قارئة الفنجان
الفصل (39)
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
استعدت كلا من ندى ورنا لحضور حفل زفاف عبد الوهاب وسمارة، وكانتا في غايةالحماس لحضوره فهو أول حفل زفاف نوبي ستشاهدانه، ومما سمعتاه من أم عبد الوهاب وهيتحكي لهما عن الاستعدادات له والطقوس للافراح لديهم والتي تكون مكلفة بالنسبةللعروس ولكن فرحتها تكون أكبر، ونظرًا لأن النيل يشكل عنصرا محوريا في الثقافةالنوبية، فإنه يتعين على العروسين أن يهبطا إليه ليلة الزفاف، ويغتسلا بمياهه أملافي جلب الخير وإنجاب الأطفال..تعمدتا أن تكون الثياب ليست مفرطة الاناقة، أي أن تكون بسيطة وفي نفسالوقت تصلح لمثل هذه المناسبة ليذهبا الى المحلات الازياء حيث قامتا بشراء عباءةلكل منهما مطرزة يدويا، ندى باللون الأحمر النبيذي وتطريز الصدر وأساور الأكمامباللون الذهبي، فيما رنا باللون الفيروزي وتطريز الصدر والأكمام باللون الفضي،ووشاح للرأس يليق بلون كل عباءة...عباءة ندى....عباءة رنا.....ما أن وقعت نظرات كلا من أنور ويوسف عليهما حتى أطلقا صفيرا عاليا، ليقولأنور وهو يغمز رنا:- أنا بقول العروسة للعريس والجري للمتاعيس... احنا نحتفل هنا، مش كدا ياجو؟..يوسف وهو يطالع ندى بلب مأخوذ من سحرها:- كدا وأبو كدا يا أبو الأنوار!!ندى بابتسامة رافضة:- لا معلهش.. احنا عاوزين نحضر الفرح.. دي أول مرة أحضر فيها فرح نوبي..صح يا رنا؟..رنا بلهفة:- تمام يا ندوش، عاوزين نحضر الفرح...أنور بتنهيدة:- خلاص يا جو، الحكومة أمرت.. ولازم ننفذ!!!أشار يوسف لهما بالتقدم وما أن مرت أمامه ندى حتى أمسك بها يهمس في أذنها:- اعملي حسابك... الليلة دي هتبقى ليلة دخلة... نوبي.... باللِّبس دا!!!!فرمقته ندى بنظرة زاجرة وهمست مؤنبة:- عيب!!!لتكمل سيرها حيث تأبطت رنا ذراعها تاركتين لأنور ويوسف خلفهما ينظرانلبعضهما البعض ليقول أنور ببساطة ليوسف فيما عينيه مسلطتين على رنا بينما يرفعمرفقه ليوسف:- ياللا يا جو... أنجِـجْني (تأبط مرفقي)!!!!!ليضرب جو مرفقه قائلا في غيظ:- إتلهي!!!!!..وسارع باللحاق بهما لينظر أنور الى ظهره المبتعد عنه متسائلا:- أتلهي!!!!... هي شكلها السفرية دي مشمومة ، يا سبحان الله.. مش بيعيش ليشهر عسل أنا!!!!!!!!!!ليسرع بعدها في اللحاق بهم..--------------------------------انتهى حفل الزفاف ليعودوا وقد تمتعوا الى حد كبير بطقوس الفرح، دلف يوسفوندى ثم أنور فرنا، قالت ندى وهي تبتسم بسعادة:- الفرح كان جميل أوي، العروسة ما شاء الله عليها الفرحة بتتنطط (تتقافز)في عينيها..رنا مؤيدة بابتسامة واسعة:- فعلا يا ندى، الكل فرحان ومبسوط، ربنا يهنيهم ببعض يارب...أحاط يوسف خصر ندى وقال وهو يدفعها أمامه:- طيب تصبحوا على خير... ولم يفسح المجال لندى للمعارضة لترسم ابتسامة صغيرة ملقية تحية المساءعليهما بينما ترمق يوسف بلوم، فيما حذا أنور حذو يوسف قائلا:- ياللا يا روني احنا كمان عشان ننام، انتي حامل حبيبتي واليوم كان طويلعليكي..رنا بابتسامة:- تمام يا قلبي..وتقدمته لتغيم عينا أنور وهو يسلط نظراته على مفاتنها الأنثوية هامسا:- قلبك!!.. أنا اللي آه يا قلبي.. شكل اليوم لسّه طويل يا قلبي أنا...استحملي بقه!!!!!!وسارع باللحاق بها، ليغلق الباب خلفهما ببطء واحكام...----------------------------دلفت ندى الى الفراش بعد أن اغتسلت وبدلت ثيابها، وهى لا تزال تزم شفتيهاحنقا من يوسف الذي فرض عليها النوم ما أن وطئت أقدامهم المنزل، شعرت به وهو يصعدالى الفراش، فلم تلتفت اليه ليطوق خصرها بذراعه يلصق ظهرها اللين بصدره القوي، همسبين خصلات شعرها الذي استطال حتى تعدى كتفيها:- حبيب يوسف زعلان؟..ندى ببرود:- زعلان بقه ولا مش زعلان.. ان شاالله يتفلق حتى!!!ليزفر يوسف قائلا:- ايه بس يا ندى، ايه اللي حصل لدا كله؟..لتلتفت اليه تطالعه باستنكار هاتفة بحنق:- نعم؟.. انت هتستعبط؟.. مين اللي اول ما دخلنا البيت ولسّه بنتكلم يقاطعالكلام ويسحبني من ايدي زي العيّلة الصغيرة وياللا يا ندى ننام؟!!!.. ولما قلت لكانا مش عاوزة أنام وعاوزة أسهر رفضت!!!يوسف بصبر:- يا حبيبتي أنتي عارفة أننا بئالنا هنا أسبوع وبالتحديد من ساعة ما رجعناومعنا ابن خالتك ومراته وأنا مش عارف أقعد معاكي براحتي خالص!!!!.. أنا حاسس زياللي اتجوز على ضرّة!!! يا أنور يا رنا!!!!!ندى بسخرية:- دلوقتي بقه ابن خالتك ومراته؟.. مش ابن خالتي دا يبقى صاحبك الانتيم؟..يوسف هاتفا بحدة:- بس مش بسيبك كل ليلة يا ندى وأطلع أسهر معاه زي ما انتي بتعملي معصاحبتك!!!ندى ببرود:- خلاص يا جو... مش هسهر خالص، اطفي النور بقه عاوزة أنام...ورقدت توليه ظهرها ليزفر بضيق وهو يتمتم بينه وبين نفسه بغيظ وقهر:- أشوف فيك يوم يا أنور... منك لله..ليطفأ ضوء المصباح بجانبهما، ويحيط خصرها بذراعه وعندما اعترضت همسبصلابة:- اقصري الشر يا ندى ونامي، انتي عارفة اني مش هسمح انك تبعدي عني حتىوانتي نايمة.. نامي أحسن لك وما تطلعيش عفاريتي عليكي... وقتها مش هتنامي الا بكرةالضهر!!!!!!قطبت ندى لهنيهة لترتفع حاجبيها عاليا ويحمر وجهها وقد فهمت ما يرمي اليهوهي تهمس بقوة:- سااااافل!!!!!!!!!فارتفع طرف شفته في ابتسامة ساخرة وهمس:- بس بتموتي فيّا...لتتبرم ندى بسخط قبل ان تغلق عينيها موضحة رغبتها بالنوم، فابتسم يوسفواستسلم للنوم بدوره فيكفيه وجودها بين ذراعيه..-------------------------------تتبع الاصوات المكتومة، ليفتح باب الغرفة فيفاجأ بالظلام السائد والذي لايخرقه سوى الضوء المنساب من شاشة التلفاز، فأنصت قليلا ليسمع أصوات أنفاس لاهثة،فاقترب بتؤدة ناحية مصدر الصوت مسترشدا بضوء التلفاز، ليجد أمامه خيال رأسين فوقالأريكة المقابلة للتلفاز، فقطب، وهبط برأسه بينهما ليسمع صوتا يقول بشرود:- رنوش... أنا مش قادرة أصدق.. معقول فيه حب كدا؟..ندى وهي تائهة في الأحداث أمامها:- كان رافض خالص تبقى فامبير.. لكن لما كانت بتموت وهي بتولد بنتهم سعىانها تكون فامبير، ورفض انها تنتهي من حياته بالشكل دا، فـ.. عضّها!!!!!!هتف بصوت حائر حانق:- عضّها؟!!!!!!!!!!!!!!!!!لتصرخ ندى ورنا وتقفزا في مكانهما فوق الاريكة، فأردف يوسف وهو يشعلالاضاءة:- انا يوسف... – ثم أكمل ساخرا – ما تخافوش اوي كدا...أقبل أنور سريعا على صوت الصراخ متسائلا عن سببه، ليفاجأ بزوجته وهي تفترشالأريكة مع ندى وأمامهما عددا لا حصر له من أكياس رقائق البطاطا المقلية،والعصائر، ليهتف بوجوم:- رنا... انتي بتعملي ايه؟..يوسف بسخرية مشيرا الى شاشة التلفاز:- بيتفرجوا حضرتك على التلفزيون وعاملين جو أكشن، دخلت لاقيتهم قافلينالنور وماسكين في بعض تقول عليهم ذنب!!!تقدم أنور الى الداخل ووقف أمام رنا متسائلا:- الساعة 4 الفجر؟.. احنا راجعين هنا على 1 وقلت انك هتنامي من تعبك،تقومي تسيبيني نايم وتكملي السهرة رعب؟.. ندى ببساطة:- رعب إيه يا أنور؟.. توايلايت عمره ما كان رعب!!رنا وهي شاردة في البطل أمامها:- طيب يا ريت أفلام الرعب كلها تكون كدا!!
ندى مكملة بافتتان واضح بالبطل على الشاشة:- أو أبطال أفلام الرعب يكونوا زي كدا!!!!!!نظر يوسف الى أنور الذي سأله:- انت فاهم حاجة يا جو؟.هز يوسف برأسه يسارا ويمينا وقال:- كل اللي فهمته أني مراتي ومراتك اتجننوا!!!!!!!رمقته ندى باستعلاء وقالت بشبح ابتسامة عابثة وهي تقصد إثارة أعصابه:- طبعا لازم نتجنن.. مافيش حد شاف جاكوب وما اتجننش عليه!!!ليقطب يوسف بحدة في حين همست رنا كالمغيبة:- ولّا ادوارد!!!!!!!!!... إيه دا؟.. أنا هتوحّم عليه!!!!!!!صاح أنور بذهول:- تتوحمي على مين؟... فامبير!!!!.. دراكولا!!!!!!.. انتي بتستعبطي يارنا؟..أشاحت رنا بيدها في وجهه وهي تقول:- هششش بس بس... دراكولا إيه!!!.. إيه الجهل دا؟..دنا منها أنور وهو يكرر باستنكار:- جهل!!!!!..ثم أردف بتصميم:- طيب.. جهل بجهل بقه.. أنا هوريكي شغل الجهل والجنان كمان بعينيكي!!!!!!ليرفعها من مكانها يحملها بين ذراعيه متجها للخارج وهو يقول ليوسف:- ولا مؤاخذة يا جو... بس المدام بتتوحم على فامبير... ولازم نجيبهلها!!!!همست رنا فيما هو يتجه لغرفتهما:- تجيب لي فامبير!!!!.. ودا ازاي دا ان شاء الله؟..كانا قد وصلا غرفتهما ليغلق الباب خلفهما بقدمه قبل أن يتجه بها نحوالفراش ينزلها بين أغطيته ويميل عليها قائلا ببساطة:- هو الفامبير مش بيمص دم الناس؟.. أنا بقه حبيبتي همص دمك نقطةنقطة!!!!!!همست رنا بغنج وهي تحيط عنقه بذراعيها البضتين:- صحيح يا نونو لو انت مكان ادوارد كنت عضتني زي ما عض بيللا.. عشان اكونفامبير وما اسيبكش؟!!ارتفع حاجبي أنور في ذهول وكرر بدهشة:- نونو!!!!!!!!!!!.. انتى عمرك ما قلتيهالي ابدا!!!!!ثم نظر اليها مردفا بابتسامة عريضة:- لكن طالما فيها نونو بقه.. يبقى أنا مش هعضِّك....كشرت رنا بحزن وهمّت بسحب ذراعيها حينما ضغط على خصرها بين يديه يلصقها بهمكملا بغزة ماكرة:- انا ههريكي عضّ يا رورو.... ومن دلوقتي عشان ما يكونش نفسك في حاجةابدا، يطلع للواد وحمة سنان في الاخر ولا حاجة يبقى تقصير مني!!!!!!!!لتتعالى ضحكاتها وهو يضغط بأسنانه على بشرة عنقها الطرية فهمس وهو يرفعرأسه:- هششششش.. مش عاوزين فضايح، احنا مش لوحدنا هنا، عموما خلصنا من مرحلةالعض... ندخل ع التانية بقه!!!!!!!!!!.نظرت اليه في تساؤل وقبل أن تنطق بحرف واحد كان قد بدأ أنور بتنفيذالمرحلة الثانية، ليهبط برأسه ببطء ويرتشف رحيقها.. قطرة قطرة... وبتلذذ، فمهماكان فحبيبته حامل.. وتلبية وحامها واجب!!!!!!!!!!...---------------------------------تراجعت ندى بضعة خطوات الى الوراء وهي تشهر سبابتها في وجه يوسف قائلةبتحذير بينما الآخر يتقدم ناحيتها بعزم:- نعم؟... معناها إيه النظرة دي ان شاء الله؟..يوسف بهدوء منذر بانفجار بركاني وشيك:- عاوزة أنام يا يوسف، تعبانة ومش عاوزة أسهر (مقلدا كلماتها له قبيلخلودهما للنوم هذا المساء) – ليردف بصوته الخشن – وتسيبيني نايم وتيجي تسهري انتيوصاحبتك لوشّ الصبح!!!!ندى بنزق وقد ارتطمت بالمقعد خلفها:- مش جاني نوم لا أنا ولا هي، ايه المشكلة يعني؟.. وبعدين الفرح خلّاناعاوزين نتفرج على حاجة رومانسي و....هتف يوسف بسخط:- رومانسي!!!!!!!... فامبير ومستئذب يبقى رومانسي؟.. ما اتحايلت عليكيأوريكي صوت وصورة الرومانسي أنتي رفضتي!!!!!!عقدت ندى ساعديها أمامها ورفعت رأسها قائلة في ترفّع:- لا حضرتك.. أنا قصدي نتفرج على فيلم رومانسي، وما صدقتش نفسي لما لاقيتالقناة عارضة توايلايت!!!..يوسف متسائلا بغموض:- اممممم، قلتي لي بقه مين أكتر واحد عجبك فيهم؟.. آه.. جاكوب!!..الديب!!!!!!ندى ببساطة:- طبعا.. جاكوب لا يختلف عليه اتنين.. دا يجنن!!!.. أساسا أنا بحبه أكترمن ادوارد!!!
مال يوسف برأسه ناحيتها وقال:- سمعيني تاني كدا معلهش.... بتـ ايه؟..ندى ببراءة:- بحبـ...ليسارع يوسف بوضع يده على فمها هامسا بشر أمام وجهها:- الكلمة دي ما تتطلعش لأي حد أبدا مهما كان... دي حقي أنا بس... أظنواضح!!!ثم سحب يده لتطالعه ندى بذهول هامسة:- مجنون!!!!!!!حرّك يوسف كتفيه باستهانة وقال:- مجنون... مجنون... وطالما كدا كدا أنا مجنون.. أنا هوريكي الجنان علىأصله!!!!!!!ثم انخفض ليرتفع وهو يحملها فوق كتفه كمن يحمل طفلته، لتهتف به تأمرهبانزالها ليحقق لها مطلبها ولكن فوق فراشهما، ووسط الاغطية تماما، ومال عليهامعيقا تحركها وهو يهمس بابتسامة شريرة:- أسبوع وريتيني فيهم الويل... ومش عاوزاني أتجنن؟!!!.. دي فرصتي بقه عشانأخلص تاري منك... وأنا مش بسيب تاري أبدا!!!!!!.. عاجبك جاكوب ها؟.. استعدي ياحرمنا المصون... لرئيس قطيع جاكوب نفسه، وانتي اللي جبتيه لنفسك!!!!!لينال بثأره منها برقة، ونعومة، وجموح ألهب حواسها، لتقدم نفسها له ليقتصمنها كيف يشاء، وليثبت لها أن الواقع أفضل من الخيال بمراحل، وأن رومانسي يوسف...لا يضاهيه أي رومانسي آخر.. حتى وأن كان "توايلايت".. بأجزائهكلها!!!!!!!!!!..*****************************************عاد حازم ورشا من رحلة شرم الشيخ، ليتجها من فورهما الى بلدته حيث قضيايومين في ضيافة أسرته، اندمجت رشا ولدهشته سريعا مع أمه وأخته حتى أنها أصبحتتنادي أمه بـ "ماما".. الأمر الذي راقه بشدة، وعندما سألها أن كانتبالفعل تشعر بها كأمها أم أنها تناديها بذلك كنوع من الواجب ليس إلا، فأجابته بصدقيقطر من بين عينيها:- واجب؟.. ما أعتقدش أني أنادي مامتك بـ ماما دا واجب عليا؟!!!!.. أنا لماقلت لها ماما فلأني فعلا حاسيتها زي مامي بالظبط.. مامتك حنينة أوي يا حازم..دنا منها حازم ليهمس أمام شفتيها:- وابنها والله حنين أوي هو كمان و...ليقاطعه صوت طرقات على باب غرفته القديمة بمنزل والديه والتي أحيانا مايستخدمها هو ورشا، ليقطب حازم ويهمس من بين أسنانه بغضب:- جنى... أكيد هي، أنا عارف.. تقولي حد مسلّطها عليّ!!!!عضت رشا شفتها السفلى تغالب ضحكاتها ليردف وهو يرسل نظرات مهددة لها:- عارفها مش هتسكت الا لما افتح لها، اوعي تطولي معها، هي ما هتصدق وتلزق،فيه كلام كتير بيننا عاوزين نقوله!!!قطبت رشا التي احمر وجهها خجلا لتنهره قائلة:- خلاص افتح لها بقه..فسارع بفتح الباب ليجد شقيقته الصغرى تقف أمامه والتي ما أن شاهدت رشا حتىهتفت بفرح:- روشا صباح الورد، ياللا بينا عشان هوريكي اجمل منظر كان نفسك تشوفيهالصبح!!حازم من بين أسنانه بابتسامة صفراء:- صباح الخير يا باردة!!.. يعني مش شايفه غير رشا بس قودامك؟.. – عضت رشاباطن خدها تكتم ضحكتها بصعوبة المجنون يغار من أخته!! - أنا هوريها اللي هي عاوزةتشوفه، بالسلامة أنتِ!!!جنى بنفي بحركة من رأسها:- تؤ تؤ تؤ، أنا الدليل بتاعها، أنت من امتى بتحب اللف في الريف!!!قطع تحرك رشا ناحية جنى جدالهما لتهتف في حبور:- الله.. ياللا بينا يا جنى، ما تتصوريش نفسي أد إيه أتفرج على الريفوجماله...دفعها حازم باتجاه رشا وهو يهتف بنزق:- طيب يا ختي، ربنا يهني سعيدة بسعيدة!!!..نظرت اليه جنى بترفع وهي تتأبط ذراع رشا ليبادلها النظر بأخرى مغتاظة، وماأن مرت رشا من امامه حتى أمسك بمرفقها الحر ومال على أذنها هامسا بعبث:- الكلام اللي كنا هنقوله هيستناكي ها؟.. مافيش هروب منه!!.. ثم قضم طرف أذنها بخبث لتكتم شهقتها فيما امتقع وجهها خجلا، لتتابع سيرهاوقد هتفت أخته بعدم فهم:- بتقولها ايه؟.. ما تسيبها لنا شوية، ايه ما شبعتش رغي معها؟..حازم رافعا حاجبه بمكر لم تعهده رشا فيه قبلا:- الكلام معها ما يشتبعش منه أبدا!!!!!!!!!!..وغمزها بطرف عينه بخبث لتزول ابتسامته تماما كأن لم تكن وهو يسمع اختهتقول وقد ابتعدت معها:- اذا كان كدا بقه يبقى انا مش هسيبها خالص... انت عارفني بموت فيالرغي!!!!!!!!!!!!ليكرر ببلاهة وعينان محملقتان بذهول:- رغي!!!!!!!!!!!!!!!ليسرع بعدها كمن أفاق من سباته فجأة صائحا وهو يلحق بهما بخطوات واسعة:- لا رغي إيه خدي هنا، دا حق حصري ليا أنا بس!!.. رشا تعالي هنا!!!!!!!!!لتنطلق ضحكات رشا الرنانة فيما طالعته جنى بأخرى مندهشة وهي تحرك رأسهامرارا من اليسار الى اليمين تتحوقل على حال أخيها وزوجته!!!!!!..جلس حازم وعروسه بصحبة والديه وأخته الى مائدة الطعام، وكانت أمه تضع منكل صنف من أنواع الطعام المتعددة أمام رشا في صحنها قائلة بابتسامة:- كُلي يا عروسة، لازم تتغذي، انت ضعيفة يا حبيبتي..رشا بابتسامة فهي لأول مرة تتذوق طعم الاهتمام الأمومي الحنون ذلك، لاتنكر حنان أمها ولكنها لم تكن تشغل بالها كثيرا بأمر طعامها أو شرابها، أما حماتهافمما لمسته منها هذين اليومين أن شغلها الشاغل بل والوحيد هو أسرتها الصغيرة تلكفقط، زوجها وابنيها، وكم سعدت بالجدال المزاح بينها وبين جنى، تلك التي أصبحتبمثابة الشقيقة الصغرى لها، لتتأكد أن ما كان ينقصها فعلا لتخرج رشا الحقيقية الىالنور هو دفء العائلة وحضنها الآمن، والذي كانت تحاول ملأ فراغه بكثرة الأصدقاء،ولكنها علمت الآن بل وتيقنت أن حضن الأهل لا يعادله آخر، وحضن الزوج هو حصنهاوالذي يحوي بداخله حضن الأهل والصديق والحبيب والزوج، حضن روحاني أكثر منهجسدي!!!.. لتعلق رشا بابتسامة ناعمة:- أنا باكل يا ماما والله، حضرتك اللي مش بتاكلي..فهمي بمرح:- حماتك مش هتسيبك خلي بالك، طبقك يخلص!!!
لتنظر رشا بذعر الى صحنها وما تكوّم فيه من.. حمام محشي، وصدر بط، وقطع من اللحم المطبوخ،لتنتقل الى الصحن الآخر المليء بأنواع شتى من المحشو.. كوسة وباذنجان وملفوف أبيض،والصغير المحتوي على حساء لسان العصفور، لتفتح عينيها واسعا وحماتها تضع صحنا جديديحوي سائل أخضر كثيف قائلة بفخر:- لازم تدوقي الملوخية بتاعتي، دا أنا عليّ شهقة ما أقولكيش عليها، بتقلبالشارع كله!!!جنى بعفرتة:- آه بتقلب الشارع كله، آخر مرة الست أم عبده جارتنا جات تخبط علينامخضوضة ايه الي حصل عشان افتركتك بتصوّتي!!!!!لتنال ضربة من يد أمها على قمة رأسها وهي تهتف فيها بغضب متصنع:- بتتريقي على أمك يا بنت بطني؟.. مش أحسن من اللي عملتها ساقطة بنصطادالملوخية من تحت!!جنى بامتعاض:- يعني هي كانت ساقطة في ثانوية عامة؟!!!!... أهو كله بيتشرب!!!!!!!!!!!لتتعالى ضحكات حازم فرمقته أمه بتأنيب ليرفع يديه عاليا قائلا في استسلاممرح:- معلهش يا أم حازم، بس بنتك السبب!!أم حازم بجدية زائفة:- ربنا يكون في عونك يا اللي في بالي!!جنى بتقطيبة حائرة:- هو مي ندا يا أم حازم اللي في بالك؟..ليجيب حازم بضحك:- المأسوف على شبابه اللي هيتخبط في نافوخه وييجي يتجوزك!!جنى وهي ترفع كتفها بأنفة:- سم كدا!!.. دا أنا عسل!!!ليضحك حازم بمرح فنظرت جنى لوالدها المبتسم قائلة:- شوفت يا بابا ابنك ومراته نازلين فيا تريقة ازاي؟.هتفت أمها بسخط مفتعل:- اسمها مراتك بردو يا لمضة؟!!!قال فهمي منهيا الجدل الدائر بجدية زائفة:- متضايقش عصفورتي يا حازم، وبعدين انت فاكرني هوافق على أي حد؟.. دا لازميكون يستاهلها بصحيح لأني هدّيه (أعطيه) هديّة...صفقت جنى بيديها هاتفة بحماس:- فهمي يا جااااااااااامد... يعيش بابا يعيش يعيش يعيش!!!!!!لتشهق بعدها وهي تشعر بطرف أذنها يكاد ينخلع من قرص أبوها قائلا بجديةمصطنعة:- مين فهمي دا؟..جنى بخشية:- بابا.. بابا.. آسفة والله، لكن اعمل ايه الحماس أخدني!!...فهمي بنظرة جادة زائفة:- أَخَدِك!!!.. اممممم... عموما سماح المرة دي، انما المرة الجاية..ورمقها بنظرة صارمة أردف بعدها وشفتيه ترسمان ابتسامة مرحة:- بردو سماح!!!!!!!!!!!!!وتعالت الضحكات، بينما علقت أم حازم في لوم حان أنه دائما ما يدلل تلكالعفريتة الصغيرة، ليجيبها هو أنه يحق لها الدلال فهي آخر العنقود سكر معقود،وبينما هم في جدالهم المرح وتبادل القفشات والضحكات كانت هناك أخرى تجلس تتابع مايحدث أمامها بابتسامة صغيرة، وعينان تطالعانهم بشغف وقلب.. متطعش لما تراه من حبودفء يحوي هذه الأسرة الصغيرة!!..لا تتذكر أنها جلست على مائدة الطعام تلك التي تسع اثني عشر شخصا في قصرهمالمنيف مع والديها وشقيقها يتبادلون النكات والمزحات كعائلة زوجها!!.. كم منالمرات اعتذر أبيها عن تناول الطعام معهم لانشغاله بموعد هام خاص بالعمل؟.. أوتغيب لؤي شقيقها لسفره وأيضا بسبب العمل؟.. أو هاتفتها أمها بعد عودتها من الجامعةتخبرها بأنها ستتناول طعامها مع رفيقاتها فلا تنتظرها!!!... لتقوم بالاتصالبأصدقائها للخروج وقضاء بقية اليوم برفقتهم وليس وقت الغذاء فقط، لتكون هي منتعتذر عن عدم تناول طعام العشاء معهم لانشغالها بأصدقائها، وكأنها تقول لهم.."هذه.. بتلك!!!"...هكذا كانت حياتها بالخارج، وعند عودتهم انشغل أخيها بعملهم الجديد، وابتعدوالدها عن صخب وضوضاء المدينة وآثر السكن في المزرعة، وانشغلت والدتها بالاتصالبصديقاتها القدامى، لتشعر بالغربة من جديد ولكن وهي في بلدها هذه المرة، وتحاولثانية ملأ هذا الشعور بالاصدقاء دون اعتبار مدى صلاحهم من عدمه!!!..ولكنها الآن أصبح لها عائلتها الخاصة بها مع زوجها وحبيبها.. حازم، وأصبحلديها أسرة تهتم لها هي أسرته، وأخت صغرى هي شقيقته، لم تعد بمفردها، ولن تعودلوحدتها مجددا، وستقوم بكل ما في وسعها كي لا تخسر استقرار حياتها الذي حصلت عليهأخيرا وذلك بفوزها بقلب هذا الرجل الذي يشاكس أخته الصغيرة بمنتهى الحب، والذي لنتفرّط فيه أبدا مهما حدث!!تسلطت عيناها عليه وهو يرمي برأسه ضاحكا لتبتسم بدورها بدون وعي منها،وكأن ضحكته معدية، وارتسمت أمام عينيها صور صغيرة تملك خصلاته المجعدة السوداء،وعينيه الرماديتين، تجري وتمرح هنا وهناك، لينتبه الى تدقيقها في وجهه، فمال عليهاهامسا بعبث فيما انشغل الباقين بتبادل الأحاديث المرحة:- إيه.. معجبة؟!!!!لتجيبه بصراحة أذهلته:- جدا!!!!!!!!!!!!!!..رفع حاجبه في استحسان لجوابها وقال بغرور:- بس أنا بقه مش معجب!!!!!!!قطبت رشا وهمست بقلق:- إيه؟!!!!!!همس وهو يبتسم وقد أدرك أنها كالطفلة سريعة التصديق لما يقوله، ليجيببنظرات مشتاقة:- أنا عاااااااااشق!!!!رشا مسدلة عينيها في خفر وقد افترش ثغرها ابتسامة ناعمة سرقت عيناه ليسلطنظراته على شفتيها:- وأنا.. كمان!!!!كاد حازم يقفز صائحا بفرح، ليتمالك نفسه في اللحظة الأخيرة، ثم يقولبتمتمة جادة:- لا مش هينفع كدا!!نظرت اليه في حيرة متسائلة ليجيب على سؤالها الصامت قائلا:- فيه كلام كتير أوي عاوزين نقوله، يدوب نلحق من دلوقتي، دا مش هيخلص ولابكرة الصبح!!!!!!!!!!!!!!!!لتحدق فيها بذهول، بينما سحبها من يدها لتنهض معه وهو يستأذن من والديهقائلا:- معلهش يا بابا نستأذنكم احنا، تسلم ايديكي يا أم حازم – موجها حديثهلأمه – فيه حكاية كدا حصلت ولازم رشا تعرفها!!.وسحبها معه فيما هتفت هي بقلق وقد تناست أي شيء آخر:- ايه اللي حصل يا حازم؟.. بابا وماما كويسين؟.. لؤي ومراته بخير؟..طيب....التفت اليها يرمقها بنظرة محذرة جعلتها تبتلع باقي أسئلتها لتتبعه دون صوتحتى شقتهما بالطابق العلوي وهناك... سرد عليها كل الحكايات.... وليس حكايةواحدة!!!!!!!!!!*************************************عاد لؤي وسعادات من سفرتهم والتي اضطر لؤي لقطعها حيث ظروف العمل القهريةالتي أجبرته على ذلك، وحينما اعتذر من سعادات أنهما سيضطران للعودة، أدهشته بأنتناولت الأمر بسهولة بدون أي تعقيد أو غضب بل أنها هتفت بتلقائيتها أن العمل أولاكما أنها اشتاقت وبشدة لعائلتها، الأمر الذي جعلها تعلو في نظره ولكن بنفس الوقتشعر بعدم الراحة لتقبلها أمر رجوعهم بهذه السهولة، بل وفرحتها بأنها سترى أسرتها،أليس من المفترض أنه الآن زوجها أي أقرب اليها منهم؟.. وأنهما لا يزالان بشهرالعسل وهي الفترة التي ينشغل بها العروسين ببعضهما البعض دون الالتفات الى أي أحدآخر؟!!!!!... شعوره أن لهفته عليها أقوى من لهفتها هي يؤرقه!!!.. هو يعلم بل وعلى يقينمن أن حبه لها أضعافا مضاعفة من حبها هي، وهو يعترف بأن هذا الحب أصبح جنونياوبتملك!!.. ولكنه ليس بيده، فهي السبب!!!...نعم.. أن تكون بمثل هذا الطّهر في الوقت الذي ولطبيعة عمله رأى الكثيراتممن لا يقمن أي مراعاة لعادات أو تقاليد حيث اختلط الحابل بالنابل لديهن، وخاصة منفتيات وطنهم المقيمات مع أسرهن في بلاد المهجر، حيث تطبعن بطباع الغرب، وبعد عودتهلبلده لم تستطع أنثى لفت انتباهه، حيث شعر أنهن ينظرن إليه كصيد ثمين، لوسامتهوثرائه الملحوظ، حتى ندى والتي رشحتها والدته كي تكون كنّتها المستقبلية، وافقمبدئيا على التفكير فيها كزوجة محتملة، لأنه وجد أنها الوحيدة التي استطاعت كسبثقته واحترامه، حتى لقائه بـ.. سعادته!!!!.. لم يكن لقائهما لقاء عاديا بل كان اجتياح كامل لمشاعره!!!.. وكأنه قد ألقيفي خضم بحر عاصف ذو أمواج عاتية، ذلك هو الوصف الدقيق لبداية علاقته مع.. جمعسعادة!!!..وكلما تعددت اللقاءات والمواقف كلما زاد احساسه بأنه أخيرا.... يحيابحق!!... أنه ولأول مرة يتذوق طعم الحياة مستلذا به، فهي أضفت نكهتها الخاصةلأيامه العديمة الطعم، لتصبح أشهى وألذ وأمتع!!... ويزداد شعوره قوة حتى تملك عليهقلبه كله، فكان قراره بالزواج منها ضاربا بعرض الحائط بأية أقوال قد تشكك باختيارهلها، او باعتراض أمه وأخته، متيقنا انها ستستطيع نيل اعجابهم وتغيير فكرتهم عنهاما ان يعرفوها عن قرب، وبالفعل بدأ الجليد ينصهر رويدا رويدا بينها وبين والدته منجهة وبينها وبين شقيقته من جهة أخرى..هو لم يكن ليهتم لو استمروا على رفضهم لها، ولكن.. لأجلها هي يريد لاعلاقتهم بها أن تقوى، أن تشعر بأنها وسطعائلتها بحق، وان أراد الصدق.. فهو انما يفعل ذلك لأجل نفسه أولا!!.. يريد زرعها في أرضه هو، قد يظن البعض أنهأناني يريد اقتلاعها من جذورها ولكن هذا لم يخطر له ببال أبدا، ولكنه يريد لجذورهاهي أن تتشابك مع جذوره فيصعب الفصل بينهما، لتجد نفسها وهي تتعلق به يوما بعد يوم،تماما كما يجن هو بها عشقا ساعة بعد أخرى!!.رباه لن ينسى ذلك اليوم الذي مرض فيه وأصابه رشح قوي لترتفع درجة حرارتهعاليا، وقتها استعانت بطبيب الفندق والذي وصف له علاجا يتناوله في مواعيد محددة،صارحته بعدها أنها قد طلبت من أحد موظفي الفندق شرائه لها، وقد منحته بقشيشا سخيالهذا..يومها يذكر أنه قد أفاق من غيبوبته التي كان بها نتيجة الحرارة العاليةليفاجأ بها وهي تجلس بجواره فوق الفراش تقوم بتغيير كماداته الباردة، حتى إذا ماسمعت صوت أنينه وهمسه باسمها نظرت اليه بعينين تعصفان بقلق رهيب وهتفت بلهفةوترقب:- لؤي.. حبيبي أنت كويس؟..لم يجب سوى بهزة بسيطة من رأسه همس بعدها برغبته بالماء، لتعينه وهي ترفعرأسه بذراعها الأيسر بينما تقرب اليه كوب الماء بيدها اليمنى تساعده في ارتشافه،حتى اذا ما انتهى أعادته ليرقد فوق الوسائد خلفه وقد وضعت كأس الماء جانبا، لتلتفتبكليتها اليه تمسك بيده بين راحتيها تسأل بعينين تسبحان بالدموع المكتومة:- طمني عليك يا حبيبي.. أحسن الحمد لله؟..ابتسم بضعف قائلا:- لو أعرف أني لما أتعب هتقولي لي حبيبي كدا كتير كنت تعبت من زمان!!قالت باعتراض:- بعد الشر عليك ما تقولش كدا... طمني يا لؤي، أنت أحسن؟..لؤي بهزة بسيطة من رأسه وصوت واهن القوى:- الحمد لله..لتفاجئه سعادات بارتمائها على صدره وانخراطها في بكاء حار وهي تهتف من بينشهقات بكائه الحارة:- أنا آسفة يا لؤي، كل دا بسببي، عشان هزاري السخيف، أنا اللي زئيتك(دفعتك) ووقعت في البحيرة وهدومك اتبلت، أنا السبب في تعبك دا.. أنا آسفة حبيبيآسفة..ليرفع رأسها قابضا على ذقنها وينظر اليها بدفء بل أن يقول بصوته المتعبوابتسامة شاحبة تظلل فمه:- وأنا فداكي يا سعادتي، وبعدين الموضوع كله دور برد مش حكاية يعني...سعادات وهي تمسح عينيها بأصابعها كالأطفال:- بجد؟.. يعني انت كويس؟!!!لؤي موافقا:- بجد.. بس هكون أحسن لما آخد الدوا بتاعي..قطبت سعادات وهمست:- دوا؟.. دوا ايه دا؟. ما أنت لسه واخده من شوية؟..ليشير برأسه تجاه فمها وهو يهمس بينما يسلط نظراته عليها:- لا.. دوايا.. دا!!!!!!!!!!!!!..وهبط برأسه يخطف ثغرها الوردي في قبلة... بخفة جناح فراشة، رقيقة كهواءالنسيم العليل، و..... مهلكة كالرمال المتحركة... فتلك هي... سعادته!!... من سحبتهاليها ليغرق في حبها بكليّته، ولا سبيل لنجاته من الغرق، فهو نفسه يرحب بهكذاغرق!!!!!!!!...ما أن عادا الى مصر حتى انخرط لؤي في عمله، لحل المسائل العالقة به، بينماشعرت سعادات ولأول مرة بالفراغ التام، وكان قد فاتحت لؤي بشأن عودتها للعمل بشركةالاعلانات مع يوسف وأنور، خاصة وقد أنهت جامعتها فقد انتهت من تأدية امتحاناتالسنة النهائية قبل زواجهما بوقت طويل، ولكنه طلب منه التفكير مليا في أن يكون لهاشركتها الخاصة بها، لتفكر بمشاركة يوسف ولكنها لم تفاتح لؤي في الأمر بعد فهي لاتكد تراه، وهي لا تتذمر فهي تعلم جيدا مدى تقديسه لعمله..ومضت الأيام بأبطالنا، وعاد أنور ويوسف مع زوجتيهما، لينخرط كل منهم فيعمله، بينما استقرت رشا في بيت الاستراحة بالمزرعة مع حازم الذي فاتح والدهابرغبته في انشاء عيادة بيطرية تعنى بحيوانات المزارعين بالمزارع المجاورة، خاصةالفقراء منهم اللذين لا يستطيعون توظيف طبيبا بيطريا للعناية بمواشيهم، فما كان منفاضل الا أن أبدى اعجابه بالفكرة وعرض عليه أن يعطيه بيت المؤن بالمزرعة، فوافقبعد أن صمم أن يستأجره منه، لينشغل حازم بعمله الجديد علاوة على عمله بالمزرعة،وتبدأ رشا تشعر بالفراغ، والذي لم يكن يهونه عليها سوى رفقة سعادات زوجة أخيهاوالتي وللغرابة أصبحت صديقتها الصدوق واستطاعت كسب محبتها هي وأمها بطيبتهاوشفافيتها....كانت تقوم بتحضير طعام الغذاء عندما ناداها حازم فأجابته بأنها في المطبخ،دلف اليها وتقدم منها ليقبلها قائلا:- وحشتيني..ثم تساءل وهو يراها منهمكة في تقليب محتويات اناء ما على موقد الغاز:- بتعملي ايه يا روشا؟..رشا بفخر:- الغدا يا حبيبي.. روح خد شاور وغير هدومك أكون حضّرت الأكل..حازم بتشكك:- انتي اللي طابخة؟..هزت برأسها إيجابا فقال:- أول مرة آكل من ايدك، من قوت ما جينا هنا والأكل بييجي لنا من البيتالكبير وغلبت أقولك يا رشا أنا مش عاوز كدا ما كنتيش بتسمعي كلامي..رشا بابتسامة:- وأديني سمعته أهو.. روح غير وتعالى..فانصرف سريعا للاغتسال وتغيير ثيابه فمعدته تقرصه من شدة الجوع فهو لميتناول فطوره صباحا..جلس بينما سكبت رشا الطعام في الصحون، وجلست بجانبه مشيرة اليه وهي تقولبابتسامة:- اتفضل يا سيدي.. بس لازم أعرف رأيك بصراحة..حازم بابتسامة:- أكيد جميل، أنتي فيه حاجة تعمليها مش..وسكت... ليقطب متسائلا وهو يشير الى الصينية الموضوعه أمامه:- ايه دي يا حبيبتي؟..رشا ببساطة:- صينية بطاطس بالفراخ..حازم باستفهام:- المشوية؟!!
قطبت رشا تردد حائرة:- مشوية!!!.. لا... صينية بطاطس بالفراخ عادية يا زومة!!حازم بابتسامة وهو يرفع بعضا من محتويات صحنه بالملعقة:- أصل لونها غامق، والفرخة لونها قالب على أسود.. فقلت يمكن حاجة جديدة..صينية بطاطس بالفراخ المشوية..رشا بطبيعبة:- لا صينية بطاطس بالفراخ زي اللي أكلناها عند مامتك، قطعت البصل والبطاطسوالفراخ أربع فوقهم وقطعت حلقات طماطم وملح وفلفل وحطيتهم في الفرن..حازم بابتسامة:- وفين عصير الطماطم؟..رشا بهزة من كتفيها:- ما فيش؟... قطعت الطماطم حلقات وحطيتها وخلاصّّحازم بريبة:- انتي عاوزة تقولي انك ما حطيتيش للصينية ولا مايه من الحنفية حتى؟..طرشا باستغراب تام:- لا طبعا!!.. ماية ايه يا حازم، هحط ماية ليه؟..حازم ببساطة شديدة:- لا أبدا صح مالوش لزوم الماية... معلهش سؤال.. أومال انت فاكرة الفرخةوالبطاطس هيستووا ازاي من غير ماية؟!!!!!!!!
لتفرغ رشا فاها دهشة فقال حازم ضاحكا:- حرقتي الاكل يا روشا!!!... رشا وهي تكاد تبكي:- لا.. أنا عملتها تمام زي...حازم مكملا:- كتاب أبلة أم حازم عارف..بكت رشا قائلة:- أنا فاشلة.. مش عارفة أعمل حتى صينية بطاطس بالفراخ.. سعادة هتضحك علياقالت يل اساعدك أنا رفضت..حازم بتلقائية:- تصدقي أنه أخوكي محظوظ بسعادة بتاعته؟.. عمري ما شوفتها بتقوله مش بشوفكليه، مش بتيجي كتير ليه، مع انه معظم قعدتها معنا هنا في المزرعة عشان هو بيسافركتير الايام دي لكن عادي خالص عندها، دا غير انها ست بيت بريمو.. فاكرة العزومةاللي عملتها حماتي لينا وهي اللي صممت تطبخ... بجد ولا الشيف شربيني..رشا بغضب وغيرتها تتفاقم:- والله؟.. طيب خلي لؤي يسمعك وانت بتشعر في مراتك كدا وهو....- هنسيه يعني ايه شعر خالص؟!!!!!!!هتفت رشا وهي تنهض واقفة:- لؤي..تقدم لؤي مصافحا حازم ضاغطا على يده قبل أن يتوجه لعناق شقيقته ثم قال:- معلهش أنا خبطت كتير بس كنت مشغولين بصينية الفراخ تقريبا، والموضوعمستعجل لأني جيت من مصر وراجع على طول فاضطريت أدخل..قطب حازم متسائلا:- ايه الموضوع؟..لؤي بعملية:- شحنة خيول للاستيلاد هتيجي كمان يومين، دا ورق الشحنة.. انت الليهتستلمها ... للأسف أنا عندي معاد طيارة، يدوب ألحق أرجع مصر عشان أجهز نفسي..وانصرف مسلما ولكنه قبل أن يختفي رمق حازم بنظرة غامضة لم ينتبه لها سوىرشا التي تعجبت متسائلة عن معناها!!!!!!!!!!!قبّل لؤي والديه مودعا ليهمس لسعادات قبل ذهابه بحزم:- اعملي حسابك أول ما أرجع من السفر هترجعي معايا مصر، وبعد كدا رجلي علىرجلك، المكان اللي جوزك فيه انتي هتكوني فيه...وصعد الى السيارة مشيرا الى السائق بالتحرك وتركها وهي تطالع غبار السيارةالمنصرفة بتساؤل وحيرة..******************************وقفت تعد مشروب الشوكولاته الساخنة، لتذهب بالصينية اليه حيث يجلس يتابعالتلفاز، كان فيلم الحفيد يعرض على شاشته، فأفسح لها مكانا لتجلس بجواره، وبعددقائق قالت بصوت شجي:- يا ما نفسي أشيل حتة منك جوايا يا حبيبي.. لكنه كله بأمر الله..رفع يدها مقبلا أناملها ثم قال بحب:- يا حبيبتي أنا مش مستعجل، احنا لسه يدوب متجوزين بئالنا 6 شهور بس،وبعدين أنا عاوز أشبع منك خالص قبل ما ييجي اللي يقاسمني فيكي، انتي ناسية؟.. داانت دوختيني وراكي سنة بحالها تقريبا يا مفترية على ما اتجوزنا!!
ضحكت ندى وقالت:- عمر ما حد يقدر يقاسمك فيا ولا حتى ولادي!!
مال يوسف عليها هامسا أمامها:- اممم.. طيب.. – وسكت لثوان غمز بعدها بمكر متابعا – بؤي في بؤككدا!!!!!!!!!!طالعته ندى بدهشة أول الأمر وما لبثت ان تعالت ضحكتها وهي تقول:- عيني في عينك بئيت (أصبحت) بؤي في بؤك!!!!!!!!يوسف بجدية مصطنعة:- أومال.. تطور الأجيال دا يا ندايا!!!
قاطعهما رنين جرس الباب ليتأفف يوسف قائلا وهو ينهض:- اوووف.. دا مين الرّخم اللي جاي لنا دلوقتي دا؟..واتجه لفتح الباب، ليغيب لدقائق فقطبت ندى ونادته ولكنه لم يجيبها،فتناولت اسدال الصلاة ترتديه ثم اتجهت اليه لتراه وهو متسمرا في وقفته بينما وقفتأمامه سيدة أنيقة لتقول ندى:- مين دي يا يوسف؟..قالت السيدة:- أنا دوللي... الـ..قاطعها يوسف بغضب مكتوم:- دوللي.. ممكن أعرف ايه اللي جابك؟..دوللي بسخرية مشيرة الى ما بيدها:- غريبة.. انت من أول ما فتحت لي الباب وشوفتني قودامك وانت اتسمرت مكانك،دا انت حتى ما أخدتش بالك من اللي معايا!!!!!وأشارت بعينيها لمن يمسك بيدها، لتتجه نظرات يوسف وندى الى المعنيبكلماتها، فقطبت ندى وكانت هي أول من خرق الصمت تتساءل عمّن هو:- مين دا؟..لتدفع دوللي بمن معها الى الامام قابضة على كتفيه وتقول بكل جدية وهدوءوكأنها لن تلقي بقنبلة تفجّر قلب ندى الى أشلاء متناثرة:- طاهر... طاهر يوسف طاهر... ابنك يا.... جو!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!فتح يوسف عيناه بصدمة بالغة وقد فقد قدرته على النطق لثوان فيما هتفت ندىبشهقة مكتومة:- إيه؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!كررت دوللي كلامها وهي تدفع الطفل الصغير الذي يكاد يبلغ السنتين من عمره:- دا طاهر يوسف... سلّم على بابا يا حبيبي!!!!!!!!لترفع ندى عينين لائمتين ليوسف الذي فقد لونه مكررة بشحوب وكأنها ستموت:- بابا!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!..لتتلقى منه نظرات ضائعة مشتتة بينما نظرة واحدة منها الى الطفل أدركت أنهابنه لا محالة فابنه نسخة مصغرة عنه، وكأنها تقف الآن أمام يوسف حبيبها وهو في مثلعمره، ليداهمها دوار قوي بالكاد استطاعت مقاومته وهي لا تكاد تصدق هذا الكابوسالذي تعيشه، فمع نسيانها لكل ما كان في ماضيه، أتى هذا الطفل كتجسيد لهذا الماضيأمامها... فهل يا ترى ستستطيع هذه المرة أيضا التناسي أو النسيان؟.. ولكن كيف...وهذا الماضي أصبح الآن واقعا حيًّا أمامها.. تلمسه بيديها!!!!!!.. - يتبع -
أنت تقرأ
( قارئة الفنجان بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي
Romanceقلرئة الفنجان بقلمي / منى لطفي الملخص بحياتك يا ولدي امرأة عيناها سبحان المعبود فمها مرسوم كالعنقود ضحكتها أنغام وورود والشعر الغجري المجنون يسافر في كل الدنيا قد تغدو امرأة يا ولدي يهواها القلب هي الدنيا ......لكن سماءك ممطرة وطريقك مسدود فحبيب...