الفصل الاخير

6K 128 19
                                    


الفصل الأخير من رواية "على قيد عشقك"
يختلط علينا الأمر بين إشفاق أم ذكرى موجعة تذكرها بذاتها قبل خمس وعشرون عاماً ....
كانت بشرفتها تشرد بعيداً " برغم بشرة والدها المصرية القمحية توارثت رنا جينات والدتها المميزة بالشعر الأشقر والعينان الخضراواتين كحجر فيروز لامع .....تذكرت محادثاتها ولهوها ووالدها وكيف كانت مدللته يحملها من خصرها ويدور بها في الهواء وضحكاتهما تملأ المكان ووالدتها تأتى مسرعة اتنهره " بس بقى هتوقعها يا حبيبى "
فلا يتوقف ويستمر بإدارتها في الهواء معلقاً : هى مبسوطة مش كدا يا رنوشتى
فلا تجيب فقط ضحكاتها تملأ المكان وتجيب عنها
تتكأ برأسها على الجدار تشدر خلف نافذتها تهرب العبرات بصمت من مقلتيها وخيال لهوها ووالديها على الجدار يترائى أمامها كأنه يحدث الأن
..........................................
سليم يغط في نوم عميق بغرفته .............
حرارة شديدة رمال ساخنة .....يقف وسط صحراء لم تطئها قدمه من قبل ......
يجول المكان بعينيه ....لم يبالى بالحر الشديد ...وأكمل طريقه بحثاً عن مخرج من تلك الصحراء الموحشة وبينما هو يسير إذ بطفلة شقراء بضفائر ذهبية تقف على جانب الطريق وبيدها زجاجة ماء ومظلة
كان يلهث من شدة العطش اقترب مسرعاً من الصغيرة وتناول من يدها زجاجة الماء ولم يكد يشرب حتى لفظ الماء من فمه بقوة ساباً الطفلة : إى القرف دا معقولة دى ماية بتشربيها .....دا ...مش مايه
لتبتسم الصغيرة : دى مايتك يا بابا
ليجحظ بعينيه : غى بتقولى إى بابا ..بابا مين يا شاطرة انا مش أبو حد
الطفلة بنفس الابتسامة : لا أنتَ بابا وخد دى الشمس سخنة وأخرج زجاجة مياة أخرى كانت تخبئها خلفها واتفضل اشرب يا بابا تناول الزجاجة وشرب حتى ارتوى وعندما التفت كانت الفتاة اختفت فصرخ باحثاً عنها .....ولكنها ذابت كقطرة ندى مع أشعة الشمس
فاستيقظ سليم صارخاً ......
..........................................
لم تكن هناك صحراء ...لم تكن هناك طفلة ...لم يكن يبحث فقط كابوس مزعج ...سليم محاولاً تهدئة ذاته...
ازاح الفراش عنه واعتدل جالساً على حافة الفراش ....تناول زجاجة المياة بجوار الفراش فقط كان عطشاً حقاً .....
اعاد وضع الزجاجة مكانها بعد أن شرب ..وتناول علبة سجائرة واتجه ناحية النافذة .......
منذ ما يزيد عن العشرين عاماً ...
رفعت بتصرفاتك دى هتبوظ الولد لازم تشد عليه شويه مينفعش كدا
رفعت الألفى والد سليم في جدال مع زوجته والدة سليم: سيبيه دا ابنى الوحيد ووريث كل حاجة عايزاه يطلع عيل خرع ومينفعش يدير الاملاك سيبيه يقوى ويبقى صايع السوق عايز المفتح مش عايز العيل الطيب
والدة سليم : طب والقوة دى متبقاش غير بالصياعة دا كل يوم يفتح دماغ حد من اصحابه ينفع كدا
رفعت مربتاً على كتف ابنه : بطل يا حبيب أبوك اعمل اللى أنتَ عايزه أنتَ ابن رفعت الألفى ومتخلقش لسه اللى يقولك تلت التلاتة كام
ينفث دخان سيجارته بحسرة : يا ريتك ربتنى صح يا بابا يا ريتك أهى الصياعة اللى سبتنى ليها خلتنى حيوان ميفكرش في اللى عايزه ومش مهم أدوس على مين ولا أنفذ اللى عايزه ازاى .......ليلقى بسيجارته من النافذة ...ويعود ليلقى بثقله فوق فراشه ويستسلم لتعب وإرهاق جسده ويغفى مرة أخرى .....
..........................................
ترسل الشمس اشعتها الذهبية بعد ليلة طويلة .....
استيقظ وابدل ملابسه ذاهباً لعمله فلم يذهب البارحة ومن المؤكد تعطل العمل كثيراً .....هبط ليجدها بانتظاره ..... زفر ضيقاً : رنا أنا مش فاضى اتلم دلوقتى ...لتقاطعه : أنا رايحة الجامعة ومستنياك لا أنتَ ولا اللى بيحصل معاك يهمنى .....
سليم بنفاذ صبر : يالا خلينى أوصلك لازم أروح الشركة في شغل كتير متعطل ....
......................................أوصلها لجامعتها وانطلق لشركته .....
تدلف من البوابة بعد ذهاب سليم في طريقها لقسم الدراسات العليا لتلمح طيفه ....فتشعر بغصة وكأن أحداً ما طعنها بسكين تالم ..... اختبئت ولم تدرى لما اختبئت ...اختبئت منه وقلبها يخفق بقوة واناملها ترتعش ....ولسان حالها يردد كلمات أغنيتها المفضلة ....

رواية "على قيد عشقك" للكاتبة بسمة محمود أحمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن