لم أفهم لمَ تغيرت نظرتها اللطيفة بسرعة ، استمرا بالتحديق ببعضهما ، و شعرت أن جواً رومانسياً أحاط بهما ، احمر وجهي من مراقبتهما ، فصرخت :" اووي مالذي يحدث هنا ؟ " ، لم يعرني أحد انتباهه ، اقترب الأمير منها و قال :" أرى أنك ذكية ، ما الذي تريدينه ؟ " ، ردت بنفس الحدة :" ليس الكثير ، فقط مساعدة بسيطة ، مقابل مساعدة أخرى " ، و خبطت رأسها برأسه ، خنَّ الأمير و قال :" لقد أعجبتيني بجد ! مساعدتنا واضحة ، لكن أريد أن أتأكد من خاصتك " ، ابتسمت برقة و قالت :" ستعرف حالما نخرج من هنا " ، نظرت لي و لدان و قالت :" هيا اتبعوني قبل أن تأتي الملكة " ..
لم أتحرك من مكاني ، فلم يعجبني تصرفها ، و قلت :" أتقصد أن مساعدتنا ستكون فقط باخراجنا من القصر ؟ ربما لن يكون كافياً و ربما مساعدتها أكبر ... " ، قال الأمير:" كلا هي تعرف أكثر من هذا أنا متأكد "، قالت :" بالطبع أيها الأمير جانيمد و أنت أيها الفتى الجميل آران و الشاب الظريف دان " ، ابتسمت باشراق ، عض الأمير على شفته و قال :" أرى أنك تعلمين اسمي ! و هل ستهددينني الآن ؟ " ، ردت :" كلا ليس الآن ، و أيضاً أعرف أشياء أكثر من اسمك ، مثلاً من والد آران و ما سبب اعدام أختك ، نعم مثل تلك الأشياء ، لديك رفقاء لا يسكتون أبداً ، و نعم صحيح أدعى ليندا ، فهذا لن يكون عدلاً أن أعرف أسماءكم ولا تعرفون اسمي " ، زادت الهالة البراقة حولها و ابتسامتها المشعة ، ثم تابعت :" و الآن هيا هيا نخرج قبل وصول أي أحد " ..
تبعناها بعد أن سمعنا صوتاً يقترب من الغرفة ..
دخلنا في ممر صغير جداً ، كنا نحبوا لنستطيع المرور ، تيبست يداي و ركبتاي و كان حذاء الأمير يضرب وجهي مع كل خطوة ، و أخيراً وصلنا للمخرج ، سقطت على وجهي لأني لم أنتبه أن المخرج أعلى من الأرض ، كان فتحة صغيرة في سور القصر ، حال خروجنا من القصر كل شيء كان مختلفاً عن المدخل ، فقد كانت القلعة بساحاتها مهجورة ، لم تكن أبداً كالأشياء الممتعة التي رأيتها سابقاً ، و خواء الساحات أشعرني بالرعب ، فصوت الرياح كأنه خوار أشباح ...
ابتسمت ليندا و قالت :" أول محطة انتهت ، أريد أول مكافأة " ، قلت :" ماذا الآن ؟ لكن لم نخرج فعلياً ! و نحن في هذا المكان المخيف الذي لا أعرف أين ، و جوُّه مرعب ، أخشى أن أموت هنا ولا يجدني أحد و لا أدفن ، و تتحلل جثتي في الهواء بدون مراسم دفن لائقة ، حتى الممات سيكون أسوأ من حياتي " ، بعد أن انتهيت من كلامي ، كان دان و الأمير ينظران لي بغرابة ، أما ليندا فكانت تنظر لي باتساع عينيها و بريق غريب لمع في عينيها ثم صفقت يديها و ضمتهما لصدرها و قالت :" يا الهي كم هو لطيف ! هل هو هكذا دائماً ؟ " ، بدأت بالبريق و تغيرت ملامحها ، ارتعشت و سال لعابها ، و تابعت :" في الواقع جميعكم لطفاء و وسيمون ، أرغب أن أتزوجكم كلكم " ، حركاتها غريبة ...
صرخت :" كلا لن أتزوجكِ ! " ، نظر لي الأمير و قال :" ماذا ؟! أنت ترفض عرضاً للزواج ؟! من أنت ! " ، احمر وجهي و قلت :" الأمر ليس كذلك ، أعني كيف ستتزوج ثلاثتنا ؟ " ، كنت أزم نفسي بخجل مع كل كلمة ، قال الأمير باستخفاف :" إذاً تريديها كلها لنفسك ، أنانيّ " ، انتفضت و قلت :" كلا ! ليس الأمر كذلك !!!! " ، أستسلم لقد خسرت في معركة الاحراج هذه ! نظرت لليندا و قلت :" ماذا تريدين كمكافأة ؟ " ..
قالت بكل بساطة :" قُبلة ! " ، ابتعدت من الاحراج ، كان رأسي ينفجر ، تقدم الأمير و قال :" حسناً ، أنا سأعطيكِ ! لكن عليك بقول كل ما تعرفينه ! " ، صدمت و قلت :" ماذا ؟ هل ستعطيها اياها بكل سهولة ؟ أعني ألا يجب أن تقدس هذا الشيء للشخص الذي ستتزوجه و تحبه من قلبك ؟ هل تغير العالم قبل أن أعلم ؟ " ، قال الأمير باستهتار :" ماذا ؟ هذا شيء عادي ليس مهماً ، و أمر عادي لأمير أن يقبل نبيلات " ، قلت :" لكنها ليست نبيلة ؟! " ، قالت ليندا بسرعة :" كياااه من قال ؟" ، كانت علامات الفرح عليها ظاهرة بشكل غير طبيعي ! و كأنها ستطير إن تركناها قليلاً ..
وقف الأمير و ليندا بموازاة بعضهما ، و كانت ليندا متحمسة ، تقفز بمكانها من دون أن ترتفع عن الأرض ، وضع الأمير يديه على كتفها و اوقف حركتها ، اقترب منها ببطء ، زاد الجو رومانسيةً ! وضعت يديّ بسرعة على عينيّ ، لكن لم أغلقهما بالكامل ، و لم أضم أصابعي ، فقد كنت أريد رؤية ما سيحصل ، ثوانٍ و طبع الأمير قبلة رقيقة على شفتيها ، قبّلها بسرعة لدرجة أنني لم ألاحظ ، أنا من شعر بالخجل ، بعد المشهد المحرج ، أشارت ليندا بيدها للأمام و قالت :" هيا للمحطة التالية ! " ، و كأن ما حدث ليس بشيء !
نظرت لدان، الذي لم ينطق شيئاً ، بوجهي المحمر ، لن أقول أنه لم يعط ردة فعل ، لأنه كان من الواضح جداً عليه أنه سيغمى عليه من الصدمة ، ضحكت تخفيفاً لحرارة وجهي ، ضحك دان معي و ربت على رأسي ..
مشينا بين الأزقة المهجورة و الباردة ، و لم يكن هناك أي أثر لبوابة أو مخرج ، كان منظر الأزقة بشكل عام ، كأحد أماكن التعذيب ، التفتت ليندا لنا و قالت :" ألاحظتم أي شيء ؟ " ، قال الأمير :" نلاحظ ماذا ؟ عدا أنك تعرفين الطرق جيداً ؟ " ، قالت :" اووه لاحظت هذا أيضاً ؟ في الواقع أنا أحفظ الطرق عن ظهر غيب ، لأني لصة محترفة " ، رفعت ابهامها بفخر ، قلت :" لا، لا تتحدثي هكذا بفخر " ، ردت :" أمزح فقط ، هذا الجزء من القلعة هو عبارة عن العذاب ، إذا لاحظتم أن المدخل كان مثل ملعب ، لأنه المرح ، عشت فترة جيدة نسبياً هنا لأعرف كل شيء ، في الواقع القلعة كلها من صنع الملكة ، تحرك كل شيء بعقلها ، حتى غرفتها الغريبة تلك ، كان صعباً جداً علي أن أوقف سماعي لأفكارها ، و كنت أتعذب من الأمر ، لحتى جعلتني خادمتها و استطعت السيطرة على قدرتي معها .. كلام كثير بلا بلا ، هيا نسرع لأني أسمعهم يقتربون " ...
أنت تقرأ
Blacksmith
Fantasyالسحر كالبطاقة الاجتماعية .. تعيش فقط بالسحر لكن الملك الآن يريدني في مهمة .. ما هي و كيف يمكن لحداد فاقد القدرات السحرية مثلي أن ينفذ هذه المهمة