كان مشهدا مهيبا أن يهتف الحشد بأكمله باسمي! وكأنهم يضعون ثقتهم بي، لأتحمل المسؤولية عنهم جميعا لأكون ملكة لهم لا عليهم، لأعمل على تأمين أسس الحياة الكريمة لهم بعد ما تعرضوا لكذب وخداع للعديد والعديد من السنوات، أنهم يستحقون أن ينعموا بتلك الحياة الآن وقد عاهدت نفسي على أن أبذل ما في وسعي لتحقيق ذلك.
بدأ الحشد في التفرق رويدا بعد أن أعلن جميع الجنود والحراس ولائهم لي، والقائهم القبض على تلك الملكة المخادعة، بعد ذلك اجتمعت مباشرة مع أبي وسميث وروبرت وجون وبعض من أهم قادة الجنود والجيش بالمملكة لتحديد الخطوة التالية.
"إذن ما هي أوامر جلالتك؟" قالها رجل خمسيني علمت مسبقا أنه يدعى هنري وهو قائد الجيش المسؤول عن حماية الحدود الغربية عندما عرف عن نفسه في بداية الاجتماع.
أخذت نفسا عميقا أجمع به شتات أفكاري "أظن أن علينا ان نحافظ على ما وصلنا إليه حتى الآن، إذا تسربت الأخبار عن ما حدث هنا وعن انني قد توليت الحكم فستقوم الممالك الأخرى برد فعل سريع وعنيف، ونحن غير متأهبون لذلك الآن فالجيش حتى عندما يكون في أعظم حالاته فهو لن يكون ندا لبقية الجيوش الأخرى جميعا وكذلك سنفقد الكثير من الأرواح من جهتنا وأيضا من الأرواح المغيبة من الجيوش الأخرى وأنا لن أسمح بذلك، لذلك سنمنع جميع السفن القادمة من أن ترسو بالميناء سيتم إمدادهم فقط بالمؤن الكافية مجانا لرحلة عودتهم من خلال القوارب التابعة للملكة، كما لن يسمح لأي أحد من المملكة بالمغادرة للوقت الحالي حتى إشعار آخر" أصدرت أوامري هذه المرة بحزم وصرامة يتلائمان مع منصبي الحالي.
أمرت بعد ذلك القادة بالمغادرة لنبق أنا وأبي وسميث وجون "أبي وسيد سميث أرجو منكما فحص القضايا المتعلقة بجميع من في السجون، ولكما كامل السلطة بالإفراج عن المسجونين ظلما، روبرت وجون علينا الإتصال بأصدقائنا".
.
.
.
مرت خمس أعوام منذ يوم تنصيبي كملكة على زمرد، كانت أعوام طوال مررنا بأوقات عصيبة، تعرضنا للكثير من المساوئ وكذلك للعديد من الخيانات، تعلمت الكثير خلال تلك الفترة، ولكن ما وصلنا له الآن يستحق قطعا ويمكنني القول أن ما وصلنا له الآن قد ضرب بتخيلاتي السابقة منذ بضع سنوات عرض الحائط.
كنا قد تواصلنا مجددا مع السيدة آنابيث ومن جمعتهم من حلفاء في روزيتا، وكذلك مع السيد هاري ومن جمعهم من حلفاء في زهران، وكذلك مع الحلفاء الآخرون الذين قد تمكن والدي من جمعهم من الممالك الأخرى، واستغرقنا عاما بأكمله لكي نعيد بناء زمرد على أسس سليمة هذه المرة، وجمعنا خلال هذا العام سرا جيشا لا يقهر، ضممنا لنا أولا زمرد لأن المعارضين بها يكاد يكون أعدادا فردية لا تذكر، وبعد ذلك ضممنا المملكة الأقرب والأحب إلى قلبي روزيتا.
استغرقنا ضم الممالك الأخرى الكثير من الوقت يوم يجلب يوما، وشهريلحقه آخر، وتوالت الأعوام، كانت الممالك مشتتة ومترامية في أماكن بعيدة، بعضها تفصل بيننا بأراض صحراوية شاسعة وقاحلة، قد تستغرق المسيرة إليها شهور تحت الشمس الحارقة وفوق الرمال الملتهبة، وبعض الممالك تفصل بيننا بغابات وعرة مليئة بالحيوانات الضارة المتوحشة، وممالك أخرى كانت البحار والمحيطات بأسرارها وغموضها تحول بيننا.
بعد ضم جميع الممالك عكفت على زيارتهم جميعا والاستقرار بهم مدة كافية لأتمكن من استخدام موهبتي وكذلك للإشراف على عمليات الإصلاح والتحسين بها.
تمكنت في خلال هذه الأعوام من التحسين بالممالك جميعها لتصبح أفضل من مائة زمرد وهمية، أحيا الآن بالقصر الملكي بروزيتا برفقة والداي وصوفيا التي فضلت الانتقال معي إلى هنا، اختفت علامات التقدم بالسن من على ملامح أمي والسيدات الأخريات فقد اتضح أن تأثيرها يدوم لفترة معينة، وقد أبقيت تلك القلادات بمأمن عن جميع الأيدي لا يعلم مكانها إلا أنا.
فضل روبرت العودة لزهران فسلمته أمر توليها، وقد تزوج من فتاة منذ ثلاث سنوات ليصبح لديه آنجل وآنجيلكا توأمتان بعمر سنة ونصف، وتولى جون بمساعدة أخته جيس الأمور بزمرد، تولى سميث مسؤولية قيادة الجيوش البحرية بزمرد أيضا، بينما قضى السيد هاري والسيدة آنابيث نحبهما، فكان الخبران مفجعان تطلب الأمر من الجميع وقتا طويلا ليتقبل الواقع خصوصا روبرت.
لم يتغير بأحوالي الكثير غير تلك الرسمة العجيبة للفراشة الزرقاء التي ظهرت من تلقاء نفسها على معصم يدي اليمنى( ستكون موجودة بصورة غلاف القصة) يوم سيطرتنا على آخر الممالك شيلا منذ ست شهور، لم يفهم أحد سبب ظهورها أو معناها ولكن شيئا ما قادني لذلك الزقاق مرة أخرى لذلك المتجر العجيب بزمرد.
وجدت تلك السيدة مرة أخرى خلال تلك الأعوام كنت قد حللت جزءا من لغزها، الأمر الذي أكد لي أنها لم تكن مجرد خزعبلات تلقيها بل كانت تلقي حقائق مؤكدة وأن تلك السيدة على قدر كبير من الذكاء والحنكة عكس ما تظهر (سيكون لكي شأن عظيم، وبالرغم من ذلك فقد عانيت كثيرا وستعانين أكثر، خسرتي أقرب من لديك، وسيخسرك أقرب من أنتي لهم، رغم جمال الزهور إلا أن أشواكها تجرح) أصبح لي شأن عظيم بالفعل، وكنت أتوقع ذلك بسبب النبوءة، عانيت الكثير وقد عانيت أكثر فهمت ذلك أيضا، خسرت جدتي أقرب من لي فبرغم من استعادتي لوالداي إلا أنني ما زلت أشعر بذلك الفتور الطبيعي إثر فراقنا، على عكس جدتس التي كانت وادا ووالدة لي، لذلك هي أقرب من لي بالفعل، غير أن أخر كلماتها ما زالت غامضة حتى الآن بالنسبة لي.
على كل فقد رفضت البوح بمعنى ما قالته لي سابقا معللة أنه يجب علي أن أختبر ذلك بنفسي، غير أنها أخبرتني بمعنى تلك الفراشة الزرقاء أنها رمز للتغيير نحو حالة من الهدوء والسكينة ورفضت الافصاح عن أكثر من ذلك.
لأخرج من المتجر هذه المرة أيضا بأسئلة أكثر مما دخلت، وتتزاحم الأفكار بداخل عقلي.
_______________________________رأيك يهمني، فضلا ضع بصمتك🌸
الفصل العشرين والأخير غدا بإذن الله (حتى تتمكن روعة من التركيز باستذكارها) لذلك سأنشره بأسرع ما بوسعي.
أنت تقرأ
مملكة روزيتا (مكتملة)
Fantasyوسط كل عتمة يوجد نور، رغم غلبة الظلم إلا أن العدل دائما المنتصر، طالما هناك من يرفض ويحارب لأجل ما يؤمن به، سيكون هناك دوما شعاع أمل، لينقشع الظلام؛ لم تخلق عبثا، تمسك بمبادئك، لا تنتظر التغيير، كن أنت التغيير، لاتدع اليأس يطرق عتبتك، وإياك والاستسل...