كان احمد يجري داخل أروقة ودهاليز المستشفى باحثا عن سارة؛حتى وجدها اخيرا امام غرفة العمليات;فجرى إليها مسرعا قبل أن يسألها :فيه ايه يا سارة؛طنط سعاد عامله ايه؟
سارة:ابعد عني ؛ انا مش عايز ه اشوفك؛مش عايز ه اشوفك؛كفاية اللي امك عملته؛لو ماما جرى لها حاجة انا عمري ما حاسامحها ابدا.
وقبل ان يرد عليها كان الطبيب قد خرج من غرفة العمليات ؛فهرع إليه كل من احمد وسارة.
احمد:خير يا دكتور؛هيا عامله ايه دلوقتي?
الطبيب:شدوا حيلكوا؛البقاء لله.
..............
فى منزل سارة كان صوت المذياع يردد آيات من سورة الفجر ؛حيث جلست مجموعة من النسوة يرتدين الملابس السوداء؛بينما جلست سارة على فراش والدتها الراحلة وهي تحتضن صورتها وتبكي بحرقة؛ومعها ليلي تحاول مواساتها.
سارة:مش مصدقة ان ماما ماتت وسابتني خلاص يا ليلي؛مش مصدقة اني مش حاشوفها تاني؛حاعيش لمين ف الدنيا دي من بعدها؛يا ريتني كنت مت قبلها وما شوفتش اليوم ده؛يا حبيبتي يا ماما.
ضمتها ليلي إلى حضنها ووضعت رأسها على صدر ها وهي تقول:حرام عليكي يا سارة؛استغفر ي ربنا واطلبيلها الرحمة يا حبيبتي؛اللي انتي بتقوليه ده بيعذبها؛وبعد ين انتي لازم تعيشي لنفسك ولشبابك ولجوزك اللي حيتجنن عليكي ده.
سارة:جوزي؛جوزي ده انا مش عايز ه اشوفه تاني؛امه هيا السبب يا ليلي؛ انا عمري ما حاسامحها ابدا.
.............
فى الخارج وفي سرادق العزاء الذي اصر سامي على إقامته من اجل زوجته الراحلة؛وقف كل من سامي واحمد وإسماعيل ومعتز يتلقون التعازي في وفاة سعاد؛عندما جاءت إليهم ليلي مسرعة وهي تصرخ:يا جماعة الحقوني سارة جوه مغمي عليها وبتنزف جامد؛حد يتصل بالإسعاف بسرعة.
لم تكد ليلي تنهي جملتها حتى اندفع الجميع إلى الداخل يسبقهم بالطبع احمد وسامي؛فدخلوا ليجدوا سارة فاقدة الوعي تماما وقد غرقت ملابسها بالدماء.
لم ينتظر احمد وصول الإسعاف فحملها مسرعا بين ذراعيه وهو لا يبالي بالدماء التي اغرقت ملابسه هو الآخر؛ووضعها في سيارته ثم انطلق بالسيارة مسرعا بصحبة سامي الذي اصر على ان يركب معهم ليطمئن علي ابنته؛بينما تبعهم كل من إسماعيل وليلي ومعتز بسيارة معتز؛حتى وصلوا إلى المستشفى ؛فادخلت سارة إلى غرفة العمليات ووقف الجميع بالخارج في إنتظار خروج الطبيب الذي خرج بعد فترة؛فتقدم منه الجميع يريدون الإطمئنان على سارة؛فتحدث إليهم قائلا:مين فيكوا جوزها؟
احمد:انا جوزها؛هيا عامله ايه دلوقتي؟
الطبيب:هي كويسة دلوقتي؛ بس للأسف ما قدرناش ننقذ الجنين؛معلش ربنا يعوض عليكوا.
احمد:المهم هيا تكون كويسة؛ مش مهم اي حاجة تانية؛من فضلك ممكن اشوفها.
الطبيب:هيا دلوقتي واخده حقنه منومه؛واول ما تفوق تقدر تطمن عليها؛عن اذنكو
سامي:ماتزعلش يا ابني؛ربنا يعوض عليكوا.
اصر سامي على انصراف الجميع بعد أن طمأنهم الطبيب على سارة؛ولم يبق سواه واحمد الذين جلسا ينتظر ان الدخول والإطمئنان عليها.
احمد:معلش يا عمي؛انا حادخلها الاول واقولها ان حضرتك عايز تشوفها وتطمن عليها.
سامي:ماشى يا ابني؛ بس الله يخليك تقنعها اني ادخلها عايز اطمن عليها واقولها تسامحني؛خلاص ما بقاش لينا غير بعض.
احمد:وانا رحت فين يا عمي؟
سامي:انا ما اقصدش يا ابني؛ربنا يخليكوا لبعض ويرزقكوا بالذرية الصالحة.
سامي:متشكر قوي يا عمي.
عندها خرجت الممرضة من غرفة سارة لتخبرهم انها قد افاقت وانهم يستطيعون الدخول؛فدخل احمد اولا ليجدها نائمة في فراشها وما إن رأته حتى اشاحت بوجهها بعيد ا عنه.
احمد:حمدالله علي سلامتك يا سارة؛عامله ايه دلوقتي؟
سارة:عايز ايه يا احمد؟
احمد:عايز اطمن عليكي ؛ما تتصوريش انا كنت حاتجنن عليكي ازاي.
سارة:كتر خيرك.
احمد,ايه كتر خيرك دي يا سارة؛ليه بتكلميني كده؟
سارة:احمد من فضلك هو طلب واحد حاطلبه منك ؛ انا لسه شايله جميلك ف قلبي؛فارجوك يا ريت ننفصل بهدوء لو سمحت؛وكل واحد يروح لحاله.
احمد:ايه اللي انتي بتقوليه ده؛ انتي عارفة انا بحبك قد ايه وما اقدرش استغني عنك؛وخلاص الحمل اللي كان مسبب لنا مشكلة خلاص راح؛يعنى نقدر نبتدي من اول وجديد.
سارة:عمرنا ما حنقدر نبتدي من اول وجديد يا احمد؛اللي راح عمره ما بيرجع؛تقدر ترجعلي امي تاني يا احمد.
احمد:يا سارة؛احنا نستحق فرصة ثانية نحاول فيها من اول وجديد وانا واثق اننا المرادي حننجح.
سارة:احنا ما ينفعش نكمل مع بعض يا احمد؛طول مافي ناس بتفكر زي امك كده؛تفتكر انا حاقدر اعيش معاك تاني بعد امك ماقتلت امي؛تفتكر حاقدر اسامحها وانسى اللي عملته؛واشوفها قدامي تاني واتعامل معاها عادي.
احمد:يا سارة والله امي ندمانه على اللي عملته؛وهي فعلا ماكانتش مصدقة انا والدتك الله يرحمها ماتعرفش حاجة؛وهي خلاص رجعت الصعيد وسابتلي حرية الإختيار؛وانا اخترت اكمل معاكي يا سارة.
سارة:انت عارف يا احمد؛احنا بقينا عاملين زي ايه؛زى اتنين بيلعبوا ماتش كوره؛الماتش خلص والحكم صفر من بدرى؛واحنا مصممين ناخد الكوره ونجري بيها برضه؛صدقني يا احمد؛انا كنت باتمني اني اعرفك ف ظروف احسن من دي؛يا ريتني قابلتك من زمان يا احمد؛اكيد كانت حاجات كتير ف حياتي اتغيرت وكانت فرقت معايا؛بس للأسف احنا اتقابلنا ف الظروف الغلط وف الوقت الغلط;واللي بيبدأ بغلط عمره ما بيكمل صح يا احمد؛طلقني يا احمد واسمع كلام والدتك ارجع بلدك واتجوز بنت خالك؛ انا خسرت امي بسبب الجوازة دي ؛فمافيش داعي انت كمان تخسر امك لنفس السبب؛صدقني خلاص ما بقاش ينفع اي حاجة .
احمد(بأسى):يعنى ده آخر كلام عندك يا سارة.
سارة:ولازم يكون عند ك انت كمان يا احمد.
احمد:خلاص يا سارة؛اللي انتي عايزاه انا حاعمله;حابعتلك ورقة طلاقك؛واظن كده تقدري تتجوزي تاني عادي;بس اللي عايز ك تتأكد ي منه اني عمري ما حانساكي ابدا؛يمكن يكون معاكي حق؛ويمكن لو كنا اتقابلنا ف ظروف غير دي؛ما كنتش عمري حاوافق على طلبك ده؛ بس فيه حاجة اخيرة عايز اقولك عليها؛والدك بره وحيتجنن عايز يشوفك؛يا ريت تخليه يدخل ويطمن عليكي؛وحاولي تسامحيه؛سامحيه يا سارة انتو دلوقتي مالكيش غيره.
سارة:مش قادرة.
احمد:عشان اكون مطمن عليكي يا سارة وابقي عارف ان فيه حد جنبك؛عشان خاطري سامحيه.
سارة:اوعدك اني احاول;بس على الاقل مش دلوقتي؛مش قادرة اشوفه دلوقتي.
احمد:خلاص يا سارة براحتك؛ انا حامشي دلوقتي ؛نمرة تليفوني معاكي ولو احتاجتي حاجة ماتتردديش انك تكلميني؛اشوف وشك بخير يا سارة.
سارة:احمد لو سمحت قبل ما تمشي ارمي عليا يمين الطلاق.
احمد:تصدقيني لو قلتلك اني مش قادر انطقها.
سارة:طبعا حاصدقك لإني انا كمان مش قادرة اسمعها.؛بس لازم يا احمد.
احمد(من بين دموعه):انتي طالق يا سارة.
............
«بعد مرور خمس سنوات»
امام فاترينة احد محلات لعب الأطفال؛وقفت طفله في الثالثة من عمرها تقريبا وهي تتأمل المعروضات في سعاد ة بالغة؛عندما اقترب منها طفل آخر يماثلها في العمر تقريبا بصحبة والديه قائلا:
حلوة العلوثه دي مث كده.
الطفله :ايوه جميله؛انت اثمك ايه؟
الطفل:انا اثمي احمد؛وانتى اثمك ايه?
الطفله:انا اثمي ثارة.
احمد:انا مامي اسمها ثارة.
عندها اقتربت والدة احمد منها قائلة:طيب وانتى بقى يا ست سارة يا صغير ه ايه اللي مخرجك لوحدك كده من غير بابا وماما؟
سارة:بابي ومامي عند المحل اللي هنا ك ده؛واشارت إلى احد المحال المجاورة.
الأم:طيب تعالى بقى نروح عندهم احسن زمان مامتك بتدور عليكي.
توجهت سارة بصحبة زوجها وطفلها احمد وسارة الصغيرة إلى حيث اشارت سارة فوجدت سيدة تبدو في الثلاثينيات من عمرها تبحث عن طفلتها الصغيرة؛اقتربت منها قائلة:حضرتك بتدوري على سارة.
التفتت الأم لتجد سارة واقفه بصحبة رجل وامرأة وطفل صغير فقالت وهي تمسك يدها:انا مش قلتلك مية مرة ما تسيبيش ايدي واحنا بره البيت ؛ثم التفتت إلى المرأة وزوجها قائلة:انا متشكر ه لحضراتكو قوي؛احنا شكلنا انشغلنا بالفرجه على الفاترينه ومااخدناش بالنا من سارة.
سارة:حصل خير؛على فكرة انا كمان اسمي سارة.
والدة سارة:وانا سماح.
سارة:اهلا بيكي ؛فرصة سعيد ه.
سماح:طيب معلش ثوانى بس اكلم باباها احسن ده راح يدور عليها؛هو مشي من ناحية وانتو جيتوا من الناحية التانية.
اتصلت سماح بوالد سارة لتخبره بعودتها؛فمالبث ان عاد وعندما رأها تقف بصحبة آخرين؛جرى إليها مسرعا وجثى على ركبتيه امامها قائلا وهو يحتضنها:كده برضه يا سارة تخضيني عليكي كده.
التفتت سارة إلى صاحب الصوت والذي تعرفه جيدا ثم صاحت دون وعي:احمد.
رفع بصره إليها ليقول هو الآخر:سارة.
زوج سارة:ايه يا جماعة؛انتو طلعتو تعرفوا بعض ولا ايه؛مش تعرفيني يا سارة.
سارة(وهي تشير إلى احمد):اقدملك سيادة المقدم احمد سليمان.
سماح,قصدك سيادة الرائد.
سارة,بجد ماكنتش اعرف؛الف مبروك؛ثم اشارت إلى زوجها قائلة:وده حازم جوزي وده ابني احمد.
مد احمد يده مصافحا حازم:فرصة سعيد ه يا استاذ حازم؛ثم اشار إلي زوجته قائلا,ودي سماح مراتي ودي سارة بنتي
سماح,فرصة سعيد ه يا جماعة؛ونستأذن احنا بقى ؛يلا بينا يا احمد عشان مانتأخرش على اماني وحسام.
احمد:مع السلامه
نصرفت سارة بصحبة زوجها وطفلها احمد بينما كانت تودعها نظر ات احمد الذي التفتت إليه سماح قائلة:انت تعرفها منين دي يا احمد؟
احمد(الذي كان شاردا):ها.....بتقولي حاجة؟
سماح:بقولك تعرفها منين.
احمد:لا ابدا ؛دي حكاية قديمة كده؛مالوش لزوم نتكلم فيها.
....................
دخلت سارة إلى إحدى الحدائق العامة وجلست بجوار حازم على احد الارائك بينما انطلق احمد يلعب في الحديقة.
التفت حازم إلى سارة قائلا:بس ما قولتيليش يا سارة؛تعرفي الرائد احمد ده منين؟
سارة:ماتشغلش بالك ؛ده موضوع قديم وانا نسيته خلاص.
تمت بحمد الله