أريدُ أن أجدَ المكانَ الّذي أتجرّأُ فيهِ أن أكونَ نفسي ولا سواها، نفسي الّتي لطالما كرهتُها، أريدُ أن أعرضَها في مكانٍ كما هي دونَ تخفٍّ،
بنقصِها وضَعفِها ومظهرِها المثيرِ للشّفقة.
لم تعُد لديّ القدرة على مواصلةِ إخفائها،
إنّها تتجلّى أمامَ ناظري دومًا كلّما اختفى الجميعُ من حولي.. تقفُ أمامي مباشرةً،
بكلِّ تفاصيلِها المقزّزةِ الّتي أمقتُها، مذكّرةً إيّاي أنّها لا زالت هنا، وأنّ اختفاءها في حضرةِ النّاسِ ليس سوى اختفاءً مؤقّتًا..
لم أستطع يومًا تجاوُزَ نفسي ولم أستطع إصلاحَها، إنّني في المُنتصف،
لديّ شخصيّةٌ مستفزّة -إن صلُحَ تسميتُها "بالشّخصية"- لم يتمكّن أحدٌ من تحمّلِها،
ضعيفٌ هزيل، بكّاء، مجرّدٌ من الثّقةِ محرومٌ لذّتَه...
أستخدمُ وسائلَ التّواصلِ اللعينةِ لحجبِ هذه الشّخصيّةِ ونبذِها،
ومن ثمّ الخروج بشخصيّةٍ جديدةٍ مصطنعةٍ وهميّة، أريدُ أن أكونَها ولا أستطيع.
غافلتُ نفسي كثيرًا وأكسبتُها سعادةً وهميّةً من شخصيّةٍ وهميّة، علمتُ ذلك وتجاهلتُه،
استمرّيتُ في اختراعِ تفاصيل جديدةٍ لشخصيّتي الالكترونيّةِ الوهميّة لأحظى بسعادةٍ أكبر وفعلت.
لكن بدأتُ ألاحظُ بجدّيةٍ نفسيَ النّاقصة، غير الموجودة أساسًا، نفسي المحطّمة، الّتي همّشَها الآخرون دومًا وأتيتُ أنا لأرميها خارجَ الصّفحةِ تمامًا،
صارت بعيدة جدًّا وقد تناثرت حولها شخصيّاتي المصطنعة، حتّى بات التّعرّفُ على ملامحِها أشبه بالمستحيل.
لا زلتُ أجهلها وأجهلُ الطّريقَ المؤدّي إليها، أريدُ الآن أن أعترفَ -بغضِّ النّظرِ عن صحّةِ هذا القرار من عدمِها- أريدُ أن أعترفَ بضعفي الشّديد المقرف المثير للشّفقة،
أريدُ أن أعترفَ باعتمادي العملاق على غيري ونسياني لنفسي، أن أعترفَ بخوفي، خوفي من كلّ شيءٍ حرفيًّا،
خوفي من المواجهة،
خوفي من النّظرِ بأعيُنِ النّاس،
خوفي من نظرةِ النّاسِ لي،
خوفي الضّخم المبالَغ به الّذي يثير الاشمئزاز.
أريدُ أن أعترفَ هُنا، بغضِّ النّظرِ عن ما إذا كان اعترافي قد وصلَ لعينَيْ أحدٍ ما، أريدُ أن أقرَّ أنّني إنسانٌ متصنّع،
إنسانٌ مضطرٌّ على التّصنّعِ لأنّه أُفقِدَ شخصيّتَه الحقيقيّة ولم يستطع أن يكونها،
أعترفُ أمامَ نفسي إنّني مشتت جدًّا، لا أملكُ القدرةَ على اتّخاذِ أسخف القرارات.
كما أنّني شخصٌ حُرِمَ لذّةَ الجانبِ الرّوحيّ.
![](https://img.wattpad.com/cover/132740842-288-k57986.jpg)