الفصل التاسع عشر

1.7K 68 25
                                    

اسرعت الخطى خوفاً ان يفوتني الصف واسجل في عداد المتأخرين، مضى اسبوع منذ التحقت بالجامعة، كطفل ضائع يجوب الشوارع المكتضة اشعر هنا، تائهة بين ارجل المارة من الطلاب، لم اتكلم كثيراً معهم وعلاقاتي سطحية تقتصر على الترحيب والابتسامات وبعض الاسئلة العامة كسؤال عن
احوالي والطقس وبعد المنزل وسير الدراسة.

اناظرهم، قد كانوا جميعاً على وفاق تام، يتكلمون كأنهم على معرفة منذ زمن ، كأنهم رفقة التقوا بعد غياب، انتظرت ان تقترب مني احدى الفتيات فتكلمني لنصبح صديقتان لكن صدمني واقع ان مثل هذه الاحداث لا تطبق الا في افلام المراهقين التي اعتدت مشاهدتها كل يوم.

انتظرت ان اصتدم بشاب صدفة فتبدأ علاقة صداقة لتحترق وتتحول الى حب متقد، يصوغ خيوطه صفحة على ارض الواقع لا في حلم ولكن الجامعة كبيرة نسبة لكم الطلاب الهائل الذي ما ان يخطو عنباتها حتى يتحولوا كالقش المتناثر على سطح البحر، ترميه الامواج في المدى البعيد ولا مجال لاصتدام قشتان.

لم اكن اشتكي وضعي المنزوي في زوايا القاعات لاحد، وحتى حين يرمي اروش بتلميحاته حول وضعي هذا، اتجاهله واغير دفة الحديث، كيف اواجهه بمكنون قلبي وانا التي تشتعل احاديثي معه كبراً وفخراً، رغم معرفتي التامة بانه على دراية بالحقيقة، الا انه لم يحرجني يوماً بتصحيح كلامي بل بالايجاب والابتسام.

اقترب اليوم من نهايته باقتراب انتهاء المحاضرة الاخيرة، لم يكُ صوت المحاضر يصلني لكني لم اعر الامر اي اهتمام فانا ما دائماً ادرس ما اخذناه لوحدي بعد العودة الى المنزل، كنت اجول بتفكيري في مكان اخر فيه اروش وانا نعيش بسعادة، هو يبتسم من بعيد بينما يسقي فتلات الزهر في الحديقة، طفلان يجريان حوله يلهوان، سيارة أتت لتتوقف امام باب البيت ويترجل ابي وامي منها مبتسمان.

احمد: غزل .. غزل

رفعت رأسي لأرى احمد يحدق بي وينادي، بدا صوته مرتفع ، صرخات متتالية تحمل اسمي.

احمد: غزل .. ما بكِ!؟

قالها الآن بصوت منخفض بعد ان انتبهت له.

انا: لا شيء، فقط افكر.

اعتلته نظرة استغراب، التفت جانباً ثم عاد ليركز بصره علي.

احمد: اردت ان اطمئن عليكِ وان احدثك فمنذ مدة لم نتكلم.

منذ ان اتيت معه المرة السابقة لم اقابله او اكلمه هاتفياً بل كنت اتجاهل الهاتف حين يصدح بالرنين في ساعات غياب اهلي كما اعتاد ان يفعل يومياً، اردت له النجاة واردت ان احقق رغبة اروش بعدم التواصل معه.

انا: حسناً ، ولكن يجب ان لا نطيل اللقاء.

تحاشيت الاقتراب منه قدر الامكان، وعند محاولته مغازلتي اغير الموضوع فوراً بالتفافة سريعة.

القريبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن