Part 4

495 41 1
                                    

  استيقظت لأجد نفسي محمولاً على كتف دان ، ذلك الأمير الساقط ! ألا يسعه أن ينتظر لحين أستيقظ ، حركت قدميّ بغضب ، فأنزلني دان ، كنت محرجاً ، لكن دان قام بنفض ثيابي و قال :" هل نمت جيداً ؟ " ، أكانت فعلته من الأصل ؟! غلت الدماء في رأسي من الاحراج ، شعرت أن البخار يخرج من أذنيّ ..
ضحك دان و قال:" لا عليك ، أردنا الانطلاق بسرعة فقط ، و لم نرد ايقاظك كنت ظريفاً و مسالماً " ، قال الأمير بنبرة ساخرة مقاطعاً :" و كان يسيل من فمك لعاب كالأطفال " ، صرخت من الاحراج و الغضب ، و شددت شعر رأسي ، أتمنى لو تنشق الأرض و تبتلعني !
قال الأمير :" الأهم من هذا ، يبدو أننا على مفترق طرق ، أي طريق برأيكم هو الأمثل ؟ " ، أزاح الأمير الشجيرات أمامنا ، شقت الأشجار طريقين لا يختلفين ، تقدمنا لعلنا نحظى برؤية أفضل ، لكن ما إن خطونا بمكان قريب لأول شجرة بجانبنا حتى ظهرت فروع من نهاية الطريقين ، أمسكت بالأمير و دان ، و سحبت كل منها في اتجاه ، دان لليمين و الأمير لليسار ...
صرخت :" دااااان " و انطلقت مسرعاً في الطريق الأول ، صرخ عليّ دان :" الأمير أهم ! اتبعه ! " ، توقفت لحظة ألتقطت أنفاسي ، قبضت يدي و فكرت قليلاً ، أخذت نفساً عميقاً ثم ، صرخت :" داااااان " ، و تبعته للنهاية ..
اتضح أن للطريقين نفس النهاية ، حينما رآني الأمير صرخ :" أيها الأحمق ! لديك حساب عسير ! لكن أولاً افعل شيئاً ! " ، بقيت أركض باتجاه دان ، ما زال الأمير متسلطاً لذا لن أنقذه أولاً ، اختفيا عن ناظري لكني تابعت الركض للأمام ، فصوت الأمير خير دليل لمكانه ...
وصلت في نهاية المطاف إلى شجرة عملاقة ، بحجم قصر تقريباً ، حجمها أرهبني ، سمعت صوت الأمير من أعلى يصرخ :" اتركيني أيتها الشجرة اللعينة ، صدقيني حالما أنهي هذه المهمة التافهة سأقطعك و أجعل خشبك خزانة لأغراضي ! عااا ... لا تضغطي عليّ أكثر ! " ، سمعت دان يقول :" المقاومة لن تجدي أيها الأمير ، توقف عن الركل لأنها ستحكم قبضتها عليك ! " ، أمير أحمق ، لمَ أزعج نفسي بانقاذه ؟ صحيح لأن الأمر برمته متعلق به ، تنهدت و بدأت بالتسلق ...
كان جذعها صلباً لو قطعها الأمير حقاً سيكون خشبها فخماً ، لكن كلما ارتفعت أكثر أحسست بحركة ، كأنها تتنفس ، هل هي شجرة حقاً ؟ بدأ جذعها يصبح أدفأ ، يشعرني بكسل غريب ، استسلمت عن التسلق ، أريد النوم مجدداً ، أشعر بالتعب ...
كدت أغلق عينيّ حتى سمعت صوت دان :" لا تنم ! ستلتهمك ! هذه ليست شجرة عادية ! " ، انتفضت من كلماته ، فأسرعت بالتسلق ، ثم !
" هههاااع حررت يدي ! سأريك أيتها الشجرة الساقطة " صرخ الأمير بفرح ، ثم رأيت ضوءاً طفيفاً ، فسقط الأمير ، و هبط برشاقة على قدميه ، كانت يده تضيء بوهج أزرق ، قال لي :" انزل يا غبي ، سأوفي حسابي بنفسي لها "، قفزت و سقطت على ظهري ، و بحركة خاطفة غرس الأمير يده في جذع الشجرة ، اشتعلت بنيران زرقاء و تحطمت لأشلاء ...
سقط دان على بطنه ، أسرعت إليه ، ساعدته على الوقوف ، كانت نظرة الأمير غريبة و مجنونة ؟ يداه ما زالتا مشتعلتين ، نظر إلي و رفع يده و قال :" أتريد تجربتها ؟ " ، حركت رأسي بعنف نافياً ، تشنجت من الخوف ، أنا متأكد أنه لا يملك ذرة عقلانية !
تحرك دان للأمام و أنا التصقت بظهره من الخوف ، أنا أعلم أن سحر النبلاء قوي ، لكن الأمير مخيف و هو يكرهني ، و لا أريد أن ينتهي الأمر بي كالشجرة ..
الجيد في الموضوع أننا وصلنا لنهاية الغابة ، خرجنا منها بسلام ، نزلنا عن منحدر ترابي ، وصلنا لبستان كبير ، كان جميلاً ، و مزروع بعناية ، منظر الثمار جعلني أشعر بالجوع ، على ذكر الجوع ، متى آخر مرة أكلت فيها ؟!
كان يقبع أمامنا قصر كبير مزين بطريقة جميلة ، أخذنا طريقاً مغايراً بعيداً عن القصر ، لكنه ظهر أمامنا مجدداً ، التففنا حول السور ، لكن ظهرت البوابة أمامنا ، لا يهم كم حاولنا الابتعاد عنه ، فقد بقي يظهر أمامنا ، استسلمنا أخيراً و دخلناه ..
كان عبارة عن جنة بمعنى الكلمة ، استقبلنا الخدام بالطعام و الشراب ، باحات القصر مزينة بالورود و الجدران بالزخارف ، كأنه قصر عربي ، مظهره البديع لم يدعني أشك بهذا ، وصلنا للقاعة الملكية ، كانت معدة بالموائد و كل شيء يبدو شهياً ، أطعت معدتي و تقدمت للأكل ، أوقفني الأمير :" اووي نحن لا نعلم لمن هذا القصر بعد ! "
دخل رجل القاعة و قال :" لا عليكم هذا قصري و مرحب بكم ، يمكنكم البدء بالأكل " ، قفزنا مرة واحدة أنا و دان و بدأنا بإلتهام كل شيء أمامنا ، قهقه الملك و أشار للأمير بالجلوس ، جلس الأمير بوجه ممتعض و علامات الريبة تعلو وجهه ، أكل بحذر على عكسنا ..
بعد أن فرغنا من الطعام ، أخذنا الملك للحجرة المجاورة ، و كانت مفروشة بأفخم أنواع السجاد ، قعدة عربية فخمة ، الأمر يزداد جمالاً ، جلسنا و شعرت كأن جبلاً انزاح عن كتفي ، بعد برهة دخلت نساء جميلات يحمل أطباقاً من الفواكه ، وضعنهن أمامنا ثم تقدمن إلينا و بدأن بتدليك أكتافنا ...
أشعر و كأنها الجنة ، نساء جميلات بملابس رهيبة يدلنك كتفيّ ، نظرت للأمير و وجدت أن وجهه محمر ، قلت له :" انظر لهذا ، الأمير يشعر بالخجل " ، صرخ في وجهي :" انظر من يتحدث ! لو ترى وجهك ! انه على وشك الانفجار من شدة احمراره " ، رددت عليه :" و لمَ لا يحدث فأنا في جنة من نساء جميلات و طعام شهي و جلسة مريحة ، جسدي تخدر أريد النوم " ..
بعد الفواكه قدموا لنا عصيراً ، كنت على وشك ارتشاف أول رشفة حين قال دان :" لا تفعل ! " ..  

Blacksmithحيث تعيش القصص. اكتشف الآن