصمتوووووا !!!
ساد الصمت في الغرفة و توقف الجميع عن الكلام ، كان شوغا واقفا طوال الوقت أمام الباب يتابع النقاش الحاد الذي دار بين الأعضاء و لم ينتبه أحد لوجوده ، دخل بخطوات هادئة ثم نظر إلى الجميع بنظرات حادة جعلتهم يخجلون من النظر إليه ، ثم قال بصوته الناعس :
- مشكلته الوحيدة أنه لا يستطيع ما هو حقيقي و ما هو من نسج خياله .. دعوني أحل له هذه المشكلة ..
تبادل الجميع النظرات لا يستطيعون فهم ما يقصده شوغا بكلامه ، بينما اتجه هو كالبرق إلى جيهوب و سحبه من ياقته من ركنه ليقف على قدميه ثم قام بلكمه لكمة قوية و سحبه مرة أخرى و أعاد لكمه و قال بصوت عال :
- هذا حقيقي !!
سقط جيهوب على الأرض فارغ التعابير لم يستوعب ما أقدم شوغا على فعله فقد كان أمرا غير متوقع ، لم يتجرأ أحد على الاقتراب رغم قلقهم على جيهوب فقد كانت شفته السفلى تنزف لكن الصورة المخيفة لغضب شوغا جعتلهم يفقدون الشجاعة للاقتراب ..
ظل شوغا واقفا ينظر إلى جيهوب بغضب و قال :
- ماذا ؟؟ هل كنت تتوقع أن أواسيك و أربت على كتفك كي تزداد عمقا في كآبتك المملة هاته ؟ لأنني لن أفعل ! أيها الغبي الباكي ! الشيء الحقيقي الوحيد هنا و الذي لا تستطيع رؤيته هو أن إخوتك كانوا على وشك الشجار أمام عينيك و بسببك أيها الأناني !
ثم انحنى و أمسك بياقة قميصه و قال له و عيناه تشتعلان غضبا:
- اسمعني جيدا ! أنا لا أهتم إن كانت حبيبتك تلك ميتة أم كنت تتخيلها أو أيا كان .. كل ما أعرفه أننا لم نترك أسرنا بعيدا و نأتي إلى سيول و نتعب و نعاني طوال هذه السنين كي تفسد أنت كل ذلك في لمح البصر ! لهذا ستخرج من حالتك هذه المثيرة للشفقة و تعود لحياتك السابقة أو ستنتهي حياتك على يدي ! أنا لا أطلب منك أن تكون مهرج الفرقة ! فقط عد جيهوب الذي نعرفه فقط !
ترك شوغا ياقة جيهوب الذي ظل مصدوما من كلامه ، ثم وقف و نظر إلى الأعضاء بنظرات حادة مما جعلهم يغادرون الغرفة دون قول شيء ..
أنت تقرأ
كنت في انتظارك
Fanfictionيعيش جيهوب حياته الاعتيادية في هدوء إلى أن يلتقي بمعجبة ليست كغيرها من المعجبات .. لقائهما لم يكن صدفة ، فقد كانت في انتظاره منذ وقت طويل ..