Part 2

723 60 3
                                    


  انطلقنا لرحلتنا في الصباح الباكر ، كانت العربة معدة و كل شيء جاهز لرحلة طويلة خطيرة ، ارتعش جسدي من التفكير بها فقط ..
جلست في العربة بجانب دان ، بعيداً عن الأمير المغرور ، الذي كان بوسعي لكمه لحظة لقائنا ، لكنه أمير و أنا تحت رحمة الملك ، و أيضاً دان علم أني كنت أنوي ضربه لكنه أماء برأسه و جعلني أقلع عن قراري ...
جلس الأمير بتكبر و لم ينظر لأي أحد منا ، ضيقت عيني و أنا أنظر له ، أريد قتله ، إنه يجعلني أشعر بأني قطعة قمامة !
ربت دان على رأسي و ابتسم ، و قال :" انظر ، لقد خرجنا من حدود المملكة " ، يبدو أنه بسبب غضبي لم ألحظ جمال المناظر حولي ، هذه أول مرة لي أكون فيها خارج أسوار المملكة الكئيبة و العملاقة ، بنيت أسوار المملكة عالية و محصنة من أجل حمايتنا من الأخطار ، أو ما نقول عنهم أنظار السحر ، فالتعرض لهم يفقد القوى السحرية ، مع أن الأمر يتم بموت الطرفين في النهاية ، و لحمايتنا منهم وضع نطاق حماية سحري ، مع وجود الأسوار ، و الخروج من النطاق يعني أن عليك حماية نفسك بنفسك و لن ينقذك أحد ، و المملكة ليست مسؤولة عن ما سيحدث لك لاحقاً ...
اتسعت عيناي من الفرحة و فتحت فمي لآخره ، قهقه دان ، و عندما رآني الأمير قال :" تبدو كالكلب ! " ، تحولت مشاعر الفرح لمشاعر قتل ، و كأن له الحق في أن يهينني كما يشاء !
مددت يدي لأخنقه لكن ... فجأة، توقفت العربة ، و سمعنا صراخ الحوذي ، خرجت أنا و دان لنستطلع الأمر ، كان الحوذي معلقاً في الهواء بواسطة غصن شجرة ، و الأغصان الأخرى هاجمت العربة و حطمتها ، وددت لو أن الأمير بقي في العربة ، لكن يبدو أنه هرب قبل التحطم ، ثوان و ألقى الغصن الحوذي في الهواء ..
سقط الحوذي على الأرض بقوة ، و قام هلعاً و هرب بسرعة ! كأنه نسي أن معنا الأمير ؟
صرفت نظري عن الحوذي الهارب ، و نظرت للغابة التي تبدو غاضبة ، إذا خطونا أي خطوة خاطئة سيغرس غصن في صدورنا كهدية ، هذا ما أظنه ...
نظرت للأمير و قلت :" هاي ! ألست نبيلاً ؟ ألا يمكنك أن تفعل سحر حماية أو ما شابه ؟ " ، كان الأمير ينظر بجدية ، امتعض وجهه و قال :" لن يفلح الأمر ، ما في الغابة أقوى من السحر ، يبدو أنه ... " ..
" روح " قال دان بعد أن صد بذراعيه غصناً كاد يضربنا ، دفع دان للخلف من قوة الضربة ، لن ننجوا أبداً إذا استمر الأمر هكذا ..
قلت بغباء كما أفعل دائماً :" إذا كانت روح ، ألا يعني هذا أنها تريد شيئاً لترقد بسلام ؟ " ، نظرنا إلي و لم ينطقا بكلمة ، يأست من كلامي الفاشل و قلت :" لا عليكما ، أفكاري غبية و افترضاتي أغبى " ..
قهقه دان و قال :" يبدو أن لهذا السبب اختارك الملك ، أنت محق ، إنها تريد شيئاً ، لكن ما هو " ..
واتتني فكرة ، لكنها غبية ...
تقدمت خطوات و جثيت على ركبتي ، و ضممت يدي ، و قلت بنبرة بائس :" اووه أيتها الغابة العظيمة اعفي عنا ! لا نريد أن نموت صغاراً ، و أنا لم أتزوج بعد و لم أحظ حتى بحياة شريفة " ، و بدأت بالبكاء المتعمد ..
عم السكون الأجواء ، أعلم غبائي شديد ، و سمعت الأمير يقول لدان :" أيفعل هذا دائماً ؟ " ، لم يجب دان ، لكن الجيد في الموضوع أن حركة الأغصان توقفت ، و بدأت بالعودة لطبيعتها ...
" زواج ؟ " سمعنا صوتاً قادماً من الغابة ...
بعد برهة خرجت فتاة صغيرة ، ترتدي فستاناً ظريفاً ، كان شعرها طويلاً يغطي وجهها ، و على رأسها تاج فضي ، رفعت رأسها و كانت عيناها جاحظتين ، و ابتسمت ، لكن ابتسامتها بعثت الرعب في نفسي ..
و قالت :" هل قلت زواج ؟ أريد أن أتزوج أميراً وسيماً " ، صوتها الطفولي جعلني أشفق عليها ..
أشرت بيدي إلى الأمير و قلت بحماس :" ذاك أمير ! يمكننك أن تتزوجيه "
" اووي لا تقرر أي شيء بنفسك ! " صرخ الأمير بغضب .
نظرت ناحية الأمير و قالت :" أتقصد الفتاة الواقفة هناك ؟ "
" أنا لست فتاة !!! " صرخ بعصبية أكثر
نظرت له و قلت :" فكر بالأمر جيداً ، إذا حققت رغبتها ستبتعد عنا و تسمح لنا بالمرور و سننجوا من الطعن ! و سأعيش لأتزوج أنا أيضاً "
قال الأمير بقرف :" ألا يوجد بعقلك سوى الزواج ؟ " ، ثم سكت و أخذ بالتفكير ، وضع يده على ذقنه ، يبدو أنه يفكر بعمق ...
دقائق من السكون ثم قال :" في أحلامك ! " ، ثنر شعره في الهواء بطريقة متكبرة و أردف :" كيف يمكن لأمير مثلي أن يتزوج روحاً عفنة ! " ..
بدأت الطفلة بالبكاء و الصراخ ، تزلزلت الأرض تحتنا و بدأت بالانشقاق ، ثار الشجر و كل الغابة جن جنونها ، بدأت بتهدأتها و قلت :" أنا سأتزوجك لكن اهدأي " ، بدأ صراخها يزاد و الوضع زاد خطورة ..
قال الأمير :" لن تتزوج شخصاً يشبهها في بشاعة الملامح " ..
صرخت :" أيها الساقط !"
هيه وجدتها ! قلت للفتاة :" ما رأيك أن نلعب لعبة ! ستكونين الأميرة لليوم بكامله ! و ستدعينا نمر ، ما رأيك ؟ " ..
سكتت أخيراً و قالت :" هل ستخدمونني ؟ و تنفذون كل ما سآمركم به ؟ " ...
قلت بصوت يرتجف :" أجل بالطبع ، كلٌ تحت امرتك " ، اتسعت عيناها من الفرحة و قفزت في مرح ، و ..
سقط رأسها ... أجل سقط في يديها ، لكنه كان موصولاً بجمسها بطريقة ما ، طيف ؟ ابتسم الرأس و أرجعته لمكانه ، و أمسكت بيدي و شدتني لداخل الغابة ...
تبعني دان و الأمير ، كان دان يضحك بصوت خفيض ، و الأمير يتمتم بشتائم و لعنات ...  

Blacksmithحيث تعيش القصص. اكتشف الآن