القريب

الفصل الرابع عشر

اكره زيارات خالتي، لا تنفك تتكلم عن زوجها، عن عمله الذي يدر عليهم الاموال، عن اولادها وذكائهم، عن مدى تفوقهم، عن جمالهم، عن ما تفعله في مجتمعها الراقي.

لخالتي ابن يكبرني بسنتين وبنت في نفس عمري، وفتى اخر يصغرني بثلاث سنوات.

لست اكرهها لشخصها فهي طيبة جداً ولست احتقر تباهيها باولادها ووضعها الاقتصادي، فهذا ما تفعله كل ام، الام تحب ان تتكلم حول ابناءها ومراكزهم، حول نجاح زوجها او حتى حول نجاحها الخاص، ولكن لا احتمل ان استمع لها وانا انظر لوضع عائلتنا المزري، لا مال ليوفر لنا التعليم اللائق ولا عمل يوفر الوضع الاقتصادي المتوسط.

كانت ليلة طويلة قبل ان اغلق عيناي وانام، فأنا لا اعرف كيف اتعامل مع خالتي او حتى ابناءها الذين تجبرهم للحضور معها رغم عنهم في حين يفضلون قضاء الوقت مع اصدقاءهم.

اشتقت لرؤية أروش واشتقت للحديث معه وهذا ما دفعني لاغير مسار تفكيري لاصب جم تركيزي على النوم حتى أراه.

أظن بأني قد نجحت اخيراً.

أروش : اشتقتك.

انا : رأيتني امس.

أروش : اشتاقك في كل وقت، اشتاقك في القرب اكثر.

أنا : اما انا فالبعد يجعل الشوق يكبر فيني.

ابتسم لي، يكره حين اعانده واجابهه في الكلام.
تنهد وهو يرتكز على الباب وينظر إلي باستمتاع.

أروش : لنذهب.

فهمت ما يرمي إليه، نهضت من فوري اتبعه حيث يسير، الى مكان جديد يبهرني فيه، يغدقني حباً وامناً.

اروش : اردت ان اجعل الليلة بسيطة قدر الامكان.

تمعنت النظر من حولي، حرش كبير مع اشجار متناثرة هنا وهناك، العشب اخضر وطويل كما انه لا توجد تلك الاعشاب والاشواك المزعجة.

سحب يدي وذهب بي نحو احدى الاشجار، سلة طعام ترتاح تحت الشجرة التي جلسنا تحتها، ارحت رأسي فوق صدره وعانقته بينما احاطني بذراعه، ووضع رأسه فوق العشب على الارض، ننظر الى السماء ونتكلم.

أروش : اتكلم اليكِ فلا تستمعين، فيما ذهنك شارد مني اليوم!؟

انا : في زيارة غداً ، زيارة غير سارة اعتقد.

أروش : مهما ظننتِ انّ ما يحدث حولك لن يكون سار ابداً لكن ثقي بانه سيكون ابسط والطف مما تعتقدين.

انا : اشك في هذا، زيارة خالتي تثير استيائي دوماً.

اروش : ذاك انك تسمحين لكلامها بذلك.

انا : ان لا املك المال او عدم ذهابي للجامعة لا يعد امراً بمتناول يدي حتى لا استاء حين تذكره.