الفصل الثامن

6K 64 1
                                    


الفصل الثامن
مـن قـال أن الأنـثـى قـويـة فـلـيـتـأمـل الـيـهـا فـي لـحـظـة ضـعـفـهـا فـهـي أشـبـه بـطـفـل فـاقـد
نقلت البائسة شاهندا لاحدى المشافى الحكومية وعاينها الأطباء وعادت لوعيها وما إن أفاقت حتى بدأت بالصراخ والعويل فحاول الأطباء تهدئتها حتى أعطتهم بيانات والدها ......
هاتفت المشفى كمال وأخبرته بايداع ابنته لديهم ولم يخبروه عن سبب إيداعها المشفى فاضطرب وكاد يموت فزعاً وهاتف حازم الذى سبقهللمشفى .......
يهرول كمال ناحية باب غرفة ابنته بعد أن استعلم عن رقم الغرفة وما إن يدلف حتى ........
يجحظ كمال عينيه من منظر ابنته ويضع يديه على فمه رعباً وألماً ...
لتطاطا رأسها وتشهق ناحبة : مقدرتش عليهم والله يا بابا كانوا كتير وأنا .......
كان حازم وقتها وصل مسرعاً لغرفة شاهندا بالمشفى وقلبه يكاد يخرج من مكانه فزعاً ورغباً في الاطمئنان على عشقه الأول .....
ليدلف كمال الغرفة بخطوات متثاقلة وعيون تائهة زائغة .....
ليبتلع ريقه رعباً : شوشو .... بنتى .... مين .... أذوكى ...
فتتردد في الإجابة وتشهق وتنظر ناحية حازم القابع الدامع عند باب غرفتها يستمع متألماً قائلة : انا .... أنا مقدرتش عليهم ...كتف....... وتشهق عالياً ..كتفونى يا بابا مقدرتش عليهم ........... مقدرتش وتنظر بأسى ناحية حازم .....
فتهتز الأرض وتدور تحت قدمى كمال من هول ما سمع فيتزحزح خطوات للخلف وهى تنتحب ببكاها ....
شاهندا بوهن وصوت تتحشرج به الكلمات : بابا انا .... هاااااااااااااا وتزداد شهقات بكاها وصوتها مكتوم متحشرج بحلقها ....
يمسك كمال بمقدمة رأسه وبعينان زائغتان تائهتان ينظر لابنته بصدمة وتدور الدنيا حوله فيقع مغشياً عليه ....
ليهرول حازم ناحيته بذعر : كابتن كمال كابتن .... وتصرخ شاهندا بوهن :بابا لا ل بااااااااااااااااااابااااااااااااااا

يصرخ حازم مستنجداً بالاطباء ويضع كمال على الفراش حيث كانت ترقد شاهندا بعد أن نهضت عنه فزعاً
هرول الأطباء وعاينوا كمال ونقل لغرفة العناية الفائقة .....
..........................................
في عيادة نسائية .....
تنادى الممرضة مدام رنا الألفى ...
ترتجف مكانها عند سماع اسمها ويدب الذعر باوصالها فيمسك بيدها قائلاً : يالا دورك
رنا بذعر : لا لا هى قالت مدام رنا اكيد مش أنا ....
سليم بخفوت : أنا قلت للمرضة انك مدام امبارح لما حجزتلك ... عشان ترضى تدخلنى معاكى الكشف ...
رنا باحتقار وغضب مكتوم والرعب يعتلى تقاسيم وجهها : ايوا بس أنا ...
لتعيد الممرضة : مدام رنا الألفى ...
سليم : ايوا ... يالا قومى
.................................
دلفت غرفة الكشف تقدم قدم وتؤخر الأخرى ...
جلست على مقعد أمام مكتب الطبيبة وجلس هو على المقعد الأخر
لتبتسم الطبيبة قائلة : أهلاً مدام رنا ..
رنا : لا أنا مش ... ليقاطعها سليم .... معلش يا دكتورة أصل مراتى خايفة من الكشف ومتوترة ..
الطبيبة بابتسامة باهتة وتعيد النظر لرنا : بتشكى من إيه يا مدام
ليجيب هو : بصراحة يا دكتورة أنا جايب مراتى وعايز ....
ثم يبتلع ريقه ويزفر نفس طويل قائلاً : عايز اعملها كشف عذرية ..
لتنظر له الطبيبة بتعجب ولا تعلق ....
الطبيبة : اتفضلى على سرير الكشف ....
بعدها بدقائق ......تخرج الطبيبة وتزيح الستائر التى تعزل سرير الكشف عن مكتبها قائلة : قومى يا أنسة رنا ....
ليبتسم وتعتلى الابتسامة ثغره : أنسة الحمد لله
فتنظر له الطبيبة باحتقار ونظرات باهتة قائلة : متقلقش مراتك قصدى الأنسة رنا زى الفل ...
تنهض عن السرير وهى تشعر بقمة الذعر والاهانة والاحتقار لسليم ..
غادرا العيادة
في سيارة سليم .....
سليم بفرحة عارمة : كنت متأكد إن حبيبتى أنضف بنت عرفتها
رنا :............ وترمقه بنظرات نارية
سليم لتهدئة الأجواء : حبيبتى متزعليش منى على اللى عملته بس أنا شكاك وكدا ارتحت ....
.....................................
في المشفى
بصراخ ونحيب : بابا هااااااااااا بابا يا حازم فيقترب منها ويجلسها على فراشها : اهدى اهدى إن شاء الله هيبقى كويس
شاهندا : أنا السبب أنا أنا لازم أموت
حازم بأسى : اهدى اهدى واللى عمل فيكى كدا والله ما هسيبهم
شاهندا بذعر تنظر لعينى حازم كمن تستنجد به : حازم أنا خايفة
حازم ويحتضن كفيها : أنا جنبك متخافيش
شاهندا : أنتَ ذنبك إيه تفضل جنبى ؟ أنا ماليش غير بابا
حازم بحزن : أنا كمان ماليش غيركم
شاهندا : لو بابا جراله حاجة أنا هموت نفسى
حازم : بعد الشر عنك وعنه كابتن كمال هيبقى كويس صدقينى
شاهندا ويزداد نحيبها وتدير وجهها للناحية الأخرى
............................................
عاين الأطباء كمال بصدمة قوية كادت تودى بحياته لولا العناية اللالهية والتدخل الطبى الفورى ............
............................................
في منزل رنا
والدة سليم : يبقى اتفقنا الفرح الخميس الجاى باّن الله سليم حجز القاعة وشقتهم جاهزة من بدرى ....
والدة رنا وتطلق زغروطة :لوووووووووووووووووووووووووولى
لتفزع رنا وتعود من شرودها : ماما أنتَ بتزغرطى ليه؟
سليم ساخراً :عشان فرحنا الخميس الجاى يا عروسة
رنا بفزع : إيه لا لا أنا لسه مش جاهزة خلينا نأجله كمان شويه ...
سليم : إيه اللى يتأجل دا .أنتى فوق السبع مرات تأجليه ولولا تأجيلك دا كان زمان مخلفين كمان مش متجوزين وبس ...
رنا : ايوا بس أنا ... لتتدخل والدة سليم : رنا حبيبتى تعالى معايا البلكونة عايزاكى في موضوع ...
رنا بارتياب تخرج للشرفة وسط نظراته الواجمة ناحيتها
والدة سليم : يا بنتى أنا خالتك قوليلى ليه بتأجلى كل مرة الفرح
رنا بارتباك وتوتر : خالتى مش اللى جه في بالك بس أنا بخاف من سليم مش عارفة لما يتقفل علينا باب واحد هيعمل فيا إيه ؟
والدة سليم ضاحكة حتى بدت نواجزها : هههههههههه يا بت متخافيش السبع مبياكلش مراته .... وبعدين ابنى لازم يتلم ويتجوز بقى وطول ما أنتِ بتأجلى الجواز هيفضل صايع ... اخلصوا بقى واتجوزوا
رنا : ايوا يا خالتى بس أنا .... لتقاطعها : بلا أنا بلا أنتِ مبروك يا رنووش وتدلف قائلة لشقيقتها وسليم : مبروك العروسة موافقة
يا دوب تنزلوا بكرا تلفوا عالفستان ....
سليم ويتفحصها بغضب ممزوج بالسخرية لرنا الدالفة خلف والدته : طبعاً بكرا هعدى عليكى عشان ننزل نشترى الفستان ....
...................................
مرت عدة أيام وتحسنت حالة كمال الصحية وسُمح له بمغادرة المشفى وعاد لمنزله .......
قابعة حبيسة غرفتها منذ عودتها من المشفى ... بعين حزينة دامعة تنظر من خلف نافذتها الزجاجية ....شاردة تحدث ذاتها ..
في ليلة من الليالي الحزينة، وفي ركن من أركان غرفتي المظلمة، مسكت قلمي لأخطّ همومي وأحزاني، فإذا بقلمي يسقط منّي ويهرب عنّي، فسعيت له لأستردّه، فإذا به يهرب عنّي وعن أصابع يدي الرّاجفة. فتعجّبت، وسألته، ألا يا قلمي المسكين، أتهرب منّي، أم من قدري الحزين.. فأجابني بصوت يعلوه الحزن والأسى، سيّدتي، تعبت من كتابة معاناتك، ومعانقة هموم الآخرين، ابتسمت، وقلت له: يا قلمي الحزين، انترك جراحنا، وأحزاننا دون البوح بها، قال: اذهبى وبُح بما في أعماق قلبك لإنسانٍ أعزّ لك من الرّوح، بدلاً من تعذيب نفسك، وتعذيب من ليس له، قلب أو روح، سألته،
لتستمتع لطرقات خفيفة على باب غرفتها ...فتنتبه وتمسح عنها عبراتها
وتتحرك باتجاه الباب وتفتح فترى والدها ....
شاهندا باستحياء وحزن : بابا ...
كمال : يالا يا بنتى جهزت العشا
شاهندا : يا بابا حضرتك لسه تعبان كنت نادتنى وأنا جهزتهولك
كمال : يا بنتى أنتِ ربنا يعينك .... حبيبة بابا أنا عارف المصيبة اللى بقينا فيها بعد .... فترتجف وتذعر ..ليكمل والدها : بس أنا راجل مؤمن وعارف إن دا قضاء وقدر مالناش دخل بيه وبعدين حازم متابع مع الشرطة وحالف ما هيسيبهم اللى عملوا فيكى كدا
شاهندا وتذكرت حازم فمنذ حادثتها وأصبحت تتجنبه وتبتعد عن حبه الذى يحتل قلبها متعللة : وما ذنب حازم ان يعشقنى وأنا أصبحت لا أصلح للزواج من الأفضل ان يكرهنى وأن احتفظ بحبه الأول والأخير بقلبى ... إذا قرّرت يوما أن تترك حبيباً فلا تترك له جرحاً، فمن أعطانا قلباً لا يستحقّ أبداً منّا أن نغرس فيه سهماً أو نترك له لحظة ألم تشقيه، وما أجمل أن تبقى بيننا لحظات الزّمن الجميل
كمال : يالا يا بنتى سرحانة في إيه ؟
شاهندا مستسلمة وخرجت مع والدها وجلست على مقعد أمام مائدة الطعام ....
..........................................
عقب انتهاء زفاف سليم ورنا ......
في أحد أجنحة فنادق الخمس نجوم ..........
... مبروك... يا عرسان : تقولها والدة رنا ويعتلى ثغرها ابتسامة واسعة
وتقول والدة سليم : ألف مبروك يا ولاد احنا هنسلم عليكم من دلوقتى طيارتكم الساعة ستة ومش هنلحق نسلم عليكم بس لازم أول ما توصلوا شرم تكلمونا تطمنونا عليكم
سليم : اكيد – يالا بقى اتفضلوا من غير مطرود ولا هتأنسونا كتير ..
لتتضاحك الأم والخالة ويذهبان مغادرتان الفندق لمنزل كل منهما ...
يفتح الباب ويدلف بغرور ورغبة قائلاً : ادخلى يا عروستى الليلة ليلتك يا رنووش ....
تخجل من كلماته فتطأطأ رأسها خجلاً وتقدم قدم وتؤخر الأخرى وتدلف ..
...ترفع نظراتها ...وتتأمل الغرفة فسليم حجزبالفندق جناح متكامل لقضاء ليلتهما الأولى ...
...وتبتسم بعذوبة و خجل و حياء ..... قائلة : حلو الجناح عجبنى
ليرمقها بنظرات متفحصة : وأنا عاجبنى الفستان
فرفعها على حين غُرة ودار بها الغرفة بأكملها وهى بين خجل وفرحة تجتاح قلبها : هههههههههه نزلنى هتوقعنى نزلنى يا سليم هتوقعنى حتى
يسقطا من الدوار والضحكات...!
كانت الغرفة هادئه و شمعتان صغيرتان تضيئانها ...الموكيت غامق اللون
....و الستائر داكنة...و هي كالجوهرة اللامعة .......رائحة عطرها الهاديء يزيد الغرفة خصوصية
..
و بلا أي مقدمات أمسك بيديها ولاحظ رجفة أصابعها
و يداها كلتاهما ترجفان...فقبل أصابع يديها اصبع أصبع ....

رواية "على قيد عشقك" للكاتبة بسمة محمود أحمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن