|14|

18.8K 425 21
                                    

يمتلك قلبا
___________

بعد سماعها لكلمات هايدي التي ظلت تطن في أذنها وتخبرها كم كانت خاطئة في حق نفسها قبل حق الآخرين, ربما الإعتذار لهذا الرجل سيجعلها تستعيد إحترامها لنفسها وإحترام الآخرين لها ثُم أنه حقاً كان خطئها في البداية ألم يكن من السهل عليها القول أنه لا يوجد مشكلة...لقد جعلته يخسر عمله كيف تفعل هذا وهي من قررت أن تتغير كلياً ولكن يبدو أنها ستظل تتعلم حتي الممات ، قطع عليها حبل أفكارها صوت الهاتف علمت علي الفور من المتصل...
ريما(بصوت هادئ):الو ازيك يا أستاذ أشرف
أشرف:إزيك يابنتي عاملة إيه؟
ريما:الحمد لله تمام(ثُم أكملت بتردد) كنت عاوزة أقابل بنت حضرتك لو ينفع يعني.
تشنجت عضلاته كلياً وإمتلأت عينيه بالدموع الغزيرة ثُم أردف بصوت متحشرج...
أشرف:أنا مش هدخل بنتي في أي حاجة من العك ده كفاية اللي هي فيه.
أسرعت مقاطعة...
ريما:لالا انا مش قصدي كدا خالص(ثُم أكملت بصوت حزين)صدقني أنا هقدر اساعدها وأخليها تخرج من اللي هي فيه وزي ما وعدتك هوديها أحسن مستشفيات في البلد كلامي معاها أحسن من أي حاجة أنا حاسة بيها أوي بس خليني أشوفها أرجووك.
شعُر بالراحة والإطمئنان من حديثها هذا ولكن خطرت فكرة علي باله...
أشرف(بإستسلام):أنا موافق بس أفضل بعد ما نخلص من موضوع ياسين ده أنا مش عاوز أي شوائب للموضوع.
ريما(بإبتسامة رضا):خلاص إتفقنا..إحنا كدا علي معادنا بكرا هنخلص من ياسين صح؟
عاد التجهم لوجهه مره آخري عند ذكر ياسين ثُم قال في جدية...
أشرف:أيوة بكرا أول ما هييجي خارج من الشركة هبعتلك رسالة تنفذي تمام!!
ريما:تمام أووي وأنا مش هتأخر ثانية واحدة عن اللي إتفقنا عليه..سلام.
أغلقت الهاتف وهي تشعر بسعاده شديدة فقد إقترب موعد إنتقامها ستتخلص من ياسين ثُم تتفرغ لهذا الحيوان.

___________________________

كانت في غرفتها تستعد للرحيل نهائياً عن كل ما حولها فقد تحسنت حالة سميحة ولم تعد بحاجة إليها وستترك الفيديو لمازن وتركت هاتفها أيضا له حتي يستطيع الحصول علي شقيقته بدون مساعدتها فهي لم تكن ذات فائدة من الأساس والأن فقط شعرت كم هي معدومة الفائده ستترك كل شئ حتي تستعيد عافيتها وتعود صديقتها فتجدها كما كانت في الماضي ولكن بدون مساعده لم تعد بحاجة لمساعدة أحد وخصوصا هو ، ستبتعد وإلي الأبد حتي تعود لها روحها..تعود نفسها التي فقدتها منذ زمن بعيد وياليته بعيد حقاً فهي تشعر أنه كان بالأمس قطع عليها شرودها دخوله المفاجئ
نظرت له مرتعبه والعرق يتصبب من جبينها وعينيها تحيط بها الهالات السوداء...
مازن(بخوف):أنا بقالي ساعة بخبط قلقت عليكي علشان كدا دخلت مرة واحده.
أدارت وجهها إلي الناحية الآخري وإرتدت نظارتها الشمسية حدثت نفسها قائلة.... ﴿الطبيب المتفاني يقوم بعمله للنهاية﴾
حاولت رسم نظرة جدية علي وجهها المرهق..
نادين(بجدية):أنا همشي يا مازن خلاص.
حرك رأسه بعدم إستيعاب دلالة علي عدم فهمه ما قالته للتو ثُم قال...
مازن:ماشية رايحه فين هتروحي البيت ترتاحي يعني ؟
نادين(بحزم):لأ ماشية خالص مش هرجع تاني إلا .....
تركت جملتها مُعلقة وهي تضع حقيبتها علي كتفيها ، إقترب منها رافعاً ذقنها لتواجهه ثُم قال في قوة...
مازن:إلا لما إيه يا نادين إنطقي.
نفضت وجهها من بين كفيه مبتعدة عنه قائلة والدموع تنهمر من مقلتيها ...
نادين:أنا مليش فايده إفهم بقا أنا واحده مدمنه مش شايف شكلي عامل إزاي انا مش بقدر أقف علي طولي من غير الحبوب اللي باخدها او لو لقيت بودرة ياه يبقي أروع إحساس بعيشه..أنا إنسانة متعفنه من جوة يا مازن مقدرش أعيش وسط عيله كلها مبادئ وحب زيكم كدا أنا متعلمتش ده عارف إيه اللي إتعلمته أنا بس إتعلمت الإهمال إتعلمت إن الإنسان لازم يفضل يعمل فلوس وخلاص (ثُم أكملت في سخرية)زي بابا وماما كدا كل اللي هاممهم الفلوس طالما معايا فلوس أولع بجاز مش مهم أي حاجة تانية أنا بلا هوية بلا روح..مش محتاجة شفقة منك أو من غيرك يا دكتور لما أكون جديرة إني أكون صديقة أسيل صدقني هرجع ، هرجع علشان هي تتشرف بيا.
حاول إستيعاب هذا الإنفجار المفاجئ ثُم أسرع للحاق بها وجدها تركب المصعد هبط السلالم سريعاً أمسكها من مرفقيها برفق وهي تخرج من باب المشفي...
مازن(مُحاولاً إلتقاط أنفاسه):ممكن بس تسمعيني الأول وبعدين إعملي اللي إنتِ عاوزاه..من فضلك مش هاخد منك أكتر من نص ساعة ممكن؟
أومأت برأسها دون أن تقول شيئأ أخذها معه إلي كافيتريا المشفي طلب لها كوب ليمون ولنفسه كوب قهوة ظلت تتلاعب بالشفاط بتوتر إلا أن بدأ هو بالحديث...
مازن(مُبتلعاً ريقه):مش عارف أبدأ منين بجد بس كل اللي أقدر أقوله إنك لازم تكوني أقوي من كدا وأنا هفضل معاكي وأساعدك إنك تتعالجي بس أرجووكِ حاولي تصبري أسيل إنتِ الأمل الوحيد في إنقاذها مينفعش تمشي دلوقتي بجد صعب أوي وعلي فكرة لما هساعدك مش هساعدك شفقة أبداً إنسي إنك تفكري كدا من فضلك بطلي تقللي من قيمة نفسك.
قاطعته نادين مسرعه وهي تحاول إالتقاط أنفاسها المتسارعه...
نادين(بسخرية):أنا مش بقلل من قيمة نفسي هي قليله جاهزة ولو إنت يا مازن مش هتساعدني شفقة يبقي هتساعدني ليه !!
تفاجأ من هذا السؤال لم يكن يتوقعه،تألمت من صمته وعلمت أنها الحقيقة شخرت بسخرية...
نادين(وهي تقوم):طبعاً مش هترد علشان هي الحقيقة إنت عاوز تساعدني لإني مجرد حالة إستفزتك.
أمسكها من مرفقيها برفق قائلاً ...
مازن(برجاء):ولو إترجيتك إنك تفضلي لحد ماأسيل ترجع هتوافقي ؟
كان يدعو الله في سره أن توافق فقد إختار أسيل تحديداً لانه يعلم كيف تؤثر عليها
لحظة..لحظتان ثُم رفعت وجهها المغرق بالدموع إليه...
نادين(بصوت متحشرج):موافقه.
فقد كلمة واحده أعادت الروح إليه ولا يعلم هل وجودها بقربه هام إلي هذا الحد
هل حقاً أصبحت نادين ذات أهمية كبيرة في حياته..تعالي خفقان قلبه كالطبول عند الكلمة الأخيرة ثُم إبتسم...
مازن:الحمد وأوعدك إني هساعدك إنك تتعالجي وترجعي أحسن من الأول كمان.
قاطعته بسرعه وهي تغالب دموعها ونظرت بعيداً عن عينيه...
نادين(بألم): شكراً يا دكتورأنا مش محتاجه مساعدة منك أنا هكمل علاجي لوحدي زي ما كنت طول عمري لوحدي وأوعدك طول الفترة اللي قاعداها معاكم مش هحرجك مع أهلك وهحاول علي أد ما أقدر أستحمل لحد ما أتعالج.
ربما عنادك هذا ما سيجعلني أقتلك يوماً ما كيف تُفكر بهذه الطريقة الفجة ، كيف تفعل هذا أتعتبر نفسها غريبة عنا كيف هذا يا الله أأصفعها حتي تفهم أنها أهم من هذا بكثير بالنسبة لي ، زفر بعصبية وهو يدعو الله أن يصبر علي تلك البلهاء التي لا تفهم أبداً أغمض عينيه مُحاولاً تهدئة نفسه قليلاً وقرر ألا يرد عليها الأن...
مازن(ببرود مصطنع):ماشي براحتك يا أنسة نادين ممكن بقي نقوم علشان نشوف هنعمل ايه في موضوع أسيل ونحلها إزاي ؟
تألمت لعدم إهتمامه!! نعم
لم تتوقعه بذلك البرود !! نعم
ولكن هذا يُحفز تفكيرها أكثر ناحية ما قررت قوله وفعله..حاولت التظاهر بالبرود هي الآخري ولكن هيهات فعيناها تقول الكثير والكثير لذا أشاحت ببصرها بعيداً ثُم قامت...
نادين:يلا بينا.
ذهب هو للطبيب ليطمئن علي حالة والدته أخبره أنها في حالة تسمح لها بالخروج ولكن يجب عدم تعرضها للضغط وإلا هذه المرة ستؤدي إلي نتائج عكسية علي صحتها
لفتره الراحه ووعد الطبيب أن يُحافظ عليها
وصلوا لمنزل صديقه وكلهم أمل أن تعود زهرة المنزل ويعود كل شئ كما كان قبل إختفائها.
دخلت نادين مع سميحة للغرفة حتى ترتاح قليلا عدلت لها الوسادة وراء رأسها وجلست جانبها سميحة(بحنان):مش عارفة من غيرك كنت هستحمل الأيام إزاي من بعد أسيل
نادين(بتأثر):أسيل هترجع يا طنط ومتخافيش والله إدعيلها إنتِ بس وأنا عمري ما هسيبك.
قالت جملتها الأخيرة وهي تغالب دموعها التي دائماً ما تخونها إحتضنتها بشدة تتلمس فيها حنان الأم الذي فقدته منذُ زمن طويل طويل جداً.
إحتضنتها سميحة تتلمس فيها رائحة طفلتها الحبيبة زهرتها الصغيرة ربتت علي شعرها البني الجميل و إبتسمت بشحوب...
سميحة:ممكن تعمليلي شوية شوربة !!
نادين(إبتسمت من بين دموعها):هو الحقيقة يعني ياست الكل أنا فاشلة جدا.
ضحكت سميحة بشدة علي ما قالته ثُم قالت بحنان...
سميحة:هقولك دي بسيطة اوي بس تتعلمي بسرعة بقي لاني هقولك ع الخطوات وانتي هتروحي المطبخ تعمليها لوحدك .
ناندين(بإبتسامة):عيوني ها يا فندم قولي الخطوات بقي.
أخبرت نادين ببساطة كيفية عمل الشوربة كانت تشعر ببعض السعادة لانها فقط وجدت من يرشدها لشئ حتي لو كان بسيط ولكنها وجدت من يهتم بتعليمها كم كانت تشعر بالنشوة وهي تقف بمنتصف المطبخ وتحاول إعداد المكونات التي أخبرتها بها سميحة
كان يراقبها من بعيد وهو يجلس علي المقعد المقابل لباب المطبخ ويبتسم بجذل وهو يراها كأنها تقوم بعملية حسابية صعبة وتضع إصبعها في فمها وتعيد خصلاتها البنية للوراء بتذمر عندما تضايقها ، ضحك من نفسه بشدة ها هو مازن قاهر النساء في الخارج يخفق قلبه لمتمردة رقيقه عنيدة بشدة..سحقاً يا إمرأة ، ألا تفهمين نظراتي!
لقد يأست من عنادك السخيف هذا..رفعت راياتي البيضاء وإستسلمت أمام تمردك علي اللاشئ..ألا تشعرين بي أكاد أحترق أمام نظراتك التائهة..أتخبط وأتعثر أمام إبتساماتك الشاردة..ألا تشعرين بي أخفي مشاعري وراء غضبي الدائم!
فلتعلمي ياصاحبة الرأس الحديدي أني لست نبيل إلي هذا الحد..لستُ نبيلاً لحد أن أُسلم قلبي لإمرأة لمجرد شعوري بالشفقة نحوها.. أيتها الحمقاء الساذجه أنا أُشفق علي حالي..علي أحاسيسي التي لا تجد صدي لديكِ..توقفي عن رثاء ذاتك..توقفي عن شعورك بالحزن علي ذاتك ، من تملك قلب كقلبك،عينان كعينيكِ،وشجاعة كشجاعتك لا تحزن .
لقد نفذ صبري عليكِ يا صديقة..أنا أكاد أضرب رأسك بالجدار لتفهمي..
أحبك يا بلهاء..كم علي أن أُكررها ليدركها عقلكِ التافه!
أحبك يا عنيدة..كم علي أن أُكررها لتلقي بالاًعليَ!
أحبك يا ساذجه..كم علي أن أُكررها لتقابليها في المقابل!
أنا هنا أمام شفتيكِ المتلعثمتين ويداكِ المرتعشتين وعيناكِ الذابلتين لا ألقيِ هماً لذلك..جلَ ما يهمني هو قلبي الخافق الذي أضعه بين يديكِ سُحقاً يا إمرأة ألا تفهمين!

فى جحر الشيطانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن