الفصل الرابع والعشرون

10.5K 240 3
                                    

الفصل الرابع والعشرونتوبخه سجى على خطبتها لآخر وهل يملك من أمره شيئا؟هو تركها بمحض إرادته فقط لأنه يعلم أنه لن يستطيع إسعادهامهما حاول, فهو لم يتمكن من إسعاد سجى حتى يستطيع أنيسعد حبيبته..وهي ليست فقط حبيبة بل هي تكاد تكون روحه التي بحث عنهاكثيرا ليجدها بمحض صدفة بعد أن فقد الأمل بإيجادها ..عاتبه قلبه: "ولكنك فرطت بها بل وجرحتها بما قلته لها تلكالليلة"ليجيبه بحزن:"لم أكن لأتمكن من إسعادها وكنت سأموت باليومألف مرة وأنا أرى نظرة الحزن بعينيها نفس نظرة الحزن التي رأيتهامرارا بعيني سجى"قاوم إحساسه بالعودة إلى سجى وهو يجلس على أول مقعد يقابلهبالحديقة القريبة من المطعم ويعود بذاكرته لسنوات بعيدة ..عندما كان لازال طفلا يرى والدته بأحضان الرجال, يراها تخونوالده بل وتتبجح بما تفعله أمام والده والذي لم يكن يحرك ساكنا!لم يكن يفهم ما الذي جعل والده يصمت على كل أفعالها المشينةولكنه كان يستنكر ما يحدث أمامه بل وعزم على الهرب بشقيقتهالصغيرة حتى لا تتلوث مثل والدتهما حتى كان ذلك اليوم ..اليوم الذي كاد أن يرتكب جريمة قتل, كاد أن يقتل تلك المرأةوالتي من المفترض أن تكون والدتهما التي تخاف عليهما..عاد إلى المنزل مبكرا عن موعده المعتاد بعد أن بدأ العمل بمطاعموالده والتي كتبها باسمه وشقيقته حال حدوث أي مكروه له ليجدشقيقته تُنتهك من أحد أصدقاء والدته!لم يدرِ وقتها ما فعله تحديدا فقد شعر أنه فقد اتصاله بالمكانوالزمان عند رؤيته لشقيقته وذلك الرجل يحاول أن ينتهكها وهيتصرخ باسمه ليسرع إليها منتزعا ذلك الوغد من فوقها ملقيا به بعيدا..ورغم أنه كان بالتاسعة عشرة فقط إلا أنه امتلك بنية قوية وساعدهأن الرجل كان مخمورا كحال والدته العزيزة ..فحمل شقيقته وغادر المكان ولجأ وقتها لمنزل صديقه الوحيدوالذي آواه يومها بل ومنعه من العودة لقتل ذلك الوغد فشقيقتهتحتاج لوجوده بجانبها فبالرغم أنه وصل بالوقت المناسب قبل أنيكمل ذلك الحقير انتهاكه لها إلا أنها مضطربة بشكل كبيرولا تتوقف عن البكاء ..ليصله باليوم التالي خبر قتل والدته وعشيقها على يد والدهوبالرغم من أنه فقد كليهما معا إلا أنه شعر بالراحة أن والده أفاقأخيرا مما كان به وانتقل وشقيقته للعيش مع جدته لوالده التي لميكن يراها إلا نادرا ..ومن وقتها وتعهد بعدم إدخال أي امرأة لحياته حتى دخلت هي ..فتاة رقيقة كانت زميلته بالجامعة ونشأت بينهما قصة حب دونإرادة منه فقد وجد نفسه واقعا بحبها حتى النخاع ولم يفهم كيفومتى؟!مرت عدة أشهر على علاقتهما وقد اتفقا على الزواج فور تخرجهوالذي كان قريبا فهو على كل حال يعمل بمطعم والده والذي لهفروع بعدة دول ليتعرف وقتها على سجى, تلك الفتاة التي تصغرهبثماني سنوات وصديقة شقيقته الجديدة ..لاحظ ما يعتري الفتاة من اضطراب ظنّه من صميم شخصيتهاحتى فوجئ بزوجة والدها تظهر بمطعمه وهي تخبره عما يفعله هذاال فراس بها ..إنه يستغل سجى وهي لا تملك أن توقفه فقد هددها بإيذائهاإذا تكلمت لذا فالحل الوحيد هو إبعادها عنه ..وقتها لم يتردد للحظة واحدة أن ينقذها من براثن ذاك الذئبوأصرّ على الذهاب ليقابلها ويتفق معها أنه سيتزوجها حتى يتمكنمن توصيلها إلى عمها الذي تتحدث عنه كثيرا ..ولكنه فوجئ بالمشهد أمامه!مشهد جمّده مكانه وهو يرى ذلك الوغد معها,كل ماتمثّل أمامهوقتها مشهد أمه مع الرجال الآخرين مختلطا بمشهد شقيقته وهيتنتهك على يد ذلك الحقير ..تشوش غريب ملأ عقله وقتها فسارع بانتزاعه وضربه بقوة لميتخيل أنه يمتلكها يوما ليسارع فراس بالهروب وتختبئ سجى منهفلا يستطيع التوصل لحقيقة ما كان يحدث ..ورغم ذلك تزوجها بل وتحمل اللوم كاملا بسبب الطفل الذييسكن أحشاءها ..شعوره نحوها كان غريبا, مزيج بين شفقة وكره غير مفهوم..تشوش كبير يملؤه.. هل هي ضحية أم مخطئة؟!كان يهرب من الجلوس معها بالمنزل حتى لا يستعيد تلك الصورةالتي تثير جنونه وتجعله راغبا بقتلها ..انقطع عن رؤية حبيبته واكتفى بالاتصالات فقط حتى لا يضطرلإخبارها عن سجى فبالتأكيد لو ذهب وأخبرها أنه تزوج بأخرىكانت ستتركه لذا كان يبحث عن طريقة يصل بها إلى عمها حتىيتخلص منها قبل أن يقابل حبيبته ..وأخيرا توصّل لعنوان عمها وكان يجهز أوراقهما حتى يوصلها لعمهاعندما اشتاق كثيرا لحبيبته فذهب إلى شقتها والتي كانت تقيم بهامع عدة فتيات أخريات ليتجمد مكانه عندما شاهدها أسفلالبناية بوضع أقل ما يقال عنه مشين ..استجمع كل قوته حتى يغادر دون أن تشعر بوجوده ودون أن يثيرجلبة ستعود عليه هو بالخسارة قبل أي شخص ..فغادر عائدا إلى شقته التي ترك بها سجى ويعزل نفسه بعيدا عنهاحتى لا يؤذيها بوقت أراد به إيذاء أي شخص يظهر بطريقه ..مر يومان وهو لازال معتكفا بغرفته لا يريد التحدث لأحد,حاولت معه مرارا دون جدوى لم يستجب لها أبدا بل لم يلتفتلها من الأساس ..مشهده آلم قلبها كثيرا, لا تعلم ماذا تفعل حتى تخرجه من هذهالحالة المستكين إليها ..ترى ماذا حدث معه ليعتزل العالم بهذه الطريقة؟هي لم ترد الزواج به بل لم ترد الزواج على الإطلاق ولكن ....ما ذنبها فيما حدث؟ هي لم تجبره أبدا على الزواج بها, بل هيحاولت أن تمانع وتقاوم ولكن لم يستمع لها أحد!الجميع أخبرها أنه الأفضل لها حتى ولو كان مؤقتا من أجل الجنينالذي تحمله داخلها حتى يولد بطريقة شرعية وهو ...هو من قال أن لديه الاستعداد لتحمل مسئوليتها.. فماذا حدثليتعكر صفو حياته بهذه الطريقة؟اقتربت منه لتجده شاردا كعادته مؤخرا, تحديدا منذ ذلك اليومالذي عاد به متأخرا عن موعد عودته المعتاد لديها..تقترب خطوة لتعود خطوتين حتى استجمعت شجاعتها واقتربتمنه لتلمس كتفه بحنو وتهمس:"ما بك جود؟"انتفض لتبتعد عنه بخوف فيمسك يدها مقربا إياها بعنف انتفضله قلبها بخوف وهي تهم بالاعتذار لمقاطعتها تفكيره ليضيعاعتذارها بين شفتيه اللتين اقتحمتاها بجنون جعل دموعها تنهمرعلى وجنتيها بصمت..شعر بطعم الدموع بفمه فأبعدها عنه بحدة وهو يشعر بالغضب مننفسه كيف تحول لهذا الحقير الذي ينتهك طفلة؟!هل أصبح مثلهم؟!خرج مسرعا وتركها تبكي وتنتفض مكانها فلم يكن لديه أياستعداد لأن يتحدث معها أو يشرح لها أي شيء فهي مازالتمتهمة أمامه..ليعود بوقت متأخر ليجدها فاقدة الوعي تنزف على الأرضبالمكان الذي تركها به ..هرع بها إلى المشفى وهناك أخبروه أنها فقدت الجنين وكادوايفقدوها معه فقد نزفت مطوّلا واحتاجوا لنقل دم لها وقد تبرّع لهاهو ليسري دمه داخل شرايينها ووقتها فقط شعر أنها حقا مسئولةمنه وأنه لو حدث لها شيء بسببه لكان عاش عمره نادما.لم يعرف هل يفرح بما حدث أم يشعر بالحزن لما عرفه بعدها!فقد كاد أن يسجن بسببها فالكدمات التي تكلأ جسدها دليلعلى العنف الجسدي وبما أنه هو الزوج تخيلوا أنه من فعل ذلك بهاولكنها أنقذته ربما للمرة الثانية ..فالمرة الأولى أنقذته من نفسه وجعلته يفهم أن المرأة ليست رمزالخطيئة كما اعتقد نتيجة لما تعرض له من والدته ثم حبيبته ..والمرة الثانية كانت عندما أخبرتهم أنها تعرضت للاغتصاب على يدآخر وأنه ليس المتسبب بما هي فيه ..ومن وقتها وعلاقتهما تغيرت تماما خاصة بعد محاولة فراس خطفهاليهرب بها بعد ذلك ويظل يهرب معها من بلد لبلد حتى لايتمكن فراس من الوصول إليهما ..ربما لم يحبها يوما كامرأة ولكنها كانت له الصديقة والأخت خاصةبعد اضطراره لترك شقيقته مع جدته حتى تم زواجها من صديقهالعزيز ورغم ذلك لم يتمكن يوما من التخلص من آثار ما علق بهمن خوف من تردد بعلاقاته مع الجنس الآخر ..وها هو يفقد حبيبته بسبب خوفه وتردده فماذا يفعل؟!هل يفعل مثلما أخبرته سجى؟ يذهب إليها ويخبرها كل ما مرّ به؟ولكن هذا يعني أنه سيخبرها عن سجى وهذا ما لن يستطيع فعلهأبدا..هو لن يفضح السر الذي كتمه كل تلك السنوات فقدرفضت سجى أن تخبر أهلها فكيف يخبر هو سادين؟خطر له خاطر غريب.. هل يمكن لسجى أن تخبرها هي؟لا لن يسمح لها أن تفضح نفسها من أجله ..هو يريدها أن تنسىلا أن يعلم الجميع بقصتها وتظل عالقة بالماضي..يكفي عذابها كل ذاك الوقت, هي بالكاد تعافت مما حدثوبدأت حياتها تستقر مع حبيبها ..عاد أدراجه باتجاه المطعم حتى يمنعها مما هو على يقين أنها تفكربفعله من أجله.****تقابلت عيناهما لتشعر بالخوف يصفع أعماقها, هي لا تخشى علىنفسها فهي قد تخلصت من خوفها منه منذ فترة ولكنها تخشى أنيؤذي أطفالها هي تعلم مدى الجنون الذي قد يصل إليه وهي لاتريد لطفليها أن يتأذيا أخذت نفسا عميقا قبل أن تقول:"ما الذي جاء بك فراس؟"نظر لها بصدمة!تسأله عن سبب حضوره؟!وهل هناك سبب غيرها يجعله يحضرلهذا المكان؟أجابها وعيناه تحتضناها بلهفة:"لقد جئت من أجلك سجى فمنأجل من سأحضر سواكِ؟ لقد اشتقت إليكِ كثيرا حبيبتي و..."قاطعته سجى وهي تتمسك بأقصى درجات ضبط النفس:"فراس أنت زوج أختي فقط لا غير وأنا بعصمة آخر فلا يصحما تقوله فمن فضلك أخبرني بما أردته وغادر""سجى أنا فراس حبيبك!"قالها بحزن آلمها فرغم كل شيء هو أول من أخذ بيدها وحماهاعندما كانت بعيدة عن أسرتها ولكنها لابد أن تكون حازمة معهعلّه يفيق من الوهم الذي يعيش به"أنت لم تكن يوما حبيبا لي فراس, أنت فقط ابن عمتي وزوجأختي""ليست أختك"قالها بحدة لتبتسم قائلة:"أعلم"نظر لها بدهشة:"كيف تعلمين؟!""هي أخبرتني"قالت بهدوء ليسألاه بصدمة:"من ... هي؟""فدوى"أجابه ببساطة ليهتف وهو مازال على نفس صدمته:"ماذا؟ كيف وصلت إليكِ؟"أخبرته بابتسامة هادئة:"أنا من وصلت إليها حتى أنني علمت أنهاقد أنجبت فتاة وأسمتها باسمي مبارك لك فراس""كنت أتمنى لو كانت منكِ أنتِ سجى, أخبريني أين طفلنا؟"قال لها بعاطفة قوية لترتجف رغما عنها وهي تتذكر الطفل الذيفقدته لترفع رأسها وهي تستمد قوتها من طفليها:"لقد فقدته فراس وهو لم يكمل الشهرين حتى"أغمض عينيه يخفي الحزن الذي ظهر بهما, فبالرغم أنه كان يعلمأن هذا كان مصيره بكل تأكيد إلا أنه أمِلَ أن تكون احتفظت به:"لماذا سجى؟ لقد رابطا قويا بيننا""هل تتخيل أنني فقدته بمحض إرادتي؟! فراس مهما كنت أكرهكلم أكن سأفعل ذلك أبدا فهو شيء يغضب الله ولكن هذا قدرهفقد فقدت وعيي ونزفت ولو لم ينقذني جود لكنت فقدت حياتيأيضا"اشتعلت عيناه بذكر غريمه ليهتف بحدة:"لو لم يبعدك عني لمافقدتيه, لما كنا بهذا الحال الآن"أجابته بقوة وهي تحاول التمسّك بهدوئها قدر المستطاع:"لو لم تفعل ما فعلته لما كنا وصلنا لهنا فراس, ربما لم أكن أحبكحقا ولكني كنت على استعداد للزواج بك فقد كنت أعلممبلغ حبك لي ولكن للأسف لقد دمرت كل فرصة لنا سويا بمافعلته رغما عن إرادتي فراس ثم هربت وتركتني تحت رحمة زوجة أبيأم أنك نسيت ما فعلته وتسببت فيه فراس؟ لقد دمرت حياتي بمافعلته لقد كرهتك فراس كما لم أكره أحدا بحياتي وكلما حاولت أنأستعيد حياتي أجدك أمامي فمتى ستتركني أعيش فراس؟متى ستتركني أحظى بحياة تمنيتها منذ فترة بعيدة؟"صرخ بعنف:"حياة مع ذلك الوغد الذي هربتِ منه قديما؟ ألم يكنهو الذي جرحك وجعلك تسافرين بعيدا عنه؟""وليتني ما فعلت فلم أكن سأقابلك وقتها"قالتها سجى بانفعال ليشعر بالصدمة!سجى تكرهه! تكرهه حقا ولكن لِمَ؟! هو أخطأ بحقها أجل ولكنهحاول لسنوات أن يعوّضها عمّا فعله ولكنها هي من هربت منهكلما اقترب منها!"لا سجى لا تقولي هذا, لا يمكن أن تكرهيني أنا حبيبك فراس"قال باستجداء قطّع قلبها رغما عنها ولكنها أجابته بقوة:"للمرة الألف لست حبيبا لي فراس لم تكن ولن تكون أبدا..ليس لي سوى حبيب واحد وهو أزاد زوجي والذي بالمناسبةسيحضر بأي وقت فليتك تغادر قبل أن يحضر"اشتعلت عيناه بغضب ناري وهو يقترب منها يمسك بيدها هاتفابقوة:"أنتِ لي سجى ولن تكوني لسواي هل تفهمين؟!"رغم شعور الخوف الذي تسلل إليها إلا أن علمها أن هذا اللقاءلابد وأن يُحسم حتى يتركها وشأنها جعلها تشعر بالقوة كما أنوصول أزاد ويامن المتوقع جعلها لا تخشاه.."لن أكون لك ما حييت فراس لابد أن تفهم هذا جيدا, لم أكنلك من قبل ولن أكون أبدا, لقد دمرت حياتي مرة ولن أسمحلك أن تدمرها مرة أخرى ولو كان آخر شيء سأقوم به بحياتي"صفعه كرهها الواضح له!هل حقا تكرهه أم أنها تخشى ذاك الوغد زوجها لذا تريده أنينصرف قبل حضوره؟!"أنتِ تخافين منه سجى أليس كذلك؟"نظرت له كمن ينظر إلى مختل عقليّ وهي تقول:"ما الذي تهذي به فراس؟ أزاد حبيبي وزوجي وهو مصدر الأمانبالنسبة إليّ لذا لا أريدك أن تتصادم معه خاصة أنه ليس هناكسببا للصدام.. عد إلى زوجتك وابنتك فراس فهما تحتاجان لك,أفق من الوهم الذي تعيش به فأنت لم تحبني أبدا فراس..أنا فقط محض شيء أردت امتلاكه لا أكثر"قال فراس وهو يرمقها بعاطفة قوية:"كيف تقولين هذا سجى؟ لقد أحببتك كما لم أحب من قبلأنتِ روحي التي أعيش بها.. أنتِ النفس الذي يتردد بصدريابتعادك كان أقسى ما حدث لي""إذا كنت تحبني لم تكن لتفعل ما فعلته فراس"قالتها سجى بحدة وذكرى انتهاكها تعود إليها لتشعر بالغثيان.."بل لأنني أحبك كان عليّ التأكد أنكِ لن تكوني لغيري سجىوهذا ما أخبرتك به وقتها.. لم أكن لأفعل ذلك إلا لشيء قسريّ"قال مببرا ومصرّا على تبريره الواهي الغريب لتهتف به بحدة:"حقا؟ إذا لِمَ تركتني أواجه الموقف بمفردي؟ لِمَ هربت فراس وتركتنيدمية بيد ابتهال والتي لولا وجود جود لا أدري ما كانت لتفعلهبي؟!"هتف بقوة مبررا لها:"لم أهرب أنا فقط حاولت أن أبحث عن مخرج لنا فروحي وقتهاكانت بيد تلك الحيّة ابتهال لذا ابتعدت حتى أستطيع أن أعودإليك ولكني لم أجدك بانتظاري وكدت أن أجن وقتها"رمقته بسخرية قائلة:"واخترت روحك على روحي أنا فراس هلهذا هو الحب الذي تتغنّى به؟! ألهذا أرسلت رجالك محاولة لخطفيوقتل جود؟"سألها بحدة وهو يرمقها بعنف:"وهل كنتِ تريدين أن أتركك له؟""لقد كنت زوج أختي فراس وأنا كنت زوجه لآخر فكيف كنتتفكر؟"صرخت بها ليتوقف عن الخوض بالماضي ولكنه لم يتوقف بل صرخبها:"ليست أختك""ولكنك لم تكن تعلم وقتها وإلا كنت ساومت ابتهال أليسكذلك؟"سقط في يده .. هو بالفعل كان يعلم ولكنه كان أضعف من أنيواجهها مع علمه بعلاقاتها مع المافيا ولكن لو أخبر سجى لنتتغير فكرتها عنه بل ستزداد سوءا.."كنت سأنفصل عن فدوى لأتزوج بكِ"قالها بخفوت لتجيبه:"ومن أخبرك أنني كنت لأوافق عليك؟لقد دمرت كل المشاعر التي كانت بداخلي تجاهك يوم انتهكتنيفراس..لقد توسلت إليك يومها كثيرا ولكنك لم تسمعني, لم تلقِبالا لما أخبرتك به وقتها.. أخبرتك أنني سأكرهك كما لم أكرهأحدا ولكنك لم تهتم"رمقها بحب ممتزج بندم شديد على خذلانه لها وهو يقول:"أنتِ لا تعلمين كيف أثّرت بي كلماتك تلك عندما عدت ولمأجدك لقد كانت تتردد بأذني طوال الوقت, تمنّيت الموت سجىكلما تخيلتك تكرهيني وكم كان هذا قاسيا على قلبي العاشق لكِبكل تفاصيلك..لقد أحببتك سجى كما لم يحب أحد بهذه الحياة!""وأنا كرهتك كما لم أكره أحدا بهذه الحياة"قالتها بقسوة لينتفض مبتعدا عنها كمن لدغته حيّة ..نظر إليها لا يصدق أنها تنظر إلى عينيه وتخبره أنها تكرهه!أحرقته عيناه لكبحه لدموعه والتي لم تسقط قط إلا من أجلهافأغمض عينيه بقوة ثم فتحهما قائلا:"سأجعلك تقعي بحب منجديد فقط تعالي معي"نظرت إليه بصدمة.. أبعد كل ذلك لم يقتنع بابتعاده عنها؟حركت رأسها برفض وهي تهتف:"بأحلامك فقط فراس فأنا لنأترك حبيبي وزوجي من أجل أيّ كان""وأحلامي ستتحول حقيقة على يديكِ سجى"اقترب منها بحميمية لتنتفض مبتعدة عنه رافضة أي قرب منهوتهتف:"ابتعد عني"رفع يديه وهو يشير لها بحب وحنو:"سجى, حبيبتي.. لا تخافي لن أفعل ما يؤذيكِ""لا أخاف منك فأطفالي يمنحوني القوة لمواجهة أي كان"قالتها بتهور ليتجمد مكانه وهو ينظر إليها يحاول استيعاب مانطقت به!"ماذا؟ أي أطفال؟"هتف بعدم فهم ثم صمت قليلا قبل أن ينظر إليها بعدم تصديق:"هل تعنين أنك تحملين أطفال ذاك الرجل؟ هل منحتيه ما هوملكي وحدي؟!"لم ترد وهي تتململ مكانها بخوف فاشتعلت عيناه بجنون وهويهتف:"لا لن أسمح بحدوث هذا أبدا, لن يظلا على قيد الحياةلن تحملي أطفال سواي سجى هل تفهمين؟!"ابتلعت ريقها بخوف وهي تدعو الله أن يحضر أزاد أو يامنليستجيب الله لها فتجد يامن يدلف من باب المطعم لتغافل فراسوتسرع إلى يامن.. التقطها يامن وقد كانت على وشك السقوطونظر إلى الرجل الواقف أمامه بحدة يشعر بخوف سجى الواضح منه فهتف به بحدة ممزوجة بقوة:"من أنت؟ وماذا تفعل هنا؟""أنا من عليّ أن أسألك هذا السؤال.. أخرج من هنا واتركني معزوجتي"قال فراس وهو يعقد ساعديه أمام صدره ليرمقه يامن كمن ينظر لمختلّ عقليّ وهو يقول:"زوجتك! هل أنت مجنون يا هذا؟ هي زوجة أخي فهيّا انصرف منهنا قبل أن أطلب لك الشرطة"تمسكت به سجى بقوة تعبر عن مدى خوفها من ذاك الرجل الذيلا يفهم من هو من الأساس ولكن ما فهمه أنه يثير خوفها كما أنهعلى ما يبدو مختل عقلي.."لا تتدخل فيما لا يعينك وانصرف من هنا"قال فراس بعنف وقبل أن يرد يامن كان جود قد عاد ليتجمدمكانه وهو ينظر إليه بصدمة:"فراس!!"اقترب من سجى التي تتمسك بيامن وهي تحاول التظاهر بقوةوالإنهاك الذي يبدو على وجهها جعله يتساءل عن ماهية المواجهةبينها وبين فراس قبل حضورهما..هل هددها هذا الوغد؟ أم ربما اقترب منها و ...لم يحتمل ما ارتسم بعقله من صور فاقترب منه وأمسك بتلابيبهبقوة وهو يسحبه لخارج المطعم ولكن فراس لم يكن بالخصم الهيّنأبدا فأبعده عنه وهو يلكمه بوجهه فيتفادى جود اللكمة بمهارةوهو يسدد لكمة بمعدته ليتراجع فراس عدة خطوات للخلف ثموقبل أن يتمالك نفسه كان جود قد اقترب منه مرة أخرى وهويهتف بيامن:"اصطحب سجى للمنزل يامن"يامن الذي وقف لا يفهم ما يحدث أمامه ارتبك لا يعلم هليصطحب سجى إلى المنزل أم يذهب لمساعدة جود ضد هذاالرجل!لينقذه أزاد من حيرته عندما دلف إلى المطعم وتفاجأ بما يحدثفهرع لسجى وضمها إليه متسائلا:"أنتِ بخير؟"أومأت برأسها تطمئنه فما دام هو بجانبها ستكون بخير بكل تأكيدأخبر يامن:"اصطحب سجى إلى المنزل يامن من فضلك""لا أزاد أنا لن أترككما"هتفت سجى باعتراض ولكنه لم يجدِ فقد كان قد اقترب من جودالمشتبك مع فراس وبداخله يهتف:(لقد آن أوان الانتقام فراس..سأجعلك تدفع ثمن كل ما فعلتهبسجى وكل ما عاشته بسببك)اصطحبها للمنزل كما أخبره أزاد على أن يعود إليهما مرة أخرىفربما يحتاجان له ..طوال الطريق لم تنطق بكلمة ليشعر بالخوف عليها فهي بمثابةزوجة أخيه فالأيام التي عاشها بينهم جعلته يتمنى لو عرفهم منقبل لو عاش معهم طوال حياته بدلا من حياته الباردة والتي جعلتهعابثا باقتدار ..وهذا ما جعله لا يمانع في الزواج من عطر عندما عرض عليهوالده الأمر.. في البداية حضر لعمّته فقط من أجل الإرث ليضمن حقه بالإرث الذي جعل والده أزاد شريكا له بكل شيء فقد من أجل إرضاء ضميره الذي حرم أخته قبلا من كل شيء فقط حتى يرضى عنه والده.. ولكن بعدما تعمّق بعلاقته معهم شعر أن له عائلة أخيرا.. عائلة حقيقية يشعر معهم بالحب والمودة والعطف,عائلة لو حدث له شيء سيكونوا معه ولن يتركوه أبدا!وعطر ابنة عمته فتاة لطيفة على الرغم أنه يشعر باضطرابهابوجوده ولكن ربما كان هذا علامة على أنها تكن له المشاعرنظر إلى سجى قائلا:"سجى هل أنتِ بخير؟!"أومأت برأسها وهي تقول:"أجل بخير يامن شكرا لك""هل تشعرين بألم؟ هل نذهب للطبيب؟!"شيء ساخن شعرت به سجى جعلها تغمض عينيها وهي تشعر أنهاتفقد طفليها لتهمس له:"خذني للمشفى يامن فأنا أفقد الطفلين"وقبل أن يستوعب يامن ما يحدث وجدها تسقط على الأرضفاقدة الوعي ولحسن الحظ استطاع أن يلتقطها قبل أن تسقطعلى الأرض ليسرع بها إلى سيارته والتي بالكاد ترجلا منهاليجد من يفتح الباب الآخر ويهتف:"سجى! ماذا حدث لها يامن؟!"ربما الموقف لا يحتمل أي بعد رومانسي ولكنه لا ينكر أن اسمه منبين شفتيها كان له وقع خاص على قلبه فربما هي المرة الأولي التييسمعها تنطقه..نهر نفسه هل هذا وقته يامن؟"يبدو أن الطفلين بخطر عطر اصعدي حتى نذهب بها إلى المشفى"*****ربما ليس بعدل أن يقاتلاه كلاهما ولكن هل كان عدلا ما فعلهبسجى؟كما أن كليهما أراد أن يشفي غليله مما فعله بها..فلم يستطيع أيّ منهما أن يتركه دون عقاب وهو من جاء بقدمهلم يصدق حظه عندما وجده أمامه عندما عاد إلى المطعم ليقنعسجى ألا تخبر سادين بأي شيء يسيء إليها..لقد كان يتتبع خطواته ويجمع الأدلة حتى يقضي عليه تماماولكنه من جاء له بنفسه فهل سيفوّت هذه الفرصة على نفسهويتركه يفلت دون أن يشفي غليله منه؟!أما أزاد فقد كاد يبتسم لحسن حظه عندما رآه فقد عجز أنيعرف مكانه من جود حتى أنه حاول التحايل على عم سجى حتىيخبره أي معلومات عنه إلا أنه وجده لا يعلم شيئا عنه من الأساسوها هو يراه أمامه فهل سيتركه يفلت دون عقاب؟ولو أنه لا يرى له عقابا سوى الموت ولكن بعد أن يقوم بتعذيبهمثلما عذّب سجى كثيرا وجعلها تعاني طوال تلك السنوات..أما فراس فكان كل ما يسيطر عليه صورة سجى وهي بأحضانأزاد كان يشعر بالجنون ويقاتل بغضب يريد الفتك بهما معا إلا أنالكثرة تغلب الشجاعة كما يقولون وفي حالته تغلب الدناءة..فمن هو أكثر دناءة ممن انتهك عرض خاله وبمنزله؟ومن هو أكثر دناءة مما حاول انتهاكها للمرة الثانية وهي بعصمةرجل آخر؟!لقد تعدى فراس كل حدود التعقل ولم يبالِ بحرمات المنازل لذاكان عليه أن يذوق قليلا مما ذاقه على يد أزاد وجود ..بعدما فرغا منه كان قد فقد الوعي ليهاتف جود أحد معارفهليبعث من يأخذ فراس ولا يتركه إلا على متن الطائرة المتجهة إلىنيويورك ليحصل على باقي عقابه هناك.اقترب منه أزاد يهتف له بوعيد وهو ينظر إليه بغضب عارم ونفسهتراوده أن ينهيه تمام ولكن بعض تعقل داخله وجود الواقف بجانبهوالذي أكّد له أنه سيعاقب على كل ما فعله ولكن بطريقة قانونيةاقترب منه أزاد هامسا بأذنه وهو يراه بالكاد يحاول فتح يعينه:"حاول أن تقترب مرة أخرى من زوجتي أيها الحقير وأقسم لكأنك لن ترى الشمس مجددا".******ما إن اقترب من المنزل حتى ارتفع رنين هاتفه ليفتح الخط وصلهصوت عطر وهي تبكي:"أزاد تعال إلى المشفى في الحال فسجىحالتها غير مطمئنة"****أخيرا استطاع أن يقبض عليه متلبسا كاد أن يسرع لإخبار أزادولكنه عزم على إخباره صباحا فلابد أنه قد استغرق بالنوم بهذاالوقت المتأخر..حاول استخلاص أي معلومات تخص عطر بطريقة غير مباشرةولكن حالة وائل لم تساعده على الإطلاق فقد كان مخدرا ولميستطع فهم ما يقوله من الأساس ..وعندما عاد في الصباح وقبل أن يهاتف أزاد وصله خبر مقتله..إذا لقد خشى من خلفه أن يصل إليهم فقضوا على حياته!أم أن وقوعه بيده من البداية كان مخططا له حتى يقتل بداخلالحبس وكأنهم يرسلون لهم رسالة أنهم قادرون على فعل أي شيءولن يستطيعوا منعهم..عض على شفتيه بقهر.. لقد عمل على هذه القضية منذ فترةطويلة وها هو كل شيء يضيع بغمضة عين ..فما إن انتظر حتى يذهب مفعول المخدر الذي يتعاطاه وائل حتىذهبت معه حياته ..ماذا سيخبر أزاد الآن؟هل يخبره أن قد قبض على مغتصب شقيقته ولكنهم قد قتلوه قبلأن يعرف منه أي شيء؟أصيب بالإحباط فبعد كل شيء لقد ذهب كل ما فعله أدراجالرياح إلا لو ........استطاع الإمساك بهناء..تلك الفتاة التي اختفت منذ حادثة الاغتصاب والتي كانتالضلع الأساسي بها فعلى حسب أقوال عطر هناء هي من دعمتعلاقتها بوائل كما أنها هي من استدرجتها للشقة التي تم فيها كلشيء..إذا هي بالتأكيد تعلم كل شيء عن الأعمال غير المشروعةوالتي كان وائل متورطا بها ..كما أنها بالتأكيد تعلم شركاء وائل ألم يكن كل شيء أمامها؟يتساءل كيف تكون تلك الفتاة التي ترى صديقتها تنتهك أمامعينيها بكل بساطة دون أن تحرك ساكنا بل ربما كانت هي منخطط لكل ذلك من الأساس!***"ماذا حدث؟"هتف بها أزاد حال وصوله إلى المشفى ورؤيته ل يامن وعطر أمامإحدى غرف العمليات"إهدأ أزاد لم يحدث ما يسوء إن شاء الله"هتف يامن محاولا بث الطمأنينة بقلب أزاد المرتجف خوفا علىزوجته..بهذه اللحظة خرج الطبيب ليلتفوا حوله فأخبرهم:"تمكنّا من وقف النزيف وإنقاذ الطفلين لكن حالتها لازالت غيرمستقرة لذا ستظل بالمشفى عدة أيام لحين استقرار الحالة"تنفس الصعداء عندما سمع الطبيب لقد خشى أن يصيب حبيبتهشيء ما هو لا ينكر خوفه على الطفلين ولكن سجى تأتي بالمقامالأول دائما قبل أي شيء آخر..اقترب منه يامن وهو يهمس:"ماذا حدث معك؟""لقد تولى جود التنظيف"أومأ برأسه متفهما فهو لم يكن يريد أن تلاحظ عطر أي شيء ممايحدث..قلبه يخبره أنها رقيقة وهشة من الداخل كما يبدو عليها منالخارج لذا فهي تمس شيئا بداخله ..شيء تخيل أنه لم يتواجد يوما بداخله حتى قابلها ..في البداية شعر بالتسلية فهي كانت تضطرب كلما اقترب منهاوهذا كان يثير سخريته ولكن بعدما حدث بالمرة الأخيرةشعر بالمسئولية تجاهها, شعر بمشاعر الحماية داخله تطغى علىأي شيء آخر..لذا وافق على الزواج منها بلا أي تردد بل واتفقمع والده أنه لن يبعدها عن أهلها في حال موافقتها عليه فسينقلعمله إلى مصر حتى يستقرا بجانب أسرتها فلا يريدها أن تعيشما عاشته عمته من قبل.****هل حدث يوما ووجدت أن حياتك كلها كانت محض وهم؟!محض خدعة خدعت بها أو ربما كنت تعرف أنها خدعة ولكنكاخترت أن تعيشها بإرادتك الحرة؟!هل حدث يوما واستيقظت من غفوتك لتجد أن حياتك علىوشك الانتهاء وأنت لم تكسب شيئا قط بل على العكس تمامالقد خسرت كل شيء..
خسرت قلبا أحبك بصدق, خسرت عائلة نفيت عنها وتم نبذك
نتيجة أفعالك المشينة, خسرت ابنة لم تكن لها أبا قط ابنة أضعتهابيدك بل ونبذتها رغم أنك تعلم أنها مظلومة أنها قد ظلمت بعقردارك وانتهكت وأنت فقط صمت ولم تحاول يوما أن تعيد لهاحقها بل نبذتها بقسوة وألقيت مسئوليتها لآخر لا تعلم عنه شيئا .آخر ربما استغل ضعفها ووحدتها وأساء إليها أكثر مما فعلت أنتسخر من نفسه بقسوة وهو يهت :"لا أحد أساء إليها كما فعلتأنا, أنا والدها لم أحمها كما ينبغي بل لقد كنت أول الظالمين لها,وربما جزائي الآن أقل مما أستحق.. وجودي محبوسا بين هذهالجدران مع حثالة المجتمع ليس بعقاب كاف لما اقترفته بحق ابنتيوأمها.. أغمض عينيه بقوة وهو يستعيد ماحدث فى الآونة الأخيرةفلاش باك
استيقظ ولم يجدها بالمنزل كعادتها منذ فترة تعجب منها إلى أين
تذهب تلك المرأة يوميا؟!نهض ليتناول إفطاره ليفاجئه طرق على باب المنزل عقد لهحاجبيه فمن ذا الذي سيزورهم في الصباح هكذا؟فتح الباب ولم يجد أحدا نظر حوله ولا أحد كاد أن يدلفإلى الداخل مرة أخرى لولا أن لمح مظروفا غريب الشكلعلى الأرض..حسنا لم تكن المشكلة بالمظروف بل بما يحتويه من قنابل ومفرقعاتجعلته يشعر بالمستنقع الذي كان يعيش به منذ سنوات طويلةوهو غافل أو يتغافل عما يراه من حقائق ويشعر به..أوراق تثبت مدى تورط زوجته مع المافيا بالأعمال..والأعمال هنا تشير إلى أعمال مخالفة ليس فقط للقانون بلومنافية للأخلاق والإنسانية على السواء ..لا يصدق أنها كانت تفعل ذلك طوال سنوات وهو....ماذا كان يفعل؟!كان يخسر مرة تلو الأخرى دون أن يحرك ساكنا ..هي كانت تحركه كدمية ماريونت خيوطها بين يديها وهو كانخانعا بل وسعيدا بما يفعله من أجلها ..اتسعت عينيه وهو يتابع القراءة ليرى إلى أي مستنقع ضحل قدوصلت إليه زوجته المصون ثم وقعت عيناه الصور..صورها بأحضان آخر بأوضاع مشينة أثارت غثيانه وشيءآخر افتقده منذ فترة طويلة .."رجولته "
تلك الرجولة التي فقدها منذ فترة طويلة واستبدلها بالخنوع لأوامر
زوجته التي وقع بحبها رغم معرفته أنه ليس الأول بحياتها ...ولكن يبدو أنه لم يكن الأخير أيضا وهذا مازاد من ثورتهبل ولصدمته هناك ما يؤكد أن فدوى ليست ابنته منالأساس!
كيف هذا؟! هل كانت حاملا بها وهي تتزوج به؟
هل نسبت له طفلة آخر بل واستمرت بمجونها بعد زواجها منهأيضا؟كيف كان غافلا لتلك الدرجة؟! أم كان يتغافل عما كان يحدثبإرادته؟كاد يُصاب بالجنون وهو يرى باقي الأوراق والمستندات حتى لمحما جعله يتجمد تماما ..قرص مدمج للحاسب جعله يخشى أن يرى ما يحتويه ليذهب ببطءويفتح الحاسب ويضع به القرص لتشتعل عيناه وهو يرى زوجتهبأحضان آخر تتفق معه على ابنته ..تلك التي فرط بها هو بكل بسهولة تخبره أنها عرفت مكانهاوستحضرها له قريبا وتؤكد له أنها أصبحت أجمل من ذيقبل وأنها لن تفشل فيما فشلت به قديما..انهار على المقعد يحاول ألا يصدق أنها تفعل ذلك حقاأنها وصلت لابنته بل وتريد بيعها لأولئك الحثالة ترى ما هوالثمن؟! فكر هل يهاتف فراس؟!ليعود ويفكر هل سيهاتفه كلما قابلته مشكلة؟!كما أنه يشك أن ما أخبرته به سجى من قبل حقيقة..يشك أن فراس هو من جعلها تحمل بل يشك أنه اعتدى عليهاأيضا ولم تكن علاقة متبادلة بينهما كما فكّر وقتها..عقد حاجبيه وهو يفكر هل خانه كل المقربين له؟لا يعلم ولكن ما يعلمه حقا أنه تسبب بإفساد حياتهم جميعا؟فجعل فدوى تتزوج بفراس والذي كان يهيم عشقا بابنتهالأخرى وهو كان يعلم كل ذلك ولكنه صمت ..صمت وأبعد سجى عن طريقهم جميعا كما أمرت زوجته..لم يصدق أبدا أن سجى فعلت ما قالته ابتهال ولكنه تغاضى عنشعوره وأصر على زواجها من ذلك المدعو جود والذي أكّدتزوجته أنه والد الطفل الموجود بأحشاء ابنته ..ولم يبالِ بإحساسه ولا بكلام ابنتهةالصغيرة وقتها أن فراس قداغتصبها وهو والد الطفل..فقد كانت ثقته بفراس عظيمة ربما أكثر مما يثق بنفسه..ظل بمكانه والأفكار تتقاذفه لا يعلم إلى متى ولكنه انتفض علىصوت الباب وهو يفتح وتدلف زوجته للداخل بكامل أناقتهاالمعتادة والتي حافظت عليها رغم مرور كل تلك السنوات..اشتعلت عيناه فور وقوع بصره عليها هانئة البال وكأنها لم تتسبببدمار مئات الحيوات بأفعالها ..لم تكد تدلف للداخل وتغلق الباب حتى اندفع يمسك بهاويصفعها وهو يصرخ "أنت تجعلينني أنا مغفلا ابتهال؟! أنتِتخونينني مرارا مع ذلك الوغد أم علي أن أقول الأوغاد؟!فيبدو أنهم كثر ويبدو أنني كنت مغفلا منذ وقت طويل"رد فعلها صدمه بكل تأكيد فلم يكن هناك أي علامة منعلامات الخوف على وجهها بل ضحكة عالية ساخرة منهكان ردها قبل أن تقول :"حقا زاهر؟! هل تذكرت أخيرا أنكرجل؟! فأنا قد نسيت منذ فترة طويلة أنك كذلك "جذبها من شعرها بقسوة وهو يصفعها وهي تدفعه عنها ولكن كانكمن مسّه الجنون ففاقت قوته تخيلاتها وهو يصرخ بها:"أنتِ يا من أحضرتكِ من الشوارع تهينيني برجولتي بل وأكتشفأن فدوى لم تكن ابنتي؟ وابنتي الحقيقية تبعدينها عني وتجعلينيألقيها لرجل لا أعرف عنه شيئا! أنت تريدين أن تدخلي ابنتيللمستنقع خاصتك؟!وتتفقين عليها مع الأوغاد الذين تعملينمعهم؟"
ضحكة ساخرة أخرى كانت الرد لتتابع:"ابنتك؟ ومتى تذكرت
تحديدا أنها ابنتك؟! أبعد أن قتلت والدتها أم بعد أن تركتهالشقيقك لسنوات؟!أم بعد أم بعد أن زوّجتها لرجل لا تعلم عنهشيئا بعد أن انتهكها ابن شقيقتك المفضل لديك؟!"تجمدت قبضته التي رفعها لصفعها مرة أخرى لحظة سماعه ماقالته.. هل قالت أن فراس انتهك سجى؟ انتهك صغيرته التيأحضرها لتكون معه علّه يعوضها ما فعله بأمها؟صدح صوت بداخله يسأله وهل فعلت زاهر؟!هل عوضتها أمأنك جعلت حياتها جحيما وأنت تتركها تواجه كل شيء بمفردها؟!تواجه زوجتك القاسية التي لا قلب لها؟!تواجه وحدتها ببلد غريب عنها بعيد عن كل ما عرفته طوالحياتها؟!تواجه خطيئة ألصقت بها لتزوجها لرجل لا تعلم عنه شيئاتركتها لفراس ليعتني بها ليقوم بانتهاكها بدلا من ذلك وأنت غافلعما كان يحدث كما كنت طوال حياته !هل خانه فراس حقا أم أن تلك الحية تحاول أن تجعله يفقد الثقةبالوحيد الذي تبقى له؟!أمسكها مرة أخرى بقسوة يكاد أن ينزع خصلاتها وهو يهتف::"أنت كاذبة فراس لم يكن ليخونني أبدا"أجابته بتهكم وهي تحاول تخليص نفسها من قبضته:"بل أنت الواهم زاهر.. فراس هو أكثر من خانك فقد استغلثقتك به وكان يتحرش بسجى مرارا كما أنه اغتصبها ولولا أنمنعته كان ليكرّر فعلته وتنصّل من المسئولية عندما واجهتهوتركها وسافر ولم يكن أمامي سوى أن أزوجها ل جودوالذي تطوّع بالأمر من تلقاء نفسه ولم أرد وقتها أن أجعلك تفقدالثقة بفراس فاتفقت مع جود أن يتزوج بها ويبعدها عن فراس بأيطريقة ولكنه مازال يطاردها حتى هذه اللحظة""هل تقولين أن فراس فعل كل ذلك بسجى؟وأنه يعلم مكانهاأيضا؟! أنت كاذبة فراس لم يكن ليفعل بي هذا أبدا"ضحكة ساخرة منها زادت من قبضته على خصلاتها حتىصرخت وهي تضربه:"أنت المغفل زاهر.. فراس هو سبب كلشيء وها أنت تتركه وتضربني أنا !""وهل فراس هو من كان يساوم على ابنتي مع الأوغاد؟!وأنا لا أصدق أي شيء مما تقولينه ابتهال"رغم الشعور الذي بداخله يؤكد له أنها صادقة فيما يخص فراس إلاأنه لا يريد أن يصدقها..لا يريد أن يصدق أنه آمن على ابنته مع ابن عمتها ليقومبانتهاكها بدلا من حمايتها..صدح صوت بداخله يسخر منه:(حقا زاهر لا تصدق!ألم تفعلأنت ما يفوق ذلك بابنة عمك؟ ومن بعدها ابنتك منها؟!إذا لِمَ تتعجب مما فعله فراس؟كما تدين تدان زاهر)"إذا أسأله زاهر .. أسأل الذي تعده ابنك عمّن اغتصب سجى؟!عمن جعلها تحمل طفله وهي بالسادسة عشرة؟!عمن طاردها بكلمكان حتى يحصل عليها من جديد وهو متزوج بأختها؟!عمن ترك زوجته التي تحمل طفله وسافر ليحصل على حبه الضائعوالتي تزوجت بدورها؟!"تركها وهو يشعر لأول مرة أنها صادقة فيما تقوله لأول مرة تصدقهالقول وليتها لم تصدقه ..لقد خانه فراس.. ابنه الذي لم ينجبه قدخانه ودمر حياة ابنته وهو كان سبب ابتلائها به!.ليته لم يحضرها وتركها تعيش مع شقيقه !استغلت حالته وخرجت مسرعة لتعود من حيث أتت فلو انتظرتقليلا كان ليقضي عليها بالتأكيد ..عدة ساعات قضاها تائها لا يعلم ماذا يفعل؟!فبعد اختفاء ابتهال والذي اكتشفه بعد أن أفاق من شرودهحاول الاتصال بفراس مرارا ولكنه لم ينجح يبدو أنه كماقالت ابتهال سافر ليلحق ب سجى..ليهاتف شقيقه بعد سنوات طويلة لم يهاتفه بها..ما علمه عنسجى جعله يشعر بالاطمئنان فهي أصبحت زوجة لرجل يحبهاوتبادله الحب .. أصبحت في عصمة رجل قادر على التصديل فراس ومن سواه ..ليفاجئه شقيقه أن فراس كان يزورهم ليخطر بباله سجىهل ذهب من أجلها؟ وماذا يريد منها بعدما أصبحت لرجلآخر؟!أغمض عينيه للحظات ثم أخبر شقيقه بما علمه من ابتهال عنانتهاك فراس لسجى وهو يشعر بالخزي أن ابنته حدث لها كلذلك وهي تحت رعايته..ما سمعه من شقيقه كان يستحقه وأكثر فلم يستطع أن يلومه فهوالملام الوحيد ..كل ما طلبه أن يعتني بسجى كما فعل دائما وأغلق الخط .كل ما حدث بعدها كان دربا من الجنون !فقد فوجئ بالشرطة تقتحم عليه المكان ولم يستطع فهم ما هومتّهما به حتى ذهب إلى قسم الشرطة وعلم هناك أنه متهما بقتلزوجته انتابته نوبة ضحك غريبة جعلت الجميع ينظروا إليه بريبة !هل أصيب بالجنون أم ماذا؟وها هو محبوس منذ عدة أيام لا يعلم أحدا عنه شيئا ينتظر الحكمعليه ويعلم أنه استحق أكثر مما حدث معه ..أكثر ما أسعده أن ابتهال قد غادرت دنيا الأحياء وأراحتهمجميعا من شرها..أفاق على صوت الحارس يخبره أن هناك من أتى لزيارته ليعقدحاجبيه بدهشة من سيأتي لزيارته؟!هل عاد فراس وعلم ما حدث له؟أسرع بالخروج فهو يريد أن يعرف من جاء لزيارته ليتفاجأ بالزائرالذي لم يتوقعه على الإطلاق.*****كما تدين تُدانعبارة ربما نمر عليها مرور الكرام ولكنها بالواقع من أكثر العباراتصدقا.عادت إلى الشقة التي تقطنها مع زوجها وسيم والذي تلح عليهمنذ فترة حتى يجعل زواجهما رسميا وبرغم أنه لم يرفض إلا أنهاتشعر أنه يتهرب من فعلها ولا تفهم لِمَ!غرفة النوم المفتوحة جعلتها تشعر بالدهشة هل عاد وسيم منسفره؟! إذا لِمَ يبلغها؟أسرعت إلى الغرفة بسعادة لتتجمد مكانها عندما تقابلت عيناهامعه!ابتعلت ريقها بتوتر وهي تراه جالسا على فراشها بكل أريحيةوينظر لها بطريقة جمّدت الدم بعروقها"مرحبا يا بِك, هل هناك شيء؟"بلحظة خطر لها خاطر مخيفأن يكون وسيم قد حدث له ما يسوءفهتفت بخوف:"هل حدث شيء لوسيم؟ هل أصابه مكروه؟"ضحكة ساخرة من الزعيم كما يطلقون عليه جعلتها تنظر له بعدمفهم سرعان ما تحول لرعب وهي تجد رجاله يحيطون بها وهو ينهضببطء قائلا:"لا وسيم بأفضل حال وقد وصل إلى مقصده بالفعلوالآن حان وقتك""لا أفهم"قالتها بخفوت ليرد عليها أحد الرجال بخشونة:"ستفهمين كل شيء عندما تأتين معنا"نظرت إليه بذعر وهي تقول:"إلى أين؟""ألم يخبرك وسيم؟ لقد كنتِ هدية الزعيم حتى يساعده على السفر""هدية!"قالتها بتشتت ليضحك الزعيم عاليا وهو يقول:"هدية مستعملة قليلا ولكن استعمال شخصي جيد, وبالتأكيد لنألوّث نفسي بكِ إنك هدية للرجال ومن بعدها ستكونين إحدىالعاملات لدي"اتسعت عيناها من الصدمة وهي تفهم ما يقصده..وسيم قد باعها لتكون عاهرة لدى الزعيم!لم تصدق أنه قد يفعل بها هذا هو زوجها كيف يفعل ذلك؟!صدح صوت بداخلها يسخر منها قائلا:(ألم يكن وائل زوج عطر وفعل بها مثل ذلك وربما أكثر بشاعة؟!ألم تكوني صديقتها وخنتيها بعدما أمّنتك على نفسها وصدقتك بلووقفتِ تشاهدينها تذبح على أيدي مجموعة الذئاب البشريةالتي سلمتيها لهم بنشوة تعادل نشوتك كلما تخيلتِ رد فعلعائلتها على ما حدث لها؟!)تساءلت هل أنا صديقة سيئة؟!سخر الصوت منها قائلا: (بل شيطانة يخجل منها جنس البشروها أنتِ ستتلقين عقابك الإلهي)فكما تدين تُدان.نهاية الفصل

رواية ظلال العشق بقلمي حنين أحمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن