الفصل الثامن عشر

3.4K 56 1
                                    

الفصل الثامن عشر
الفراق حزن كلهيب الشّمس، يبخّر الذّكريات من القلب، ليسمو بها إلى عليائها، فتجيبه العيون بنثر مائها لتطفئ لهيب الذّكريات فلا تستطع أن تمحو ولو ذكرى صغيرة
تعبث شاهندا بدفتر خواطرها أمسك بقلمها وخطت ....
"غابت شمسك عن سمائى فأصبح الكون كله ظلام ....
الفراق نارٌ ليس لها حدود، لا يشعر به إلّا من اكتوى بناره
في هذه الأثناء من اليأس والشّقاء أحتاج هواك، في هذه الأوقات من الحزن والآهات أحتاج لاحتوائك، في هذه اللحظات من اللهفه والاشتياق قلبي يتمنّاك، ويعشقك، ويهواك، وعيني تتسائل هل يوماً تراك، وفي هذا المساء لا أحتاج سواك ارتمى بعناقه وأجهش ببكائى تضمنى تطمأن قلبى الحزين ولكنى بلهاء ...أعشقك وأخشى أن تتركنى يوماً أقرر الابتعاد اليوم حتى لا تتركنى أنتَ فى الغد ....
كفكف دموعك يا قلبي فقد آن الرّحيل، سيرحل من عشقته أمداً بعيداً، وستبقى لي الذّكرى زمناً طويلاً..........
عادت شاهندا للاختباء من الواقع وانزوت على ذاتها بمنزلها لم تعد تبرحه حتى علاجها النفسى انقطعت عنه .....
كانت تصارع عشقه توهم قلبها بأنها ستشفى من عشقه يوماً ولكن هيهات ..........................................
إن العشق الحقيقى نراه مرة بالعمر ومهما صادفنا بعده فلن يكن بقوته ولا بنفس الإحساس القلب لايتسع لحبيبان ...
هكذا كانت رنا ترى عشقها لوليد ...
بعد أسبوع .........


دلفت من بوابة الجامعة وهى تتوعد نفسها بالثبات إن رأته لن تضعف لن ترتمى بعناقه لن تبكى وتركض إليه ...لن ولن ولن وتُرى أستقدم على فعل أى مما قررت أم للعشق رأىٌ أخر ....
لم تدرى أى درب من الجنون قادها لتسأل شئون الطلبة عن مكتبه وها هى أمام المكتب ترفع يدها لتطرق الباب وتتردد تقف منذ ما يزيد عن الخمس دقائق ...لم تنفذ أى من وعودها لذاتها بعدم الضعف وها هى يفصلها عنه طرقها لذلك الباب ....
أخيراً تنفست بعمق وطرقت بخفة لتصعق برؤية .....
ترفع الأخرى حاجبها وتزم شفتيها ضيقاً ولكنه مكرت وقادها شيطانها لتنطق بمكر رافعة حاجبها استنكاراً : رنا
رنا وتتحشرج الكلمات بحلقها من صاعقة ما رأت ليتقدم وليد خطوات من فيرى رنا بالباب فيرتبك فرحاً ويقول بخفوت :رنا
رنا محاولة الثبات فوعد تتملقها بغضب وارتياب : دكتور وليد أنا كنت جاى اسأل حضرتك عن ....محاولة تجميع أفكارها لتتهرب من نظرات وعد الماكرة ..عن ...لينطق هو : أه جهزتلك المراجع اللى طلبتيها أنتِ كنتِ زميلتى وأخدمك بعنيا أكيد" قالها وليد ليخرج رنا من موقف ارتباكها الجلى "
لتقف الأخرى فارغة شفاهها بضيق من لمعة عينى وليد وهو يطالع رنا
وعد بغضب لرنا : يعنى طلعتى تعرفى وليد يا رنا
رنا بارتباك : أه الدكتور وليدكان زميلى ....
بدأت شكوكها تزداد وتتحول إلى حقيقة بشأنهما ولكن ما بيدها حيلة الأن فهى لا تملك دليل تبتز وليد به ولكنها دبرت مكيدة على أمل حمل دليل ضده فابنة الألفى لا تخسر أبداً " هكذا تعتقد وعد "
..................................
بعدها بيوم .....
ياسمين تهاتف شقيقتها وعد على الهاتف
ياسمين : وعد فينك أنا مستنياكى من بدرى كدا بردو نسيتى مشوارنا
وعد : مشوار إى يا ياسمين مش فكرة ؟
ياسمين : يا بنتى مش أنا قلتلك امبارح هنروح سوا نشترى فستان وحاجات ليا عز عازمنى على العشا برا اليوم وعايزة اتأنق
وعد : تصدقى نسيت معلش يا يويو روحى وحدك بقى
ياسمين : وحدى لا أنا ذوقى مش حلو مش هعرف اختار وحدى خلاص هقول لرنا تيجى معايا هى برا فى الريسبشن مع ماما
ليحدثها شيطانها فجأة
وعد : ياسمين هاتى رنا معاكى المول ضرورى أنا هستناكى هناك
ياسمين : ليه يعنى ؟ مش فهماكى دلوقتى ذوق رنا بيعجبك وعايزانى أخدها معايا
وعد : اسمعى الكلام بالحرف اقنعيها بأى طريقة تروح معاكى المول وتابعى معايا عالواتس هقولك تعملى أى أول ما توصلوا المول
ياسمين : وعد بتخططى لإيه ؟ حرام عليكى رنا غلبانة مش حمل مقالبك
وعد : ياسمين نفذى كلامى بالحرف وأوعى تخليها تشك أنه مقلب سامعاه
كانت ياسمين البلهاء تعتقد بأنه مقلب مزح لرنا ولم تعلم وقتها أبعاد تلك المهزلة ..........................................
جالسة بغرفة المعيشة بمنزل خالتها والدة سليم شاردة وبضيافتهم شقيقة سليم ياسمين وطفلتها....أما العقرب الأصغر وعد ما زالت بالجامعة تخطط لأمر ما وتدبر مكيدة قد تقلب الأمور رأساً على عقب بأسرتها ........
اقتربت ياسمين من رنا وجلست بجوارها على الأريكة مبتسمة قائلة : رنا
رنا وتلتفت لياسمين : نعم يا ياسمين ؟
ياسمين : إى رأيك نخرج نروح نعمل شوبنج
رنا بضيق : كان نفسى بس أنا النهاردة تعبانة ومش قادرة أخرج أنا كنت الصبح فى الجامعة واتهديت ممكن تخليها وقت تانى
ياسمين بإلحاح : علشان خاطرى يا رنا بليز تعالى معايا أنا محتاجة اشترى حاجات ضرورى عندى سهرة بالليل مع عز ولازم اشترى حاجات ضرورى ووعد لسه فى الجامعة مرجعتش ساعة وهنرجع مش هنطول
رنا متعذرة : أسفة بجد ياسمين بس أنا ...
ياسمين بإلحاح علشان خاطرى أنا هكلم سليم وأقوله أنك هتخرجى معايا لو خايفة تخرجى من غير اذنه
اضطرت رنا للموافقة وذهبت لشقتها لتبدل ملابسها ......
كانت وعد وقتها بسيارة وليد تتحايل عليه القدوم معها للمركز التجارى الضخم
وعد : وليد علشان خاطرى خمس دقايق هشترى الحاجة اللى عايزاها ونطلع على طول
وليد : أنا بجد مرهق ومش قادر على التسوق والكلام الفاضى دا دلوقتى
وعد : ويهون عليك ادخل وحدى وأنتَ تمشى واتبهدل علشان ألاقى تاكسى فى الوقت دا
ليتأفف وليد مرغماً ويدلف معها المركز التجارى : أخرك معايا ساعة مش أكتر سامعاه
فى الوقت الذى سبقتها ياسمين ودلفت مع رنا حسب خطة الشقيقة الصغرى والكبرى ببلاهة تنفذ خطة أختها .....
كانت رنا تضيق ذرعا بالقدوم وأتت مرغمة فحدثتها ياسمين : رنا معلش حبيبتى أنا عارفة أنك تعبانة روحى استنينى فى الكافيتريا
رنا : لا عادى هكمل لف معاكى
ياسمين : لا لا روحى الكافيتريا استنينى أصلاً هدخل التواليت وهرجعلك
رنا : تمام هستناكى فى الكافيتريا ......
...............................
وعد بعد أن وصلتها رسالة تأكيد من شقيقتها على قدوم رنا معاها ....
وليد حبيبى ممكن تستنانى فى الكافيتريا دقايق وراجعة
وليد بتأفف : ليه ؟
وعد : هروح التواليت وراجعة مش هتأخر
وليد : تمام هستناكى متتأخريش أنا مرهق عالأخر
وعد : بحبك .....
وليد بابتسامة باهتة ولم يعلق ..............واتجه ناحية كافيتريا المول التجارى ينتظرها هناك
..........................................
كـــم أشــتاق أن أضمـــــــك بيــن ورود الحــــــــــــب ياأجمــــــل روح ســــــــكنـت داخــــــل القــلـــــــــب وأعــــــزف لكَـــــي على وتـــر العشق بصـخــــــب وأراقصــــــــك بجـــــــــنون علــى مســـرح الطـــــرب
اقتـــربي منــي حبيبتي ســـأطلق همســـاتي مـن أعمـــــاق ســــــــــكوني فـــــخــذِ الحـــــــــــــــب مــن نظــــــــرة عيـــــــوني
وســـأزرع البســمة على شفاهك من دلـــــع جنوني يا أجمـــل مــــــلاك ســــكنتتِ بين جفـــــــوني
تقرأ رسالته وعصافير العشق ترفرف بقلبها فدلفت الشرفة وجدته ينتظرها ...
بقيت شاعر يا مورى إى الرسالة دى ...
عمرو بهيام يحدثها بالهاتف ويراها أمامه بشرفتها المقابلة له : وهو اللى يعرف نيمو معقولة ميبقاش شاعر ....
ناردين : بلاش لأتعود على الدلع دا والكلام الحلو
عمرو : اتعودى طول ما أنتِ معايا هنغرق فى بحر العشق سوا
صمت للحظات ثم تكلم بلهجة جادة : أخبار الحرب عندكم إى ؟
ناردين : اسكت ماما مش طايقاك خالص
عمرو : وإى الجديد هى طول عمرها مبتحبنيش
ناردين : بس المرة هى جادة قالتلى لما عرفت من بابا أنى وافقت أرجعلك اختارى يا أنا يا عمرو
عمرو : أأأأخ من أمك دى ومزح قائلاً : أمك دى عينها منى ههههههههه
ناردين : اتلم يا مورى أحسنلك
عمرو : لا بجد هى زودتها أوى أنا مش عارف ليه عندها دا يعنى ربنا يهدى بنتها عليا تطلعلى هى ..
ناردين ضاحكة من انفعاله : تعمل إى بقى نصيبك يا مورى
عمرو : ناردين قولى لمامتك إنى عايز اتكلم معاها
ناردين : بلاش سيب بابا هو هيقنعها
عمرو : لا معلش خلينى أكلمها أمك شايفانى بصورة الوحش اللى هيخطف بنتها أنا لازم اتكلم معاها
ناردين : خلاص هكلمها بس ربنا يستر ....
..........................................
دلف وليد كافيتريا المول وجلس على احدى الطاولات وأشار للنادل طالباً كوباً من العصير جال المكان بعينيه قليلاً قبل أن تقع عيناه عليها ....
شاردة تعبث بهاتفها تجلس وحدها على طاولة منزوية بركن المكان ...
فراشتى ... يا لفرحتى ...كثرت صدف لقائى بها وكأن القدر يجبرنى على الاستمرار بعشقها .....
منذ أيام جاءت مكتبى ولا أدرى لمَ أتت ولولا خوفى وارتيابى عليها من شكوك تلك اللئيمة وعد لما تركتها تذهب يومها قبل أن تخبرنى ....
أعشقكِ فراشتى لأبعد الحدود أعشق الحجريين الأخضريين بحرى الامع أغرق بمجرد النظر لهما أغوص فى بحر عينيكى ولا أجد مرفأ ....
كم ذبلت فراشتى ....بات من المؤكد أنها تعانى من أمر ما فحزنها جلى على قسمات وجهها ...
ليتنى أستطع القرب والحديث معها الأن قبل عودة تلك الماكرة أخت زوجها ولكنى أخشى على فراشتى الجميلة البريئة من الظن السوء بها ....
كان شارد ينظر ناحيتها بعمق عندما رفعت وجهها على صوت ما فى المقهى أزعجها فتقابلت الأعين العاشقة المتلهفة .....
لهفة ..عشق ..وله ...مشاعر جياشة تتقاذف مع خفقات قلبهما اقترب من طاولتها وبهمس حياها ....
ردت التحية بلطف بالغ أذابته بردها وبصوتها العاشق ...
عاملة إى يا رنا ؟
رنا : الحمد لله تمام وأنتَ ؟
وليد : عادى ...الحمد لله على كل شئ
أنتِ ليه هنا وحدك ولا مستنية حد
رنا : أه مستنية ..مش لوحدى ....
وليد : طب مش هزعجك أكتر هسيبك براحتك الأن مع السلامة
رنا : الله يسلمك سلام يا وليد
كانت تقف بعيداً وقد التقطت ما يكفى من الصور بهاتفها الجوال عدة لقطات لرناو وليد والأعين العاشقة المتبادة والتصافح بينهما ....
.......................................
هاتفته بعدما لاحظت عودته لطاولته وبالفعل خرج لها وتعللت بأنها لم تجد ما تريد وغادرا المول التجارى .....
..........................................
أما ياسمين فظلت تبحث عن فستانها المنشود وجربت العديد والعديد ولم تستقر على اختيار فهاتفت رنا وجائتها لتساعدها فى الاختيار وبعد عدة ساعات من التسوق عادتا للمنزل ......
..........................................

كابتن كمال : يعنى إى الكلام دا يا حازم سفر إى يا بنى ؟
حازم : هنا زى هناك يا كابتن أنا ماليش حد هنا ولا هيبقالى هناك
كمال : كدا يا حازم طب وأنا رحت فين أنتَ مش بتعتبرنى زى أبوك
حازم : أكيد يا كابتن وربنا الشاهد بس قعادى هنا بيدمرنى يوم بعد يوم بحب ناس بتعتبرنى أخوها
كمال : تقصد إى ؟
حازم : هى صارحتنى يا كابتن وقالتلى أنها بتعتبرنى أخوها
كمال : بتكدب عليك
حازم وأطرق راسه ضيقاً ....
كمال : متزعلش منها يا حازم بنتى اندبحت بعد حادثتها هى خايفة لأنتَ فى يوم تسيبها خايفة لتنجرح منك علشان كدا قررت تبعد وتختار طريق هى أول واحدة هتعانى فيه
حازم : كابتن أنا تعبت أفهمها إن الموضوع دا مش فارق معايا وهى مش ذنبها اللى حصلها بس هى بردو بتلف فى دايرة مقفولة ومش قادرة تستوعب حبنا
حازم : المثل بيقول اخطب لبنتك وأنا ...ويتنحنح قليلاً : أنا بخطبك لبنتى يا حازم
حازم بضحكة باهتة : كابتن هى مش عايزانى
كمال : لا عايزاك واسمع اللى هقولهولك ونفذه هتلقيها جاتلك برجليها تقولك أنا موافقة اتجوزك يا حازم
.........................................

تشبه المطر جداً .. تشبهه بقسوته وبهجره الطويل! تأتي فجأه لتخلق في قلبي فرح وأمل وأتفاجىء بعد قليل برحيلك .. أنتَ كالمطر تأتي بلا موعد وترحل بلا وداع
هكذا كانت حال حازم مع شاهندا تقترب فتغدو حياته ربيعاً وتبتعد فجأة ويأتى الخريف وتتساقط أوراق قلبه النابض مع هجرها ...
.........................................
كان وعد ما زالت تجمع الأدلة ضد وليد لابتزازه إما هى أو تفتضح أمر حبيبته التى بات من المؤكد عشقه لرنا فقد جمعتهما بعدة لقطات فى الجامعة تصافح وأحاديث وابتسامات كان أمر وليد ورنا الشغل الشاغل لوعد طيلة الأيام الماضية ترد الانتقام منه فلم تعتد ابنة الألفى على الهجران خاصة بعد تجاهله التام لها وقطعه علاقته وأحاديثه معها ....
..........................................
ذات صباحٍ وصل لوليد طرد بريدى استلمه وعندما ألقى نظرة بداخل المظروف وتفحص محتوياته صعق من مجموعة اللقطات الفوتوغرافية التى تجمعه برنا
متى وأين وكيف ..كاد عقله يتوقف من القلق عليها إن وصل الأمر لمرأى ومسامع زوجها الذى علم الكثير عن سوء طباعه من أخته وعد التى تشبهه إلى حد ما ....
لم يجد بالمظروف أى متعلقات أخرى سوى اللقطات الفوتوغرافية ظن بأن وعد الفاعلة ولكن لما تبعث الصور له لما لم تعطيها لأخيها أم أن الطرد اثنان واحد لوليد والأخر لأخيها ....
..........................................
يجلس خلف مكتبه بشركه أبيه يتابع عمله بمهارة فقد اعتاد العمل وأصبح القائد الأوحد لمجموعة والده بعد استلامه العمل بشكلٍ رسمى ...
طرقت مساعدته باب المكتب فأذن لها بالدخول فدلفت حاملة بيدها مظروف وأخبرته ..." هذا الطرد مكتوب عليه يسلم ليد المهندس سليم الألفى
تناول سليم الطرد من يدها ووضعه جانباً وتذكر أمراً هاماً فأمسك هاتفه وهاتف شخص ما وتناسى المظروف الموضوع فوق مكتبه مؤقتاً ...
..........................................

رواية "على قيد عشقك" للكاتبة بسمة محمود أحمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن