الفصل الثانى والعشرين

3.3K 53 0
                                    

الفصل الثانى والعشرون
يرتكب المنتقم نفس الخطيئة التى ينتقم لأجلها ..........
تمر الأيام متوالية ثقيلة وقد استسلمت رنا للأمر الواقع وذات مساء كانت رنا بضيافة خالتها تطوق الأسرة مائدة العشاء سليم ووالدته وزوجته رنا وشقيقته وعد الصغرى وشقيقته الكبرى ياسمين وزوجها عز الدين الأفعى الأخر ......
عندما دفعت الأفعى وعد سمها قائلة : أه صحيح افتكرت يا رنوش دكتور وليد النهارده شافنى وقالى ليه مبتجيش محاضراتك وكمان مش بتردى عليه فون هو قلقان عليكى أوى .....
تسارع أنفاسها وخفقات قلبها المتسارعة كعداء جرى يسمعها المجاور لها نظرتها الجاحظة وقوع الشوكة من يدها دب الذعر بأوصال رنا بعد كلمة الأفعى وعد وتلعثمت صامتة
على النقيض تماماً مما توقعت وعد لم يرجف جفن لسليم فقط توقف عن الطعام متناولاً بكل هدوء كوب الماتء ارتشف بضع قطرات ماء وأعاد الكوب مكانه قائلاً بكل هدوء ظاهرى عكس المبطن : الله يسلمه أه حكتلى رنا عنه الدكتور دا أنا مراتى بتحكيلى كل شئ هو انسان كويس بيساعدها فى الدراسات اللى بتعملها .....
فرغت وعد فاهها من جملة أخيها ونظرت رنا باتجاهه برعب أكبر محاولة التذكر : حدثته عن وليد متى وأين لم أجرأ يوماً عن التحدث بهذا الشأن ليغير سليم مجرى الحديث كلياً موجهاً الحديث لشقيقته الكبرى ياسمين : إى يا ياسو مبتكليش ليه شايفك نحفتى جامد إى عز قافل عليكى التلاجة ولا إى ....
لتضحك ياسمين ووالدته على عكس الثلاث الأخر وعد المغتاظة بشدة من ردة فعل أخيها فقد توقعت جن جنونه وأذيته لرنا بشدة وتلك الأفعى الأخر عز الذى سبق ورأى صور رنا مع رجلاً ما فمن المؤكد أن الرجل الموجودة بالصور مع رنا هو ذلك الوليد ولكن ما أثار غيظه أكثر ردة فعل سليم الهادئة للغاية على عكس علمه بسليم وطباعه العصبية والسيئة دوما بخلاف غيرته المفرطة بكل ما يتعلق برنا
أما تلك البائسة رنا نظرت برعب وما زالت يداها ترتجفان ذعراً وازدات ارتباكاً بعد جملة سليم تلك "تُرى ماذا يدبر لى ابن الألفى ...لا اعتقد أن الأمر سيمر مرور الكرام .....
..........................................
يكور قبضة يده ويضربها بقوة فوق مكتبه الخشبى : إنتِ بتقولى إى ؟
فتاة ما على الهاتف : زى ما بقولك يا دكتور هى اللى قالتلى أقولك وأنها غصب عنها مش قادرة تيجى الجامعة جوزها راجل عصبى جداً دا أخر مرة راحت الجامعة واتأخرت ضربها جامد وأنا بنفسى شفتها كان شكلها يصعب على الواحد بجدوشها وارم حاجة صعبة أوى
يضرب بغل ضربات متتالية ويلقى ما فوق المكتب ويجذب خصلات شعره بقوة مغتاظاً أسفاً على ما تعانيه فراشة قلبه ......
بغيظ مكتوم ورغبة كبيرة فى إنقاذها : أنتِ معاكى رقمها
الفتاة : بلاش يا دكتور ليأذيها جوزها المجنون دا تانى بلاش هيأذيها صدقنى دا حابسها مش بيخليها تخرج أبداً
وليد باصرار: معلش أنا لازم اطمن عليها بنفسى ادينى الرقم وأملته رقم هاتف رنا .........
أغلق الهاتف وأرسلت رسالة للأفعى صديقتها باتمامها المهمة فابتسمت وعد عند قراءة رسالة صديقتها حتى بانت نواجزها فعلقت والدتها : ضحكينا معاكى يا دودو شفت إى فى الفون ضحكك
وعد بانتباه : ها ..زلا لا دى صاحبتى بتقولى إن امتحان بكرا اتأجل وأنا مبسوطة يالا تصبحوا على خير يا جماعة ...ونظرت رسالة لشقيقها بمغزى فقالت : تصبح على خير يا سولم ابقى خد بالك من رنوش وأصحابها كمان وتركتهم ودلفت غرفتها
ابتسم عز من جملة وعد فهو على يقين بكذب سليم وأنه لا يدرى عن ذلك الرجل شئ وإنما يدبر لأمر ما ..وتلك غايته أن ينشغل سليم بمشاكله ويبتعد مجدداً عن الشركات ليعبث هو بها كيفما يشاء
ككوب ثلج بارد رده فعله تلك الليلة لم يعلق مطلقاً بسوء ولم يكن يبادلها النظرة مطلقاً فتيقنت بأن العاصفة على وشك الهبوب قريباً ....
..........................................
استأذن أيضاً عز وزوجته ياسمين وصغيرته وعادا لمنزلهما .......
فى سيارة عز
عز بابتسامة خبيثة : ياسو
ياسمين : نعم يا حياتى
عز : أنتِ لاحظتى اللى أنا لاحظتو واحما عالسفرة الليلة
ياسمين ببلاهة : لا أنتَ لاحظت إى فى حاجة معجبتك شفى الأكل
عز يلوى فمه : أكل إى بس أنتِ لاحظتى كلام وعد عن استاذ رنا مرات سليم وردة فعل سليم أخوكى كانت ازاى
ياسمين وقد تذكرت أخيراً : تصدق صحيح أنا اتوقعت سليم هيقلب السفرة على رنا وعلى وعد كمان بس دا كان هادى أوى
عز بخبث: تفتكرى هيجن عليهم بعد ما نمشى
ياسمين : لو لموضوع هو ميعرفش بيه وكان بيقول كدا قدامنا بس يبقى بكرا عزا المسكينة رنا
عز بابتسامة خبيثة : مسكينة والله مراتى اللى مسكينة ههههههههههه
..........................................
فى منزل والدة سليم
ما زال قابعاً على الأريكة بعد ذهاب شقيقته وزوجها ودلوف شقيقته وعد غرفتها يشرد بعيداً بدون أى معالم تظهر غضب أو فرح لا معالم مطلقاً سوى الوجوم....
لاحظت والدته وجومه فجلست بجواره قائلاً : مالك يا بنى أنتَ تعبان أنا شيفاك دبلان كدا ووشك أصفر
ينهض من مكانه ولم يعطى والدته المجال لتعلق أكثر فقال : ارهاق شغل يا ست الكل هنام وارتاح يالا تصبحى على خير ونهض عن الأريكة واقفاً أمام المقعد الشارده عليه رنا عابسة تعبث بخاتم زفافها منه الذى تضعه مجبرة إن أتت لزيارة والدته .......
لم تنتبه له فنبهتها والدته قائلاً بمزح : إى يا رنوش هتسيبى جوزك يروح ينام وحده ولا إى روحى ارتاحى يا بنتى أنتِ كمان واعملى حسابك بكرا أنا هاخدك للدكتور أنا مش مطمنة لنومك الكتير ليكون فى نونة ....ههههه
ابتسمت ابتسامة باهتة ولم تعلق فأمر ما يرعبها ويربكها ولم تكن بمزاج مزح خالتها وانسحبت من مقعدها خلفه لمنزلهما .....
..........................................
لسه بتخاف م الفراق لو تيجي سيرتي .. لو شوفت عيني بتبكي هتدمع عنيك يعني صوتي بيوحشك لو شوفت صورتي .. بتحس بيا حبيبي لما بحس بيك
مين بياخد باله منك بعد مني .. في حضني مين بتحس احساسك في حضني مش قصدي حاجه انا بس بطمن عليك .. حبيت اسلم اعمل ايه اصلك واحشني
يطالع بورتريه صورتها التى سبق ورسمها لها يحادث ذاته والقلق عليها يقتله يرد سماع صوتها ولو لمرة واحدة ويطمئن أنها بخير وما زاد رغبته فى الاطمئنان عليها كلمات صديقتها التى هاتفته منذ قليل بخفقات قلب قلق حزين تقتله اللهفة لسماع صوتها والاطمئنان
كيف لفراشتى أن يكسر جناحها وها أنا هنا لا أستطع الذهاب واحتضانها والدفاع عنها
اندفع وأمسك بهاتفه وهاتفها أخيراً
..................
كعادتها تضع هاتفها فى الوضع الصامت فبعد تركها للعمل وزواجها من سليم أصبحت بعيدة كل البعد عن أصدقائها والثرثرة فى الهاتف فكانت تفضل وضع هاتفها فى وضع الصامت
بمجرد دلوفها منزلها جرت مسرعة لغرفتها وأوصدت الباب بالمفتاح وجلست على طرف فراشها تتنفس الصعداء تنتظر هبوب العاصفة وهاهى تؤمن ذاتها وإن كانت تثق بأن لا أبواب موصدة ولا أى بشر كان سيخلصها من قبضته إن أراد أذيتها .......
لاحظت إضاءة شاشة هاتفها فتجاهلتها ولكن المتصل لديه لإصرار فلم ييأس وما زال يتصل فأمسكت بالهاتف وزفرت نفساً طويلاً وضغطت زر الإيجاب ووضعت الهاتف على أذنها قائلة : ألو
يزداد أنين صدره ويعلو ويهبط صدره اشتياقاً لصوت فراشته لكلماتها الرقيقة العذباء
أعادت كلمتها عدة مرات : ألو ألو ألو مين ؟
ليأتيها صوت حزين أخيراً : حبيت اطمن عليكى – مقدرتش أعرف أنك مش مرتاحة ومطمنش عليكى
كتمت شهقتها وضغطت على فمها بقوة وهربت عبراتها سريعاً تجيده ذلك الصوت تعلمه بين ألاف الأصوات صوت دفئها لسصنوات مضت عشق يختبئ بين ثنايا قلبها .....
ليعود صوته مرة أخرى أنا أسف لو بزعجك بمكالمتى بس عايز أسمعها منك أنتِ كويسة أنتِ كويسة يا رنا
تكتم شهقة بكاء أخرى وهى تضع يدها على فمها
إحساس بالعجز بيخنوقنى متكتف مسجون زى الطير اللى بيتمنى يطير بجناح مكسور
كل حاجة بينا لسه بتفكرنى بيك ضحكتك فوق شفايفك وسلام ايديكى
فاكرة الكلام اللى قلته ليكى والشوق فى عنيك ليه سيبتينى أنا مقدرتش يومها أمسك ايدك وأوقفك أوقفك وأرميكى فى حضنى وأخبيكى من الدنيا كلها
أنا مش عارف أعيش من بعدك أنا مش عارف أموت
أنا عارف أنك بتعانى ومش قادر أحميكى حاسس بالعجز فلااشتى بتتعذب وانا مش قادر أحميها ....
لتهرب شهقة منها يسمعها فيزداد أنينه وصوته الحزين المتقطع .....
بتبكى وحياة الأيام اللى كانت بينا بلاش أنا حاسس أنى مكسور نفسى أجيلك و.....ليقع الهاتف من يدها عند رؤيتها لأقدام سليم واقفاً أمامها فى الغرفة .....
يجحظ بها ويجزعلى أسنانه وجهه كنيران تغلى عيون جاحظة محمرة ....يقبض بقوة على مفتاحه بين راحة يده يقبضها بقوة أظهرت عروقه
اندفع الدم بقوة لرأسه ....
من حسن حظى إنى معايا نسخة من مفاتيح كل الأوض .....
يقترب ممسكاً بخصلات شعرها بقوة ويرفعها ناحيته فتصرخ متأوهة ...انطقى عايز أعرف منك عايز اسمع منك اشجينى اشجينى واحكيلى على مغامراتك فى الجامعة اشجينى
لم تكد تنطق بكلمة وتحركت شفاهها فاندفعت كفه من خصلات شعرها لتصفعها بقوة مفرطة أوقعتها أرضاً ....
لم يكتفى بعد فجذبها بقوة مرة أخرى ليعيدها لتقف فتخر على ركبتها لم تستطع النهوض فأمسك كتفيها بقوة غاضبة لتتماسك ويكمل ما بدأه : انطقى مين وليد دا انطقى
لم تنطق فقط شهقات ودموع كشلالات منسابة على وجنتيها فلم يكتفى وصفعها للمرة الثانية وانهال عليها صفعاً متتالياً ولم يتوقف حتى فقدت وعيها ..................
كانت بين دمائها السائلة مغشياً عليها باندفاع اتجه لخزانة ملابسها وفتحها ووضع بحقيبة صغيرة بعض ملابسها وركض لغرفته ووضع لنفسه واندفع لغرفتها مرة أخرى وحملها فوق كتفه وبيده الأخرى شنطة الملابس ومنها للمصعد وانطلق بالسيارة مسرعاً وشياطين الغضب أمامه وهى ما زالت مغشياً عليها لم تفق بعد ....
ضرب بيده على مقود سيارته وهو يصرخ : أأأأأأأخ وهو يضرب بقوة أأأأأأخخخخخخ
..........................................
كان يستمع لصفعات سليم لرنا ويثور يضرب بمكتبه ويكسر بأغراض غرفته بقوة فقد كان وليد ما زال على الهاتف لم يغلق إثر وقعة الهاتف من يدها على السجادة بغرفتها
لم يتمكن وليد من السيطرة على ذاته اكثر فاستقل سيارته باتجاه منزل عائلة الألفى .........

رواية "على قيد عشقك" للكاتبة بسمة محمود أحمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن