الفصل السادس عشر

7K 178 1
                                    

احيانا نتمني ان نسابق الزمن لنحصل على ما نريد؛وعندما نحصل عليه نتمني لو اننا نستطيع العودة بالزمن مرة اخرى انعيد التفكير؛ونصحح ما أخطأنا به
مر الأسبوعان على احمد وسارة وكل منهما يحمل داخله مشاعر مختلفه؛إلا ان الخوف كان هو العامل المشترك بينهما؛فاحمد يخشى أن يكون قد تسرع في هذه الزيجة؛فقد حانت اللحظة التي لا يمكن معها التراجع يخشى ألا يستطيع نسيان الماضي وفتح صفحة جديدة؛فهل حقا يستطيع الزمن أن يداوي ما بنا من جراح؛أم انها تزداد عمقا بمرور الزمن.
وبالنسبة لسارة فهي تخشى من أن تكون قد تسرعت بالموافقة؛وانها بذلك تظلم احمد ؛كما تخشى أن يندم احمد علي قرار ه في يوم من الأيام؛كما تخشى كذلك من فقده.
ولكن من يدري فربما يكون للزمن رأي آخر وربما لا
كانت سارة في غرفتها بصحبة ليلي وقد بدا عليها التوتر الشديد.
ليلى:ايه يا بنتي ما تهدي شوية؛ايه التوتر اللي انتي فيه ده؟
سارة:خايفة يا ليلي؛حاسه إني ممكن اكون اتسرعت ومشيت ورا قلبي وخلاص؛حاسه انى ممكن ماقدرش اسعده واكون له الزوجة اللي بيتمناها؛لو قرب مني حاحس إني خايفه ولو بعد برضه حبقى خايفه اخسره.
ليلى:ايه اللخبطه دي؛يا سارة احمدهو اللي اختارك وهو متأكد من مشاعره كويس؛وزي ماقالك خدوا وقتكوا لحد ماتتعودوا على بعض وتاخدوا على بعض كويس؛وهو اكيد مش حيجبرك على حاجة؛جوزك راجل قوي يا سارة؛استهدي بالله انتي بس؛وقومي صلي ركعتين وادعي ربنا يوفقك في حياتك اللي جاية.
سارة:حاضر يا ليلي؛ربنا يستر
...............
اما احمد فكان في غرفته يرتدي ملابسه بصحبة حسام.
حسام:الف مبروك يا احمد؛ربنا يتمملك بخير.
احمد:الله يبارك فيك يا حسام؛بس مش عارف مالي ؛حاسس انى مخنوق كده ومضايق من ايه بالظبط مش عارف .
حسام:فيه عريس يقول كده يوم فرحه برضه.
احمد:تفتكر انا ممكن اكون اتسرعت يا حسام.
حسام:ايه اللي بتقوله ده يا احمد؛انت عايز ترجع ف كلامك دلوقتي؟
احمد:انا مش عايز ارجع ف كلامي ولا حاجة؛بس خايف يا حسام؛خايف الحادثه تفضل مأثرة عليا علطول وماقدرش انسى اللي شوفته؛انا بحبها بجد يا حسام؛بس مش عارف اذا كان الحب ده ممكن يكون اقوى من اي حاجة تانية ولا لأ.
حسام:استهدى بالله كده يا احمد؛اخزي الشيطان وكمل لبس عشان ما نتأخرش على الناس؛قولي انت كلمت المأذون ولا لسه؟
احمد:الأستاذ إسماعيل قال انه حيجيب مأذون العيله بتاعهم.
حسام:طيب يلا بينا بقى؛زمان الناس منتظرنا.
خرج احمد وحسام ليجدا صباح واماني بإنتظارهما بالصالة.
اماني:بسم الله ما شاء الله؛قمر يا اخواتي قمر؛الف مبروك يا احمد؛ربنا يتمملك بخير يا حبيبي.
احمد:متشكر قوي يا اماني.
صباح:مبروك يا ولدي.
احمد(وهو يقبل يدها):الله يبارك فيكي يا امي.
صباح:بجى حد يصدج يا ولاد؛احمد ابن سليمان ابو اليزيد يتجوز سكيتي إكده؛من غير فرح ولا لمه ولا معازيم؛والعجيبه ان العروسه هى كمان موافجه وماجالتش لا.
اماني:عشان بتحبه يا ماما؛ولو اني انا كمان مش فاهمه سبب اللي ابيحصل ده ايه ؛بس اكيد هي موافقه عشان بتحبه.
احمد:بالظبط كده يا امي؛ انا اهم عندها من الشكليات دي؛وبعدين الفرح ف القلب مش بالزيطه واللمه والكلام الفارغ ده.
صباح:مش بجولك كان حجك تطلع محامي؛يلا بينا عشان ما نتأخرش.
احمد:يلا يا جماعة.
..................
«قبلت زواجها» نطقها احمد وهو يضع يده في يد إسماعيل وكيل سارة؛ثم انطلق الجميع بعدها مهنئين ومباركين هذا الزواج مع دعوات بالذرية الصالحة.
اثنان فقط كانت مشاعرهم مختلفة؛معتز يشعر بالحسرة وهو يرى سارة تزف لآخر؛وصباح التي مازالت تشعر انها اجبرت على هذه الزيجه غير المناسبه.
...........
استئذن احمد الجميع ثم انصرف مصطحبا سارة إلى احد المطاعم ؛حيث سيتناولان معا طعام العشاء قبل أن يذهبا إلى منزلهما الذي وصلاه بالفعل بعد إنتهاء العشاء..
كانت سارة تشعر بالقلق والخوف فاراد احمد طمأنتها فابتسم قائلا:الف مبروك يا حبيبتي.
سارة:الله يبارك فيك.
احمد:تعالي اوريكي اوضتك عشان تغيرى هدومك.
فتح احمد احد الأبواب وأشار لسارة بالدخول فدخلت على إستحياء ووقفت في وسط الغرفة فقال لها احمد:دي يا ستي تبقي اوضتك ؛والأوضه اللي جنبها علطول تبقى اوضتي انا؛انا حاسيبك دلوقتي عشان تغيري هدومك وترتاحي؛وحاروح انا كمان ارتاح ولو عوزتي حاجة خبطي عليا.
سارة:ماشى؛متشكرة قوي.
احمد:مالك يا سارة؛فيه حاجة مضيقاكي؟
سارة:لا ابدا بس قلقانه على ماما؛اول مرة اسيبها لوحدها.
احمد:مش انا قدامك طلبت منها تيجي تعيش معانا وهي قالت مااسيبش بيتي ابدا؛وبعدين ما تخافيش ليلي حتبات معاها النهارده؛والست اللي انا جيبتها عشان تقعد معاها وتراعيها حتروحلها بكرة الصبح إن شاء الله.
سارة:طيب ومامتك.
احمد:مالها هى كمان؟
سارة:مش كانت قاعده معاك هنا؛مشيت ليه؟
احمد:ماما حتقعد يومين عند اماني وبعدين ترجع الصعيد ؛فيه حاجة تانية.
سارة:لأ بس كنت عايز ه اعرف هو معاد القضية امتى؟
احمد:القضية لسه قدامها شهر؛ماتقلقيش انا حابقى ابلغك بالمعاد قبلها؛وعلى فكره انا حجزتلك عند الدكتور النفسي اللي قلتلك عليه ومعادك بعد أسبوع إن شاء الله.
سارة:انت مصمم على حكاية الدكتور دي.
احمد:احنا مش اتفقنا ؛انتي رجعتي في كلامك ولا ايه؟
سارة:لأ ما رجعتش ولا حاجة؛بس خايفه الموضوع ده ما يجيبش نتيجة يعنى.
احمد:لأ ما تقلقيش؛وعموما يا ستي اهو نبقى عملنا اللي علينا؛يلا تصبحي علي خير.
سارة:وانت من اهله.
خرج احمد متوجها إلى غرفته ودخلها ثم اغلق الباب ووقف خلفه وهو يردد:يارب .
...............
اشرقت شمس اليوم التالي على احمد وسارة وكل منهما ينام فى غرفةمنفصله؛استيقظت سارة اولا فتوضأت وصلت؛ثم ذهبت إلى المطبخ لإعداد طعام الإفطار؛وبعد ان فرغت منه توجهت إلى غرفة احمد؛طرقت الباب عدة مرات ليأتيها صوته قائلا:ادخل.
دخلت لتجده نائما في سريره اقتربت منه قائلة:صباح الخير يا احمد.
احمد:صباح النور؛إيه اللي مصحيكي بدري كده؟
سارة:بدري من عمرك دي الساعة11
احمد:ياااه؛ده انا كده راحت عليا صلاة الفجر؛ويادوب الحق آخد شاور واصلي عشان الحق صلاة الجمعة في المسجد.
سارة:طيب مش حتفطر؟
احمد:لأ معلش مش حالحق؛لما ارجع من الصلاة ان شاء الله نبقى نتغدي سوا.
بالفعل بعد أن عاد احمد وجد سارة قد اعدت طعام الغداء؛فتناوله معها ثم جلس امام التلفاز يشاهد احد البرامج الإخبارية؛فاعدت سارة كوبين من الشاي الساخن وجلست بجواره.
كان الصمت هو السائد بينهما إلا أن قطعته سارة قائلة:احمد هو انت فيه حاجة مضيقاك مني.
احمد:لا ابدا ليه بتقولي كده؟
سارة:لا؛مافيش بس باطمن.
وضع احمد الكوب من يده والتفت إليها قائلا:كل الحكاية ان فيه قضية مهمة سيادة اللواء مكلفني بيها ووعدني بمكأفأة كبيرة لو نجحت فيها؛وكمان فيه موضوع تاني متعلق بواحد زميلي ؛معلش يا سارة؛انا قلتلك أن الموضوع حياخد مننا شوية وقت.
سارة:لا ابدا براحتك انا مش زعلانة ولا حاجة؛انت معاك حق؛ انا بس كنت خايفة لتكون زعلان مني ف حاجة.
امسك احمد يدها واقترب منها قائلا:انا عمري ما ازعل منك ابدا يا حبيبتي؛ انا اللي مش عايز ك تزعلى مني مهما حصل.
سارة:انا لا يمكن ازعل منك ؛انت مش عارف انا بحبك قد ايه.
جذبها احمد نحوه ليضع رأسها على صدر ه ثم مسح على شعرها وهو يقول,اللي عايز ك تتأكد ي منه إني بحبك قوي يا سارة;ثم امسك شعرها بيده واخذ يقبله؛وفجأة قفزت إلى ذهنه صورة الحادثة ؛فماكان منه إلا أن دفعها بعيدا عنه ثم انتفض قائما وهو يصرخ:لأ لأ لأ؛ثم جرى مسرعا إلى غرفته ودخلها ووقف حائرا على ايهما يندم؛هل على قربه منها أم علي تركه لها.
اما سارة فلم تجد سوى الدموع وسيلة لتخفف بها بعضا من حزنها.
..............
شهر مر على زواجهما؛انتظمت فيه سارة على جلسات العلاج النفسي وتحسنت حالتها كثيرا؛إلا ان ما كان يقلقها حقا هو بعد احمد عنها.
شهر كامل مر مابين الشد والجذب بينهما؛فكلما حاول احمد الإقتراب لاحت أمامه صورة الحادثة؛فلا يزيده هذا القرب سوى إبتعادا.
حد الأيام كان احمد عائدا من عمله ثم جلس مع سارة يتناولان طعام العشاء.
احمد:سارة؛فيه حاجة مهمة عايز اقولك عليها.
سارة:خير يا احمد.
احمد:الجلسة بتاعة القضية اتحدد لها معاد بعد بكرة ان شاء الله.
سارة:بجد يا احمد؛طبعا انت حتكون معايا في المحكمة؛مش كده برضه?
احمد:طبعا وهي دي عايز ه سؤال؛انا كمان عندي مشوار مهم بكرة ان شاء الله ؛عايز اخلص منه عشان اروح معاكي المحكمة بعد بكرة ان شاء الله؛بس ادعيلي اتوفق فيه.
:ربنا يوفقك يا حبيبي.
......... ......
في صباح اليوم التالي كان احمد يطرق احد الأبواب حين أتاه الصوت من الداخل:ادخل
فتح احمد الباب ودخل وعندما رأه الشخص الجالس خلف مكتبه قام مصافحا له ومرحبا به:اهلا اهلا احمد باشا؛ايه النور ده كله.
احمد:ازيك يا محمد باشا؛أخبارك ايه؟
محمد:انا كويس الحمد لله؛بس يا تري مشرفني بالزيارة النهارده صدفة ولا.....
احمد:هيا ف الحقيقة مش صدفة؛انا جايلك ف موضوع مهم .
محمد:خير؛يا تري ايه اللي جاب مباحث الجنايات عند الأموال العامة؟
احمد:قضية مستعجلة وجايبهالك مقشرة على طبق من ذهب.
محمد:طيب ثوانى نشرب القهوة وبعدين تحكيلي كل حاجة.
احمد:ماشى ما فيش مشكلة.
محمد:قهوتك مظبوط انا عارف.
احمد:تمام كده.
طلب محمد من احد العساكر إحضار القهوة؛ثم التفت إلى احمد قائلا:اتفضل بقى احكيلي واحد ه واحده ايه الموضوع بالظبط.
.............
لم تنم سارة ليلتها من كثرة التفكير؛ظلت طوال الليل تصلي وتدعو ربها ان ينصرها على من ظلموها؛وان ترى فيهم القصاص العادل الذي يثلج صدرها.
ايقظت احمد الذي توضأ وصلي الفجر ثم جلس يقرأ بعض آيات من القرآن الكريم؛حتى بزغت شمس النهار؛فارتدى ملابسه وحث سارة على إرتداء ملابسها حتى يذهبا في طريقهما إلى المحكمة.
وهناك جلسا حتى يحين دور قضيتهما؛وبالفعل بعد فترة من الإنتظار بدأت المحكمة نظر القضية؛ووقف ممثل النيابة يتحدث طالبا ان يكون حكم الإعدام هو القصاص العادل الذي يشفي صدور قوم مؤمنين.
وحانت لحظة النطق بالحكم ؛تلك اللحظة التى اختلطت فيها دموع الفرح بآهات الألم حين سمعت سارة حكم القاضي وهو يوصي بإحالة اوراق المتهمين إلى فضيلة المفتي تمهيدا لإعدامهما؛فاسرع إليها احمد يحتضنها ومالبثت هي ان ارتمت في احضانه؛وهي تبكي بشدة.
احمد:الف مبروك يا حبيبتي؛يلا بينا نروح عشان ترتاحي.
سارة:الحمد لله يا رب؛الحمد لله.
................
كانت والدة ليلي جالسه امام التلفاز تتابع احد البرامج حين فتح معتز باب الشقة ودخل مسرعا كالسهم؛وعندما رأته على هذه الحالة قالت:معتز مالك يا ابني؛فيه حد يدخل بالطريقة دي?
معتز:ليلى فين يا ماما؟
الأم:ف اوضتها يا ابني؛عايز حاجة؟
اندفع معتز ناحية باب غرفة ليلي وفتحه ودخل دون ان يطرق الباب؛تعجبت ليلى حين رأته يدخل بدون استئذان وينظر لها نظر ات لم تستطع تفهم معناها ثم بادرها قائلا:ليلى؛انا عرفت سارة رفضتني ليه؛ومتأكد انك انتي كمان عارفة......
يتبع

دعني لمأساتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن