قارئة الفنجان المقدمة والفصل الاول بقلمي/ منى لطفي

76.2K 912 47
                                    


قـارئة الفنجان

بقلمي/ احكي ياشهرزاد ( منى لطفي )

المقدمة

فتحت عيناها لتطالعها أشعة الشمس المشرقة والتي تسللت من خلف الستائر الشفافة التي تحجب النافذة الزجاجية العريضة المطلة على حديقة منزلها الفخم....

ابتسمت فيما هي تتمطى رافعة ذراعيها الى أعلى رأسها وهي تتذكر أحداث الليلة السابقة، لقد رأته وجلست إليه بل وتحدثت معه، وفي نهاية لقائهما طبع قبلة رقيقة على جبينها الناصع البياض ورحل على وعد منه برؤيتها الليلة في نفس المكان والزمان....

- يااااه يا معتز، وحشتني أوي الكم ساعة دول، مش مصدقة اني كنت معاك بالليل بس، امتى بقه نفضل مع بعض على طول ومنفترقش أبدا؟، بس ولا يهمك حبيبي أنا مش هزهق وهفضل مستنية اليوم دا بصبر، اللي بيهونها عليا مقابلاتنا كل ليلة وأحكيلك اللي جرالي في اليوم كله، ربنا يجمعنا مع بعض على خير قريب أوي يا حبيبي....

ثم نفضت الغطاء العريض ذو اللون البنفسجي، كما أصبح سائر أثاث غرفة نومها بنفس اللون، فهو لون حبيبها "معتز" المفضل، ومن العجيب أنه لم يكن يوما هذا اللون من الألوان المحببة لديها، ولكن يكفي أن معتز يفضله ليصبح هو لونها المفضل رقم 1 وبدون منازع!!...

اتجهت الى الحمام الصغير الملحق بغرفتها للاغتسال، وبعد ان انتهت.. ارتدت ثيابها استعدادا للتوجه الى عملها كما كل يوم، وأيضا كما كل صباح سمعت طرقات دادة "سميرة" على الباب، تلك السيدة الخمسينية العمر والتي ربتها منذ نعومة أظفارها، والتي تعد فردا من أفراد الأسرة وليست مربيتها الخاصة، خاصة وأن سميرة لم يكن لديها عائلة سوى عائلة " عز الدين مختار الراوي" والتي التحقت بالعمل لديهم حينما كانت تبلغ من العمر أربعة عشر عاما حيث أتى بها أبوها من البلدة التي كانوا يقيمون بها في الريف، لتساهم براتبها الضئيل في سد رمق جوع أخواتها الستة، وما إن بلغت من العمر الثامنة عشر حتى خسرت أهلها كلهم في ليلة حالكة السواد شديدة البرودة، حيث حدت بهم درجة برودتها العظيمة للتدفئة بموقد الغاز الصغير ليتسلل النوم الى أجفانهم جميعا، ولكن معه... تسلل الغاز من ذلك الموقد ليقبض الموت على أرواحهم جميعا ليطلع صبح يوم جديد والثمانية أفراد بما فيهم الأب والأم... جثثاً هامدة!!..

كانت أيام عصيبة تلك التي مرت على سميرة ولكن حنان وكرم السيدة "كريمة" والتي أثبتت أنها اسماً على مسمى هي وزوجها "عز الدين" جعلها تستطيع تجاوز تلك المحنة، لتأتي..."ندى" بابتسامتها الشقية وعينيها العنبريتين لتملأ حياتها وحياة سيّديْها فرحا وبهجة...

كانت ندى قد انتهت من ارتداء ثيابها حينما دلفت سميرة الى غرفتها وهي تبتسم حاملة كوب الحليب الدافئ المحلّى بعسل النحل الصافي قائلة:

( قارئة الفنجان  بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن