أخذت سارة تدقق في ملامحه فوجدت انه يشبه صورة لوالدها كانت سعاد تحتفظ بها فتأكد ت من صدق حديثه إلا انها قالت:سامي مين وبابا مين
سامي:انا ابوكي يا بنتي.
سارة:انت غلطان ف العنوان؛ انت ما لكش بنات هنا؛وانا اصلا ماليش اب.
سامي:ليكي حق تقولي اكتر من كده؛ بس اتأكدي يا سارة ان ربنا خدلك حقك مني وبزيادة؛انا اول ما رجعت مصر رحت لوالدتك وطلبت منها تسامحني;قالتلي لو سارة سامحتك انا كمان مسمحاك؛سامحيني يا بنتي.
سارة:هيا قالتلك كده عشان يمكن يكون لسه ف قلبها شوية حب ليك من زمان؛لكن انا مااعرفكش عشان احبك واسامحك؛انا عمري ما كان ليا اب ولا حيكون.
في هذه الاثناء كان احمد يصعد السلم متجها إلي شقته؛حين وجد سارة تقف مع احد الرجال على باب الشقة فاقترب منهما متسائلا:فيه ايه يا سارة؛ثم اتجه ببصره نحو الرجل قائلا:خير يا استاذ ؛حضرتك عايز مين؟
سامي:حضرتك جوز سارة؟
احمد(بإندهاش):جوز سارة!!مين حضرتك?
سارة:الأستاذ بيقول انه بابا يا احمد.
سامي:ايوه يا ابني؛انا سامي والد سارة.
احمد:هو حضرتك رجعت من السفر إمتي؟
سامي:رجعت النهارده الصبح و اول حاجة عملتها إني رحت لإسماعيل ابن عمي ؛وسألته عن سعاد وسارة؛وعرفت ان سارة اتجوزت؛وهو اللي اداني العنوان.
احمد:طيب حضرتك حتفضل واقف على الباب كده؛اتفضل نتكلم جوا.
سارة:يتفضل فين يا احمد؟
احمد:عيب كده يا سارة؛ده مهما كان والدك.
سامي:معلش يا ابني؛انا مقدر اللي هيا فيه؛ومش زعلان منها.
احمد:طيب اتفضل حضرتك.
دلف سامي إلى الداخل ومعه احمد الذي اغلق الباب وأشار له بالجلوس ثم حدث سارة قائلا:شوفي باباكي يشرب ايه يا سارة.
سارة(بصراخ):متقولش باباكي دي يا احمد؛انا ما ليش اب؛فاهم ماليش اب؛انا ابويا مات من يوم ما اتولدت؛ومش معقول بعد خمسة وعشرين سنة حيبقالي اب؛وبعدين هو ايه اللي فكره بيا وايه اللي رجعه؛مش اتجوز من زمان؛وتلاقي. مراته جابتله الولد اللي نفسه فيه؛جاي عايز مني ايه دلوقتي؟
نكس سامي رأسه وهو يقول:وياريتها ما جابته يا بنتي.
احمد:سارة لو سمحتي اهدي شويه؛ماينفعش اللي انتي بتعمليه ده.
سارة(وهي ما زالت تصرخ):لا مش حاهدي يا احمد;انا لازم اقوله على كل حاجة؛لازم احكيله على اللي جرالي لما رماني ومشى وسابني لكلاب السكك تنهش فيا؛وجاي دلوقتي وبكل بساطة يقولي اسامحه؛مش قبل ما يعرف انا جرالي ايه من بعده؛لازم اقوله ليه انا وانت عايشين اغراب تحت سقف واحد؛لازم يعرف بالمصيبة اللي انا فيها؛لازم يعرف انه السبب فى المأساة اللي انا عايشاها دلوقتي؛يمكن لو كان جنبي ماكانش كل ده جرالي؛كان فين حضرته لما امي قلبها وجعها وهي قاعده على ماكنة الخياطة ليل نهار عشان تعلمني وتعمل مني بني ادمه؛كان فين لما اتنين حيوانات............
امسك احمد كتفيها وهزها قائلا:سارة بس بقى؛اسكتي خالص؛فاهمه اسكتي ماتضيعيش كل حاجة انا عملتها؛اسكتي.
ثم انهارت فجأة وكادت أن تسقط ارضا لولا أن ذراعي احمد كانت اسبق فامسكها قبل أن تسقط واجلسها على احد المقاعد واضعا رأسها على صدر ه؛وهي ما زالت تبكي وتنتحب.
