Part 7

440 46 1
                                    


  " لا عليك ، يمكنك الجلوس هناك ، أنا فرانك بالمناسبة " قال الحارس و هو يربت على كتفي ..
جلسنا على المقاعد الجانبية للعرش ، ابتسم لي الملك و قال :" آسفون لافزاعك ، لكن ذلك الرجل الذي رأيته قبل قليل ... " سكت قليلاً يفكر، ثم تابع :" حسناً ، كان من المفترض أن يكون الملك ، أعني أنه عمي ، لكن كما رأيت حالته النفسية ليست جيدة ، و هذا بسبب امرأة أحبها سابقاً ، تدعى سالي ، و بخصوص اللوحة التي تحدثنا عنها ، اممم ... " ، قام عن عرشه و أشار علينا باللحاق به ...
لحق بنا فرانك و حارسان آخران ، كان القصر أضخم كثيراً مما يبدو عليه من الخارج ، كانت الممرات التي نمشي بها معتمة قليلاً ، و كأنها قسم آخر من القصر ، كلما تقدمنا أكثر ازدادت ظلاماً ...
وصلنا لنهاية الممر ، و كان باب ضخم بمقابلنا ، و عليه ستارة تالفة ، أزاح الملك الستارة ، و أمرنا باخفاض أصواتنا ، كانت الغرفة معتمة و لا يرى ما بداخلها ، لكن كان هناك فتحة في السقف ، تطل ببعض النور على لوحة ضخمة معلقة على الجدار ، تقدمنا ناحيتها ، و تأكدت لي كل شكوكي ، كانت من في اللوحة تشبهني تماماً ، لكن بشعر أطول ...
رنوت في اللوحة ، و تقدمت أكثر ، ارتعش جسدي من شدة الشبه ، هل لي علاقة بهذه السيدة ؟
" ابتعد عنها ، ابتعد عن عزيزتي " سمعنا صوت الرجل قادماً من خلفنا ، استدرت مبتعداً ، لكن الأمير .. قبل أن يغشى عليه رأيت ملامح صدمة قوية عليه ...
أسرعنا للأمير ، رفعه دان و أسرع به خارج الغرفة ، قبل أن أخرج ، أمسكني الرجل و قال :" اهدأ يا فتى ، لن أفعل شيئاً مخيفاً ، فقط أريدك أن تخبرني ببعض الأمور " ، ازدردت ريقي و تقبلت مصيري و تقدمت معه ..
جلسنا في بقعة الضوء المتاحة ، أمام اللوحة مباشرة ، كانت الأرض غبرة ، خشبية باردة ، أخرج الرجل مشروباً من مكان ما جانبه ، و سألني إن كنت أريد ، حركت رأسي نفياً ، خنَّ و قال :" تماماً مثلها " ، حسناً أنا أريد أن أعلم ما بها و بي و ما بهذا العالم و الموقف و كل شيء ، إنني أضيع يا قوم ...
وضع الشراب جانباً عن فمه و قال :" حسناً سأبدأ بأول سؤال ، من هم عائلتك ؟ " ، تسمرت و حدقت به بابتسامة غبية ، نظر باستغراب ، خفت من نظرته ثم قلت :" لا أعلم ، لا أملك أية فكرة عنهم ، ما أتذكره أني وجدت في ميتم " ، نظر في عينيّ ، تنهد ثم قال :" إذاً لا تعلم من هم ، إذا أخذت احتمال أن سالي هي أمك .. أو أختك كم سيكون نسبة ذلك ، برأيك ؟ " ...
أخذت أفكر بالأمر ، أولاً لا أعلم من أين هي ، ولا أصولها ، و أيضاً لا يبدو أن هناك أية صلة بيننا سوى الشكل ، مع ذلك ، ماذا لو كنت أنا من أُبعد عنها مثلاً ؟ و لكن ماذا عن أبي ؟ و ماذا .. و ماذا ... ؟
انفجر رأسي من شدة التفكير ، قهقه الرجل ، ثم قال :" سأخبرك بما أعرفه عنها ، و يمكنك سؤالي عند أية نقطة مبهمة ...
أولاً هي ليست من هذه المملكة ، بل من المملكة المجاورة ، مملكة الشمس إن لم تخني ذاكرتي ، إن كنت من عامة الشعب فعلى الأغلب أنك لا تعلم شيئاً عن العلاقات بين الممالك ، في الواقع لا يمكن لأي ممكلة التدخل في الأخرى أو الدخول في نطاقها السحري ، لكل مملكة قوانينها الخاصة و مقاييسها ، لذا كان دخولي لتلك المملكة عبارة عن جريمة ، لكني جئت بفكرة غريبة لم تكن موجودة و لم تكن متقبلة أبداً ، كنت أريد أن أوحد المملكتين ..
استقبلني الملك برحب صدر عندما علم بما أنوي و ما هي النتائج ، عرضت الزواج بابنته ، و وافق من فوره ، و ابنته تلك هي حب حياتي الأول و الأخير ، سالي ، أسرتني بنظراتها و جمالها حينما رأيتها ، رغم هالة الكآبة التي كانت حولها في بداية لقاءنا ، أخذت على عاتقي واجب ابعاد تلك الهالة ، و قد نجحت بالأمر ، أصبحت تضحك و تستمتع بوقتها ، كانت أفضل أربع سنوات في حياتي ، لكن ...
ذلك الملك الساقط ، لقد أخلف بوعده ، أعني لقد دمر كل شيء ، و كل ما بنيته ، و دمر أحلامي مع خاطبتي ، دمر كل شيء !
حدثت حادثة جعلت كل العامة يطالبون باعدام سالي ، انتشر عنها أنها شيطانة ، و أنها تعاملت مع السحر المحرم ، كان الملك أنانياً ، يفضل أن يضحي بأقربائه على أن يذهب منصبه ، و حدثت الفاجعة ، قام بربط سالي بعمود أمام العامة ، بعد أن قاموا بجمع الحطب و القش لعقابها ، و أعدموها حرقاً ، حرقاً أمام عيني ! أمامي ، لقد حرق قلبي معها ! لن أسامح ذلك الملك أبداً ! "
عض على شفته و توقف عن الحديث ، ثم نظر إليّ ، كنت غارقاً بدموعي مجدداً ، أخذ بالضحك حين رآني ، ضغط على معدته من شدة ضحكه ، مسحت دموعي و قلت :" يا رجل هذه مشاعري ! لا تضحك عليها ! " ، أوقف ضحكه بصعوبة :" آسف ، آسف يا فتى ، لكن ردات فعلك ! مضحكة جداً " ..
مشى شيء من جانبي فجأة ، اقشعر بدني و أطلقت صيحة رعب ، ثم انفجر الرجل أمامي ضاحكاً ، " صوتك ! كالـ ـفتـ ـيات " ! أستطيع أن أرى دموعاً في عينيه من شدة ضحكه ! أشعر بالاحراج ..
سعل و توقف عن الضحك ، ثم قام و قال :" دعنا نذهب نتأكد من زميلك ، لا بد أنه تعب من السفر .. صحيح ؟ " ..
نظرت إليه بارتباك و قلت :" في الواقع ، هو ليس زميلي ، إنه الأمير لمملكتي ... " ..
نظر إلي و قال :" اووه صحيح ، نفوذ الأمراء ينتهي عند خروجهم من مملكتهم ... لهذا لم يستقبله أحد بالطريقة الصحيحة " ..
سألت :" ماذا تعني تعني بنفوذ ؟ "
أجاب :" لكل شخص حسب مكانته هالة سحرية تحيط به ، تمكنه من أشياء ، ااه لا علاقة لك بها ، يكفي هذا للآن " ...
خرج من الغرفة و تبعته ، أخذني لغرفة صغيرة ، تفوح منها رائحة عطور و مواد كيميائية ، كانت غرفة لطبيب عجوز ..
كان الأمير ممداً على فراش ، و دان جالس يراقبه ، ثم ... قام الأمير فزعاً و قال :" تذكرت ! تذكرت كل شيء ! " ...  

Blacksmithحيث تعيش القصص. اكتشف الآن