Part 13

376 35 4
                                    


  قادتنا الحارسات لغرفة النوم ، في الطابق العلوي للقصر ، كانت غرفة مفروشة بكاملها ، و ممتلئة بالوسادات ، ألقى دان بجسده عليها بسرعة ، و تنهد بارتياح ، تقدم الأمير بهدوء و أخذ يجرب الجلوس على عدة وسادات ، حتى استقر على واحدة منفوشة ، أما أنا قمت فقط بالجلوس في الزواية ..
ما زلت أرتجف بعدما حدث ، لا يشعر جسدي أبداً بالراحة ، و كل ما في رأسي هو مجموعة مخاوف مما حدث ، و أسئلة مثل " ماذا لو ابتلعتني تلك النيران ؟ " ، التفكير بالأمر وحده يزيد من رعبي ، أعني لأين من الممكن أن يكون قد اختفى ذلك الرجل ؟!
مضت بضع ساعات و لم يغمض لي جفن ، كنت فقط أحدق بضوء القمر الذي يتخلل نافذة طويلة و كبيرة ، ضوء قمر أزرق ، و رياح خفيفة تحرك الستائر بخفة ، شعرت فقط بالفراغ ، ما الذي سيحدث لي بعد انتهاء الرحلة ؟ هل معرفة أن الأميرة أمي سيغير شيء بعلاقتي مع النبلاء ؟ هل لي سحر قوي مثلهم ؟ إذا كان .. فلمَ لم يرجع ؟ هل لهذا علاقة بأبي ؟ ربما تكون خطيئتي هي وجودي فقط ...
" هل نمت ؟ " قال الأمير و قطع دوامة أفكاري ، قام الأمير و عدل جلسته ، و أخذ يحدق للقمر معي ، ثم قال :" هل أرقك بسبب ما حدث ؟ " ، لم أجب ، حكٍّ الأمير رأسه و قال :" ياخ ، أعلم أن الأمر مخيف في البداية ، لكن ستعتاد عليه ، فهو سحرك الخاص صحيح ؟ رغم أني لم أرَ في حياتي نيراناً كتلك " ، بقيت ساكتاً أستمع ، استدار الأمير ناحيتي و قال :" هيا تحدث ! لا تجعلني كالمجنون الذي يحدث نفسه ! " ، أرخيت جسدي للحائط أكثر ، قهقه الأمير :" آآآآه جيد ما زلت كما أنت ، غريب و غبي ، و طريف " ، أخفض رأسه و قال بابتسامة فيها مسحة حزينة :" تماماً مثلها " ، ثم رفع رأسه و أردف :" أتعلم شيئاً ؟ سأكون أكذب عليك إن قلت إني لم أستطلفك بدايةً ، أعني ... في اللحظة التي رأيتك فيها ، قلت في ذاتي أتمنى أن يصير هذا الشخص صديقي ، كان لديك حضور غريب و مضحك ، شخصيتك جعلتني أقول نعم هذا النوع من الناس من أرغب بمرافقته ... و بعد معرفة أنك ابن أختي ، انتابي شعور فرحة عظيم ، كانت الفرحة أكثر من الاستغراب أو الاندهاش أو أية مشاعر أخرى ، قلت أجل سيكون هذا الشخص رفيقي للأبد ... " ...
تغيرت نظرته و قال بصوت أجش :" معرفة أنك ستكون معي للأبد أنستني كل شيء ، أنستني حتى أن أفكر في أختي و ما حدث لها ، أسعدني فقط أنه سيكون لي شخص يبقى جانبي ، فقد كنت منبوذاً من الكل ، لم يكن لي أصدقاء سابقاً ، كل ما كان يراه الناس فيّ هو وليّ العهد ، لا شيء آخر ، و بعضهم يجدني فقط دودة كتب ، معاملتهم لي جعلتني فقط أتكتم و أحسر مشاعري ، تعلمت القسوة بسببهم فقط .. " ..
تنهد بقوة ، ثم نظر لي و قال :" و الآن دورك ، احكِ لي عن مشاعرك " ، ضوء القمر تخلل ابتسامته الملائكية ، كنت سأذرف الدموع ، لكن تمالكت ذاتي ، حككت رأسي و قلت :" رؤيتي مختلفة تماماً ، لم أتوقع أن تكون هذه مشاعرك ، أعتذر .. لكن كنت أراك متكبراً " ، رد عليّ :" و من قال أني لست كذلك ؟! شاب أخرق " ، أخرج لسانه و نظر بسخرية لي ، غضبت و انتفضت من مكاني و قلت :" أكلُ ما قلته مجرد تمثيل ؟!!! "
قهقه و قال :" من يعلم ؟ بالأخص أنك شاب غبي ولا تفكر "
- ماذا ماذا ؟! أنا لا أفكر ؟! ماذا عنك ؟ وقعت بحب تلك الليندا و لم تعد ترى الخطر حولك
- الحب و الغباء أمران مختلفان !
شهقت و وضعت يدي على صدري من الصدمة و قلت :" هيه إذاً وقعت في حبها حقاً ! " ، ثم قلت بصرامة :" الحب و الغباء نفس الشيء ! " ، ضربني باحدى الوسادات و قال :" بل مختلفان ! " ، رميت عليه وسادة رداً :" نفس الشيء ! " ، قامت حرب وسادات بيننا ، ضحك الأمير بقوة و قال :" رائع ! عاد آران الذي أعرفه " ، احمر وجهي لوهلة ، هل فعل كل هذا لأجلي ؟
نظرت للجانب ثم قلت :" علينا أن نهدأ ربما نوقظ دان " ، نظرنا كلانا لمكان دان و لم نجده !
تفحصنا الغرفة حولنا ، ربما أغرق بالوسادات ؟
لكنني لم أنم ... و لم أرَ أحداً يخرج من الغرفة ... سمعنا صوت خطوات تقترب من الغرفة ، تشبثت أنا و الأمير ببعضنا من الخوف ..
و فتح الباب بقوة !
أغلقنا أنا و الأمير أعيننا من الخوف ...
ثم ، كان دان ...
ابتسم كالمعتاد و قال :" آسف هل أخفتكما ؟ لقد ذهبت لقضاء حاجتي .. "
تبادلنا أنا و الأمير النظرات ، ثم أفلتنا بعضنا و كلٌ وجه وجهه باتجاه ...
قهقه دان ، ثم استلقى على الوسائد و عاد للنوم ، رغم أنه اختفى لأمر عادي ، لكن الأمر يقلقني ، أعني هل سهوت للحظة ؟ أم خرج و أنا غير منتبه ...
نظرات الأمير أوحت أنه يفكر بالشيء ذاته ..
في صباح اليوم التالي ، قمت بتثاقل ، رشت علي الحارسة الماء فجأة ، و قالت بنظرة مخيفة :" ارتدِ ملابسك بسرعة ! " ، تجمدت في مكاني من الصدمة ، الأمير كان بالفعل مرتدياً فستاناً جديداً و متأنق ، كأنه ذاهب لحفلة ، دان سبقه بالظهور بأبهى حلة كذلك الأمر ..
ارتديت فستان البارحة لأني لن أجازف و أهين نفسي أكثر ، قبل أن أخرج من الغرفة ، جاءت ليندا بفستان رائع ، كانت تبرق جمالاً ، و تمسك صولجاناً ملكياً ، سال لعابها مجدداً حال رؤيتنا و قالت :" أنتم جميلون جداً حقاً ، أريد أن أتزوجكم ، بصفتي الملكة يمكنني أن أتزوج قدر ما أشاء " ، نظرتها المنحرفة و ارتعاشها لم يتغيرا ! رغم أنها بمظهر جميل ! صرخت بخجل :" قطعاً لن أتزوجكِ ! " .. قهقه الأمير ، ثم قلت :" نعم أرفض عرض زواج ! " ..
قالت ليندا بفرح :" هيا هيا ! ستتأخرون عن حفل التتويج ! " ..  

Blacksmithحيث تعيش القصص. اكتشف الآن