نهض سامي واقفا وهو يقول:خلاص يا بنتي انا حامشي دلوقتي؛ بس لازم تعرفي ان ربنا انتقم مني اشد إنتقام؛انا بعد ما سبتكوا اتجوزت وخدت مراتي وسافرت تركيا اشتغل هناك؛وخلفت ولد؛وهو دلوقتي ف السجن؛عشان كان مدمن هيروين؛وانا ما كنتش اعرف؛ومامته كانت بتداري عليه؛وتديله فلوس يصرفها على السم الهاري اللي كان بيشمه؛وانا لما عرفت حبسته ف البيت ومنعت عنه المصروف؛ومنعت عنها هي كمان اي فلوس عشان ما ياخدش منهامن ورايا؛وكانت النتيجة انه لما جه معاد الجرعة ومااخدهاش اتقلب وحش بقى عامل زى التور الهايج؛حاول ياخد من امه؛وهي حلفتله اني مانع عنها المصروف ؛فقام قتلها ودخل السجن.
سارة:يعنى كمان ما رجعتش غير لما راحت منك كل حاجة؛لكن لو ده ما حصلش؛ماكنتش افتكرتنا من اساسه.
سامي:لا يا سارة؛ انا رجعت عشان عرفت ان ده ذنبكوا؛وان ربنا بينتقم مني عشان رفضت هديته؛حسيت ان ربنا بيقولي آدي الولد اللي كان نفسك فيه؛عملك ايه؛عشان كده بعت كل حاجة هنا ك ورجعت عشان اعوضكوا كل اللي فات ؛بس الظاهر إني جيت متأخر؛انا حامشي دلوقتي يا سارة؛ووقت ماتحسي انك محتاجاني وسامحتيني خلاص حتلاقيني مستنيكي؛ومتشكر قوي يا ابني؛امانه عليك تخلي بالك من سارة؛سلام عليكم.
خرج سامي مطاطئ الرأس؛دون ان يحاول احمد او سارة إيقافه.
احمد:خلاص مشي يا سارة؛عشان خاطري إهدي بقى.
سارة:وانت كمان ناوي تطلقني إمتي?
احمد:معلش يا سارة؛ماتزعليش مني؛ انا ما كنتش حاسس بنفسي وقتها؛ماكنتش عارف باقول ايه؛ انا عايز ك تنسي كل اللي اتقال وادخلي دلوقتي ارتاحي؛ انا صحيح مش لاقيلها حل؛ بس مين عارف مش يمكن تيجي من عند ربنا.
سارة:احمد ؛ انا عايز ه اشوف ماما دلوقتي؛لو سمحت وديني عندها.
احمد:دلوقتي يا سارة؛الوقت متأخر مش حينفع؛نامي دلوقتي وان شاء الله بكرة الصبح اوديكي عندها.
سارة:لأ عشان خاطر ي؛ انا عايز ه اشوفها دلوقتي؛وديني عندها لو سمحت.
احمد:خلاص يا سارة زى ما تحبي؛قومي غير ي هدومك وانا حاوصلك.
وبالفعل ابدلت سارة ملابسها واوصلها احمد إلى والدتها ثم عاد إلى المنزل؛ودخل إلى غرفتها؛ليشعر بانها مازالت معه ولم ترحل؛رائحتها تملأ المكان؛واشيائها المبعثرة تشعر ه بالحنين إليها؛وبالرغبة في بقائها إلى جواره.
وبالقرب من السرير وجد دفترها الذي تكتب به خواطر ها؛دفعه الفضول لان يفتحه؛وعندما وصل إلى الصفحة الموضوع بداخلها القلم؛قرأ الخاطر ه التي خطتها بيدها.
عندها شعر بكم الألم والحزن الذين سببهما لها دون أن يقصد؛كما شعر برغبته فى الذهاب إليها والإعتذار لها؛والعودة بها مرة أخرى؛ولكن الوقت الآن قد تأخر؛فعزم على ان يذهب إليها في الصباح الباكر قبل موعد التكريم.
.................
في صباح اليوم التالي كان احمد يطرق باب شقة سعاد التي فتحت له؛فسلم عليها وسألها عن سارة؛فعلم انها نائمة في غرفتها؛فدخل إليها ليجدها نائمة في فراشها؛فجلس بجوارها على حافة الفراش؛ثم اخذ يمرر أصابعه على خدها برفق;فاستيقظت سارة على أثر لمساته؛وفتحت عيناها لتجده ينظر إليها بحب.
احمد:صباح الخير يا حبيبتي.
سارة:صباح النور يا احمد؛خير ايه اللي جابك بدري كده?
احمد:وحشتيني قلت آجي اشوفك؛اعمل ايه مش عارف اقعد من غيرك لحظة واحدة.
سارة:افهم من كده انك مش حتطلقني.
احمد:خلاص بقى يا سارة؛قلتلك سيبيها على الله وهو يحلها من عنده إن شاء الله ؛قومي بقى؛عشان نلحق نروح الحفلة.
سارة:هو انا حاروح معاك?
احمد:ايوه طبعا حتروحي معايا.
سارة:مش خايف حد من زمايلك يشوفني؟
احمد:سارة انا عايز ك جنبي ف يوم زي ده؛ومش معقول حنضيع اجمل ايام عمرنا عشان خايفين من حد؛وبعدين يا ستي لو حد من زمايلي شافك مااعتقدش انه حيكون لسه فاكرك؛وعموما انا خلاص ما بقاش يهمني حد؛احنا ماعملناش حاجة غلط يا سارة عشان نخاف؛لا انا ولا انتي غلطنا ف حاجة؛ولو فيه حاجة غلط تبقى اكيد مش فينا احنا؛ومش معقول صاحب الحق هو اللي يخاف؛ انا مش ناوي اكون سلبي تاني بعد كده يا سارة؛وحتيجي معايا التكريم ؛وحاكون فخور بيكي قدام الناس كلها؛اتفضلي بقى قومي عشان نلحق نغير هدومنا.
سارة:ما انا ممكن اروح بهدومي اللي جيت بيها هنا.
احمد:لأ مش حينفع؛تعالي نروح البيت عشان انا كمان اغير والبس البدله العسكرية بتاعتي؛ايه رأيك ناخد طنط سعاد معانا?
سارة:مااعتقدش انها حتوافق؛انا ملاحظه انها متغيرة من شوية؛شكل رجوع طليقها ده قلب عليها المواجع من تاني؛عشان كده كنت عايز ه ارجع هنا تاني بعد الحفلة عشان اقعد معاها يومين؛لو مش حيضايقك يعنى.
احمد:ولو اني مش عجباني الكلمه اللي قلتيها دي؛ بس ما فيش مشكلة؛حارجعك هنا تاني بعد الحفلة.
سارة:كلمة ايه؟
احمد:كلمة طليقها دي يا سارة؛مش ده ابوكي برضه ولا انا غلطان؟
سارة:احمد؛الكلمه دي انا لا يمكن انطقها على لساني لحد ما اموت؛انت فاهم؟
احمد:يا سارة الراجل راجع ندمان ومكسور؛مش شايفة نظر ة الذل اللي ف عنيه؛مش طالب منك غير انك تسامحيه؛سامحيه يا سارة؛مهما عمل هو ابوكي برضه؛هو غلط ومعترف بغلطته؛والراجل خايف يموت وانتي زعلانة منه ؛وكفاية عليه اللي شافه؛ارحميه انتي بقى.
سارة:وانا مين يرحمني يا احمد؛اشمعنا انا اللي مطلوب مني اني اسامح وارحم وانا ما فيش حد بيرحمني وانت اولهم؛تفتكر لو الناس عرفت اللي حصلي حيرحموني؛اللي انت بتقول عليه ابويا ده نفسه لو عرف هو اول واحد حيتبرى مني.
احمد:خلاص يا سارة؛ انا مش حاضغط عليكي؛فكري انتي بس ف الموضوع؛وابقي قوليلي وصلتي لإيه؛ويلا عشان ما نتأخرش على التكريم.
وبالفعل غادر احمد وسارة إلى منزلهما؛ودخلت سارة غرفتها لتبدل ملابسها؛فوجدت فستانا من اللون الزهري موضوع على فراشها؛تأملته جيدا واعجبت بلونه ثم وضعته على جسدها ووقفت امام المرآة ؛عندها دخل احمد إلى الغرفة فوجدها تحمله فابتسم لها قائلا:انا نزلت اشتريته امبارح بعد ما وصلتك؛متهيألي ان اللون ده حيكون جميل عليكي قوي ؛يلا البسيه بسرعة عشان ما نتأخرش.
سارة:ربنا يخليك ليا يا احمد.
................
ذهب احمد إلى حفل التكريم بصحبة سارة وحسام واماني إلى جانب صباح التي حضرت من الصعيد خصيصا لحضور الحفل؛كما حضر الكثير من زملائه وكان حسين احدهم بالطبع؛الذي كان ينتهز الفرصة من آن لآخر ليسترق النظر إلى اماني التي كانت تجلس بجوار حسام وصباح وسارة؛وفي إحدى هذه المرات رأى سارة؛دقق النظر فيها جيدا؛فهو يتذكر انه رأها من قبل ولكن لا يذكر اين تماما؛اخذ يفكر طويلا إلا أن تذكر اين رأها؛نعم انها نفس الفتاة التي رأها من قبل بمبني النيابة;ولكن ما الذي جاء بها اليوم؛هل هو نوع من المجاملة لمن قبض على مغتصبيها؛لم يجد في نفسه جوابا شافيا ؛فمال علي زميله فاروق قائلا: فاروق مين اللي قاعد ه هنا ك جنب اماني اخت احمد؟
فاروق:دي تقريبا مراته
حسين(وقد لمعت عيناه):انت متأكد؟
فاروق:مش قوي يعنى؛اصل احمد ماعملش فرح ولا عزمنا .
انتهى الحفل ووقف احمد يتلقى التهاني من زملائه وإلى جواره حسام؛بينما وقف كل من صباح واماني وسارة بعيد ا في إنتظار هما؛فاقترب حسين من صباح قائلا: السلام عليكم يا امي.
صباح:وعليكم السلام يا ولدي.
حسين:الف الف مبروك لسيادة المقدم؛والله فرحتله من كل قلبي؛ثم نظر إلى اماني قائلا:الف مبروك لاحمد يا مدام اماني.
اماني(وهي تشيح بوجهها بعيد ا عنه):الله يبارك فيك.
ثم نظر إلى سارة قائلا:مش تعرفوني بالانسه.
صباح:دي تبجى مدام؛دي سارة مرت احمد ولدي.
حسين:الف مبروك يا مدام سارة؛معلش اصل دي اول مرة اتشرف بحضرتك.
ثم اعاد النظر إلى صباح قائلا:تسمحيلي بكلمة على انفراد يا امي.
صباح:خير يا ولدي؛فيه حاجة؟
حسين:معلش عايز ك ف كلمة صغير ه
صباح:ماشى يا ولدي
ثم ذهبا بعيد ا إلى احد الأركان.
حسين:اصل بصراحة يعنى ما تزعليش مني؛ انا مش عارف ازاي حضرتك توافقي على جوازة زي دي؛هيا البنات خلصت من الدنيا خلاص يعنى؟
صباح:ومالها سارة يا ولدي؛عشان يعنى اهلها فجرا وعلى كد حالهم.
حسين:هو الموضوع موضوع فقر وغني بس؛انما حاجة زي موضوع الحادثة اللي حصلت لها دي هيا اللي مش مقدور عليها ابدا.
صباح:حادثة ايه يا ولدي؛انت بتتحدت عن ايه?
حسين:هو حضرتك ما تعرفيش بالحادثة؛انا برضه كنت مستغرب معقول حضرتك تبقي عارفة وترضي بجوازة زي دي لسيادة المقدم؛بس بصراحة ما كنتش متخيل ان احمد يخبي عليكي حاجة زي دي؛ده كده يبقى ما تزعليش مني يعنى؛وانا اسف ف اللفظ يبقى بيستغفلك.
صباح:ما تتحدت زين يا جدع انت؛حادثة ايه اللي بتجول عليها دي.
حسين:هو ماقالش لحضرتك ان حادثة الإغتصاب اللي كان مصاب فيها؛المجني عليها فيها تبقي مدام سارة مراته.
صباح:إغتصاب؛انت متأكد من الحديت ده زين.
حسين:طبعا طبعا؛انا شفتها بنفسى ف النيابة وعرفتها لما شفتها دلوقتي؛وانا لولا غلاوة احمد عندي ماكنتش قلتلك حاجة زى دى؛بس عشان خاطر ي بلا ش تقوليله ان انا قلتلك حاجة عشان ما يزعلش مني؛اصله حبيبي وانا ما اقدرش على زعله.
صباح:ماتخافش يا ولدي؛وكتر خير ك انك نبهتني
ثم نظر ت إلى المكان الذي يقف فيه احمد قائلة:حسابك معايا بعدين يا احمد.........
يتبع