الفصل الثامن عشر

6.5K 190 2
                                    

كان احمد يقود السيارة في طريقهما إلى المنزل؛بينما لم تكف سارة عن البكاء لحظة واحدةمنذ ان سمعت كلام الطبيبة؛اما هو فلم ينطق بكلمه طوال الطريق؛فقط كان يضرب مقود السيارة بقبضة يده بين الحين والآخر في محاولة للتفريج عن ضيقه.
وصلا إلي المنزل فترجلا من السيارة وصعدا معا؛وبعد ان فتح احمد الباب تهاوي إلى اقرب مقعد واضعا رأسه بين كفيه.
سارة (من بين دموعها),احمد عشان خاطر ي اتكلم قول اي حاجة بس ما تعملش ف نفسك كده.
رفع احمد رأسه ثم نظر إليها قائلا,احنا لازم نطلق يا سارة؛ولا نطلق ازاي؛هو احنا كده نبقى اتجوزنا اصلا؛احنا كده جوازنا يبقى باطل يا مدام لإن سيادتك كنتي حامل؛احمدي ربنا بقى ان ما حصلش بينا حاجة.
سارة(وهي لا تزال تبكي):لأ يا احمد ارجوك ما تسيبنيش؛انا ما اقدرش اعيش من غيرك;انت كده بتحكم عليا بالموت.
احمد:والمطلوب مني ايه بقى إن شاء الله؟
سارة,احمد انت بتكلمني كده ليه;انا ذنبي ايه بس؟
احمد:عايز ه تفهميني انك ما كنتيش تعرفي.
سارة:ايوه طبعا ما كنتش اعرف
احمد:فيه واحد ه ست ما تعرفش اذا كانت حامل ولا لأ؟
سارة:وانا حاعرف منين بس؛هو انا كنت حملت قبل كده؟
احمد,سارة ما تخلينيش افقد اعصابي اكتر من كده؛الحادثة بقالها تلت شهور تقريبا؛كل ده وماعرفتيش?
سارة:انا كنت فاكر ه الموضوع ده من القلق والتوتر اللي كنت فيهم من يوم الحادثة او لخبطة حصلت في جسمي بسبب الحادثة اي حاجة لكن ماجاش ف بالي انه حمل.؛وعموما يا احمد ماتزعلش نفسك انا ممكن اعمل عملية وانزله عشان خاطرك .
احمد:لأ طبعا؛ انا لا يمكن اوافق على حاجة زي دي.
سارة:ليه بس يا احمد؛مافيش غير الحل ده قدامنا.
احمد:اولا عشان حرام.
سارة:حتى ف حالتي دي?
احمد:مااعرفش وانا مش شيخ عشان افتي ف حاجة زى دى؛وثانيا العملية دي ممكن يكون فيها خطورة على حياتك؛انتي ف الشهر التالت يا هانم.
سارة:احمد؛احمد ارجوك بلاش تكلمني بالطريقة دي وماتنساش ان اللي انت فيه ده انت اللي اخترته.
احمد:تصدقي فعلا معاكى حق؛انا اللي اخترت؛خلاص ما تزعليش نفسك يا مدام؛لما تقومي بالسلامه ان شاء الله حابقي اروح اطلعله شهادة ميلاد ه بنفسي؛ةاقولك على حاجة كمان تعالى ننزل نشتريله لبس من دلوقتي;ولا اقولك احسن استني لما نعرف ولد ولا بنت عشان نجيبله اللبس المظبوط؛وإن شاء الله لما يكبر ويتعلم يقول بابا حاجيبله معايا كل يوم شيكولاته وانا راجع من الشغل;عايز ه حاجة تانية؟
ثم اخذ هاتفه ومفاتيح سيارته وخرج مسرعا وهو يقول:انا حاسس انى لو قعدت هنا اكتر من كده ممكن يجرالي حاجة.
............. ...
خرج احمد ليقود سيارته هائما على غير هدى حتي وجد نفسه يقف اسفل البناية التي توجد بها شقة حسام واماني؛فاخرج هاتفه واتصل به(ايوه يا حسام انا عندك تحت البيت اهوه؛....؛لا انزلي انت عايز اتكلم معاك؛.....؛لا مش حينفع مش عايز اماني تسمعنا؛.....؛ماشي مستنيك).
نزل حسام بعد. دقائق وركب في السيارة بجوار احمد ولاحظ ماعليه احمد من الضيق والشرود.
حسام:خير يا احمد؛فيه حاجة تانية حصلت.
احمد(بسخرية):مش تباركلي يا حسام؛مش انا حابقى اب.
حسام:نعم يا اخويا انتو لحقتو؛انا مش لسه سايبك من شوية وكنتو لسه............؛احمد اوعى يكون.....
الهانم طلعت حامل يا حسام;حامل ف تلت شهور;عندك حل للمصيبة اللي انا فيها دي؟
حسام(مذهولا):انا مش عارف اقولك ايه يا احمد؛بجد ربنا يصبرك.
سند احمد رأسه على مقود السيارة وانخرط في البكاء.
حسام:انت بتعيط يا احمد؛انا اول مرة اشوفك في الحالة دي؛ده انا منيوم ماعرفتك وانا بتعلم ازاي اكون قوي منك انت؛تقوم انت تضعف بالشكل ده.
احمد:اعمل ايه يا حسام؛ده انا كنت ما صدقت خلاص؛كنت حانسى الحادثة واعيش معاها عادي؛دلوقتي الحادثة بقت متجسده قدامي ف بني ادم بيكبر ويتحرك قدام عنيا.
حسام:احمد فاكر قصة الراجل اللي انت كنت حكيتهالي؟
ايوه فاكر ها ؛بس انا فاكر برضه يومها اني قلتلك اني مااقدرش اعمل زيه كده؛فاكر انت كمان ولا لأ؟
حسام:طب وحتعمل ايه يا احمد؟
احمد:حطلقها واللي يحصل يحصل.
حسام:معقول هو ده الحل اللي انت فكرت فيه يا احمد؛ده ما اسموش حل اصلا ده اسمه هروب؛وانا ما اتعودتش منك على الهروب؛بس قولي سارة عامله ايه هيا كمان؟
احمد:حالتها زى الزفت طبعا من ساعة ما عرفت؛والمشكلة ان انا كمان قسيت عليها وكلمتها وحش جدا؛رغم اني عارف ان ملهاش ذنب؛بس انا كمان بني ادم ولياطاقة احتمال.
حسام:طب وهي بايديها ايه تعمله بس يا احمد?
احمد:هيا عرضت عليا تعمل عملية وانا رفضت؛ انا مش ممكن اغامر بحياتها مهما حصل.
حسام:طيب يا احمد؛روح انت بس ارتاح عشان حفلة بكرة؛وكمان والدتك جايه بكرة بلاش تلاحظ عليك حاجة؛وحاول تصالحها وتخفف عنها هيا اكيد تعبانه اكتر منك؛يلا يا احمد؛اخزي الشيطان كده وروح بيتك ارتاح؛وسيبها لربك يدبرها؛انت عملت خير ومش ممكن حتحصد مكانه شر ابدا.
احمد:ونعم بالله؛ماشي يا حسام؛اطلع انت بقي عشان اماني ماتقلقش واوعى تلاحظ حاجة.
حسام:ماشى يا احمد؛تصبح على خير.
احمد:وانت من اهله.
ادار احمد محركات السيارة في طريق عودته إلى منزله.
................
جلست سارة وحيد ه تفكر في ما آلت إليه حياتها؛تذكرت كل ما مر بها من ماس واحزان منذ كانت طفله حتى الآن؛ولكن مأساة اليوم كانت تفوق كل مأساة اخرى؛كانت اكبر من احتمالها؛امسكت بقلمها ودفترها تحاول أن تسطر بعض الكلمات لعلها تخفف عنها ماتجده؛فمنذ يوم الحادثة إلى الآن لم تكتب حرفا واحد ا فكتبت
«يا صاحب القلب الكبير؛والفعل النبيل
أتراك حقا تود الرحيل
أما ترى له من بديل
فإذا كنت تريد أن تتركني اليوم لمأساتي
فلماذا منذ البداية اقتحمت حياتي
أما علمت إنك إن تركتني اليوم وحيدة
فانت بذلك تتركني لمأساة جديد ة
يا صاحب الحصن المنيع
اعلم انني بدونك سانتهي واضيع
ولكن؛حصون قلبك انهكت قواي ولم اعد احتمل المزيد
دعني؛سأرحل إن كان هذا حقا ماتريد»
قطع تفكيرها صوت جرس الباب؛فظنت ان احمد قد نسي مفتاحه؛فوضعت دفترها وقلمها؛ثم كفكفت دموعها؛وخرجت لتفتح الباب؛وعندما فتحته لم تجد احمد؛ولكنها وجدت رجلا يبدو في اواخر العقد السادس من عمره؛قد غزا الشيب معظم رأسه ولم يبق له سوى شعيرات قليلة ما زالت محتفظة بلونها الأسود؛نظرت إليه ولكنها لم تعرفه؛فهمت أن تسأله عن كينونته؛لكنه عاجلها قائلا بصوت يحمل الكثير من الشوق واللهفة:سارة.
سارة:حضرتك تعرفني؟
الرجل :انتي مش عارفاني يا سارة؟
سارة:مااعتقدش اني اتشرفت بحضرتك قبل كده.
الرجل:معاكي حق ما تعرفينيش؛انا آخر مرة شوفتك فيها كانت من خمسة وعشرين سنة؛كان عمرك وقتها شهر تقريبا.
سارة:مين حضرتك؟
الرجل:انا سامي ابوكي يا سارة......
يتبع

دعني لمأساتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن